هل بدأ عرش أنغيلا ميركل بالاهتزاز؟

هل بدأ عرش أنغيلا ميركل بالاهتزاز؟

منذ 6 سنوات

هل بدأ عرش أنغيلا ميركل بالاهتزاز؟

تتعرض المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل التي تتزعم حزبها المحافظ منذ ثمانية عشر عاماً، منها ثلاثة عشر عاماً على رأس الحكومة، لانتقادات لاذعة غير مسبوقة من قبل مسؤولين في الحزب، وذلك بعد أن قدمت "تنازلات مؤلمة" لضمان بقائها على راس الحكومة لولاية رابعة.\nجاءت الانتقادات بعد أن اتفق طرفا الائتلاف الحكومي الكبير على أن يحصل الحزب المسيحي الديمقراطي برئاسة ميركل على كل من حقيبة الدفاع والاقتصاد والزراعة والصحة والتعليم، فيما يحصل الحزب الاشتراكي على ستة حقائب وزارية، بينها الوزارات الثلاثة المهمة وهي الخارجية والمالية والعمل والشؤون الاجتماعية.\nوأخيراً نجحت المستشارة أنغيلا ميركل في مبتغاها: التفاهم مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي حول تشكيل ائتلاف حكومي. لكن السؤال، الذي ما زال معلقاً ويحتاج إلى إجابة، إلى متى ستبقى زعيمة الحزب المسيحي الديمقراطي بمنصب المستشارة. (07.02.2018)\nوحصول الحزب الاشتراكي على هذه الوزارات الهامة، وخاصة وزارة المالية والتي كانت بيد الحزب المسيحي في الولايتين السابقتين لميركل، أثار غضب رفاقها في الحزب، خاصة فئة الاقتصاديين والشباب، حيث اعتبر رئيس المجلس الاقتصادي للحزب فيرنر بالزن أن إعطاء وزارة المالية للحزب الاشتراكي "يلوح بنهاية السياسة القوية لإدارة الميزانية"، كما أكد رئيس اتحاد الشباب في الحزب باول تسيمياك أن قاعدة الحزب من الشباب غير راضية عن الاتفاق.\nواعتبر بعض مسؤولي الحزب أن الاتفاق أثر سلباً على سلطة المستشارة، حيث قال عضو البرلمان الألماني عن الحزب المسيحي الديمقراطي، ميشائيل فون أبركرون، لصحيفة بيلد واسعة الانتشار: "إن سلطة المستشارة لم تهتز داخل الحزب فقط، بل في منصبها كرئيسة للحكومة أيضاً".\nومن النادر سماع انتقادات مباشرة كهذه لزعيمة الحزب من صفوف المحافظين المعروفين باتحادهم خلف زعمائهم.\nووصف الرئيس الأسبق لكتلة الحزب في البرلمان فريدريتش ميرتس ما تم التوصل إليه في الاتفاق بـ"إهانة للحزب" وقال لصحيفة بيلد: "إذا كان الحزب المسيحي الديمقراطي قد قبل بهذا الإذلال، فقد استسلم وتخلى عن مبادئه".\nبل أشار آخرون إلى ضرورة تغيير الأشخاص في قيادة الحزب، ومنهم عضو برلمان برلين عن حزب المستشارة كريستيان كريف والذي طالب بـ "تجديد في المضمون وفي الأشخاص ضمن الحزب".\nوتوقع وزير الزراعة في ولاية بادن-فورتمبيرغ بيتر هاوك، أن يتم تغيير زعيمة الحزب في المستقبل القريب، وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الألمانية: "على المستشارة ميركل أن ترى علامات الزمن، وأن تقوم بانتقال في الفترة التشريعية "، مشيراً إلى أنه يرجو أن يحدث هذا الانتقال "بدون آلام" في السنوات الثلاثة المقبلة.\nإرسال فيسبوكƒ تويتر جوجل + Whatsapp Tumblr Digg Newsvine stumble linkedin\n"يجب أن تفكر ميركل بخليفتها"\nلكن قد لا تستمر ميركل في منصبها هذه السنوات الثلاثة أيضاً، إذ أن مصيرها السياسي سيتضح أكثر بعد إعلان قرار قاعدة الحزب الاشتراكي على الاتفاق الذي وصل إليه الطرفان حول الائتلاف الحكومي الكبير في الرابع من ىذار/مارس.