من آلهة مصر القديمة سشات والملكة الفرعونية حتشبسوت والمواطنة براوني ماري: نساءٌ ساهمن في زراعة تاريخ الماريجوانا وتدخينه

يشير الشاعر الإغريقي هوميروس في الإلياذة إلى أن هيلينا، ابنة زوس، القادمة من مصر، عمدت إلى إعداد مشروب مركب من نبات القنب الهندي لزوجها لمساعدته على التغلب على الكآبة التي كان منغمساً فيها.\nمن عشتار الى الملكة فيكتوريا، نساءٌ كثيرات ساهمن في صناعة تاريخ الماريجوانا وارتبطت أسماءهن بالقنب سواء كان ذلك عن طريق تعاطي النبتة أو المساهمة في زراعة القنب والترويج له، وفق ما تحدث عنه الكاتب "جوش جاردين" في مقال ورد في موقع "بورتلاند ماركوري"، مشيراً الى أنه تم إغفال وتجاهل وتناسي مساهمة النساء في انتشار نبتة القنب سواء كان ذلك في العصور الماضية أو في الوقت الحاضر.\nفي كتابها "Tokin’ Women: A 4,000 Year Herstory" توثق الكاتبة نولا إيفانجيليستا علاقة المرأة بالقنب، فتنطلق من قصص بعض الآلهة القديمة في مصر اللواتي جلبن "العشبة المقدسة" إلى الجماهير المتعطشة لها، لتصل في سردها إلى النساء اللواتي تحلّين بالشجاعة الكافية للتمرد على قواعد المجتمع وكسر القيود المتعلقة بالمخدرات.\nومن خلال تسلسلٍ زمني واضح، تكشف نولا عن ارتباط 50 امرأة "ذات تأثير قوي" بالقنب بدءاً من الآلهة القديمة مروراً ببعض الكاتبات البوهيميات ومغنيات الجاز في الستينات وصولاً إلى النساء المعاصرات.\nوبالرغم من وجود بعض الأسماء في الكتاب التي لا تثير الدهشة على غرار الممثلة المعروفة جينيفير أنيستون والتي صرّحت أكثر من مرة عن لذتها في تعاطي الماريجوانا "باعتدال"، فإن بعض الشخصيات الأخرى شكلت حالة صدمة لدى القراء.\nشارك غرداعتمد الطب القديم على مزج القنب مع العسل وإدخال المزيج في مهبل المرأة أثناء الولادة لتخفيف آلام الرحم\nشارك غردتقول إحدى شخصيات "ألكوت" وهي تتعاطى كمية من الحشيش: لتبارك السماء الحشيش إذا كانت كل الأحلام تنتهي هكذا\nفقد تطرقت الكاتبة إلى قصص بعض أكثر النساء غموضاً من رواد الفن والعلوم والأدب، من عشتار إلهة الجنس والحب والجمال والتضحية في الحرب عند البابليين مروراً بالروائية الأميركية "لويزا ماي الكوت" والشاعرة الإنكليزية "إيريس تري" وغيرهن من النساء القويات اللواتي قررن عيش حياتهنّ وفقاً لقواعدهنّ الخاصة، فلجأ البعض منهنّ إلى "الماريجوانا" للاستخدام الشخصي فيما سعت الأخريات لإضفاء "شرعية" على هذه المادة كونها تخفف من آلام المرضى وتساعدهم على تخطي الصعاب.\nاستخدم المصريون القدماء القنب بانتظام، غير أن هذه النبتة لم تقتصر على الرجال فقط بل طالت شخصيات نسائية لعبت دوراً كبيراً في التاريخ المصري، على غرار الآلهة "باستيت" التي تتخذ شكل القطة الوديعة، سشات آلهة الحكمة والمعرفة، وحتشبسوت وهي أول امرأة تصل الى العرش في مصر.\nوبدورها عرفت عشتار بجمالها الفتّان وذكائها الحاد، وكانت تمثل آلهة الحب والجنس والحرب، وقد اكتسبت كل الصفات الأنثوية، فكانت تحب وتغوي وتخون وتنتقم إلا أن الأمر الذي لم يُعرف عنها هو ارتباطها بالقنب في الألفية الثالثة قبل الميلاد، وهي الفترة التي كان يتم خلالها تبجيل الآلهة واعتبار النباتات "الدواء السحري" لجميع الأمراض.\nوفي مصر القديمة، كان القنب "الصديق الوفي" للمرأة التي هي على وشك الإنجاب، إذ يوضح الورق البردي أن الطب القديم كان يعتمد على مزج القنب مع العسل وإدخال هذا المزيج في مهبل المرأة أثناء الولادة لتخفيف آلام الرحم.\nتاريخياً اعتبر القنب ملهم النساء في مجالي الإبداع والمتعة، ففي قصتها القصيرة Perilous Playالصادرة في العام 1869، تناولت الكاتبة والروائية الأميركية "لويزا ماي ألكوت" موضوع الحشيش بطريقةٍ مثيرةٍ للاهتمام.