ألمانيا - كشف ملابسات مقتل سوزانا يشعل السجال مجددا حول اللاجئين

ألمانيا - كشف ملابسات مقتل سوزانا يشعل السجال مجددا حول اللاجئين

منذ ما يقرب من 6 سنوات

ألمانيا - كشف ملابسات مقتل سوزانا يشعل السجال مجددا حول اللاجئين

توالت ردود الفعل في ألمانيا على ما كشفته شرطة مدينة فيسبادن الخميس (السابع من حزيران/ يونيو 2018) من معلومات جديدة حول قضية الفتاة القاصر سوزانا البالغة من العمر 14 عاماً. فهذه القضية، ورغم طابعها الجنائي، أخذت بعداً سياسياً أيضاً، خصوصاً وأن الشخصين اللذين تشتبه الشرطة بأنهما الفاعلان لاجئان. كما تأتي حساسية الموضوع في ظل النقاش الذي تشهده ألمانيا في هذه الأيام حول ما بات يعرف بفضيحة فرع مكتب الهجرة واللجوء في ولاية بريمن.\nبيد أن رئيس الشرطة الجنائية الاتحادية في ألمانيا هولغر مونش جدد تحذيره من خطورة توجيه الاتهامات جزافاً للاجئين وربطهم بالجرائم لمجرد الاشتباه بقيام أحدهم بجريمة قتل أو اغتصاب. وقال مونش في آخر مقابلة له إنه من المسلمات في علم الجريمة أن يكون "الشباب الرجال أكثر ميلاً لارتكاب الجريمة من المنتمين للفئات العمرية الأكبر".\nصدمة في فيسبادن والشعبويون يستغلون الحادثة\nوأعرب عمدة مدينة فيسبادن سفين غريش عن صدمته وتأثره العميق لما وقع. وكتب على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" قائلاً إنه "حزين جداً وإنه يصعب عليه العثور على كلمات تعبر عن حجم الألم والمأساة اللذين خلفهما موت الفتاة". كما توجه العمدة الاشتراكي الديمقراطي بتعازيه الخاصة إلى أسرة الفتاة وكتب يقول: "كل مشاعري وتعاطفي العميق مع أقارب وأصدقاء الفتاة المقتولة".\nفي المقابل استغل الشعبويون وأنصار اليمين المتطرف والمعادين للاجئين والأجانب هذه الحادثة وامتلأت موقع التواصل الاجتماعي بحملات كراهية شملت مئات التعليقات المعادية للأجانب، وهو ما فعله أيضاً أندريه بوغينبيرغ، رئيس فرع حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني الشعبوي في ولاية ساكسونيا أنهالت بشرق ألمانيا.\nفي المقابل انتقد مغردون آخرون استغلال مثل هذه الحادثة للنيل من اللاجئين والأجانب. وغرد شخص يطلق على نفسه اسم يوناس بيلينغ يقول: "للعلم أن لاجئاً عربياً يبلغ من العمر 13 عاماً ممن يحترمون القانون والنظام ساعد الشرطة في كشف ملابسات قضية سوزانا". ويختم تغرديته بالقول إن "تحديد من هو شخص جيد أو سيء لا يتعلق بأصوله، بل بمدى التزامه بالقوانين وإخلاصه لها".\nوبالفعل أكد عليه متحدث باسم الشرطة هذه الواقعة قائلاً إن الأجهزة الأمنية ممتنة للاجيء يبلغ من العمر 13 عاماً، يعود له الفضل في الكشف عن هوية المشتبه بهما وفي الوصول إلى ما يتوقع أنه موقع الجريمة حيث تمّ العثور على جثة الضحية، كما أن الأخير كان أول من أفاد بأن الأمر يتعلق بجريمة اغتصاب وقتل.\nفي غضون ذلك عبر المجلس المركزي ليهود ألمانيا عن صدمته وحزنه العميق لمقتل سوزانا. كما عبر عن تعازيه لأهالي الفقيدة وأصدقائها. وقال المجلس  إن سوزانا ووالدتها تنتميان للجالية اليهودية في ماينز، لكنه حذر من استباق النتائج بشأن الدافع وراء الجريمة. وأضاف في بيان "كثير من تفاصيل القضية لا تزال غير واضحة. نتوقع تحقيقا سريعا وشاملا من سلطات الادعاء وعواقب وخيمة للجاني أو الجناة".