اختلاف الأمراض المسببة للوفاة في المنطقة العربي - Al-Fanar Media

اختلاف الأمراض المسببة للوفاة في المنطقة العربي - Al-Fanar Media

منذ ما يقرب من 6 سنوات

اختلاف الأمراض المسببة للوفاة في المنطقة العربي - Al-Fanar Media

في مستشفى آل السبعين في صنعاء باليمن حيث يقوم الطبيب بفحص فتاة تعاني من الكوليرا. (الصورة: اليونيسف)\nبيروت – مع ارتفاع الرخاء في العالم العربي في العقود الأخيرة، انخفض عدد الأشخاص الذين يموتون بسبب الأمراض المعدية. لكن معدل الوفيات من الأمراض غير المعدية، مثل السكري والسرطان، قد ارتفع بشكل حاد.\nاستعرضت الفنار للإعلام البيانات الإقليمية الخاصة بأنماط الأمراض لمعرفة كيف تتباعد هذه الأنماط عما يحدث على مستوى العالم. نريد أن نرشد جهودنا التحريرية الخاصة وتركيز قرائنا إلى القضايا الطبية الأكثر أهمية. قد تبدو بعض هذه الأمور واضحة، لكن البعض الآخر، مثل تأثير الجنس أو الدخل، تبدو كامنة ضمن الأرقام.\nإذ حققت الاستثمارات في اللقاحات وتحسين الصرف الصحي أثراً في العديد من البلدان العربية، لكن هذا يعني أيضاً بأن الناس يعيشون الآن طويلاً بما فيه الكفاية ليموتوا بفعل الأمراض غير المعدية التي تتأثر بشدة بنمط الحياة والعوامل البيئية مثل النظام الغذائي وممارسة الرياضة والتلوث.\nتقتل الأمراض غير المعدية حوالي 2.2 مليون شخص سنوياً في منطقة شرق المتوسط، والتي تشمل شمال أفريقيا والشرق الأوسط إلى جانب أفغانستان وقبرص وباكستان، بحسب منظمة الصحة العالمية. تنتج معظم هذه الوفيات، حوالي 1.7 مليون، من أربعة أمراض فقط: أمراض القلب والسكري والسرطان والمرض التنفسي المزمن. ويحدث أكثر من نصف الوفيات قبل سن السبعين، مما يعني بأنها وفيات سابقة لأوانها.\nلكن البيانات تظهر أيضاً بأن هذا الاتجاه لا ينطبق على جميع مستويات الدخل في المجتمعات العربية، وأن بعض الأمراض المعدية المهملة لا تزال ترتفع بشدة أو تتراجع ببطء.\nويحذر خبراء الصحة العامة من أن الدول الأفقر، مثل اليمن، تشهد أسوأ ما يحصل في العالم.\nقالت حنان عبد الرحيم، رئيسة قسم الصحة العامة في جامعة قطر، “نحن نشهد عبئاً مضاعفاً للمرض في بعض أجزاء العالم العربي. هناك مستويات عالية من السمنة والسكري ترتبط عادة بالثراء ونمط الحياة الحديثة. لكن، هناك أيضًا أمراض الفقر، بما في ذلك نقص المغذيات الدقيقة، مثل فقر الدم.”\nوبحسب الإحصاءات الإقليمية الأخرى التي جمعتها منظمة الصحة العالمية، انخفض عدد الوفيات الناجمة عن الأمراض المعدية في شرق البحر المتوسط بنسبة 23 في المئة بين عامي 2000 و2015. وهذا أقل بقليل من معدل الانخفاض العالمي الذي بلغ 26 في المئة في ذات الإطار الزمني.\nفي حين تراجعت أمراض الإسهال، مثل الكوليرا، بمعدل أقوى – بحوالي 37 في المئة في شرق البحر الأبيض المتوسط بين عامي 2000 و2015، بما يتماشى مع معدل الانخفاض العالمي.\nلكن بعض الأمراض المعدية تنفي هذا الاتجاه، وليس أقلها الأمراض المرتبطة بفيروس نقص المناعة البشرية، وهو الفيروس الذي يسبب مرض الإيدز. ويتزايد معدل الوفيات بالإيدز في المنطقة بسرعة، حيث ارتفع بين عامي 2000 و2015 بنسبة 274 في المئة، على الرغم من الانخفاض العالمي في عدد وفيات الايدز بنسبة 27 في المائة في الفترة ذاتها. (اقرأ التقرير ذو الصلة: ارتفاع معدلات الوفاة بالإيدز في المنطقة العربية.)