\nروت "ألكوت" تجربة فتاة أميركية تنغمس مع الأصدقاء في دوامة القنب والمواد المخدرة والتي تصفها الكاتبة بأنها "كانابيس إنديكا تجلب الهلوسات الرائعة"، وفي ختام القصة تقول إحدى الشخصيات وهي تتعاطى كميةٍ كبيرةٍ من الحشيش:"لتبارك السماء الحشيش إذا كانت كل الأحلام تنتهي هكذا!".\nوكانت "أليس توكلاس"، شريكة حياة الكاتبة الأميركية جيرترود شتاين، أول من "تفنن" في ابتكار وإعداد وصفات حلويات من "الحشيش"، إذ شكّل كتاب "أليس توكليس" الصادر في العام 1954، ثورة في عالم المأكولات كونه يضم وصفاتٍ غريبة تعتمد على مكونات مثل القنب لإعداد "حلويات باردة" مثل "فادج الحشيش" الذي تصفه بعبارات "هذا هو طعام الجنة، الجنة الاصطناعية لبودلير: في المغرب يعتبر جيداً لدرء البرد أثناء الطقس الشتوي ويعتبر أكثر فعالاً عند تناوله مع شاي النعناع الساخن".\nوتوضح "أليس" في كتابها أن "حلوى الجنة" تتألف من ملعقة صغيرة من الفلفل الأسود، ملعقة من جوز الطيب، 4 عيدان من القرفة، ملعقة صغيرة من الكزبرة، يضاف إليها التين المجفف، اللوز، الفول السوداني، كوب من السكر المدوب مع الزبدة وبالطبع "كمشة" من الحشيش، فيتم عجن هذه المكوّنات بعضها مع بعض وصنع قطع متساوية، على أن تؤكل باعتدال.\nوتعد "توكلاس" من يتناول هذه الحلوى المميزة بالشعور بالنشوة وبموجات من الضحك وحتى بالقدرة على قيام "ما تفعله القديسة تيريزا وأكثر".\nوبالحديث عن الحلويات المطعمة بالحشيش، يبرز إسم "ماري جاين راثبورن"، الملقبة بـ"براوني ماري" والتي قادت حملة تهدف إلى"تشريع الماريجوانا للاستخدامات الطبية".\nففي أواخر الثمانينيات، عانت "سان فرانسيسكو" من أزمة الإيدز، فامتلأت المستشفيات بالمرضى الذين هم على وشك الموت خلال بضعة أشهر فقط، وكان لا بد من إيجاد حلّ لمساعدتهم على التغلب على آلامهم.\nفي مطبخها الصغير بدأت "ماري" بإعداد قطع من البراوني مع استخدام كمياتٍ قليلةٍ من الماريجوانا، ووزعتها مجاناً على المرضى لتخفيف معاناتهم، خاصة أنه بحكم تجربتها الخاصة أدركت أن مادة الماريجوانا قادرة على تخفيف الآلام: "بالنسبة إلى العلاج الكيميائي، يمكن للمرضى المصابين بالسرطان أن يتناولوا نصف قطعة من حلوى البراوني قبل الجلسة والنصف المتبقي بعد انتهاء الجلسة، وهذا يخفف من آلامهم".\nوبالفعل نجحت "راثبورن" في إعادة لحظات السعادة التي سرقت من آلاف الأشخاص المصابين بأمراض مثل الإيدز أو السرطان، وفي العام 1992، افتتحت "ماري" مع "دانيس بيرون" أول مستوصف للقنب الطبي في الولايات المتحدة الأميركية.\nلا تزال المرأة تصنع التاريخ في موضوع القنب، وفق ما كشفته دراسة استقصائية أجريت في العام الماضي من قبل New Frontier Data وWomen Grow (وهما يهدفان إلى تحويل القنب القانوني الى أول صناعة تقودها الإناث).\nففي العام الماضي، قام  الباحثون باستطلاع آراء 1700 شخص في مجال صناعة الحشيش، وتبيّن أن 57% من عمال صناعة القنب ادّعوا بأنهم يعملون في شركات ترأسها النساء بنسبة لا تقل عن 50%، وعلاوة على ذلك أكد 30% من العمال أن بعض النساء يحظين بملكية كاملة على هذه المؤسسات.\nهذه الأرقام تحمل دلالات معيّنة وتعتبر مهمة لعدة أسباب: بخلاف الصناعات القائمة، فإن القنب يعتبر صناعة ناشئة تملك أكثر من نصفها النساء، مما يعني أن النساء قادرات على بسط سيطرتهنّ في هذا المجال وتحقيق الأرباح الطائلة، خاصةً إذا تمت قوننة وتشريع استخدام الماريجوانا في مختلف البلدان.\n"جوش جاردين" رجح أن يكون استخدام القنب قد ساهم في وصول بعض النساء إلى مناصبهنّ الرفيعة، مستنداً إلى أدلة علمية لدعم وجهة نظره: ففي ديسمبر أجرت مجلة علم الأوبئة والصحة المجتمعة دراسة شملت 800 امرأة تستخدم القنب، وتم تحليل مستوى التعليم، الذكاء، عادات التدخين وأسلوب الحياة الخاص بكل واحدة منهنّ، وخلصت الدراسة إلى القول إن النساء اللواتي يستهلكن القنب يتمتعن بمعدل ذكاء أعلى من غيرهنّ.