\nوكانت شرطة فيسبادن قد أعلنت في مؤتمر صحفي تفاصيل ملابسات قضية سوزانا المختفية منذ الـ22 من مايو/ أيار الماضي. وأكد ممثلو أجهزة أمنية مختلفة شاركوا في المؤتمر الصحفي أن الجثة التي تمّ العثور عليها قرب سكة القطار في مدينة فيسبادن (وسط) يوم أمس الأربعاء تعود بالفعل إلى سوزانا.\nجانب من المؤتمر الصحفي لشرطة فيسبادن.\n وأضافت الشرطة أن الفتاة البالغة من العمر 14 عاماً تعرضت للاغتصاب والاعتداء الجسدي وذلك لساعات من قبل شخصين. ويتعلق الأمر بمواطن تركي متواجد حالياً قيد السجن الاحتياطي في إطار التحقيق، وهو يبلغ من العمر 35 عاماً. وقد تم إطلاق سراحه قبل قليل دون ذكر المزيد من التفاصيل.  \nأما المشتبه الثاني فيدعى علي ب. وهو لاجيء عراقي الجنسية ويبلغ من العمر 20 عاماً. وسبق أن ورد اسمه في محاضر الشرطة بسبب أعمال شغب، وأيضاً في واقعة اغتصاب فتاة في الـ11 من العمر، في قضية لم ينته التحقيق بشأنها.\nوحسب تحريات الشرطة، فإن علي ب. لاذ بالفرار وغادر مع عائلته ألمانيا بطائرة من دوسلدورف (غرب) إلى العاصمة التركية إسطنبول، ومنها بطائرة أخرى إلى أربيل في كردستان العراق. وأوضحت الشرطة أن جميع أفراد العائلة وعددهم ثمانية استعانوا بأوراق ثبوتية تحمل أسماء تختلف عن تلك المسجلة لدى سلطات اللجوء الألمانية.\nأ.ح/ ع.غ (د ب أ، ي ب د)\nبحضور المستشارة ميركل ووزير الخارجية التركي، أحيت ألمانيا الذكرى 25 لاعتداء زولينغن الرهيب الذي راح ضحيته خمسة أشخاص من عائلة ذات أصول تركية وهم امرأتان وثلاث فتيات. ففي 29 من مايو/ أيار أضرم أربعة شبان النيران في منزل العائلة. وتبين فيما بعد أنهم على صلة باليمين المتطرف.\nوتمّ تشييد نصب تذكاري في مكان الاعتداء كتبت عليه أسماء الضحايا. وبمنسبة الذكرى الـ25، اعتبر رئيس حكومة ولاية شمال الراين ويستفاليا أرمين لاشيت الاعتداء بأنه الأسوأ في تاريخ المدينة منذ الحرب العالمية الثانية كما حذّر وزير الخارجية الألماني هايكو ماس من خطر اليمين المتطرف في البلاد، مشددا أن "واجب الابقاء على ذكرى الضحايا (زولينغن) مسؤوليتنا جميعا".\nفي نهاية عام 1999 طارد عدد من الشبان المتطرفين أفارقة داخل مركز مدينة غوبين بولاية برادنبورغ بشرق البلاد. وأسفر ذلك عن مقتل شاب جزائري.\nفي شارع كويبشتراسه بكولونيا (كولن)، الذي يسكنه عدد كبير من الأتراك، انفجرت قنبلة مسامير شديدة الانفجار أصابت 22 شخصا إصابات خطيرة. واستبعدت التحقيقات التي استمرت أزيد من عشر سنوات، في بادئ الأمر خلفيات عنصرية وراء الاعتداء ليتضح فيما بعد أن خلية "إن إس يو NSU" اليمينية المتطرفة هي من نفذته.\nكانت هذه الخلية تضم ثلاثة عناصر نفذوا إلى جانب اعتداء كولونيا اعتداءات أخرى في ألمانيا، ما أسفر عن مقتل تسعة أشخاص (أتراك ويونانيين) إضافة إلى شرطي ألماني. ومنذ خمس سنوات تتواصل جلسات محاكمة "بيآته تشيبه" العنصر الوحيد المتبقي على قيد الحياة ضمن المجموعة المتطرفة، غير أن الأخيرة تلوذ الصمت ولم تدل بأي معلومات حول عمل الخلية.