جزائريات "حرَّاقة".. البحر من أمامهن و"الفقر والمجتمع" من خلفهن

جزائريات "حرَّاقة".. البحر من أمامهن و"الفقر والمجتمع" من خلفهن

منذ 6 سنوات

جزائريات "حرَّاقة".. البحر من أمامهن و"الفقر والمجتمع" من خلفهن

"لم نتعرف عليها إلا من خلال خاتمها، بعد أن سُلمت لنا بمصلحة حفظ الجثث بمستشفى مستغانم مجرد هيكل عظمي، كان حلمها الوحيد أن تسافر إلى فرنسا وتشارك فلذة كبدها فرحة زواجه، لكن القدر أبى ذلك، ووأد فرحتها وفرحة ولدها العريس في أعماق البحار". بهذه الكلمات التي تلفها مشاعر الألم والحسرة على فقدان شقيقته رشيدة عبّر محمد من ولاية وهران (400 كلم غرب العاصمة الجزائر) عن تجربة مريرة لأم سعت بكل الطرق الشرعية للسفر إلى فرنسا لكن كل محاولاتها باءت بالفشل، بعد أن رفضت كل طلباتها بالحصول على تأشيرة سفر قانونية، فلم تجد حلاً إلا الهجرة غير الشرعية.\nنساء وأطفال في عمر الورود\nيقول محمد في حديثه لــ DW عربية "امتطت قوارب الموت رفقة ابنها الصغير ذي الست سنوات، وابن شقيقها الصحب ذي الـ 23 ربيعاً في قافلة ضمت 13 مهاجراً سرياً انطلقت في السادس عشر كانون الثاني/ يناير الماضي من إحدى شواطئ ولاية وهران، بيد أن القدر كان أسرع حينما انقلب بهم القارب في عرض البحر"، وتحولت الرحلة إلى مأساة لرشيدة، وقطعة عذاب لأهلها بعد العثور على جثتها فور أن لفظتها أمواج البحر في أحد شواطئ مدينة مستغانم الساحلية.\nرشيدة هي عنوان لقصص أخرى لنساء جزائريات قررن ركوب قوارب الموت والإبحار نحو المجهول، فسكان مدينة سيدي لخضر الساحلية بمدينة مستغانم غرب العاصمة الجزائر لا يزالوا تحت وقع الصدمة، بعد أن جاءهم خبر انتشال جثة امرأة كانت ضمن قوافل المهاجرين غير الشرعيين أو قوافل "الحراقة" كما يطلق عليها في الجزائر. ولم تكن الجثة إلا جثة الشابة زهية بوغازي صاحبة الــ 25 ربيعاً، والتي قررت الهجرة غير الشرعية في صمت، ودون علم أحد، بعد أن فشلت في الحصول على تأشيرة عبور إلى فرنسا لرؤية ابنها حكيم صاحب الــ 11 ربيعاً بعد أن أخذه والده منها بعد طلاقها منه.\nزهية لم تشغل بال سكان مستغانم فقط بل شغلت كل الجزائريين الذين تغنوا بجمالها، وتألموا لمصيرها وقدرها الذي قطف زهرة شبابها، بعد أن انتشل فرقة حرس السواحل جثتها في كانون الثاني/يناير الماضي بعد انقلاب القارب الذي كان يقلها رفقة 11 مهاجراً سرياً.\nوخلال الأشهر الثلاث الأخيرة تحولت أخبار النساء "الحراقات" أو المهاجرات بطرق غير شرعية حديث الجزائريين الذين لم يستوعبوا أسباب هذه الظاهرة التي شكلت لهم صدمة، فبعد أن كانت في وقت سابق حكراً على الشباب اليائس من فرص الحياة، تحولت الآن لتمس شريحة مجتمعية لم يتخيل أحد يوماً أن تكون ضمن هذه القوافل التي تحصد أرواح مئات الجزائريين كل عام .\nوتشير إحصائيات قيادة حرس السواحل التابعة للقوات البحرية التي تنشرها بشكل يومي عبر موقعها الإلكتروني إلى إحباط 3109 محاولة هجرة غير شرعية عبر مختلف السواحل الجزائرية منذ أول كانون الثاني/ يناير 2017 إلى غاية 31 ديسمبر/كانون الأول 2017 من بينهم 186 امرأة و840 قاصر.