سكان الرقة يستعيدون أيام ما قبل الحرب في مطعم للفلافل وسط الدمار

سكان الرقة يستعيدون أيام ما قبل الحرب في مطعم للفلافل وسط الدمار

منذ 6 سنوات

سكان الرقة يستعيدون أيام ما قبل الحرب في مطعم للفلافل وسط الدمار

قوات سورية مدعومة أميركيًا تسيطر على نصف الرقة\nالرقة: قرب حديقة تحولت ركاماً وفي الطابق السفلي لمبنى تصدعت واجهته بالكامل، ينهمك عمار في إعداد سندويشات الفلافل الساخنة تلبية لطلبات زبائنه من رجال ونساء عادوا الى مدينتهم الرقة السورية رغم الدمار الكبير وغياب الخدمات الرئيسية.\nطوال ساعات النهار، تتوقف سيارات ودراجات نارية أمام محل "فلافل الملك" الصغير في وسط المدينة، المعقل السابق الأبرز لتنظيم الدولة الاسلامية في سوريا، وينتظر أصحابها تلبية طلباتهم. وأمام المطعم، يلتهم عمال بسرعة السندويشات قبل أن ينصرفوا الى أعمالهم في رفع الركام أو ترميم المنازل التي دمرتها المعارك.\nفور نضوج أقراص الفلافل داخل قدر من الزيت المغلي، يأخذ مالك المحل عمار قصاب (33 عاماً) عدداً منها ويمدها فوق رغيف من الخبز قبل أن يضيف إليها الخضار وصلصة "الطرطور".\nويقول قصاب لوكالة فرانس برس "أعدنا افتتاح المطعم منذ قرابة 15 يوماً. فلافل الملك معروفة هنا، مطعمنا موجود منذ 40 عاماً (...) وكنا نقدم فيه قبل الأحداث (معارك الرقة) الفتة والفول" أيضاً.\nوشهدت الرقة العام الماضي معارك عنيفة امتدت أربعة أشهر، انتهت بطرد قوات سوريا الديموقراطية، المؤلفة من فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، تنظيم الدولة الاسلامية من المدينة بعدما كان قد سيطر عليها في العام 2014.\nويبدي قصاب ذو الذقن السوداء الخفيفة تفاؤله مع "بدء الناس العودة إلى المدينة لتعيد اعمار منازلها وتنظفها".\nويقول أثناء عمله مع موظفين اثنين من دون توقف إن الكثيرين يفضلون "شراء السندويشات لأنها أوفر من الطبخ خصوصاً أن منازل الغالبية (من السكان) مدمرة".\nويبيع المطعم يومياً "1200 سندويش فلافل" وفق قصاب الذي يعرب عن سعادته لعودة حركة المبيع تدريجياً إلى "سابق عهدها".\nمنذ استعادة قوات سوريا الديموقراطية السيطرة على مدينة الرقة في 17 تشرين الأول/أكتوبر، عاد مئات المدنيين إلى الأحياء الواقعة على أطرافها، وأبرزها حي المشلب، بخلاف وسط المدينة الذي لا يزال شبه خال.\nأمام المطعم المطل على حديقة الرشيد، الخالية من الأشجار والزهور، يجلس عيسى أحمد حسن (53 عاماً) لتناول وجبته وعلى الطاولة قربه صحن من البصل الأخضر والمخللات.\nينظر الى الحديقة والمحال المجاورة التي باتت ركاماً بعدما كانت مخصصة لبيع الملابس، ويقول لفرانس برس "أتي إلى هذا المطعم منذ كان عمري عشر سنوات. كنا نأتي دائماً مع العائلة إلى الحديقة ونتناول الفلافل".\nعلى طاولة مجاورة، تقول شابة تغطي رأسها بحجاب زهري وهي تبتسم "سعيدة لأنني موجودة هنا وأتناول الفلافل مع أمي، أحب الرقة كثيراً".\nوخلفت معارك الرقة دماراً كبيراً جعل من الصعب التعرف على معالمها. وتعد المناطق الواقعة على أطراف المدينة التي استعادتها قوات سوريا الديموقراطية عند بدء الهجوم، أفضل حالاً من وسط المدينة حيث تحولت أحياء بكاملها الى ركام.\nلم يعد ممكناً في وسط المدينة التمييز جراء حجم الدمار بين منزل أو متجر. ويتكرر في المدينة رؤية سكان يجلسون على كنبات أو مقاعد وضعوها أمام منازلهم التي سويت بالأرض.\nفي المدينة القديمة، ينتهي عبد الستار العبيد (39 عاماً) من تحطيم أجزاء من سقف منزله المنهار، قبل أن ينصرف الى بناء سور المنزل.\nويقول لفرانس برس "وجدت البيت مجرد خراب (...) وبلغ ارتفاع الركام مترين"، مضيفاً "خاطرت بنفسي وبدأت التنظيف من دون التحقق حتى من (وجود) الألغام، باشرنا العمل لأننا نريد أن نسكن فيه".\nيبدي الرجل غضبه نتيجة بطء ازالة الركام من المدينة، عملية تندرج في اطار مهمات مجلس الرقة المدني، لكونه الجهة المسؤولة عن ملف اعادة الاعمار.\nويوضح "لا يوجد مياه ولا خدمات، نريد أولاً تنظيف الشوارع من الركام، وثانياً مياه الشرب لنعيش".\nعلى بعد مئات الأمتار، تروي ايمان الفرج (40 عاماً)، أم لثمانية أولاد، كيف عادت قبل 20 يوماً ولم تجد من منزلها إلا غرفة واحدة.\nوتتساءل بغضب بينما تقف مع جاراتها في باحة المنزل "انظروا الى بيوتنا، كلها مدمرة. من يملك النقود لاعادة البناء؟ من بيت كامل لم يبق لي سوى غرفة واحدة، قمت باصلاحها ووضعت لها باباً وها نحن نسكن فيها".\nومع انعدام الخدمات الرئيسية من مياه وكهرباء، يضطر الأهالي لتدبير أمورهم بما توفر، كالاعتماد على خزانات عامة قليلة لتوزيع المياه والاشتراك في المولدات الكهربائية.\nوتقول الفرج "ندفع ألف ليرة سورية للحصول على أمبير واحد. لا يمكننا العيش في الظلام".\nفي أحياء الرقة، تمر شاحنات صغيرة تنقل الحجارة والاسمنت للبناء، بينما ينتظر الأهالي في طابور طويل أمام أفران عاودت فتح أبوابها.\nقرب سور الرافقة الأثري في المدينة القديمة، يبيع محمد العمر (25 عاماً) قوارير الغاز وعبوات بلاستيكية مملوءة بالمازوت. ويشرح "من يملك النقود يشتري المازوت، ومن لا يملكها يشعل الحطب، ومن لا يملك الحطب يشعل الفراش المصنوع من الاسفنج أو حتى فرش المنزل".\nفي مكان قريب، يقف اسماعيل عمر (45 عاماً) وينظر من بعيد إلى منزله المدمر ويقول "نحن أكبر الخاسرين في هذه الحرب. لم يبق لنا سوى الدمار والألغام والجوع والفقر".\nويضيف باللهجة المحكية "اللي راح ما عاد يرجع".

الخبر من المصدر