\nتقول نافيد مدني، العالمة البارزة في قسم الصحة العالمية والطب الاجتماعي في كلية الطب بجامعة هارفارد، إن الدول العربية يجب أن لا تكون راضية عن نفسها وتفترض بأن جميع الأمراض المعدية ستنخفض مع تحسن مستويات المعيشة. تدرس مدني انتقال فيروس نقص المناعة البشرية في الشرق الأوسط وتحذر من أن الحكومات بحاجة للبدء في تناول موضوع مرض الإيدز بجدية.\nترى مدني بأن الوصمة ونقص التعليم وسوء الوصول إلى العلاج قد سمح بارتفاع العدوى بفيروس نقص المناعة البشرية مقابل انخفاض معدلات الأمراض المعدية بشكل عام.\nقالت “لقد كان الأمر برمته متقيحاً، وفي انتظار أن يحدث.”\nفي الوقت ذاته، ارتفع عدد الوفيات الناجمة عن الأمراض غير المعدية في المنطقة بنسبة 38 في المئة بين عامي 2000 و2015، مقارنة بزيادة عالمية بلغت حوالي 25.5 في المئة خلال الفترة ذاتها، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية.\nقالت عبد الرحيم، من جامعة قطر، “كما هو الحال في العديد من أنحاء العالم، تعاني الدول العربية من عبء الأمراض غير المعدية وعوامل الخطر، بما في ذلك مستويات عالية من السمنة والتدخين والخمول البدني. تشكل السمنة مشكلة خاصة في الدول العربية ذات الدخل المرتفع.”\nتشير بيانات أخرى إلى أن ما يعادل تحطم القطار بالنسبة للصحة العامة في الطريق إلينا. يظهر تقرير نشره البنك الدولي ومعهد القياسات الصحية والتقييم، وهو مركز أبحاث مستقل مقره جامعة واشنطن في سياتل، بأن عوامل اختطار الأمراض غير المعدية تتراكم بسرعة. ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، على سبيل المثال، ارتفع معدل الإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة 59 في المئة بين عامي 1990 و2010، وارتفعت نسبة البدانة بنسبة 138 في المئة. كما زاد التدخين بنسبة 10 في المئة عن مستواه المرتفع بالفعل، ويكتسب المدخنون العادة في سن مبكرة جداً.\nفي معظم الدول العربية، يستخدم 20 في المئة على الأقل من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عامًا منتجات التبغ الأكثر شيوعًا في السجائر. وعادة ما يكون المعدل بين الإناث في ذات العمر نصف تلك النسبة، بحسب تقرير صادر عن مكتب المراجع السكانية، وهو مركز أبحاث مستقل مقره واشنطن العاصمة.\nترى عبد الرحيم بأن السلوكيات المحفوفة بالمخاطر آخذة في الارتفاع في بقية أنحاء العالم. وأفادت دراسة صادرة عن هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا بأن انتشار السمنة قد تضاعف تقريباً من 15 في المئة من السكان في عام 1993 إلى 27 في المئة في عام 2015.\nوفقاً لمنظمة الصحة العالمية، ترتبط معظم وفيات الأمراض غير المعدية في المنطقة بعوامل الاختطار هذه. قالت عبد الرحيم “الأمراض غير السارية هي في الأساس أمراض نمط الحياة، مما يعني أن في الإمكان تفاديها من خلال تغيير السلوكيات مثل انعدام النشاط البدني والتدخين والوجبات الغذائية غير الصحية. مع ذلك، قد تبدو هذه الوصفة سهلة بشكل مخادع.”\nتعتقد عبد الرحيم من أن إقناع الناس بتحسين نظامهم الغذائي وممارسة الرياضة بشكل أكبر والاقلاع عن التدخين أمر صعب ويقتضي في الواقع اتخاذ إجراءات متضافرة من قبل الحكومات.\nقالت “ستشمل مثل هذه التغييرات تشريعات مثل قوانين مكافحة التبغ، وسياسات حول أسعار المواد الغذائية، والإعلان عن المنتجات غير الصحية للأطفال.” وترى بأن الاستثمارات لتشجيع أساليب الحياة النشطة مثل الحملات الإعلانية واستخدام مرافق التمرين ستساعد في ذلك أيضًا.