ميسرة صلاح الدين يكتب: الخلطة السحرية فى محبة الإسكندرية كثير من الخيال قليل من الواقع

ميسرة صلاح الدين يكتب: الخلطة السحرية فى محبة الإسكندرية كثير من الخيال قليل من الواقع

منذ 6 سنوات

ميسرة صلاح الدين يكتب: الخلطة السحرية فى محبة الإسكندرية كثير من الخيال قليل من الواقع

لماذا تغمرنا المحبة فى لحظة ما، لماذا تسحبنا دوامات الشوق لبحر معين، لماذا يجرفنا الحنين لشاطئ أمواجه تمس القلب، وشوارع جوانبها مفخخة برائحة اليود المحببة؟\nكلها أسئلة عصية على الإجابة، وإجابات عصية على الشرح، عصية على الفهم، عسيرة التأويل، إجابات حسية تتدفق منها المشاعر، تكشف الشغف، والشغف يكشف الحقيقة. أسئلة إجاباتها غير مقنعة بالمرة، ولكنها حقيقة تماماً.\nبوصفها رداً عن السؤال الأبرز فى حياة كل أبناء مدينة الإسكندرية، مدينة البحر والخيال: «لماذا تحب الإسكندرية؟».\nنعم، الإجابة عسيرة، فالمحبة دون قيد أو شرط أمر نادر، والجمال فى عصرنا لم يعد إلا منقوصاً، ومدينة الألفية الجديدة ليست هى الإسكندرية التى أحببناها فى الصغر، فالمدينة لم تعد موصولة العطاء، بَشوشة الوجه، وقد نالت أصابع العبث والتدمير من كل ما هو خالد ومقدس، ونال سوء التخطيط وبشاعة التنفيذ من كل ما هو موعود للمستقبل، ونال رجال المال وسماسرة الأعمال من بوابات التاريخ ومنابع التراث، فأفسدوا علينا ماضينا وجففوا منابع الحسن وحطموا منازل الذكريات. «لماذا تحب الإسكندرية؟».. كثير من الخيال وقليل من الواقع هو الخلطة السرية التى نتحصن بها فى محبة الإسكندرية، المدينة التى ما زالت شوارعها القديمة مبتسمة، وما زالت شواطئها عامرة بالبهجة وببائعى المثلجات والفسدق والفريسكا، وما زالت آثارها الهيلينية والرومانية والقبطية والإسلامية، وما زالت مبانيها الإيطالية وكنائسها العتيقة ومساجدها العامرة، ومقامات وحكايات شهدائها، وموانيها وورش تصنيع سفنها، كل هذه الملامح شاهدة عليها وعلى محبتنا لها، وشاهدة على تاريخ طويل مفعم بالنضال والوطنية، تفوح منه روائح الشرق ومفاتن الغرب، فى مزيج ثقافى وحضارى لا يكتمل بتلك الصورة الخيالية إلا على أرضها، ولا يقترب تحقيقها على أرض الواقع إلا فى أحضانها، فهى المدينة التى أدركت منذ ميلادها على يد الإسكندر الأكبر تفرد طبيعتها واختلاف شأنها، فجاهدت لتحافظ على هذه الطبيعة وهذا الشأن، وجاهد التاريخ ليظل متجولاً بين طرقاتها، حتى لو تغيرت وتبدلت كل يوم ألف مرة، وحتى لو أصبح كل ما تبقى منها هو محض خيال سابح فى بحر من تيارات الواقع الأليم.

الخبر من المصدر