\nوكشف تقرير للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان منظمة غير حكومية تحصلت DW عربية على نسخة منه بأن "الهجرة غير الشرعية الجزائرية عبر البحر المتوسط تنتشر كالنار في الهشيم، فالمئات لا يزالون يغامرون بحياتهم وحياة أطفالهم ومستقبلهم، أملاً في حياة أفضل". واستدلت الرابطة على ما سبق بـ "قيام الحكومة بالرفع من عدد الزوارق نصف الصلبة التي تستعمل في ملاحقة قوارب الحراقة، مع استعمال طائرات مروحية لمراقبة السواحل الممتدة على مسافة 1200 كلم."\nرئيس مكتب الرابطة في ولاية عنابة محمود جناد ذكر لــ DW عربية أن "من بين أسباب تفاقهم هذه الظاهرة فشل السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، وانتشار الفساد مع احتكار الثروة في يد فئة لا تتجاوز 10% من الأشخاص، وارتفاع نسبة البطالة بين أوساط الشباب لأزيد من 35%".\nالدكتورة حورية سهيلي: العنف والتمييز والطلاق من أهم أسباب الظاهرة\nومن خلال ترأسها لــ جمعية "دار الجزائر للمهاجرين الجزائريين" في إسبانيا، وبحكم تجربتها لسنوات كمترجمة لصالح السلطات الإسبانية ووسيطة بين المهاجرين غير الشرعيين القادمين من جنوب المتوسط، شددت الدكتورة حورية سهيلة أنه "خلال الحديث عن النساء الحراقات لا ينبغي فقط الحديث عن اللائي فشلن في الوصول إلى الضفة الأخرى وتم القبض عليهن من طرف حرس السواحل أو كان الغرق مصيرهن، بل يجب الحديث أيضاً عمن وصلن إلى أوربا، بعضهن يقبع في مراكز الاحتجاز ويتم ترحيلهن بعد ذلك، والبعض منهن يقمن بطرق غير شرعية في مختلف الدول الأوروبية".\nسهيلي رصدت لــ DW عربية من خلال حواراتها العديدة مع الموقوفات في مراكز الاحتجاز من جنسيات متعددة منها جزائريات وإفريقيات وغيرهن، عدة أسباب تدفع بالمرأة الجزائرية لركوب قوارب الموت، منها "العنف ومشاكل التمييز التي تعاني منها المرأة في الوسط العائلي والمجتمع، وبشكل خاص المطلقة"، التي تعتبر حسب حديثها "منبوذة في المجتمع الذي يحملها مسؤولية الطلاق لوحدها دون الرجل، فتدفع الثمن لوحدها".\nوبالمقابل ذكرت عدة حالات لنساء حاولن السفر بطرق قانونية للالتحاق بأزواجهن لكن عدم حصولهن على تأشيرة دخول قانونية أمر يدفع بهن في النهاية إلى الطرق غير الشرعية للسفر.\nوبالنسبة لــ سهيلي فإن "أخطر الحالات وأكثرها تعقيداً هن النساء ضحايا شبكات الدعارة"، وفي السياق كشفت عن "وجود شبكات تستغل الفتيات الأقل من 19 عاماً، خاصة ضحايا العنف الجنسي، وترحلهن إلى أوروبا بطرق سرية للمتاجرة بهن في الدعارة"، وكشفت أن "بعض الحالات يستعمل ضدهن السلاح لإجبارهن على السفر".\nالأستاذ يوسف حنطابلي: انسداد الأفق السياسي والاجتماعي والاقتصادي خلق الإحباط لدى المرأة\nمعاناة الحياة "تتشاركها" المرأة مع الرجل \nفي معرض تحليله لأسباب الظاهرة، قال الخبير في علم الاجتماع والأستاذ بجامعة الجزائر يوسف حنطابلي لــ DW عربية أنه "بحكم خروج المرأة إلى الفضاء العمومي، وشعورها أن لها وجود اجتماعي بكونها فاعلة وتلعب دور في المجال العام السياسي والاجتماعي والاقتصادي بدأت تشعر أن لديها الحق في كل فرص العمل والتمثيل والمشاركة السياسة لكن على غرار الرجل". وأوضح أن "هذا الوعي مع انسداد المجال الاقتصادي والاجتماعي والسياسي تحول إلى شعور بالإحباط لدى  المرأة، وخاصة مع ارتفاع نسبة العنوسة وارتفاع نسبة الطلاق كل هذه تنضاف إلى المعاناة اليومية للمرأة في محاولة تحقيق الذات".