حجازي 'الشواف 'وبلورة عمرو أديب

حجازي 'الشواف 'وبلورة عمرو أديب

منذ 6 سنوات

حجازي 'الشواف 'وبلورة عمرو أديب

كم فجعني أن أرى كاتبا بحجم عبد المعطي حجازي يقدمه عمرو أديب كشواف يستشرف لنا المستقبل ويفك لنا طلاسمه ليظهر كـ"جرامافون" عتيق يذيع أسطوانة مشروخة  استشراف ولا رؤية بل ترديد لنغمات شاذة سقطت وسقط مروجوها في ثورة 30 يونيو .\nرأيت وتابعت حجازي كدرويش ينتظر ظهور المهدي وبدا متناقضا سقط المنطق بين يديه فهو لم يزل لم يحقق حلمه في ثورة 25 يناير بل ويصف 30 يونيو بأنها تصحيح لمسار وليست استعادة لدولة كادت تضيع وكأن إسقاط الدولة هو هدف 25 يناير الحقيقي المنتظر.\nرأيته مشوشا يتحدث عن دور مصر الخارجي ويصر على تعريفه بأنه ليست تلك الزيارات الخارجية المكوكية التي يخوضها الرئيس السيسي بحثا لمصر عن موطئ قدم في عالم لا يعترف إلا بالأقوياء فعن أي تحرك خارجي يتحدث حجازي هل هو في وجهة نظره وصول جيوشنا إلى أراضي جديدة مثلا أم إقامة امبراطوريات كبريطانيا العظمى أم ماذا؟ المهم أنه تحرك آخر غير الذي يراه من السيسي .\nرأيته ينكر الوطنية كما فعل تنظيم الإخوان وأن النهضة المصرية لم تتحقق إلا على يد غير أبنائها كمحمد على ذي الأصول الألبانية أو الخديو إسماعيل الذي كان يستشير الإنجليز قبل أن يفتح نافذة قصره ،وكأن المصريين في عهده لم يعرفوا فقرا أو جهلا ولا مرضا أو استعبادا وان النهضة توقفت بقيام ثورة 52 والغريب أنه هو العام الذي عاد فيه حكم مصر إلى أيدي أبنائها كهذا تعطلت نهضة مصر في رأيه!!.\nالعجيب أن حجازي الذي ارتدى ثوب العراف الذي يقرأ الغيب يردد العبارة الشهيرة  "أن الـ60 عاما الماضية هي المسئولة عما نحن فيه اليوم" ولا أعرف كيف يكون مفكرا وكاشفا وملهما وهو يردد كلمات صدرت على لسان أعدائنا فهي الجملة المعادلة موضوعيا لجملة "يسقط يسقط حكم العسكر" فأين الرؤية وأين التشخيص وهو يسمي دورنا في اليمن خطيئة رغم أنه يدعو اليوم لدور مصر الخارجي كما سمي هزيمة يونيو جريمة وليست بلطجة دولية ضد نظام وطني مستقل حاول أن يبني نفسه .\nومن المفارقات أن عبد المعطي حجازي يدعو إلى ضرورة أن نصارح أنفسنا بما نحن فيه حتى نغيره وكأنه لا يسمع القيادة السياسية وهي تواجه المصريين ليل نهار بالتحديات وتشارك الناس مسئولية مواجهتها هنا بدا لي حجازي أنه يذيع أسطوانة مشروخة استخدمها نصابو 25 يناير الذين سرقوا غضب المصريين واستثمروه لتحقيق أجندة يصرخ لمحاربتها ومواجهتها حجازي نفسه.\nالأعجب أنه يري أن الرئيس السيسي يبذل جهودا ضخمة لكن يا خسارة "مش نافعة" ويراها بلا تأثير وأن المؤسسات غائبة كما يحمِّل الرئيس مسئولية غياب معارضة قوية ومؤثرة ويبدو أنه نسي في الفاصل الإعلاني ما ردده سابقا من أن الستين عاما الماضية هي المسئولة عن ذلك وأن الرئيس السيسي الذي يراه يبذل جهودا ضخمة هو نتاج لهذه السنوات الستين ولا أعرف كيف يكون الرئيس مسئولا عن تفاهة أحزاب كارتونية؟!.. يعني يا أستاذ حجازي بالمختصر كده هل مطلوب من السيسي أن يصنع نظامه ومعارضته لكي تبقى وجبة متكاملة يعني بلغة خبراء التغذية ..ما أقسي حكمك أيها الزمن عندما تنال من عقل الإنسان عندما يطعن في السن.\nوكشف لنا أستاذ حجازي الشواف معيارا لقياس الحريات لم تسبقه إلينا أمة حيث استطاع حجازي أن يحدد وبدقة أن مصر تتمتع بـ 30% فقط حرية ولا أدري هل ذلك على مقياس "الحرية متير" أم أن المسألة هكذا "طق حنك" بلا أرقام أو قرائن أو حتى شبهات.