جامعات في يوم الطالب المصري.. طلاب يقاومون التقليد بالأنشطة

جامعات في يوم الطالب المصري.. طلاب يقاومون التقليد بالأنشطة

منذ 6 سنوات

جامعات في يوم الطالب المصري.. طلاب يقاومون التقليد بالأنشطة

كتبت- رنا الجميعي وإشراق أحمد:\nفي الحادي والعشرين من فبراير عام 1946 تجمّع الطلبة فوق كوبري عباس، مُحاصرين من قوات الاحتلال الإنجليزي، فُتح الكوبري وسقط عدد من الطلاب قتلى، منذ ذلك اليوم تحدد يوم الطالب المصري، تعبيرًا عن مدى نُبل شباب كانت أحلامهم وسع المطالبة بالاستقلال.\nلا يتذكر طلبة اليوم تلك المُناسبة، نظراتهم توحي بعدم علمهم أن لهم يومًا يُجلل بطولاتهم، لكن كل ما يعرفونه أنهم إما يحركون المياه الراكدة بمزاولة أنشطة تخرج بهم من دائرة التقليدية، أو يستسلمون لمسار اليوم الروتيني وسط مواعيد المحاضرات المتتالية، والتكليفات المتراكمة عليهم.\nبعيدًا عن أروقة المحاضرات وجلسات الأصدقاء ورفاق الطرقات، ينتشر في جامعة القاهرة، طلاب يعملون على إقناع زملائهم بفكرة نشاطهم كما سبق لهم أن اقتنعوا، بينهم كان مصطفى فرحات، طالب كلية تجارة إنجليزي، ورئيس نموذج "أدمن Admin" لهذا العام.\nيدرس فرحات بالفرقة الثالثة، بدأ النشاط الطلابي العام الماضي فقط "شاركت في 5 نماذج في تجارة وسياسة واقتصاد"، لكنه استقر على ما يستفيد منه أكثر، فكان الخيار لنموذج كليته الذي بدأ قبل 4 أعوام، خاصة بعد ما لمسه من تغيير في شخصيته "طورت مهاراتي يعني مثلاً مكنتش أعرف أعمل خطة إزاي. ووصلت من فرد في نموذج لمسؤول عن أفراد كتير".\nلا يرغب فرحات أن يكون شخصًا تقليديًا وأيامه اعتيادية كما يصف، لذلك كان النشاط الطلابي ملاذًا آمناً، فضلا عن قناعته التامة بأن "مش كل الناس هتشتغل بشهادتها".\nيوفر "أدمن" وغيره من النماذج الخاصة بطلاب كليات التجارة فرصة التدريب في فروع البنوك، المحاسبة والبورصة، وتكوين علاقات في مجال التسويق وغيره من مجلات سوق العمل التجاري، ويضرب فرحات المثل بنفسه "السنة اللي فاتت جت لي فرصة شغل 6 شهور" يستشعر الطالب في هذا إنجازًا يدفعه لتحقيق المزيد لنفسه، ولغيره من رفاق كليته.\nفي جامعة عين شمس، لم يختلف حال الطلاب، بينما يسير حسام سعيد مُهرولًا ناحية "الأوضة"، كما يطلق عليها طلبة نشاط المسرح بكلية التجارة، "الأوضة" المكتوب عليها من الخارج "أعظم كاست في الكون" هي مكان البروفات، الذي يقضي فيه حسام معظم يومه.\nلم يكن فارقًا بالنسبة لحسام اسم الكلية التي يدرس فيها سنواته الجامعية، سواء كانت آداب أو تجارة، لكنه كتب في ورقة الرغبات الخاصة به "تجارة عين شمس"، كان المُهم بالنسبة له هو الالتحاق بمسرح الكلية "كاست تجارة أشهر كاست بيعمل مسرح"، حدد حسام وجهته منذ اليوم الأول بالجامعة.\nفي عامه الأول لم يلتحق حسام بالمسرح "لما لقيت إن ليهم مواعيد وبروفات حبيت أعيش جو الجامعة"، ندم الشاب العشريني على ذلك بعدها أنه ضيّع وقته بدون دخول عالم المسرح، منذ سنته الدراسية الثانية اندمج مع رغبته "عرفت يعني ايه مسرح وازاي اقف على ستيج".\nلا يعلم حسام مصطلحات تجارة ولا أماكن مُحاضراته "فيه ناس بتعرف توفق بس أنا لا"، يضبط الشاب وقته على موعد البروفات "بنقضي يومنا كله جوة الأوضة"، وهي غُرفة خصصتها لهم إدارة الكلية، مرّ على "كاست تجارة" أوقاتًا لم يكن لهم مكانًا خاصًا بهم "كنا ساعتها بنشوف أي مدرج فاضي"، يعتبر نشاط المسرح هو الأقوى في جامعة عين شمس، كما يتم تخصيص ميزانية له مع كل ترم، كذلك هناك مهرجانات خاصة بعرض المسرحيات الخاصة داخل كليات عين شمس.