الكون: منذ الانفجار العظيم حتى الآن في عشر خطوات 

الكون: منذ الانفجار العظيم حتى الآن في عشر خطوات 

منذ 6 سنوات

الكون: منذ الانفجار العظيم حتى الآن في عشر خطوات 

إن النظرية المقبولة على نطاقٍ واسعٍ عن أصل الكون وتطوره هي نظرية الانفجار العظيم التي تقول بأن الكون بدأ من نقطةٍ كثيفةٍ وحارةٍ جدًّا منذ ما يقارب 13.7 مليار سنةٍ، إذن كيف بدأ الكون من مجرد أجزاءٍ من إنش (بضعة ميليمترات) إلى ما هو اليوم؟\nهنا سنجد تحليلًا للانفجار العظيم منذ وقوعه وحتى الآن في عشر خطوات سهلة الفهم.\nلقد استغرق الكون أكثر من سبعة أيام بقليل حتى يُخلَقَ ويصبح كما نعرفه اليوم، وموقع SPACE.com يبحث في أسرار السماوات في سلسلتنا المكونة من ثمانية أجزاء (The History & Future of the Cosmos)، وهذا هو الجزء الثالث منها.\nالخطوة الأولى: كيف بدأ كلّ هذا\nلم يكن الانفجار العظيم انفجارًا في الفضاء كما يوحي اسم النظرية، بل كان ظهور الفضاء في كلّ مكانٍ في الكون، على حدّ قول الباحثين. ووفقًا لنظرية الانفجار العظيم فإن بداية الكون كانت من نقطةٍ واحدةٍ في الفضاء ذات كثافةٍ وحرارةٍ شديدتين جدًّا.\nليس علماء الفلك على يقينٍ مما حصل قبل هذه اللحظة، ولكنهم مع بعثات الفضاء المتطورة والتلسكوبات الأرضية والحسابات المعقدة ما زالوا يعملون على رسم صورةٍ أوضح لبداية الكون وتشكله.\nويأتي الدور الأساسي في هذه الاكتشافات إلى عمليات رصد إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، والذي يحتوي وهج الضوء والإشعاع المتبقي من الانفجار العظيم. تسود بقايا الانفجار العظيم الكون، وهي مرئيةٌ لأجهزة كشف الموجات الدقيقة، فتسمح للعلماء بربط أدلة بداية الكون مع بعضها البعض. \nأطلقت ناسا في عام 2001 مهمة مسبار ويلكنسون للأمواج الميكروية متعدد الخواص Wilkinson Microwave Anisotropy Probe (WMAP) لدراسة الشروط كما وُجِدَت في بداية الكون عبر قياس الإشعاعات الصادرة عن الخلفية الميكروية، ومن خلال الكثير من الاكتشافات، استطاعت بعثة WMAP تحديد عمر الكون بـ 13.7 مليار سنةٍ.\nعندما كان الكون حديثًا جدًّا وعمره مئة جزءٍ من مليارٍ من تريليون من تريليون من الثانية (يا للعجب!)، خضع لطفرةٍ ولاديةٍ مذهلةٍ، وخلال الانفجار المتمدد هذا (والذي يُعرَفُ بالتضخم) كبُرَ الكون بشكلٍ هائلٍ وتضاعف حجمه 90 مرةً على الأقل.\nيقول ديفيد سبيرغل David Spergel عالم الفيزياء الفلكية النظرية في جامعة برنستون في برنستون نيوجيرسي لموقع SPACE.com: "كان الكون يتمدد، وبتمدده بدأ يبرد ويصبح أقل كثافةً".\nاستمر الكون في النمو بعد التضخم ولكن بمعدلٍ أبطأ، وبينما توسع الفضاء برد الكون وتشكلت المادة.