عماد الدين حسين: المعارضة تلوم الحكومة..حسنا..وماذا بعد؟!

عماد الدين حسين: المعارضة تلوم الحكومة..حسنا..وماذا بعد؟!

منذ 6 سنوات

عماد الدين حسين: المعارضة تلوم الحكومة..حسنا..وماذا بعد؟!

إذا كانت القوى والأحزاب السياسية المصرية الشرعية جادة بالفعل فى تحقيق الإصلاح السياسى، فعليها أن تبدأ من الآن وفورا ومن دون إبطاء فى العمل على الأرض لخلق قواعد جماهيرية حقيقية حتى يمكن الرهان عليها فى الانتخابات المقبلة سواء كانت محلية أو نيابية أو رئاسية.\nالحكومات المصرية المتعاقبة منذ عقود حاصرت الأحزاب المدنية، ووضعت أمامها كافة أنواع العراقيل والمعوقات والقيود. هي اعتقدت أن هذا الديكور الديمقراطي يمكن أن يستمر إلى الأبد، لكن الجميع فوجئ بأن هذه السياسة هي التى جعلت جماعة الإخوان، وكافة القوى الدينية، سواء كانت  متطرفة أو معتدلة، تسيطرعلى أكثر من ثلثى مقاعد البرلمان أوائل عام 2012، وكذلك على منصب رئيس الجمهورية بعدها بستة شهور. إذا هذه السياسة الحكومية المستمرة منذ عقود ينبغى أن تتغير فورا، إذا كانت الحكومة جادة فى خلق حياة سياسية حقيقية، لمنع عودة المتطرفين مرة أخرى، بعد أن طردهم الشعب في ثورة شعبية حقيقية في 30 يونيو/حزيران 2013.\n لكن دعونا نفترض أن الحكومة تصر على السير فى هذا الطريق. فهل ستجلس الأحزاب السياسية في مقراتها "لتلطم الخدود وتشق الجيوب"، وتكتفي باللعويل والصراخ بأنها محاصرة، ثم يعود قادتها وكوادرها آخر الليل إلى بيوتهم ليناموا هانئين حالمين معتقدين أنهم أدوا واجبهم النضالي تجاه الوطن على أفضل ما يكون؟!.\nيحق للأحزاب والقوى السياسية أن تنتقد الحكومة كما تشاء في هذا الشأن.. لكن عليها وبعد أن تفعل ذلك، أن تفكر فى وسائل عملية، لكي تصل إلى الناس العاديين فى النجوع والقرى والبنادر والمراكز والمحافظات.\nغالبية الحكومات في العالم تتمنى ألا يكون هناك أي معارضة، من أي نوع، حتى لا تسبب لها "صداعا فى الرأس". لكن دور المعارضة - خصوصا إذا كانت جادة - أن تقدم البدائل طوال الوقت لما تراه سياسات حكومية خاطئة، والأهم أن تتحمل التضحيات في هذا الصدد لأن هناك ثمنا لابد من دفعه لتحقيق الاصلاح.\nالسؤال المنطقي هو: ما الذي سيجبر الحكومة المصرية على تغيير سياساتها طالما لا توجد هناك أي معارضة؟!\nالإجابة هي لا شيء، وسوف يستمر الحال على ما هو عليه.\nيسلط الكاتب عماد الدين حسين في مقاله* لـDW عربية الضوء على قائمة المرشحين المتحملين للانتخابات الرئاسية المصرية، حيث تكون المعركة الانتخابية محصورة بين أشخاص وليس بين برامج متنافسة. (18.01.2018)\nفي مقاله** لـ DWعربية يتناول الكاتب الصحفي عماد الدين حسين خلفيات اصطدام رئيس أركان الجيش المصري الأسبق سامي عنان، بمنظومة ومنطق المؤسسة العسكرية التي كان هو أحد واضعيها. (26.01.2018)\nقرار بعض أحزاب المعارضة المصرية مقاطعة الإنتخابات الرئاسية المقبلة، لن يحل مشاكل مصر، كما يقول الكاتب الصحفي عماد الدين حسين في مقاله* لـ DW عربية، معللا رأيه بالحجج التالية: (01.02.2018)\nعلى الأحزاب المصرية التحرك السلمي، حتى لا يتكرر السيناريو الكابوسي الذي شهدناه في الأيام الماضية. وكاد أن يكون هناك مرشح رئاسي وحيد فى الانتخابات الرئاسية المصرية هو الرئيس عبدالفتاح السيسي، لولا ترشح موسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد، قبل 15 دقيقة فقط من إغلاق باب الترشيح، وبعد أن فشلت الحكومة في اقناع أي مرشح جاد وذو ثقل سياسي حقيقي بالترشح خصوصا السيد البدوي رئيس حزب الوفد. والمتفق عليه تقريبا أن ترشح موسى مصطفي موسى، كان لمنع تحول الانتخابات إلى استفتاء لأن المرشح نفسه، كان قد أصدر بيانا قبل أسبوع من ترشحه يؤيد فيه انتخاب السيسي رئيسا!!.