\nوكتب موقع "شبيغل أونلاين" أن الاتفاق على تشكيل الحكومة جعل ميركل "تخسر السلطة في صفوف حزبها"، مضيفاً أنه "يجب على ميركل أن تبذل جهوداً أكثر كيلا تنزلق الأشياء من يديها"، مشيراً في الوقت نفسه إلى ضرورة أن تهتم ميركل بمسألة من سيكون الشخص الذي يخلفها.\nفيما رأت صحيفة دي فيلت أن "المستشارة الألمانية اشترت فترة ولايتها الرابعة بسعر مكلف ـ وليس من أجل مصلحة حزبها."\nوقد أثيرت في وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً موجة من الاستياء من "التنازل" الذي قدمته ميركل للحزب الاشتراكي مقابل بقائها مستشارة. ونشر رولف ف. كاريكاتوراً على تويتر قائلاً فيه: "هدايا للحزب الاشتراكي، وميركل لم تحافظ إلا على نفسها!".\nوحتى المسلمون في ألمانيا والذين رحبت ميركل بمئات الآلاف منهم من خلال سياسة "الأبواب المفتوحة" عند بداية موجة اللجوء، أبدوا خيبة أملهم من الاتفاق الذي وصل إليه الحزبان، حيث أبدى رئيس المجلس الإسلامي في ألمانيا برهان كيسينجي خيبة أمله من عدم ذكر مخاوف المسلمين في ألمانيا في الاتفاق، وأضاف: "هذا أمر مناقض للواقع، ولا يدل على أن هناك اهتمام واضح (بالإسلام) من قبل الدولة".\nكما أبدى رئيس الجمعية الإسلامية "ميلي كوروش" بكر ألتاش خيبة أمله "الشديدة" من الاتفاق، معللاً ذلك بأنه لا يتم فيه ذكر الإسلام إلا ملازماً للتأكيد على الأمن الداخلي، ومضيفاً أن من يقرأ الاتفاق "يعتقد وكأنه يجب على المرء أن يكون لديه خوف من الإسلام".\nالمواقف المتذبذبة لشولتس، من حيث تأكيده على قيادة المعارضة في البداية، ثم قبوله بدخول المفاوضات لتشكيل الحكومة فيما بعد بالرغم من المعارضة الكبيرة لذلك ضمن الحزب، زادت من موجة الاستياء تجاهه، وقد بدى هذا التذبذب واضحاً أكثر عندما أعلن شولتس أنه يمتنع عن تولي منصب وزير الخارجية، بالرغم من أنه كان قد أعلن بعد الوصول للاتفاق أنه ينوى الترشح لهذا المنصب.\nالمواقف المتذبذبة لشولتس أثارت انتقادات لاذعة له، حتى من قبل كبار المسؤولين في حزبه\nوأعلن شولتس في برلين إنه يرى أن النقاش حول شخصه سوف يؤثر على تصويت قاعدة الحزب على مصير الائتلاف مع التحالف المسيحي. وأضاف شولتس:" لذلك أعلن التخلي عن الدخول في الحكومة وآمل في الوقت نفسه وبصورة ملحة أن ينتهي النقاش حول شغل المناصب داخل الحزب الاشتراكي الديمقراطي".\nويواجه شولتس معارضة داخلية شديدة من اتحاد الشباب في الحزب الذي يواصل بقيادة رئيسه كيفن كونرت حملة  "لا للائتلاف الكبير"، مؤكداً أن الائتلاف الكبير سيجعل الحزب الذي انخفضت نسبة أصواته وفقاً لاستطلاعات الرأي إلى 17 بالمئة، يفقد هويته الاشتراكية.\nفي المقابل سيبدأ شولتس وخليفته في رئاسة الحزب أندريا نالس بحملة بعد أسبوع لحث قاعدة الحزب على التصويت بـ"نعم"، لأن موافقة قاعدة الحزب الذي يضم 460 ألف عضو على وثيقة الائتلاف الحكومي شرط أساسي ليضمن الاشتراكي الوزارات التي حصل عليها.\nمصير "ذي  اللحية" سيتضح بعد المؤتمر\nلكن المعارضة الداخلية لشولتس لم تقتصر على الشباب، إذ أن أكبر المسؤولين في الحزب يوجهون انتقادات لاذعة لمواقفه المتذبذبة، وجاءت الانتقادات هذه المرة من رفيقه زيغمارغابرييل الذي كان قد تنازل له عن رئاسة الحزب وعن الترشح لمنصب المستشارية من أجل أن يعين وزيراً للخارجية.