\nولأن عبد المعطي لايرى عظمة المصريين إلا في خروجهم في 25 يناير عاد ليتهمهم في اختيارهم مجلس نواب انتخبوه بصندوق نزيه لم يره أيضا حجازي بالتبعية وهذا منطقي فمن الصعب علي حجازي أن يقبل مجلس نواب ذا أجندة وطنية تدرك مخاطر المرحلة فمجلس النواب الذي يعترف به حجازي هو ذلك المتصادم مع السلطة هو ذلك الكيان الذي يعرقل السلطة التنفيذية ويشعر بالديمقراطية كشارب خمر لا يشعر بلذتها إلا عند توقف عقله عن الإدراك ساعتها يكون الشعب المصري في نظر حجازي عظيما ومجلس نوابه قديرا وساعتها فقط سيكون فخورا به ممثلا له .\nولأن المنطق بلغ مداه على لسان عبد المعطي حجازي أمس قرر أنه لا يمكن أن نواجه الإرهاب بتضييق مساحة الحرية الجاري اليوم ولا أعرف إن كان جادا في ما يقول أم لا فإن حريته بمفهومها الفوضوي من إنكار الدين وتهميشه والصراع على هوية مصر كانت هي المغذي الرئيسي لجماعات حملت السلاح وساعدها متعاطفون سذج لمقاومة مساحة الحرية المنشودة لدى حجازي والتي يسميها البعض كفرا يجب أن يحارب فعن أي حرية يريد توسيعها ...بصراحة وسعت قوي معاك يا حجازي.\nواستمر حجازي الشواف في بلاغته حيث يرى أن الرئيس السيسي يعمل بلا خطة فهو يرى مشروعا هنا أو هناك فقط ولا أعرف كيف يصعب على الشواف ودليلنا وسط الغيوم أن يرى الصورة كاملة وكيف يتجاهل ملء الفضاءات المهجورة التي يعيد إليها مصر الرئيس السيسي اليوم ..الجواب لأن حجازي ببساطة لا يعترف بالدولة القائمة فدولته المزعومة مازالت غائبة في عقله ومازالت معركته مع دولة يوليو قائمة ولم يخجل حين بالغ في تجريحها والاجتراء عليها حين قال إن الدولة لم تكن صادقة في وفائها لمحمد نجيب حين أطلقت اسمه على أكبر قاعدة عسكرية في الشرق الأوسط .\nلأن "نجيب" في نظره هو ذلك الذي دعا الجيش إلى العودة لثكناته بعد ثورة يوليو وأن السيسي هو رئيس الضرورة وليس الرئيس المنتخب انتخابا نزيها بل هو كرجل إطفاء يستدعي حين اندلاع حريق فقط وأن نجاحه الحقيقي و وفاءه الحقيقي أن يحقق رغبة محمد نجيب ويسلم السلطة لبديل مدني يقر عبد المعطي حجازي نفسه أنه غير موجود .. بصراحة الحلقة كلها فعلا كانت "ميكس" كل حاجة والعكس .\nوالذي زاد الطين بلة هو انبهاره بالتجربة التركية تجربة البهلول القابع في اسطنبول الذي عزل الآلاف من معارضيه واعتقل الآلاف مثلهم وأغلق الصحف وأسكت القنوات فهل يدعو الرئيس السيسي إلى ديمقراطية مثيلة أم ماذا؟\nحجازي يحارب عدوين اثنين الأول الدولة التي يرأسها عسكري سابق ، والعدو الآخر هي الدولة الدينية التي لم تكن أيضا موجودة حتى في عهد كان رأس السلطة فيه تنظيم الإخوان الإرهابي ..إننا لم نثر يا أستاذ عبد المعطي حجازي في 25 يناير و30 يونيو ضد الجيش أو ضد الدين بل انتفضنا ضد الدولة الفاشلة التي تشتاق إليها في تحليلك وتتطلع إليها في رؤيتك .\nكم كنت أتمنى أن يكون عبد المعطي حجازي أول الشجعان ويصب وبصراحة لعناته على الرئيس السيسي ودولة يوليو التي جاءت به وأن يكون أكثر وضوحا في إظهار انتظاره جولة جديدة من إكمال هدم دولة ثورة يوليو 52 دولة الاستقلال الوطني بكل أخطائها وصوابها وهو الكابوس الذي لم يكتمل في 25 يناير ذلك اليوم المرجع في حسابات "حجازي" بل قبلته ومعبده المغلق.\nكم كنت أتمنى أن تكون أكثر شجاعة وأن تعلن بوضوح أنك تريد دولة لا يحميها دين أو متدينون ولا ضباط يقدمون الأرواح كل يوم لتحيا يا حجازي آمنا لتطعن فيهم ..وفي النهاية يا سيد عبد المعطي لن أكره الجيش لأن حلمك في إبعاده لم يتحقق ولن أكره الدين لأن الإخوان ادعوا كذبا يوما أنهم يحملون لواءه والكلمة الأخيرة للمصريين وستبدي لك الأيام ما تجهله.

الخبر من المصدر