هل تشهد السياحة العربية "ربيعاً" بعد "خريف" ثوراتها؟

هل تشهد السياحة العربية "ربيعاً" بعد "خريف" ثوراتها؟

منذ ما يقرب من 7 سنوات

هل تشهد السياحة العربية "ربيعاً" بعد "خريف" ثوراتها؟

تشكل السياحة في العديد من الدول العربية قطاعاً هاماً يرفد اقتصاداتها، لاسيما تلك الدول التي لا تمتلك موارد طبيعية كبيرة. ولسنوات عديدة كانت حركة السياحة العالمية عامة، والألمانية خاصة، حثيثة على هذه الدول، لاسيما مصر وتونس والمغرب. إلا أن الثورات العربية وحالة انعدام الاستقرار التي يمرّ بها العالم العربي منذ 2011 أثرت بشكل كبير على تدفق السياح.\nإلى ذلك، فإن تنامي خطر الإرهاب بعد ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وفروعه في عدة دول أضاف إلى حالة التراجع التي يشهدها القطاع السياحي العربي منذ نحو سبع سنوات، ربما باستثناء دولتين خليجيتين هما الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عٌمان، اللتان لم تشهدا حتى اللحظة اعتداءات إرهابية.\nلذلك، يحاول بعض هذه الدول تفادي أن يصل الوضع إلى حد انقطاع تام للسياحة عن طريق حملات لتشجيع السياحة، سواءاً الدولية أو العربية، وذلك إما من خلال طرح عروض مغرية بأسعار منافسة أو من خلال عرض جهود السلطات في ضمان الأمن والأمان، خاصة في المناطق السياحية.\nثورات الربيع العربي أثرت بشكل كبير على قطاع السياحة في دول الربيع (أرشيف)\nألمانيا والسياحة في الدول العربية\nيعتبر الألمان أكثر الشعوب التي تسافر في إجازات على مستوى العالم، إذ وفقاً لمجمع أبحاث السياحة والسفر في ألمانيا، أنفق الألمان نحو 87 مليار يورو عام 2016 على الإجازات. كما أنهم لا يلتزمون بمناطق معينة في سفرهم. إذاً، لا عجب أن يجد المسافر سائحاً ألمانياً على الأقل في أي بقعة حول العالم، وهو ما يفسر أيضاً المصادفات المؤسفة التي توقع ضحايا ألمان في معظم الاعتداءات الإرهابية التي تطال مزارات سياحية حول العالم.\nالدول العربية، وخمس منها تحديداً، كانت – وما زالت إلى حد ما – تلقى إقبالاً من الألمان عليها، لما تتمتع به من شواطئ ومناطق طبيعية وحُسن ضيافة سكانها، بالإضافة إلى تكلفة السفر والإقامة المنخفضة بسبب فارق العملات.\nلكن انعدام الاستقرار الأمني والسياسي في تلك الدول أدى إلى تراجع السياحة الألمانية في تلك الدول، لاسيما بعد أن أرفقت وزارة الخارجية الألمانية عدداً من تحذيرات السفر إلى تلك الدول بداعي التهديدات الإرهابية والقلاقل السياسية والاجتماعية أو ارتفعال معدلات الجريمة تجاه الأجانب.\nكارثة سقوط الطائرة الروسية في صحراء سيناء عام 2015 أدت إلى انقطاع شبه تام للسياحة الروسية والبريطانية في مصر (أرشيف)\nنمو السياحة الألمانية في مصر\nيقول أحمد الخطيب، مدير إحدى الشركات السياحية المصرية التي تعمل على استقطاب السياح الألمان، لـDW  عربية إن السياحة الألمانية باتت أكثر أهمية من ذي قبل بالنسبة لمصر، خاصة بعد تراجع السياح الروس والبريطانيين – الذين كانوا الأكثر توافداً على مصر – في أعقاب كارثة تحطم طائرة روسية خارج مدينة شرم الشيخ في أكتوبر/ تشرين الأول 2015، والتي راح ضحيتها 224 شخصاً.\nويتابع الخطيب بالقول: "السوق الألماني يمثل حالياً نسبة 70 في المائة من الإشغال فى الفنادق مقارنة بموسم 2016. كما تضاعف عدد الطائرات القادمة من ألمانيا إلى مدينتي الغردقه ومرسى علم، ومن المتوقع زيادة هذا الرقم مرة أخرى بحلول شهر نوفمبر/ تشرين الثاني".