الواقع الذى فهمه شفيق

الواقع الذى فهمه شفيق

منذ 6 سنوات

الواقع الذى فهمه شفيق

فى منتصف يونيو 2013 غادر الفريق متقاعد أحمد شفيق القاهرة إلى السعودية لأداء العمرة، ومنها للإمارات بعد يوم واحد من خسارته الانتخابات الرئاسية أمام مرشح جماعة الإخوان محمد مرسى بأقل من واحد فى المائة.\nالرجل ذهب إلى الإمارات وليس للسعودية، وظل هناك حتى أعلن من أبوظبى، وعبر فيديو بثته وكالة رويترز يوم 29 نوفمبر الماضى، أنه ينوى الترشح للرئاسة، وبعدها بثلاثة أيام عاد للقاهرة يوم السبت الثانى من ديسمبر الماضى.\nثم أعلن رسميا يوم الأحد الماضى أنه لن يترشح للرئاسة، لأنه لا يرى فى نفسه الشخص المؤهل لقيادة مصر فى المرحلة المقبلة.\nالسؤال الذى يشغل الجميع هو ما الذى حدث ما بين 29 نوفمبر حينما أعلن الترشح، و7 يناير حينما قرر الانسحاب؟!\nخصوم النظام يصرون على أن هناك قوة قاهرة أرغمت شفيق على سحب ترشحه، بل وإعادته بالقوة لمصر، رغم أن الرجل نفى ذلك بأكثر من طريقة، وأنصار الحكومة يقولون إن الرجل اتخذ قراره بعد أن اطلع على الحقيقة على أرض الواقع.\nوبما أننى لا أملك معلومات مؤكدة تؤكد ذلك أو تنفى ذاك، وبما إن غالبية الناس قد أفتت فى الموضوع بعلم وغير علم، فإننى سوف أحاول تناول الموضوع من زاوية مختلفة.\nظنى الشخصى أن جزءا كبيرا من الموضوع يرجع إلى تركيبة الفريق شفيق، وإلى المحيطين به، والذين التقوه طوال السنوات الأربع الماضية فى الإمارات.\nمبدئيا وقبل الدخول فى التفاصيل، فإننى أعتقد أن المناخ السياسى المأزوم وشبه المغلق، لم يكن يسمح للفريق شفيق بالترشح، ولو ترشح فتقديرى أنه لم يكن قادرا على كسب المعركة، بل أداء معركة مشرفة، لكنها لن تصل إلى مستوى 2012. الرجل عاش فى «عزلة شعورية» منذ مغادرته مصر وظل يعتقد أن الـ12 مليون شخص الذين صوتوا له فى الانتخابات ضد محمد مرسى مايزالون ينتظرون عودته.\nويتحمل الذين قالوا له إنهم أصحابه وأنصاره جانبا كبيرا من تكوين هذ الصورة، حيث زينوا له أن «الدنيا ربيع والجو بديع»، ولم يخبروه بأمانة أن الدنيا بأكملها قد تغيرت، فى كل الاتجاهات. صحيح أن أنصاره ما يزالون يحفظون له الجميل لتصديه للإخوان ومنافسته القوية فى الانتخابات، لكن بعد 30 يونيو صار هناك واقعا جديدا تماما، وصار غالبية هؤلاء الأنصار جزءا من النظام الجديد.\nالخطأ الكبير الذى وقع فيه الفريق شفيق، أنه لم يقرأ المشهد جيدا قبل إعلان نيته الترشح. لم يلاحظ أن غالبية وكوادر حزبه وأشد المناصرين له باعوه فى أول محطة.\nالذين كانوا يلتقوه فى الإمارات ويتحدثون معه عن واقع افتراضى غير موجود، هم أول من طعنوه وهاجموه وانتقدوه بطريقة غير إنسانية.\nمرة أخرى أخطأت الحكومة مرارا فى السنوات الأربع الماضية، حينما لم تتواصل مع الفريق شفيق وتحتويه وتعيده إلى البلاد بصورة عادية، بدلا من الطريقة التى تمت وأساءت إلى الجميع، وأعطت كثيرا من المعارضين الفرصة للغمز واللمز.\nفى اللحظة التى عاد فيها شفيق للقاهرة، وجلس مع من جلس معهم، بدأ يدرك حقائق المشهد وموازين القوة المختلفة، وأن مصر 2013 قد تغيرت تماما عن مصر الآن. الذين جلسوا معه لم يكونوا كلهم من الحكومة وأجهزتها، بل من أصدقاء ومحبين.\nخرج الرجل من الفندق وتجول قليلا فى أحد الأفراح وزار الكاتدرائية ومر ببعض الشوارع، وشاهد وسائل الإعلام، وقرأ الصحف، جيدا وأدرك أن المشهد قد تغير. وان الانتخابات ليست فقط إجراءات وتصويت فى لجان بل مناخ عام، يشمل أشياء كثيرة منها مثلا التحديات الاقتصادية والأمنية والعلاقات مع المحيط والقوى الكبرى.\nخلاصة المشهد الذى شاهده شفيق خلال الشهر الذى قضاه فى فندق جى دبليوماريوت بالتجمع الخامس، هو أنه لن يكون مهيئا فعلا لخوض الانتخابات، ناهيك عن المنافسة الجادة وحكم البلاد.\nكنت أتمنى فعلا أن يكون هناك مرشحون أقوياء كثيرين بما فيهم الفريق شفيق، حتى لا تتحول المعركة إلى استفتاء.\nلكن التمنى شىء والواقع شىء آخر، وهو الأمر الذى يبدو أن الفريق شفيق فهمه جيدا.

الخبر من المصدر