الدَّوامُ المرن .. مبادرة «لإسعاف» المرور

الدَّوامُ المرن .. مبادرة «لإسعاف» المرور

منذ 6 سنوات

الدَّوامُ المرن .. مبادرة «لإسعاف» المرور

الاختناق المروري في القاهرة حالة مستعصية حولها كالمريض الإكلينيكي أو المتوقفة كل أجهزته عضويًا ويعيش على التنفس الصناعي.. ولا نستطيع أن نُنكر أن رجال المرور من أصغر رتبة لأعلى رتبة في الإدارة العامة للمرور تؤدي أو تحاول أن تقوم بدورها وأراهم في الشوارع تحت الشمس الحارقة وتحت المطر والبرد يحاولون إنعاش المريض (على أمل أن يعيش ويفيق ) ولكن يبدو أن حالته صعبة.\nوحاولنا من ناحيتنا في الإعلام والصحافة دق ناقوس الخطر والإنذار أكثر من مرة لتفادي الخسائر الضخمة التي يتسبب في توقف المرور في القاهرة أو حوادث الطرق .. ولكن لا حياة لمن تنادي وطالبنا أيضا بضرورة تفعيل المجلس الأعلى للمرور الذي لم يجتمع ولا مرة منذ الإعلان عن تشكيله عام 1971 ( أه والله عام 1971) .\nولا شك أن على المجتمع المدني والمواطنين دور كبير في إعادة إنعاش شوارع وطرق وكباري القاهرة حتى نخفف الخسائر الضخمة .. ومن ناحيتي كتبت أكثر من مرة عن مبادرات أهلية تصدى لها فنانين وشخصيات عامة للمساهمة في إعادة الإنضباط للشارع .. وهنا أشير الى مبادرة شخصية أتمنى أن يتبناها أحد رجال الأعمال الكبار في مصانعه وشركاته لتكون نموذج للجميع ( وللأسف أنني لست من رجال الأعمال ولا أملك سوى عملي الذي بالكاد أعيش منه ) وتفاصيل المبادرة ياسادة هي تتلخص فيما يُسمى ( بالدًوامُ المٍٍرن) و الدًوامُ يا سادة هو وقتُ العمل ومدٌته المحددان بالنظام والقانون في قوانين العمل بكل دول العالم وفي مصر الذي تحول فيها حضور وإنصراف الموظفين والعاملين الى ملهاة إغريقية .\nتجعلك تتأمل يوميا وأنت في الزحام محشورا داخل سيارتك أو وسيلة المواصلات لمدة ساعات قبل وبعد موعد العمل والحضور والإنصراف تجعل الموظف أو العامل يذهب إلى عمله وهو في غاية الإحباط والانكسار مما ينعكس سلبا وبشكل كبير على أدائه سواء في مصنع أو في شركة أو مكتب حكومي المفترض فيه أن يقدم خدمات للمواطنين المحشورين مثله في زحام الطرق والمواصلات.\nالفكرة كالتالي وأتمنى أن تدخل حيز التطبيق من خلال تبنيها في البداية بالقطاع الخاص ثم تنتقل الى المصالح الحكومية حتى نخرج من زحام المرور والاختناق البيروقراطي الذي كاد أن يقضي علينا جميعا : منذ أكثر من عشرين عاما أبتكر الألمان النظام المرن في مواعيد العمل وحضور وانصراف الموظفين وهو نظام يتيح للموظف فرصة اختيار أوقات العمل التي تلاءمه وذلك لمنع الاختناقات المرورية والزحام وكانت نتيجة تطبيق هذا النظام مدهشة ومبهرة للغاية للموظفين ولأصحاب العمل والمواطنين على حد سواء .\nثم انتقلت الفكرة الى الولايات المتحدة الأمريكية وتم تطبيقها في أحد المصانع بولاية كونكتيكت وقام صاحب المصنع بإطلاق الحرية أمام موظفيه بداية من المدير حتى أصغر عامل للجميع الحق في اختيار أوقات حضوره أو دوامه في العمل وأيضا النتيجة كانت مذهلة حيث انخفضت نسبة التغيب عن العمل بمقدار 50% ولذلك قامت الشركة بتعميم التجربة في كافة فروعها حول العالم وأرتفع الدخل وزادت الأرباح وانتقلت الفكرة إلى شركات ومصانع أخرى .\nأتمنى على الله ولا يكتر على الله أن يتم تطبيق الفكرة عندنا في مصر للحد من المظاهر السلبية التي ملأت حياتنا سواء في العمل أو في الشارع وللقضاء أيضا على ظاهرة التزويغ من العمل والذهاب الى العمل متأخرين يوميا بالإضافة على إضاعة وقت طويل يمتد لساعات أحيانا على الطرق والزحام الرهيب الذي أصبحنا نعيش فيه في القاهرة التي تحولت الى جراج كبير مفتوح به ملايين السيارات المكدسة التي تسير بمعدل سرعة لا يتجاوز 3 كيلو متر في الساعة والخوف خلال كام السنة ها يبقى معدل السرعة أو الحركة داخل القاهرة صفر .. ونظل متكدسين محشورين في العربية طول حياتنا .. لابد من الاعتماد على أفكار خارج الصندوق فعلا .\nومن الممكن أن يتم تطبيق فكرة الدوار المرن في القطاع الخاص أولا .. ثم المصالح الحكومية .. عندما تتوزع مواعيد حضور وانصراف الموظفين والعمال على مدار اليوم سوف يقل الزحام بالضرورة وأيضا سترتفع الحالة المعنوية للموظف مادام يذهب لعمله في وقت مناسب له ومن اختياره وستزيد إنتاجيته وستتحسن الخدمات المقدمة للمواطنين في المصالح الحكومية .. وهو المطلوب.\nأتمنى أن يتبنى هذه المبادرة أحد رجال الأعمال الأذكياء حتى يكون نموذج إيجابي لحل أزمات المرور وتأخر الموظفين عن المواعيد المحددة للحضور إلى مكان العمل والتي جرى العرف على توحيدها في كافة الأماكن بدون مبرر واضح خاصة في ظل هذا الإنفجار السكاني الرهيب الذي تشهده مصر والذي يأكل الأخضر واليابس ويجعل من التنمية وتحسين أحوال المعيشة من رابع المستحيلات.\nعلينا أن نضع يدنا في يد الحكومة .. لبحث وتطبيق حلول مبتكرة .. لحل مشاكل المرور والزحام .. ولتكن البداية حل مشاكل المرور من خلال المبادرات الأهلية ونضع أيدينا في يد الحكومة ثم ننتقل الى باقي المشاكل بنفس آلية (يد في يد ) ونساعد أنفسنا ولا ننتظر من الحكومة أن تحل كل مشاكلنا .. والله المستعان.

الخبر من المصدر