لا صوت يعلو عليه..

لا صوت يعلو عليه..

منذ 5 سنوات

لا صوت يعلو عليه..

شكلت زيارة البابا فرنسيس منعطفاً مهماً وحدثاً تاريخياً غير مسبوق، كونها المرة الأولى في التاريخ التي يزور فيها بابا الكنسية الكاثوليكية الخليج، لتعلن الزيارة عن جسر يتجاوز المراحل السابقة كافة إلى مرحلة جديدة من التسامح والوئام.\nتحمل الزيارة دلالات عظيمة وإشارات لافتة في ظل كراهية تسعى للنيل من الثقة في الأديان السماوية بشرائعها المتعددة وإلصاق التهم الباطلة بها، بزعم أنها السبب في القتل والإرهاب والدمار، فيما تدعو في الحقيقة إلى التعايش ونشر المحبة بين بني البشر كافة.\nوسقط في براثن التطرف والكراهية منتمون لجميع الشرائع في العالم، على مر أزمنة وعصور مختلفة ارتفعت حدة التطرف تارة وهدأت تارة أخرى، لتنتج عن ذلك أحداث عصفت بالعالم في حروب طاحنة لم يجن أحد منها أي فائدة، بل جرت الويلات على الأبرياء من الأطفال والنساء والمدنيين العزل وسالت فيها دماء الأبرياء بوحشية.\nالأبعاد الدينية للزيارة كثيرة، والعالم اليوم أحوج ما يكون لتآلف جميع الشرائع والمناهج وتسامحها، وجاءت الزيارة في توقيت حاسم في التاريخ المعاصر يُتهم فيه المسلمون بالتطرف والإرهاب، حيث ردّت الزيارة على جانب من هذه التهم الباطلة.\nلقد شهدت المنطقة خلال الفترة المنصرمة زيارتين أثرتا في نظرة العالم أجمع إلى المنطقة، كانت أولاهما زيارة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب في عام 2017، ليعلن مع قادة دول إسلامية عن إطلاق المركز العالمي لمكافحة التطرف، ومن ثم جاءت زيارة البابا فرانسيس في 2019 لتثبت للعالم أن المسلمين أهل تسامح بخلاف ما تروجه وسائل إعلام مغرضة.\n لقد شكلت زيارة البابا منعطفاً في حاضر المنطقة ومستقبلها، حيث توج اللقاء بإعلان البابا وشيخ الأزهر توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية، وإطلاق جائزة الأخوة الإنسانية، وتشييد كنيسة باسم البابا ومسجد باسم شيخ الأزهر أحمد الطيب، أما إطلاق بيت العائلة الإبراهيمية فهو حدث استثنائي يؤكد التعايش السلمي وضرورة التآخي الإنساني بين العقائد المتعددة، وآن الأوان لنزع فتيل الفرقة بينهم.\nإن قمة البابا والإمام الأكبر خطوة يجب أن تتلوها خطوات لجمع الأديان السماوية؛ اليهودية والمسيحية والإسلام، ومن ثم التقارب مع بقية الأديان حتى يتحقق الحلم بأن تختفي الكراهية الدينية من هذا العالم، وحتى لا تزهق روح واحدة باسم الدين الذي يحض على المحبة والتسامح، وحتى يرتفع صوت العقل فلا يعلو عليه صوت.\nمقالات مختارة تُنشر بالتزامن مع عدد الصحف العربية والأجنبية.\nجميع الحقوق محفوظة لشركة المجال للإعلام والدراسات © 2018

الخبر من المصدر