\nالرقابة همّ يوجهه الطلاب الممثلون، منذ العام الماضي حين قررت الجامعة أنه يجب إجازة النص من المصنفات الفنية بوسط البلد، وهو ما يضع عليهم أعباء روتينية واجهت كليات أخرى بالجامعة "الرقابة بتتأخر لحد ما تجيز النص، ودا بيكون مشكلة زي ما حصل مع كاست تاني إن في يوم العرض تم وقفه بسبب الرقابة".\nهناك عوائق أخرى مثلما حدث لكلية الزراعة حدثت في تجارة "وكيل الكلية علق ورقة بإن النص المسرحي بتاعهم مش هيتعمل لأنه بيهاجم النظام"، وهو ما واجهه كاست تجارة بشكل ما مع مسرحيتهم البؤساء "كان مجرد كلام ومحدش أخد خطوة"، يقول حسام فيما كان البقية يؤدون البروفة.\nتغيّر حسام كثيرًا بفضل المسرح "أحنا عددنا حوالي 70 شخص، فأنا بتعامل مع ناس كتير كل حد له دماغه"، مما جعله أكثر جرأة وثقة في نفسه "كنت منطوي شوية دلوقت أقدر أدخل أي مكان أفرض نفسي فيه"، وفي سنته الأخيرة يُفكّر حسام أن التمثيل هو مجاله الفعلي، فبعد التخرج ستكون الدراسة بمعهد فنون مسرحية خطوة أخرى في طريقه.\nتسير الخطى في جامعة القاهرة. المتوجهون لكلياتهم، الجالسون في حلقات يمررون الوقت، أو يتبادلون النقاش بشأن أمر يتعلق بالدراسة أو الحياة. الزحام لا ينتهي عند أركان الطعام المنتشرة ولا المقاعد تخلو من روادها، والحركة لا تتوقف حول ملكة إبراهيم، التي جلست وحدها على إحدى تلك المقاعد المتواجدة في حرم كلية الآداب.\nملكة، فتاة هادئة الملامح، غير أن الإحباط زاد طبعها سكونًا. رغبت طالبة الفرقة الثانية الالتحاق بكلية علمية، غير أن تنسيق الثانوية العامة أوصلها إلى قسم الفلسفة بكلية الآداب.\nلا تجد ملكة حماسًا تجاه مزاولة أي نشاط خارج الكلية "المواد كلها محتاجة حفظ وده بالنسبة لي قفل كل حاجة في وشي" تقول الشابة، بينما تعيد التفكير كثيرًا أمام أي اقتراح يحاول دفعها لطرق أبواب ما تهوى "بحب قراءة الكتب العلمية لكنها مش متاحة في الكلية".\nطالبة الفلسفة ليست الوحيدة التي خابت آمالها وكُبتت؛ بين صنوف الجامعيين شاركتها مصر كمال، تدرس الشابة تربية فنية "عندي 11 مادة الترم ده فمفيش وقت لأي شيء تاني". تتمنى مصر لو تبدلت الأيام، فزاولت الرسم وتزيين الأماكن العامة كما يفعل طلاب الكلية في الإجازة لتصير تلك مهمة أساسية بجانب المواد النظرية.\nأنشطة هنا وهناك تنتشر داخل الجامعات، تتبدل الأسر والفاعليات، غير أن المظلة الأساسية القائمة تتمثل في كيان الاتحادات الطلابية.\n"الاتحاد شرف" هكذا يرى مصطفى عاطف الأمر. يقضي الطالب سنته الدراسية الثالثة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية كنائب رئيس الاتحاد، منذ عامه الأول رغب عاطف في الاشتراك بأنشطة الكلية "دخلت في أربع أنشطة في وقت واحد"، وكانت خطوته التالية هي الانضمام إلى الاتحاد "دخلت في لجنة الأسر والرحلات".\nالآن يشغل عاطف منصب نائب رئيس الاتحاد، يرى أن مهمته هي توفير ما يحتاجه الطلبة، مثل تخفيض سعر الكتب، وذلك بالتواصل مع العميد ورفع طلب للشكوى، والتغيير في حدود المتاح، على حد قوله، "لكن كان من الصعب نغير السعر عشان دا نوع ورق معين".\nحقق الاتحاد بعض المكاسب مثل استبدال مبرد المياه بآخر أفضل حال، كما أقاموا مكتبة صغيرة لمن يريد الاستعارة، كما يقوم الاتحاد بتنظيف المبنى الخارجي للكلية بالتعاون مع وكيل الكلية لشئون البيئة.\nهناك مشكلات تُقابل الاتحاد منها الاجراءات الروتينية في التعامل مع الموظفين وأمن الجامعة، غير أن ذلك غيّر من شخص عاطف "ادتني خبرة في التعامل، وإني اشتغل تحت ضغط".\nكانت المُظاهرات في فترات سابقة جزء من حياة الطلبة، لكن خفُت وهجها مع الوقت، يرى عاطف أن الوقفات الاحتجاجية هي الوسيلة الأخيرة للوصول لاحتياجاتهم "دلوقت أحنا نقدر نتكلم مع الدكاترة والعميد ونستشيرهم في طلباتنا"، كما يرى أن الطلبة فقدوا الشغف بالتظاهر.

الخبر من المصدر