\nهذا ويلفت صموئيل نجيب، مدير دائرة المبيعات بمصر لسلسلة فنادق عالمية، النظر إلى سبب آخر مسكوت عنه ولكنه يساهم في عودة السياح الألمان إلى مصر، ألا وهو "ترسخ عقيدة قلة الأمان في دول العالم بعدما انتشرت العمليات الإرهابية في أنحائه، وآخرها فرنسا. كما أن الاعتداءات الإرهابية طالت ألمانيا أيضاً مؤخراً".\nيضاف إلى هذا كله الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية لترويج السياحة، سواءاً بالمشاركة في المعارض الدولية المختصة بالقطاع السياحي، أو الاستعانة بنجوم رياضيين وممثلين عالميين في إعلانات تشجيع السياحة، أو حتى دعوة قادة عالميين إلى مصر والاجتماع بهم في منتجعات ومناطق سياحية، مثل زيارة المستشارة أنغيلا ميركل الأخيرة وزيارة بابا الكنيسة الكاثوليكية فرنسيس.\nكما أن العامل الاقتصادي يلعب دوراً هاماً في عودة السياح إلى مصر، لاسيما بعد انخفاض الجنيه المصري أمام بقية العملات الدولية، وخاصة اليورو، في الأشهر الماضية، ما ساهم في تخفيض أسعار الرحلات والعروض السياحية إلى مصر بشكل كبير ومغر للسائح الألماني.\nإرسال فيسبوكƒ تويتر جوجل + Whatsapp Tumblr Digg Newsvine stumble linkedin\nالدول الثلاث الأخرى التي يُقبل عليها السياح الألمان هي الأردن والمغرب والإمارات. لم تعان المغرب أو الإمارات – وخصوصاً دبي – من تراجع في أعداد السياح الأجانب والألمان، بل في حقيقة الأمر، استفاد المغرب من تراجع السياحة في دول مثل مصر وتونس، ذلك أن السياح انتقلوا إلى المغرب كوجهة بديلة، وذلك بسبب التشابه في المناخ والبنية التحتية للسياحة وطبائع السكان.\nأضف إلى ذلك التعاون الوثيق بين المغرب وعدد من الدول الأوروبية، ومن بينها ألمانيا، في مجالات تشجيع السياحة، وتوقيع عدد من الاتفاقيات مع شركات سياحية ألمانية كبيرة لتسيير رحلات إلى الوجهات المغربية المفضلة لدى الألمان، لاسيما مدينتي أغادير ومراكش.\nيذكر أن نسبة السياح الألمان القادمين إلى المغرب ارتفع بنسبة 14 في المائة عام 2015، وربما يرتبط ذلك بالاعتداءات الإرهابية في تونس في ذات العام، والتي أدت إلى تراجع هائل في السياحة الأجنبية هناك.\nوفيما يتعلق بالأردن، الوجهة المفاجئة التي باتت تحظى باهتمام السياح الألمان مؤخراً، فرغم أن عدد السياح الألمان القادمين إليها ما يزال منخفضاً نسبياً مقارنة بوجهات سياحية عربية أخرى، إلا أن الاستقرار النسبي والجو المعتدل صيفاً، بالإضافة إلى الآثار الفريدة من نوعها – كالبتراء – والمواقع الدينية الهامة للمسيحية تشكل عامل جذب للسياح الألمان.\nلكن موقع الأردن بين عدد من مناطق الصراع الساخنة في الشرق الأوسط (العراق وسوريا وفلسطين) يزيد من صعوبة حملات تنشيط السياحة هناك، إضافة إلى كونه لا يتمتع بمنافذ بحرية كبيرة وشواطئ شاسعة كدول عربية أخرى تتصدره في القائمة. إلا أن المسؤولين الأردنيين يأملون في تزايد عدد السياح الأجانب، وخاصة الألمان، بفعل الاستقرار النسبي الذي تشهده المملكة مؤخراً، يُستثنى من ذلك المنطقتين الحدوديتين مع العراق وسوريا.\nاستثمارات هائلة وحملات ترويجية وبنية تحتية تضاهي الدول الغربية - سر محافظة الإمارات على تدفق السياحة عليها (أرشيف)\nالإمارات – "رب ضارة نافعة"؟