\nفي فبراير من 2015، قام موظف من مكتب الضرائب بإضرام النيران في منزل كان من المفترض أن يصبح منزلا لعائلة عراقية في مدينة إيشبورغ. وفي ذات السنة دخلت أمواج كبيرة من اللاجئين إلى ألمانيا، ورافق ذلك مجموعة من الاعتداءات على منازل وملاجئ للاجئين. في هذا العام وحده سجلت الشرطة أكثر من 1000 اعتداء بدواعي الكراهية ما بين إحراق واعتداءات جسدية وبمواد متفجرة. وللمقارنة سجل في العام الذي سبقه 200 اعتداء.\nبين شهري تموز/ يوليو إلى تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2015، ظهرت خلية "فرايتال" التي ضمت ثمانية عناصر، نفذوا خمسة هجمات بعبوات متفجرة على نزل للاجئين ومعارضين سياسين لهم في مدينتي فرايتال ودريسدن. محكمة دريسدن صنفت الخلية على أنها إرهابية وأصدرت أحكاما تراحت ما بين 10 و11 عاما سجنا على أعضائها.\nمدن كبامبارغ وغيرها، تحولت إلى مسرح لحلقات جديدة من سلسلة الاعتداءات ضد الأجانب. في عام 2017 سجل نحو 2200 اعتداء من هذا القبيل، وفق بيانات الشرطة غير أن منظمات حقوقية تشدد أن العدد أكبر بكثير من المعلن عنه.\nفي موازاة ذلك ومع موجة اللاجئين التي دخلت ألمانيا، ظهرت حركات اعتبرت نفسها أنها "تدافع" عن قيم المجتمع، فخرجت تظاهرات كل أسبوع في عدد من المدن خاصة شرق البلاد نظمتها حركات كـ"بيغيدا" وغيرها تنادي بـ "حماية البلاد من الأسلمة"، كما اتهمت هذه الحركات المستشارة ميركل بـ "خيانة" البلاد.\nانبثق هذا الحزب عن حركة مناهضة لسياسية ميركل وأوروبا عموما لانقاذ اليورو واليونان المتخبط في أزمة الديون السيادية، إلا أن "البديل" سريعا ما وجد في موضوع اللاجئين ضالته لحشد الأصوات. ويتهم بأنه يذكي خطاب الكراهية والعنصرية ضد الأجانب، لكنه أيضا استطاع أن يصبح أقوى قوة معارضة في البوندستاغ إثر فوزه في الانتخابات الأخيرة بـ12,6 بالمائة من أصوات الناخبين.\nفي 27 من الشهر الجاري (أيار/ مايو 2018) نظم الحزب في برلين مظاهرة تطالب بتشديد سياسة اللجوء. وكان حزب البديل يأمل في مشاركة عشرات الآلاف، لكنه لم يحصل سوى على خمسة آلاف فقط. في حين شارك نحو 25 ألف شخص في المظاهرة الموازية والتي خرجت ضد هذا الحزب الشعبوي وأفكاره.\nوكثيرة هي المظاهرات التي خرجت في السنوات الأخيرة ترفض وبوضوح الأفكار اليمينية المتطرفة وتدعم أسس الانفتاح داخل المجتمع. والصورة توثق لأكبر مظاهرة مناهضة للتطرف أقيمت في مدينة دريسدن التي اقترن اسمها مؤخرا باليمين المتطرف والشعبوي. وشارك في هذه المظاهرة المغني الشهير "كامبينو" إضافة إلى نجوم آخرين من عالم الفن والغناء.\nالكنيسة سواء الكاتوليكية أو الإنجيلية تبرأت من هذه الحركات واعتبرت أن الأفكار التي تروج لها "بيغيدا" وغيرها تحت ذريعة الحفاظ على الأسس الدينية للدولة، لا علاقة لها إطلاقا بالدين المسيحي الذي يدعو إلى التسامح. وازداد عدد الحالات التي قدمت فيها الكنيسية اللجوء الكنسي إلى لاجئين.

الخبر من المصدر