\nوأضافت “مع ذلك، فمن الصعب للغاية تنفيذ التغييرات الهيكلية بسبب وجود مصالح سياسية ومالية قوية سيتم وضعها على المحك.”\nمع ذلك، فمن الصحيح بأن الأمراض غير المعدية لا تحدث بالكامل بسبب نمط الحياة أو الاختيار. فبعض الناس مهيئون وراثيا للإصابة بأمراض مثل مرض السكري.\nكما توجد عوامل بيئية خارجة عن سيطرة الفرد تزيد من مخاطر الإصابة بالأمراض غير المعدية، مثل التدخين غير المباشر وتلوث الهواء – وكلاهما من المشاكل الشائعة في المدن العربية. ففي القاهرة، يزيد تركيز المركبات السامة في الهواء بحوالي 7.6 مرات عن المستوى الآمن حسب تقديرات منظمة الصحة العالمية، وفي بيروت يكون الهواء أكثر سمية بـ 3.2 مرة عمّا يوصى به. ومن المرجح العثور على السكن منخفض الدخل بالقرب من مصادر تلوث الهواء مثل الطرق السريعة أو المصانع.\nوبينما يفلت الأثرياء غالباً من تأثير الأمراض المعدية، فإن الفقراء في العديد من البلدان العربية لا يزالون يحملون عبء هذه الأمراض.\nلم يكن أي من الأسباب الثلاثة الأولى للوفاة والعجز المبكرين للأشخاص من ذوي الدخل المرتفع في العالم العربي من الأمراض المعدية في عام 2010، بحسب معهد القياسات الصحية والتقييم. أمّا بالنسبة للأفراد من ذوي الدخل المنخفض، فقد كانت الأسباب الثلاثة الأولى للوفاة والعجز المبكرين جميعها من الأمراض المعدية، وتشمل: عدوى الرئة وأمراض الإسهال والملاريا.\nتتشابه أسباب الوفاة والعجز المبكرين لدى الرجال والنساء من ذوي الدخل المنخفض. أمّا بالنسبة للأثرياء، فتتباعد الأسباب بحسب الجنس.\nفبالنسبة للرجال الأثرياء، غالباً ما تحدث الوفاة المبكرة أو الإعاقة بسبب حوادث السيارات أو أمراض القلب، فيما يتقدم الاكتئاب أو مرض السكري بالنسبة للنساء من الأثرياء على غيره من الأسباب. حيث تحل الإصابات على الطريق التاسعة في قائمة أسباب الوفاة أو العجز المبكرين للنساء من ذوات الدخل المرتفع، فيما يأتي الاكتئاب في المركز الرابع بالنسبة للرجال من ذوي الدخل المرتفع.\nتبدو الأرقام المتعلقة بالصحة العقلية في العالم العربي شحيحة ومتناقضة في بعض الأحيان. تشير البيانات الإقليمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى أن الاضطرابات الاكتئابية لم تتسبب في أي وفيات أو حالات انتحار بين عامي 2000 و2015. لكن معهد القياسات الصحية والتقييم يُدرجها كسبب رئيسي للوفاة والعجز المبكر بين النساء من ذوات الدخل المرتفع في عام 2010.\nتجعل الطبيعة غير المنتظمة للبيانات من الصعوبة بمكان معالجة المشكلة، بحسب فادي معلوف، مدير قسم علم نفس الطفل والمراهق في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت. يدرس معلوف احتياجات الصحة العقلية للشباب في لبنان، ويقول بأن ما يصل إلى 94 في المئة من الشباب الذين يعانون من مشكلة في الصحة العقلية لا يحصلون على المساعدة. قال “الفجوة في العلاج أعلى بكثير من العالم المتقدم”. (اقرأ التقرير ذو الصلة: القلق والاكتئاب يلاحقان الشباب العربي).\nتسلط دراسة اتجاهات الأمراض الضوء على الأماكن التي تحتاج إلى استثمارات في مجال الرعاية الصحية والأبحاث بشكل أكبر. فيما تشير البيانات المفقودة إلى الأماكن التي تحتاج إلى تتبع أفضل حتى تتمكن الحكومات والباحثون من تحسين تركيزهم بشكل أكبر.\nحقوق النشر محفوظة @ للفنار للإعلام 2013

الخبر من المصدر