\nنشأت العناصر الكيميائية الخفيفة خلال الدقائق الثلاث الأولى من تشكل الكون، وبتمدد الكون انخفضت درجة الحرارة، واصطدمت البروتونات بالنترونات لتكوّن الديتيريوم وهو نظيرٌ مشعٌ للهيدروجين، ثم اتحد الكثير من الديتيريوم ليُشكل الهيليوم.\nوفي السنوات الـ 380 ألفًا بعد الانفجار العظيم جعلت حرارة تشكل الكون الشديدة الجو حارًا جدًّا بحيث لا يسمح للضوء بأن يشع، واصطدمت الذرات ببعضها بقوةٍ كافيةٍ لتتجزأ إلى بلازما كثيفةٍ ومبهمةٍ من البروتونات والنترونات والإلكترونات التي بعثرت الضوء كالضباب.\nبعد نحو 380 ألف سنةٍ من الانفجار العظيم تبرّدت المادة بشكلٍ كافٍ لكي تتحد الإلكترونات بالنوى وتشكل الذرات المتعادلة كهربائيًا.\nتُعرَفُ هذه المرحلة بـ "إعادة التجميع"، حيث سبّب امتصاص الإلكترونات الحرة شفافية الكون. ويمكن الكشف عن هذا الضوء المتحرر اليوم على شكل إشعاع الخلفية الكونية الميكروي. ولكن، تلا عصر إعادة التجميع فترة ظلامٍ قبل تشكل النجوم والأجرام المضيئة الأخرى.\nبعد 400 مليون سنةٍ تقريبًا بعد الانفجار العظيم، بدأ الكون بالخروج من عصر ظلماته، حيث تُسمّى هذه المرحلة من تطور الكون بـ "عصر إعادة التأين".\nيُعتقد أن هذه الفترة النشيطة استمرت أكثر من نصف مليار سنةٍ، ولكن وفقًا لعمليات رصدٍ حديثةٍ يعتقد العلماء أن إعادة التأين ربما حدثت بسرعةٍ أكبر مما اعتُقِد في السابق. وفي هذه الأثناء، تداعت كتل الغاز حتى شكلت المجرات والنجوم الأولى، وقد أزال ضوء الأشعة فوق البنفسجية المنبعث من هذه الأحداث الطاقية معظم غاز الهيدروجين المحيط المتعادل كهربائيًا وخرّبه.\nنتج عن عملية إعادة التأين وإزالة غاز الهيدروجين الضبابي أن أصبح الكون شفافًا لضوء الأشعة فوق البنفسجية للمرة الأولى.\nنقّب علماء الكون باحثين عن أبعد المجرات وأقدمها لمساعدتهم على فهم خصائص الكون المبكر، وبشكلٍ مماثلٍ يستطيع الفلكيون الآن العمل بالرجوع بالوقت لربط الأحداث التي حدثت مسبقًا ببعضها، وذلك عبر دراسة خلفية الإشعاع الكوني الميكروي.\nإذ تساعد بياناتٌ من بعثاتٍ أقدم مثل بعثة WMAP، ومستكشف الخلفية الكونية COBE الذي أُطلِقَ عام 1989، وبعثاتٍ لا تزال حيز التنفيذ كتلسكوب هابل الفضائي الذي أُطلِقَ عام 1990 العلماءَ على محاولة حلّ الأسرار المستمرة والإجابة عن أكثر الأسئلة المطروحة جدلًا في علم الكون.\nيُقدّر زمن ولادة نظامنا الشمسي بـ 9 مليارات سنةٍ بعد الانفجار العظيم، ما يجعل عمره 4.6 مليار سنةٍ. ووفقًا للتقديرات الحالية، تُعتبر الشمس واحدةً من 100 مليار نجمٍ في مجرتنا درب التبانة لوحدها، وتدور على بعد 25 ألف سنةٍ ضوئيةٍ عن مركز المجرة.\nيعتقد العديد من العلماء أن الشمس وبقية نظامنا الشمسي تشكلوا من غيمةٍ عملاقةٍ ودوارةٍ مكونةٍ من الغبار والغاز، تُعرف أيضًا بالسديم الشمسي، وحين سببت الجاذبية انهيار السديم، بدأ يدور بشكلٍ أسرع وتسطح ليأخذ شكل قرصٍ.