مستقبل أكراد العراق ليس في بغداد

مستقبل أكراد العراق ليس في بغداد

منذ 6 سنوات

مستقبل أكراد العراق ليس في بغداد

فشل مشروع الانفصال الكردي عن العراق بالرغم من أن الاستفتاء الذي أجري من أجل ذلك الانفصال كان ساحقا بنتائجه التي لا تميل إلى أن تبقى كردستان جزءا من العراق.\nالغريب أن مسعود البارزاني، وهو داعية الانفصال، قد اعتكف بما يوحي باعترافه بالهزيمة، وهو أمر مشكوك فيه، ذلك لأن الرجل يمتلك من التاريخ النضالي القومي ومن العلاقات الدولية ما يؤهله لإجراء الكثير من المناورات في مواجهة تعنّت حكومة بغداد التي يعرف مدى هشاشتها.\nمن وجهة نظري فإن البارزاني لم يستسلم بشكل نهائي. لقد قرر الرجل أن يعتكف في انتظار ما يمكن أن يفعله خصومه من الأكراد على مستوى حلّ مشكلات الإقليم مع بغداد في ما يتعلق بالجانب الاقتصادي.\nفما هو لافت أن الأكراد يتفاوضون اليوم مع بغداد اقتصاديا، ولا يتطرقون إلى المسائل السياسية. وهو ما يدفع بغداد إلى أن تتخذ موقف الحيطة والحذر. هناك من يحاول حلبها من غير أن يهبها ما يؤكد هيمنتها على كل أراضي العراق. وهو أمر سيكون من الصعب الوصول إليه في ظل دستور ملتبس.\nتتمنى حكومة الشيعة في بغداد أن تتخلص من شبح البارزاني. ذلك لأنه كان واحدا من أهم عرابي وجودها، المؤتمنين على أسرارها. في المقابل فإن المفاوضين الأكراد يرغبون هم أيضا في إنهاء أسطورة عائلة البارزاني المشتبكة بمصير الأكراد.\nغير أن الطرفين يدركان في الوقت نفسه أن للتاريخ سطوته، وأن البارزاني وقبيلته هما الرقم الصعب إذا ما تعلق الأمر بالمسألة الكردية. ما يعرفه الأكراد عن قضيتهم يمكن تلخيصه في كفاح، صار بمثابة وصيّة عائلية.\nوكما أرى فإن بغداد لا تزال عينها على البارزاني. صحيح أنها فرحة في التفاوض مع خصومه، غير أنها تعرف أنها لن تحصد رضا الشعب الكردي من خلال أولئك الخصوم.\nفي المقابل فإن الذاهبين من الأكراد إلى بغداد بحماسة مَن يثأر لنفسه لا يمكنهم أن يتحركوا بعيدا عن المعادلات التي وضعها الزعيم الكردي المعتكف. بالنسبة للجميع لم يكن قرار الانفصال من خلال الاستفتاء انتحاريا. كان هناك خلاف على التوقيت ليس إلا.\nهل علينا أن نصدق أن برهم صالح وهو الذي يطمح في أن يكون رئيسا للعراق لم يكن انفصاليا؟ أنا على يقين من أن الرجل الذي تعلم جيدا كيف تُدار العلاقات السياسية في الولايات المتحدة وهو المدعوم منها لن يستعرض مهارته في التفاوض كما لو أن مسعود صار جثة.\nهناك قيم يحترمها الأكراد في التعامل في ما بينهم. وهي قيم تتعالى على الخلاف السياسي المؤقت. القضية الكردية بالنسبة لجميع الأطراف هي قضية مصير ولا تخضع للخلافات السياسية المؤقتة.\nقد تسعى بغداد إلى استمالة عدد من الزعماء الأكراد، ممن تعتقد أن خلافاتهم مع البارزاني ستؤدي إلى فتح الطريق أمام نوع جديد من العلاقة بين الإقليم والمركز.\nعلاقة قائمة على أساس العودة إلى مرحلة ما قبل الاستقلال الضمني. وهو مسعى سيصطدم بتماسك الموقف الكردي غير المنظور. ذلك التماسك العابر للخلافات. فمهما تكون الخلافات الكردية – الكردية عميقة فإنها لن تؤدي إلى تهشيم حلم إقامة الدولة الكردية المستقلة.\nتلك حقيقة يعرفها حكام بغداد لذلك نراهم يماطلون في فتح الملف الاقتصادي كاملا من غير النظر إلى الملف السياسي الذي يحرص الأكراد على الإبقاء عليه مغلقا وغامضا. الطرفان في مفاوضاتهما العسيرة يقدمان خطوة ويؤخران أخرى.\nما يقدمه الطرف الكردي من تنازلات لا يمس صلب القضية الكردية، وهو ما يجعل حكومة بغداد مسكونة بقلق ألا تؤدي تنازلاتها إلى شيء يُذكر على مستوى إعادة الأكراد إلى بيت الطاعة.\nفاروق يوسف - العرب اللندينه 

الخبر من المصدر