أنطون تشيخوف.. أفلس والده فأصبح رائد القصة القصيرة

أنطون تشيخوف.. أفلس والده فأصبح رائد القصة القصيرة

منذ ما يقرب من 5 سنوات

أنطون تشيخوف.. أفلس والده فأصبح رائد القصة القصيرة

تمر، الإثنين، ذكرى رحيل الكاتب الروسي أنطون تشيخوف الذي يُعَد من أبرز كتاب القصة القصيرة في العصر الحديث حيث عالج بموهبته كل المشاكل والمشاعر الإنسانية من خلال قصصه، ليصُنّف رائدا للقصة القصيرة وأحد أهم الكتاب المسرحيين في أواخر القرن الـ19 وبدايات القرن الـ20.\nولد تشيخوف في مدينة تاجانروج بروسيا في 29 يناير/ كانون الثاني 1860، وكان والده يعاني من الديون وله 5 إخوة وكانت والدته تشاركه وإخوته حب القصص، وعندما أفلس والده في عام 1875، انتقل مع عائلته إلى موسكو للبحث عن عمل جديد بينما بقي أنطون في تاجانروج لإكمال دراسته وبعدها انضم إلى عائلته في موسكو عام 1879 وكان يكافح مع والده لتدبير أمورهم المالية واستطاع دعمهم من خلال كتابة القصص الهزلية القصيرة التي نشرت في المجلات المحلية تحت اسم مستعار "القلم".\nعمل تشيخوف طبيبا في منتصف عام 1880، ثم بدأ بنشر أعمال باسمه في مجلة New times، وأبدع من خلال كتاباته في إظهار خفايا النفس البشرية وكأنه يعيش بداخل كل إنسان ويعلم ما لا يعلمه هو عن نفسه، ما أدى إلى شهرته البالغة، وأحب الناس قراءة أعماله في كل بقاع العالم لأنها تقرب القارئ من نفسه أكثر وتظهر مكنونات النفس البشرية ومواطن الجمال والضعف فيها. \nوفي البداية كتب تشيخوف أعماله لتحقيق مكاسب مادية فقط، ولكن سرعان ما نمت طموحاته الفنية، وقام بابتكارات فنية أثرت بدورها على تطوير القصة القصيرة الحديثة، تمثلت في التعرض لموضوعات تخص شعور الإنسان وأزماته النفسية، وهي الطريقة التي اعتمدها بعده جيمس جويس وأتباعه.\nويعتبر تشيخوف واحدًا من كتاب الضمير في العالم، بسبب انحيازاته للضعفاء ومن لا صوت لهم، وهو من هؤلاء الكتاب الذين مثلوا صوت التعبير عن الجماعات المقهورة، تلك الجماعات التي تعيش على الهامش مثل خدم البيوت، والموظفين المهمشين، والمرضى النفسيين، والمغدورين، والذين يخضعون بلا رحمة لضغوط الحياة.\n ويرى الكثيرون أنه ابن المجتمع الروسى الحقيقي، الذي وجد قبل الثورة البلشفية، حيث غياب العدالة الاجتماعية وحرية الفرد، لذلك انشغل بالتعبير عن تلك القيم، كما أنه واجه الإنسان بحياته الحقيقية بكل ما فيها، فيخبره بالحقيقة العارية كي يدرك أنها حقيقته دون تجميل أو مداراة، ليبدأ في تحسينها، وهذا أضاف أبعادًا للقصة القصيرة لم تكن موجودة قبله، وكل ما تبعه عمل عليها.\nوعكست كتابات تشيخوف الأجواء والمناخات الاجتماعية والثقافية التي كانت سائدة في روسيا في تلك الفترة بصورة دقيقة، ومن أهم مضامين كتاباته انتقاداته اللاذعة لنمط الحياة الروسية، والمظاهر الاجتماعية السلبية المرافقة لها كالتفاهة والسخافة والنفاق والاهتمام بالقضايا الصغيرة، وقام بكشف ما كان يعانيه أبناء جيله من العذاب والقلق الفكري والروحي والتمزق الداخلي جراء غياب الآفاق المضيئة أمامهم، كاشفاً نقمة أبطاله على حياتهم المحدودة ورغبتهم القوية بالقيام بأعمال خلاقة مبدعة ومفيدة، وحلمهم الدائم بالوصول إلى مستقبل مشرق.\n كان أبطال تشيخوف يدركون مأساتهم في الحياة، وفظاعة ما يعايشونه، غير أنهم يقفون بلا حراك أمام سبل تغييره، مكتفين فقط بالحلم لتحقيق ذلك، حيث يمنعهم العجز، ويظهر المثقف المنحدر من الطبقة الوسطى فاقداً لقدرته على التأثير في المجتمع وتغييره نحو الأفضل.\n وعبر مسيرته ترك تشيخوف عدداً كبيراً من القصص القصيرة والطويلة والمسرحيات والرسائل التي أغنت التراث الأدبي الروسي والعالمي، ومن أشهر مؤلفاته القصصية "الراهب الأسود" و"الوادي الضيق" و"معلم اللغة الأدبية"، ومن أبرز مسرحياته "النورس" و"بستان الكرز" و"الخال فانيا".\nوفي عام 1904 تسلل مرض السل إلى جسد تشيخوف، ليغادر الحياة في 15 يوليو/ تموز من العام نفسه، ليدفن بجانب والده في مقبرة نوفوديفيتشي في موسكو، عن عمر 44 عامًا.

الخبر من المصدر