التصويت للقدس

التصويت للقدس

منذ 6 سنوات

التصويت للقدس

يخطئ من يظن أن قضية القدس قد انتهت بعد الفيتو الأمريكي، فمن خلال قراءة بسيطة في التصويت الذي قادته الدبلوماسية المصرية في مجلس الأمن ثم الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد قرار الرئيس الأمريكي ترامب باعتبار القدس عاصمة دولة إسرائيل والذي أسفر بشكل عام عن 128 دولة صوتت ضد القرار الأمريكي، مقابل 9 دول صوتت تأييدا لقرار، و35 دولة بين امتنعت وغابت عن التصويت، ورغم أن تصويت الأمم المتحدة على قرار ليس له تأثيرا على قرار الرئيس الأمريكي، إلا أن هذه الكتلة التصويتية الضخمة ضد القرار الأمريكي، كفيلة بإحراج السياسة الخارجية الأمريكية والتأثير بشكل مباشر على دور الوساطة الذي تحاول أن تقوم به في عملية السلام، ليس في الشرق الأوسط فقط، ولكن في العالم أجمع، وما زاد من هذا التأثر السلبي هو التهديد المباشر والصريح الذي صدر عن سياسيين أمريكيين بوقف المعونات والمساعدات التي تقدمها ضد أي دولة ستصوت ضد القرار.\nوعلى الرغم من كل التهديدات التي تعرضت لها الدولة المصرية إلا أنها قررت أن تخوض معركة للتاريخ بكل شفافية وشرف وكرامة للقضية الفلسطينية والمنطقة العربية بالكامل، ولكن بالرجوع إلى نتائج التصويت نجد أن 35 دولة إفريقية صوتت ضد القرار الأمريكي، ودعما لحق الفلسطينيين في تقرير المصير وتأسيس دولتهم وعاصمتها القدس، ووقفت جنوب إفريقيا وإثيوبيا ونيجيريا جنبا إلى جنب مع جمهورية مصر العربية ضد وجه الغطرسة الأمريكية، ودعم الموقف العربي.\nدلالة هذا الموقف شديدة الإيجابية ومبشرة وتعبر أن الدول الكبرى في إفريقيا لا تزال تقف إلى جانب الموقف العربي الذي قادته الدولة المصرية في هذه المرحلة، وهي مرحلة مهمة لبناء جسور جديدة من التواصل العربي الإفريقي من خلال البوابة الأكبر للعلاقات المصرية الأفريقية، وبقدر هذه المؤشرات المتفائلة هناك مؤشرات شديدة الخطورة، حيث إن الدول الـ 9 التي صوتت مؤيدة لقرار اعتبار القدس عاصمة إسرائيل من بينهم دولة إفريقية، وهناك 7دول إفريقية من بين الدول التي امتنعت عن التصويت من بينهم كينيا والكونغو، و8 دول إفريقية أخرى غابت عن حضور جلسة التصويت من بينهم دولة جنوب السودان.\nالخطورة تكمن في ضرورة تحليل موقف الدول التي امتنعت عن التصويت والدول التي غابت عن المشاركة في يوم التصويت، والدولة الإفريقية الوحيدة التي أيدت القرار هو أمر أكثر خطوة، فهذا الموقف يعني في أقل تقدير أن هذه الدول شعرت بالحرج لأن لها مصالح مع أمريكا أو إسرائيل تعوق حريتها في الإعلان موقف عادل وواضح لأكبر صراع في التاريخ الحديث.\nوبلاشك التهديد الأمريكي كان له تأثيره المباشر، ولكن يجب أيضا أن ننظر لمدى تغلغل إسرائيل في إفريقيا، فطالما كانت إفريقيا أحد الجبهات التي تستهدفها إسرائيل منذ اندلاع الصراع "العربي الإسرائيلي".\nإن هذا التصويت يحتاج أن تقف الدول العربية جميعا لمراجعة موقفها من الدول الإفريقية، هذه الكتلة التصويتية التي طالما تضامنت مع الحق العربي رغم ضعف المصالح المشتركة بينهم.\nالمؤكد أنه لم تعد جمهورية مصر العربية وحدها هي التى تحتاج للبحث عن دور لها في القارة السوداء، ولم تعد وحدها هي التي تحتاج التوازن فى العلاقات الدبلوماسية الخارجية، ومراجعة اتصالها وتواصلها مع دوائر الأمن القومي التقليدية، فالأمة العربية كافة مسئولة لدعم التواصل من القارة الإفريقية.

الخبر من المصدر