\nسُحبت في هذه المرحلة معظم المواد نحو المركز لتشكل الشمس.\nفي ستينيات وسبعينيات القرن الماضي بدأ العلماء بالاعتقاد بأن هناك مواد في الكون أكثر مما هو مرئيٌّ، حيث إن عالمة الفلك في معهد كارنيجي في واشنطن (فيرا روبن Vera Rubin) راقبت سرعات النجوم في مواقع مختلفةٍ من المجرات.\nتنص الفيزياء النيوتونية الأساسية على أن النجوم التي تقع على أطراف المجرة تدور بسرعةٍ أقل من سرعة النجوم في المركز، لكن روبن لم تجد فرقًا في سرعات النجوم الأبعد، حتى أنها في الحقيقة اكتشفت أن كلّ نجوم المجرة تدور حول المركز بالسرعة ذاتها مع فروقاتٍ بسيطةٍ.\nأصبحت تُعرَفُ هذه المادة الغامضة وغير المرئية بالمادة المظلمة، وعُرفت المادة المظلمة بالاستدلال بسبب الجذب الثقالي الذي تطبقه على المادة النظامية. وتفترض إحدى الفرضيات أن المواد الغامضة (المادة المظلمة) ربما تشكلت من جزيئاتٍ غريبةٍ لا تتفاعل مع الضوء أو المادة الطبيعية، ولهذا السبب صعُبَ الكشف عنها.\nكما يُعتقد أن المادة المظلمة تشكل 23 بالمئة من الكون، بينما تشكل المادة الطبيعية 4 بالمئة فقط من الكون وهي تشمل النجوم، والكواكب، والبشر.\nأنجز عالم الفلك إدوين هابل في عشرينيات القرن الماضي اكتشافًا ثوريًّا يتعلق بالكون، وذلك باستخدام تلسكوب حديث البناء على مرصد جبل ويلسون في لوس أنجلوس، حيث أثبت هابل أن الكون ليس ثابتًا وإنما متمدد.\nبعد ذلك بعقودٍ، وفي عام 1998، درس التلسكوب الفضائي ذو النتائج الغزيرة والمُسمّى على اسم العالم الشهير (تلسكوب هابل الفضائي) مستعراتٍ عظمى بعيدةً (السوبرنوفا)، ووجد أن الكون منذ زمنٍ طويلٍ كان يتمدد بشكلٍ أبطأ مما يفعل الآن، وهذا الاكتشاف كان مفاجِئًا فالمعتقد ولوقتٍ طويلٍ بأن جاذبية مادة الكون ستُبطِئ من تمدده أو حتى تسبب تقلصه.\nيُعتقد أن الطاقة المظلمة هي القوة الغريبة التي تزيد في تباعد مكونات الكون عن بعضها بسرعاتٍ متزايدةٍ باستمرارٍ لكنها تبقى غير محددةٍ ويكتنفها الغموض.\nإن وجود هذه الطاقة بعيدة المنال، التي يُعتقد أنها تشكل 73 بالمئة من الكون، هو واحدٌ من أكثر مواضيع النقاش الحارة جدلًا في علم الكون.\nبكلّ ما اكتُشِفَ عن بداية الكون وتطوره، تبقى هناك أسئلةٌ مستمرةٌ لا أجوبةً عنها، حيث تبقى المادة المظلمة والطاقة المظلمة من أكثر الأسرار المتبقية غموضًا، لكن لا يزال علماء الكون يسبرون الكون على أمل فهمٍ أفضل عن كيفية بدايته.\nلقد استغرقت عملية خلق الكون أكثر من سبعة أيام بقليل ليصبح كما نعرفه اليوم، وموقع SPACE.com يبحث في أسرار السموات في سلسلتنا المكونة من ثمانية أجزاء (The History & Future of the Cosmos)، وهذا هو الجزء الثالث منها.

الخبر من المصدر