\nلو كان هناك حد أدنى من الممارسة السياسية ما شهدنا هذه الأعاجيب السياسية!!.\nمرة أخرى نلوم الحكومة المصرية على قتلها شبه الممنهج للسياسة، لكن اللوم الأكبر ينبغى أن يتم توجيهه إلى الأحزاب نفسها.\nهل يعقل أن يكون فى مصر 104 حزبا ما بين رسمي وتحت التأسيس، وتكون هناك حياة حزبية منذ عام 1907، بدأت بظهور حزب الأمة بقيادة أحمد لطفي السيد، ولا يكون لدينا حزب جاد يقدم مرشحا ينافس على رئاسة البلاد؟!.\nوظيفة الأحزاب أن تقدم مرشحين دائمين في أي استحقاق انتخابي، سواء كانت انتخابات هيئات أو نقابات أو أندية أو محليات أو برلمان أو رئاسة.. وإذا عجزت عن ذلك، فما هو مبرر وجودها في هذه الحالة؟!.\nلن نستمر في جلد وانتقاد الأحزاب والتهكم عليها، لكن ندعوها إلى أن تغير من أسلوبها وتجد طريقا للعمل فى إطار القانون والدستور.\nولكى تكون هذه الأحزاب جادة فهناك حد أدنى من الشروط ينبغي توافرها، أهمها أن تكون هناك ممارسة ديمقراطية داخلها. فلا يصح أن تنتقد الأحزاب غياب الديمقراطية عند الحكومة، ثم نكتشف أنها هي أيضا أحزاب ديكتاتورية. غالبية رؤساء الأحزاب المصرية لا يتغيروا إلا بالموت، ويلجأون إلى وسائل مبتكرة، لكي يستمروا مدى الحياة ويمنعوا أي تداول للسلطة. والشرط الثاني أن ينزل قادة وكوادر هذه الأحزاب إلى الناس فى كل مكان، ليقدموا لهم برامج حقيقية تقنعهم بالانضمام لهذه الأحزاب.\n غياب التربية السياسية الصحيحة جعل كثير من المواطنين يعتقدون أن عضوية الحزب هي الطريقة المثلى للحصول على مقابل مالي أو وظيفة أو رخصة مخبز بلدي!.\nوالنتيجة أن "حزب الكنبة" صار هو الحزب الأكثر جماهيرية فى مصر، وهو الإسم الساخر لغالبية المصريين الذين عزفوا عن الانضمام إلى أي حزب مكتفين بالجلوس على الكنبة!.\nيفترض أن عضوية الحزب هي عمل تطوعي، والمواطن ينضم لهذا الحزبن ايمانا منه ببرنامجه، ويتحمل في سبيل ذلك دفع اشتراكات منتظمة، وربما التضحية بأشياء كثيرة قد تصل إلى حريته. وبالتالي فهناك مهمة صعبة أمام الأحزاب لكي تقنع المواطنين بهذا المفهوم، الذي يفترض أنه بديهى!!!.\n ما لم تتحرك الأحزاب بجدية من الآن فسوف يتكرر هذا المشهد العبثي الذي رأيناه فى الأيام الأخيرة، فى كل الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ومنها الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2022.\nوإذا حدث ذلك فلا تلوم الأحزاب والقوى السياسية المصرية إلا نفسها. أما الحكومة فعليها أن تفكر ألف مرة، وتؤمن بأن استمرار هذه الحالة غير ممكن، لأن جفاف الحياة السياسية وإصابتها بما يشبه الشلل، واستمرار تقييد حركة الأحزاب المدنية، قد يؤدي إلى عودة المتطرفين فى أي لحظة لا قدر الله، ووقتها سيدفع هي والأحزاب وكل المجتمع ثمنا فادحا، يؤخر انطلاق مصر لمئات السنين.\n* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي مؤسسة DW.

الخبر من المصدر