\nتعتبر الإمارات العربية المتحدة من الوجهات الخليجية الأولى للسياح الأجانب والألمان على حد سواء، وخاصة مدينة دبي التي تحظى بشهرة عالمية حالياً، وذلك لأسباب لا تجهلها الغالبية. فبالإضافة إلى التطور العمراني والتكنولوجي الذي يضاهي عواصم غربية، تزخر مدن إماراتية مثل دبي وأبو ظبي والعين بالعديد من النشاطات السياحية، من شواطئ ورحلات تخييم في الصحراء، مروراً بأطول برج في العالم (برج خليفة) وعدد من المتنزهات المائية والحدائق والمتاحف ومراكز التسوق.\nكل هذا يعززه استقرار سياسي وأمني مستمر منذ سنوات، الأمر الذي أدى إلى ازدياد أعداد السياح الألمان، لاسيما أولئك الذين يقومون برحلات سياحية بالسفن العملاقة في فصل الشتاء.\nدبي تعدّ أيضاً من بين "الفائزين" بسباق السياحة في العالم العربي، لاسيما وأن الثورات العربية لم تطال الإمارات، ما عزز من ثقة السياح فيها ودفع بأرقام السائحين ونسب إشغال الفنادق فيها إلى الأعلى طوال السنوات الماضية.\nدعوات لتكثيف الحضور العربي في المعارض والفعاليات المختصة بالسياحة (أرشيف)\nمع التراجع الملحوظ الذي يشهده تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في كل من العراق وسوريا، وتباعد وتيرة الهجمات الانتحارية في بقية الدول العربية التي عانت من الإرهاب في السنوات القليلة الماضية، بدأ القائمون على قطاع السياحة في تلك الدول يشهدون انتعاشاً نسبياً في أعداد السياح الأجانب والألمان الذين يختارون العالم العربي هدفاً لإجازاتهم المقبلة.\nكما أن الحملات الترويجية التي تنظمها دول عربية لإنعاش السياحة، مقرونة بالاهتمام الإعلامي الكبير التي تحظى به الدول العربية مؤخراً – للأسباب الخاطئة للأسف – أثار فضول الكثيرين لزيارة تلك الدول وتجربة الأجواء والثقافة ربما لأول مرة.\nلذلك، ينصح خبراء في التنشيط السياحي بالانتظار ومراقبة التطورات السياسية في الدول العربية قبل إصدار أي أحكام مطلقة على القطاع السياحي العربي. أما بالنسبة لكثير من الألمان، فيبقى التوجّس والحذر سيد الموقف، والكثير منهم يفضل ألا يخاطر ويقضي الإجازة في دولة مستقبلها مهدد في أي لحظة.\nياسر أبو معيلق/ م.ه/ ط.ق\nحسب الرابطة الألمانية للسياحة، جذبت مصر عدداً كبيراً من السياح الألمان بلغ مليون سائح في عام 2015.\nتزخر أرض الكنانة بكنوز أثرية فرعونية ويونانية ورومانية، ما يجعل بعض المناطق بأكملها متاحف كبيرة.\nتتميز هبة النيل بشواطئ متميّزة بطول أكثر من 3000 كم على سواحل البحرين المتوسط والأحمر.\nبثقافته الشعبية وصناعاته التقليدية تشكل المغرب عامل جذب للسياح الألمان.\nفي عام 2015 كانت المغرب وجهة 615 ألف سائح ألماني.\nبشريط ساحلي يبلغ طوله 3500 كم، يعد المغرب إحدى الوجهات العربية الأساسية لهواة السياحة الشاطئية.\nيقصدها السياح الألمان لما تتميز به من بنية تحتية متطورة، بالإضافة إلى أبنيتها الشاهقة ومراكزها التجارية الباذخة الثراء.\nوتعد دبي إحدى أهم وجهات السياحة الفاخرة في العالم، وزارها في العام الماضي 416 ألف سائح ألماني.\nيشكل موقع الأردن الجغرافي كجسر يربط بين ثلاث قارات عامل جذب سياحي مهم، بالإضافة إلى أهميتها التاريخية وغناها بالمواقع الأثرية كمدينة البتراء المنحوتة في الصخور.\nوتشكل شواطئها على البحر الميت والبحر الأحمر نقاط جذب إضافية للسياح الألمان\nقصد 40 ألف ألماني الأردن في العام 2015.\nتتميز تونس بتنوع ثقافي متمثل بالآثار والمتاحف التي تعكس تواتر حضارات عريقة.\nيعد الشاطئ الشرقي لتونس المركز السياحي الأساسي للبلد. ويبلغ طول الشواطى التونسية 1200 كيلومتر.\nزار تونس في العام قبل الماضي 216 ألف سائح ألماني. إعداد: خ.س/ع.أ/م.ح

الخبر من المصدر