\nيواجه شولتس معارضة داخلية شديدة من اتحاد الشباب في الحزب الذي يواصل بقيادة رئيسه كيفن كونرت حملة "لا للائتلاف الكبير"\nحيث كان غابرييل قد هاجم قيادة حزبه، متهماً إياها بعدم احترام الوعود، دون أن يتحدث عن الوعود التي يعنيها، لكنه أشار إلى إعلان شولتس رغبته في أن يكون وزيراً للخارجية في الحكومة الجديدة التي تستعد ميركل لتشكيلها. وأشار غابرييل، الذي احتل المرتبة الأولى في استطلاعات للرأي حول أكثر الشخصيات المحبوبة لدى الألمان، إلى أن مرحلة جديدة بدأت بالنسبة له، مضيفاً أن عائلته فرحة بقرار عدم استمراره بمنصب وزارة الخارجية. وتابع بأن طفلته الصغيرة ماري قالت له بعد إعلان شولتس عن نيته تولي منصب وزارة الخارجية: "لا ينبغي عليك أن تقلق يا أبي، فالآن سيكون لديك المزيد من الوقت لنا. وهذا أفضل من قضائك الوقت مع الرجل ذي اللحية (تقصد مارتن شولتس)".\nلكن امتناع "الرجل ذو اللحية" الذي تقصده ماري عن تولي المنصب زاد من التكهنات حول مصيره، ومصير المستشارة أنغيلا ميركل فيما إذا لم توافق قاعدة الحزب الاشتراكي على تشكيل الائتلاف.\nوحتى وإن وافق أعضاء الحزب الاشتراكي على ذلك، بنسب متقاربة على الأغلب، يرى البعض أن عرش المستشارة الألمانية بدأ يهتز، مع وجود معارضة داخلية غير مسبوقة لبقائها في المنصب داخل الحزب نفسه.\nبعد نجاح منقطع النظير خصوصاً في المجال الاقتصادي، منذ انتخابها مستشارة لألمانيا للمرة الأولى عام 2005، حلمت أنغيلا ميركل بالبقاء مستشارة لألمانيا لولاية رابعة. لكن "أقوى امرأة في العالم" دخلت الانتخابات الجديدة في 24 سبتمبر/ أيلول 2017، وهي في موقف صعب بسبب سياسة "الباب المفتوح"، التي طبقتها في مواجهة موجة اللجوء الكبرى في عام 2015.\nكان حلفاؤها في "الحزب المسيحي الاجتماعي"( البافاري) يطالبون بوضع "حد أعلى" لعدد اللاجئين الذين يمكن أن تستقبلهم ألمانيا سنوياً، لكن ميركل لم تتراجع عن توجهها. ولذلك برز سخط لدى شرائح عريضة من المواطنين، خصوصاً في شرق البلاد. والنتيجة هي صعود "حزب البديل" اليميني الشعبوي للبرلمان الألماني كثالث قوة، في سابقة لم تحدث منذ الحرب العالمية الثانية.\nورغم أن الاتحاد المسيحي بحزبيه الديمقراطي بقيادة ميركل والبافاري بقيادة زيهوفر، فاز في الانتخابات بالحصول على 32 في المائة من أصوات الناخبين، إلا أنه كانت تعد أسوأ نتيجة لتحالف المسيحي، منذ عام 1949. لكن حليفهما في الحكم، الحزب الاشتراكي، سجل أكبر خسارة في تاريخه بالحصول على 20.5 في المائة. وقرر الحزب الجلوس في مقاعد المعارضة بدلاً من مواصلة التحالف مع ميركل.\nولهذا اتجهت ميركل للتفاوض مع "حزب الخضر" والحزب الديمقراطي الحر" (الليبرالي) لتشكيل ما يعرف بـ"ائتلاف جامايكا". ورغم الاختلاف "الأيديولوجي" بين الأحزاب الأربعة إلا أنه كانت هناك آمال معلقة على التقارب وتقديم تنازلات بعد أربعة أسابيع من المفاوضات الشاقة. غير أن الحزب الليبرالي انسحب مع الساعة الأولى من صباح الإثنين (20 نوفمبر/ تشرين الثاني).\nتراجع الاشتراكيون عن موقفهم وقبلوا بالدخول في مفاوضات. وبعد محادثات صعبة جدا وتنازلات مؤلمة، نجحت ميركل في الوصول بمفاوضات تشكيل الائتلاف الحكومي إلى بر الأمان. وبهذا ستبقى ميركل على الأرجح مستشارة لألمانيا، لتكون الولاية الرابعة لها، ما لم تحدث مفاجأة. حيث يجب أن يصوت أعضاء الحزب الاشتراكي على اتفاقية الائتلاف الحكومي. وينتظر أن ينتهي التصويت مطلع آذار/مارس القادم. (صلاح شرارة)

الخبر من المصدر