مداخن واشنطن تخنق كوكب الأرض - برلمانى

مداخن واشنطن تخنق كوكب الأرض - برلمانى

منذ 6 سنوات

مداخن واشنطن تخنق كوكب الأرض - برلمانى

هل يمكن أن تنفصل المسؤولية السياسية لدولة تتصدر واجهة العالم عن مسؤوليتها الإنسانية والأخلاقية؟ فى كثير من المواقف والمنحيات التاريخية الحادة أثار أناس هنا وهناك هذا السؤال، فمع تحكم قوى كبرى فى ناصية العالم وأبرز ملفاته، تقع على عاتقها بشكل مباشر وأوتوماتيكى مسؤولية كبيرة باتجاه صيانة هذا العالم وضمان أمنه ومصالح سكانه، بالقدر نفسه الذى تعمل فيه على تحقيق مصالحها وإنجاز تطلعاتها الإمبراطورية.\nلقرون طويلة خلت، تصدرت واجهة العالم قوى إقليمية تنتمى لدول وحضارات مختلفة، اضطلعت كل منها بدورها فى ضمان سلام العالم وفق مقتضيات العصر وموازين القوى خلاله، هكذا عملت الدولة المصرية فى أوج مجدها خلال عصور الأسرات المصرية القديمة، وعملت الإمبراطورية الصينية، والدولة العربية الإسلامية فى العصرين الأموى والعباسى، ساعية باتجاه مصالحها ومتجنبة أى تحرك يشكل تهديدا وجوديا للعالم، ومنذ مطلع القرن الماضى أثبحت هذه المسؤولية معلقة فى رقبة الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى، قبل أن يتخلى الأخير عن حصته للأولى عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية وحسمها لاحقا للحرب الباردة لتصبح القطب الأوحد فى العالم، ولكن يبدو أن القطب الأوحد لم يعد يرى الأمور وفق هذا المنطق، ولا يوازن بين إمكاناته وتطلعاته من جانب، ومسؤوليته القيمية والأخلاقية من جانب آخر.\nأمريكا تواصل "خنق كوكب الأرض" وتتنصل من التزاماتها بموجب الاتفاقات الدولية\nعقب مفاوضات موسعة عُقدت خلال مؤتمر الأمم المتحدة الـ21 للتغير المناخى فى العاصمة الفرنسية باريس فى 2015، وقعت وفود 195 دولة على اتفاق باريس للمناخ، الذى قدم مشروعه النهائى لوران فابيوس، رئيس الحكومة الفرنسية السابق ووزير الخارجية الحالى، وهو اتفاق ملزم قانونا للدول الموقعة عليه، ويرى خبراء ومتابعون أنه متوازن فيما يخص صيانة الوضع البيئى وضمان التخفيف من آثار الاحتباس الحرارى وما يحمله من تهديدات برفع حرارة الأرض، وتبعياته المتمثلة فى ذوبان الجليد بالقطبين الشمالى والجنوبى، ما يعنى غرف مساحات شاسعة من الكوكب.\nالاتفاق الذى وقعته الولايات المتحدة الأمريكية ضمن وفود الدول الموقعة عليه، يبدو أنه لم يقنع دوائر السلطة والمال والمجموعات الاقتصادية الضخمة فى واشنطن، التى بدأت لاحقا محاولات متواصلة ومستميتة للتنصل من الاتفاق والالتزامات الواقعة على عاتقها بموجبه، فيما يخص جهود التخفيف من آثار الاحتباس الحرارى واضطلاع القوى الاقتصادية الكبرى، التى تساهم بالحصة الأكبر من الانبعاثات الحرارية والغازية، بدورها فى ضمان أمن وسلامة الكوكب والدول النامية التى لا تشارك فى هذا التجاوز البيئى وتتحمل الجانب الأكبر من فاتورته، ووصلت محاولات التنصل لأوجها مع تصريحات الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عقب فوزه فى الانتخابات فى نوفمبر 2016، برغبته فى الانسحاب من اتفاق باريس للتغير المناخى، وحتى الآن ما زال الموقف معلقا، لم تنسحب أمريكا، ولكنها وغيرها من القوى الكبرى لا تقوم بدورها، وما زالت الدول النامية تعانى وتواجه مخاطر كبيرة، ومنها مصر التى تهددها مخاطر غرق الإسكندرية والدلتا بسبب الاحتباس الحرارى، بحسب تقرير للإذاعة الوطنية الأمريكية العامة نفسها.\nتقرير أمريكى يؤكد: مخاطر تهدد الإسكندرية بسبب الاحتباس الحرارى\nمع ارتفاع لافت فى درجات الحرارة واضطراب حالة الطقس على المستوى العالمى، تزايدت تحذيرات الخبراء والمختصين من تداعيات ظاهرة الاحتباس الحرارى، وسط مخاوف من كوارث بيئية قد تضرب عددا من الدول، ففى تقرير لها حذرت الإذاعة الوطنية الأمريكية العامة "NPR" من وقوع مصر ضمن قائمة الدول المعرضة لتلك التأثيرات، مشيرة إلى أن ارتفاع منسوب المياه فى البحر المتوسط قد تكون له عواقب بالغة الخطورة على مدينة الإسكندرية.