سر «تنمر» الحكومة القطرية!

سر «تنمر» الحكومة القطرية!

منذ 6 سنوات

سر «تنمر» الحكومة القطرية!

الطريقة التى تحدث بها ممثل الحكومة القطرية فى اجتماعات الدورة العادية لوزراء الخارجية بالجامعة العربية يوم الثلاثاء الماضىى، والطريقة التى رد بها عليه ممثلو مصر والسعودية والإمارات، تكشف بوضوح أن الأزمة القطرية مرشحة للتفاعل والتصاعد والتعقد وليس للحل، ما لم تحدث معجزة دبلوماسية.\nوزير الدولة القطرى للشئون الخارجية سلطان بن سعد المريخى دخل فى ملاسنات مع وزير الخارجية المصرى السفير سامح شكرى والمندوب السعودى الدائم فى الجامعة العربية وسفيرها بالقاهرة أحمد القطان حينما وصف إيران بأنها «دولة شريفة» وأن بلاده لا تدعم الإرهاب، فما كان من شكرى والقطان إلا أن ردا عليه مؤكدين أن بلادهم تملك أدلة كافية على تورط الحكومة القطرية فى دعم الإرهاب وتمويله، الأمر الذى أدى إلى سقوط أبرياء برصاص الإرهاب. \nالوزير القطرى استشهد بقول الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه: «حين سكت أهل الحق عن الباطل، تصور أهل الباطل أنهم على حق»، ثم تحدث لمدة عشر دقائق عما أسماه «الحصار الظالم على بلاده، ووصفه بأنه «جريمة مكتملة الأركان» ووصف الوزير القطرى إعلام الدول الأربع بأنه «كلاب مسعورة».\nالوزير شكرى وصف طريقة وكلمات وعبارات الوزير القطرى بأنها «متدنية». فى حين قال القطان للمريخى: «هنيئا لكم إيران، وإن شاء الله عما قريب سوف تندمون، ونحن لا نسعى لتغيير نظامكم، لكننا قادرون على فعل أى شىء نريده، الدول الأربع لا تحاصركم بل اتخذت قرارات سيادية لمواجهة نشركم الكراهية والتطرف».\nحتى انعقاد جلسة الجامعة العربية كان عندى بصيص أمل بأنه يمكن الوصول لحل وسط ينهى هذه الأزمة التى دخلت يومها رقم ١٠٠ أمس الأول، لكن كلام الوزير القطرى يعنى ببساطة أننا بعيدون تماما عن الانفراجة المأمولة.\nشاهدنا قبل أيام أمير قطر تميم بن حمد يتحدث هاتفيا مع محمد بن سلمان ولى العهد السعودى، ووقتها تفاءلنا خيرا، لكن لم تمض نصف ساعة على المكالمة، حتى اكتشفنا أن وكالة الأنباء القطرية حرفت المكالمة طبقا لبيان سعودى لاحق.\nوبعدها عادت الحرب الإعلامية على أشدها بين الدوحة والعواصم الأربع «القاهرة والرياض وأبوظبى والمنامة». الألفاظ والعبارات والكلمات المستخدمة تشير إلى أنه يصعب تصور الوصول إلى حل وسط قريب لهذه الأزمة.\nالإعلام القطرى صار شغله الشاغل الآن ليس البحث عن التهدئة، بل الوقيعة بين الرباعى العربى بأى صورة من الصور، خصوصا بين الرياض وأبوظبى، ثم تطور الأمر لشن هجمات منظمة ومنسقة ضد السعودية والبحرين إضافة إلى الحملات الثابتة ضد مصر منذ إسقاط جماعة الإخوان وطردها من الحكم فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣.\nوإذا كنا نعرف أن الحكام العرب يقررون سياساتهم على أساس شخصى فى معظم الأحوال، فعلينا أن نتوقع أن يكون الإعلام سببا أساسيا فى تأزيم هذه المشكلة، خصوصا فى منطقة الخليج التى تلعب فيها العوامل والانطباعات الشخصية والعائلية دورا حاسما فى هذه الأزمات.\nوعلينا أن نتذكر أن دولة عربية قطعت علاقتها مع دولة عربية أخرى بناء على عبارات قالها الحاكم الثانى، فاعتبرتها الدولة الأولى ذنبا لا يغتفر وسخرية لا يمحوها إلا الدم.\nمن الملاحظ أن الحكومة القطرية قررت أن تسير إلى ما بعد حافة الهاوية، فهى تكسر كل الجسور وتحرقها، ولا تترك خطا للرجوع.\nهل تفعل ذلك لأنها تدرك أن التراجع يعنى الانتحار ونهاية مشروعها الممتد منذ عام ١٩٩٥، أم لأنها تؤدى دورا وظيفيا للولايات المتحدة، لتضمن سيطرتها على منطقة الخليج، وابتزاز بقية الجيران، أم أن قطر تسعى لزعامة إقليمية اعتمادا على «دبلوماسية أموال الغاز»، أم أن جماعة الإخوان وبعض المجموعات السلفية صارت متحكمة فعلا فى تقرير السياسات القطرية، أم أنها كل الأسباب السابقة مجتمعة؟!!.\nعلى ماذا تراهن قطر؟ سؤال يتكرر كثيرا من دون أن يجد إجابة شافية، لكن من الواضح أن الطريقة التى تصرفت بها فى الجامعة العربية أمس الأول، وفى مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة يوم الإثنين الماضى، واللغة التى يستخدمها إعلامها، كلها توحى بأننا لانزال فى قلب الأزمة ولا نقترب من نهايتها.

الخبر من المصدر