\nوأضاف أن "ما يعانيه الرجل تتأثر به المرأة بطريقة أو بأخرى فمصيرها مرتبط به أباً أو أخاً أو زوجاً، وهذا ما يفسر ظاهرة الحرقة التي هي انسحاب معاناة الرجل أو الشباب في الحياة العامة إلى المرأة لذلك أصبحت أفعالها وردود أفعالها مثل الرجال تفكر في الحرقة وتغامر بحياتها من أجل تحقيق ذاتها".\nعبرت جهات رسمية في المغرب عن استعدادها للتعاون مع ألمانيا واستقبال مواطنيها المرحلين، في حين انتقدت منظمات حقوقية مثل هيومن رايتس ووتش ذلك، .وزير الداخلية الألمانية توماس دي ميزير قال الاثنين (29 شباط/فبراير 2016) إن نظيره المغربي محمد حصاد تعهد بالنظر في طلبات إعادة اللاجئين المغاربة من ألمانيا في غضون 45 يوما.\nطالبت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال أثناء زيارته لبرلين في يناير/كانون الثاني 2016 بتعاون السلطات الجزائرية في عملية ترحيل الجزائريين الذي رفضت ألمانيا منحهم حق اللجوء. وقال سلال حينها إن بلاده مستعدة للتعاون بخصوص ذلك، لكن قبل إبعاد أي شخص إلى الجزائر "يجب بالطبع التأكد من أنه جزائري".\nتونس هي الأخرى، أبدت استعدادها لاستقبال مواطنيها المرفوضة طلبات لجوئهم في ألمانيا، كما أعلن ذلك وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي خلال مؤتمر صحافي مع مضيفه الألماني فرانك ـ فالتر شتاينماير مطلع العام الجاري.\nإدراج تركيا ضمن "الدول الأمنة" حسب قانون اللجوء الألماني أثار مخاوف الأكراد من رفض طلبات لجوئهم. وتتهم منظمة العفو الدولية تركيا بفرض "عقاب جماعي" على الأكراد بسبب الإجراءات الأمنية في المناطق ذات الأغلبية الكردية في جنوب شرقي البلاد. بيد أن نائب المستشارة الألمانية زيغمار غابرييل أوضح أن بلاده ستستمر في منح اللجوء للأكراد متى استدعى الأمر ذلك.\nإدراج دول غرب البلقان في قائمة "الدول الآمنة" يعني احتمال ترحيل الآف من طالبي اللجوء من هذه المنطقة إلى بلدانهم. أغلب هؤلاء اللاجئين هم من أقلية الروما ويدعون تعرضهم للاضطهاد ولانتهاك حقوقهم في البلدان التي يعيشون فيها.\nما ينطبق على الدول التي صنفتها ألمانيا باعتبارها "آمنة" ينطبق أيضا على اللاجئين القادمين من كوسوفو. فقد سبق لوزير الخارجية الألمانية فرانك فالتر شتاينماير أن شدد على أن غير الملاحقين سياسيا في كوسوفو لن يحصلوا على إقامة دائمة في ألمانيا وسيعودون إلى بلدهم.\nبعد إدخال تعديلات مشددة على قانون اللجوء في ألمانيا في تشرين/ أكتوبر 2015 أصبحت ألبانيا أيضا ضمن قائمة "الدول الآمنة" ومنذ ذلك الحين تم ترحيل مئات الألبان إلى بلادهم لافتقادهم إلى سبب قانوني يمنحهم اللجوء. فمعظم الألبان الذين وصلوا إلى ألمانيا كان هدفهم تحسين أوضاعهم الاقتصادية بالدرجة الأولى.

الخبر من المصدر