\n بحسب التقرير الإخبارى الأمريكى، فإن منسوب مياه البحر المتوسط فى ضفته الجنوبية/ السواحل المصرية، يشهد نشاطا وتغيرا مضطردا، فى ضوء التصاعد المتواصل ف درجة حرارة كوكب الأرض، مدفوعا بتراكم غازات الاحتباس الحرارى، واستمرار ذوبان الجليد بالقطبين، ما أصبح يشكل خطورة حقيقية فيما يخص سلامة واستمرار مناطق شاسعة من يابسة الكوكب، ومنها سواحل الإسكندرية والمناطق الشمالية من دلتا نهر النيل.\nالإذاعة الأمريكية: قلق كبير بسبب ارتفاع الحرارة.. والأزمة تؤثر على دلتا النيل\nوقالت الإذاعة الوطنية الأمريكية العامة، فى تقرير نشرته عبر موقعها الإلكترونى، اليوم الاثنين، إن هناك قلقا كبيرا يلوح فى الأفق بشأن ارتفاع حرارة الطقس، والاختفاء التدريجى للسواحل، مشيرة إلى أن العلماء يتفقون على أن تغير المناخ، الذى يتسبب فيه البشر نتيجة التلوث المتمثل فى انبعاث غازات الاحتباس الحرارى من السيارات والمصانع، يجعل مستوى البحر أعلى والمياه أكثر دفئا.\nويؤثر ارتفاع منسوب مياه البحر على دلتا نهر النيل، وهى المثلث الذى يمتد منه نهر النيل ويصب فى البحر، حيث تنمو معظم المحاصيل الزراعية، وتقول الإذاعة الأمريكية فى تقريرها إنه وفقا للبنك الدولى، فإن مصر واحدة من البلدان الأكثر عرضة لآثار تغير المناخ.\nبائع قبعات بالإسكندرية: مياه البحر تغطى الناس والسيارات.. وبعض الشواطئ اختفت\nونقل التقرير الأمريكى عن حازم عادل، بائع قبعات وحقائب بمحافظة الإسكندرية، قوله إنه لاحظ بعض التغييرات بالفعل، وإن مياه البحر أصبحت تفيض وتغطى الناس والسيارات فى الشارع، وعقب التقرير بأن بعض الشواطئ فى الإسكندرية تلاشت، مضيفا: "أقامت الحكومة حواجز أسمنتية على طول الواجهة البحرية، لمواجهة العواصف الشتوية الشرسة على نحو متزايد".\nويتوقع كثيرون من العلماء ارتفاع مستوى سطح البحر لأكثر من قدمين بحلول نهاية القرن الحالى، ويقول تقرير الإذاعة الأمريكية إن بعض المبانى التاريخية تنهار بالفعل، حيث أن المياه المالحة تتسرب للطوب، ويمكن أن تغمر الأحياء بأكملها.\nصياد: الأسماك أصبحت أصغر بسبب التغيرات.. ونلقى بعضها لقطط الشوارع\nويقول تقرير الإذاعة الوطنية الأمريكية العامة، إنه على مدار آلاف السنين اختفت ثروات الإسكندرية فى البحر، مشيرة لعدد من الآثار العظيمة التى اندثرت بفعل التغير المناخى وارتفاع منسوب البحر، ومنها المنارة الحجرية "منارة الإسكندرية" التى كانت أطول مبنى فى العالم، غير أنه بفعل زلازل عديدة بين القرنين العاشر والرابع عشر الميلاديين، غرقت المنارة وسط المياه، وعلى مر القرون ابتلع البحر ما كان يعد ميناء مزدهرا بالمدينة.\nويشكو صيادو الإسكندرية، بحسب ما أورده التقرير، من أن الأسماك الموجودة أصبحت أصغر من ذى قبل، حتى أنهم يضطرون لإلقاء بعضها لقطط الشوارع، ويُرجع صالح حلمى، صياد، هذا الأمر إلى أن مياه البحر أصبحت أكثر دفئا، لهذا يذهب السمك الأكبر إلى نقاط أبعد وأكثر عمقا وبرودة.\nأكاديمى بالإسكندرية: التغير المناخى يقود لانخفاض الإنتاجية الزراعية 20%\nعلى الجانب المناخى والطبيعى، تشكل هذه الظواهر مثار قلق للخبراء المعنيين بتغير المناخ، وفى هذا الإطار يقول محمد الراعى، أكاديمى بجامعة الإسكندرية كان يبحث فى الآثار المحتملة لارتفاع درجات الحرارة ومستويات سطح البحر لعقود: "ارتفاع مستوى سطح البحر سيؤثر على كل السواحل والشواطئ، وتظهر النماذج أن الشرق الأوسط سيزداد حرارة مقابل انخفاض هطول الأمطار".\nوتتنبأ معظم النماذج المتوقعة بمتوسط ارتفاع درجات الحرارة فى المنطقة لأكثر من ثلاث درجات "فهرنهايت" فى أجزاء عديدة من مصر خلال العقود الأربعة المقبلة، ويقول "الراعى" إن آثار الطقس الأكثر سخونة، بما فى ذلك انخفاض الأمطار، تعنى انخفاض الإنتاجية الزراعية بنسبة تتراوح بين 15 و20%، وهى ضربة قوية لبلد يكافح بالفعل لإطعام شعبه.

الخبر من المصدر