امسك فساد (3)

امسك فساد (3)

منذ 6 سنوات

امسك فساد (3)

تحدثنا في الأعداد السابقة من سلسلة "إمسك فساد" عن الفساد الإداري، وتطرقنا إلى مؤشر قياس الفساد العالمي، وكيف يمكن أن يؤثر هذا المؤشر على تدفق الاستثمارات إلى الدول التي شملها التقرير، ومن ثم يؤثر بلا شك على عجلة التنمية الاقتصادية في مختلف دول العالم.\nووعدنا أن نحلل المبررات التي استند إليها التقرير في تقييمه لمصر، والتي بموجبها تم تراجع مؤشر الفساد درجتين، ليستقر عند 34 درجة من 100 عام 2017 مقارنةً بالتقدير 36 عام 2016، وبذلك احتلت مصر المرتبة رقم 108، وبناءً عليه فقد أعلن التقرير أن مصر من الدول التي يتوغل فيها الفساد.\nوأرجع التقرير تلك الأسانيد التي اعتمد عليها في تقييم درجة توغل الفساد في مصر إلى عدة نقاط؛ شملت؛ غياب الإرادة السياسية المعنية بمحاربة الفساد، فارتكز التقرير في تلك النقطة على إقالة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات السابق بقرار رئاسي، بالإضافة إلى عدم وجود حرية للصحافة والإعلام، وعدم استقلال القضاء.\nتلك النقاط التي تم الاستناد إليها واعتبارها مبررات لتراجع مؤشر الفساد في مصر، في رأيي الشخصي ما هي إلا سراب، لا أساس لها من الصحة، كيف؟\nفهذا ما سنتناوله بالتحليل من خلال عددٍ من المقالات، والتي سنبدأها بالتناول من خلال هذا المقال، والذي سيركز على نقد المبرر الأول.\nفقد رأى التقرير أن تراجع مؤشر الفساد في مصر رجع إلى غياب الإرداة السياسية المعنية بمحاربة الفساد واتخذ هذا السبب ذريعة أولى كما أشرنا.\nففي تلك النقطة تحديدًا أغفل التقرير جهود الرقابة الإدارية في الكشف عن قضايا الفساد في الجهاز الإداري للدولة، والتي بلغ عددها حوالي 40 ألف حالة خلال الفترة 1 يوليو 2014 وحتى 30 يونيو 2017، والتي استطاعت أن توفر على موازنة الدولة ما يقرب من 20 مليار جنيه، كان يمكن استنزافها لولا تلك الجهود.\nفكيف يتعمد التقرير إغفال الإرادة السياسية الواضحة في هذا الشأن؟، والتي اتخذت محاربة الفساد طريقًا لا رجعة فيه، ولم يسلم من بطشها وزير أو غفير، وجاء ليتحدث بعكسها.\nمش كدة وبس، لأه ده كمان استند إلى إقالة أحد المسئولين بزعم أنه قد أعلن عن الحجم الحقيقي للفساد!!!\nتلك النقطة بمفردها تحتاج إلى العديد من التساؤلات، أولها، كيف لمسئول حكومي أن يخاطب جهة أجنبية ليخبرها بمعلومات داخلية دون أن يعود إلى السلطات الأعلى منه؟ فهل أراد هذا المسئول الإصلاح أم مجرد الإفصاح؟ أم ماذا أراد من تلك البيانات؟ ولماذا لم يعد أولًا إلى الجهات المختصة داخل مصر إذا أراد حقيقة الإصلاح كما هو مزعوم، فتلك الجهات يعلم طريقها الجميع، بدءًا من أصغر موظف وحتى أكبر السلطات بدلًا من مخاطبة الجهات الخارجية والتشهير بسمعة مصر؟\nالأمر الأخير الذي أود الإشارة إليه في تلك النقطة، وهو أن أمر إقالة المسئولين، أو تغيير قيادات الدولة، هو أمر داخلي، ومن المفترض أنه لا يعتد به في التوجهات الخارجية للدولة، فكيف لتقرير دولي، أن يستند إليه، بل ويتعمد إغفال الإجراءات الرسمية التي تم اتخاذها بالفعل في ذلك الشأن؟\nولنا في نقد مبررات تقرير الفساد، حديث آخر.

الخبر من المصدر