فنان قتله الهواء (1) | المصري اليوم

فنان قتله الهواء (1) | المصري اليوم

منذ 6 سنوات

فنان قتله الهواء (1) | المصري اليوم

كنت فى مدينة نيويورك عندما فاجأنى خالد، وهو صديق قديم، بالزيارة على غير توقع وبصحبته فنان محبوب كان نجمه فى ارتفاع وينتظره مستقبل كبير فى دنيا التمثيل.\nكان الفنان قد أتى ضمن وفد فنى يشارك فيما يسمى الليالى المصرية التى تعرض فنوناً تشكيلية وتقدم غناء وموسيقى، إلى جانب عرض منتجات مصرية تقليدية مما يعجب الأجانب، كالبردى والجلباب والتماثيل الفرعونية المقلدة.\nاستقبلتهما بترحاب، وبعد السؤال عن الأحوال طلب منى الفنان كوب شاى صعيدى مغلى. قمت بإعداد الشاى وأحضرت معه طبقاً من البسكويت قدمته للضيفين. اقترب منى صاحبنا الممثل وهمس لى فى عتاب وهو يزيح طبق البسكويت بيده: بسكويت؟ هى حصّلت!.. ثم نظر إلى خالد وقال له: ألم تقل إن هذا الرجل هو سيد الكرماء؟ هل أحضرتنى هنا حتى يكون الغداء بسكويتاً؟.. ضحكنا طويلا وقلت له: هذا مسح زور يا فنان ثم ندخل على الغداء بعد ذلك.\nقال: أنا جاى من مصر متوصى.. أولاد الحلال قالوا لى لن تُحسب زيارتك لنيويورك إذا لم تتناول وجبة قوية عند «ريد لوبستر».\nقلت له: الذى أخبرك بهذه المعلومة شخص فاهم ويحبك فعلاً، فهذا المطعم من معالم المدينة وهو يقدم وجبات من الاستاكوزا والجمبرى الفاخر والأسماك التى تشرح القلب وتسر الخاطر.\nانتحيت بخالد جانباً أسأله عن سر الزيارة، وقبل أن يجيب كان الفنان قد لمحنا فرفع صوته قائلاً: لأ.. مفيناش من وشوشة، ثم وجه حديثه لى: إن صديقك خالد لم يتركنى لحظة منذ وصلت نيويورك، وقد أقرضنى سيارة بسواق فى لفتة طيبة دلتنى على كرم أخلاقه، أما أنت فيبدو أنك تستثقل زيارتى أو أننا أتينا إليك فى وقت غير مناسب!\nفى العادة لا أرحب بهذا النوع من الابتزاز والحصول على الاهتمام بالإكراه، لكنى آثرت أن أكون لطيفاً فقلت وقد رسمت على وجهى ابتسامة: أنت على رأسنا من فوق.. ونيويورك نوّرت يا فنان.\nمضينا فى سيارة صديقى إلى فرع «ريد لوبستر» أو الاستاكوزا الحمراء الكائن بالشارع السابع فى مانهاتن، واجتهد خالد حتى عثر على ركنة مناسبة للسيارة فى أحد الجراجات القريبة.\nكانت خفة دم الفنان على الشاشة هى نفسها فى الحياة، فلم يتوقف عن إطلاق النكات والقفشات، وحتى عندما طلبوا منا فى الاستقبال بالمطعم أن ننتظر حتى تفرغ مائدة- والحقيقة أن قائمة الانتظار كانت طويلة- فإن الفنان تقدم من الفتاة التى تكتب الأسماء وتحدث إليها بإنجليزية مهشمة فلم تفهم شيئاً، نظر نحوى أنا وخالد وقال: ترجموا لنا يا جماعة.\nسألته: ماذا تريد أن تقول لها؟ قال فى جدية: أريدك أن تخبرها أن خالتى قد ماتت اليوم بينما كانت تقف بجوار فتحة بركان، لذا فإننى ملتاع وأحتاج إلى السلوى، ولابد أن آكل بسرعة.\nنقلت لها كلامه فانفجرت من الضحك هى وزميلتها، وبرغم وضوح الكوميديا والتهريج إلا أن الفتاة خرجت من وراء الديسك وأمسكت بيده وأشارت لنا لنتبعها ثم صعدت بنا للطابق الأعلى وأجلستنا إلى إحدى الطاولات ومسحت على رأسه فى حنان وكأنها تصدق ما قال!.

الخبر من المصدر