في المغرب.. «سيدنا رمضان» له مائدة خاصة

في المغرب.. «سيدنا رمضان» له مائدة خاصة

منذ ما يقرب من 7 سنوات

في المغرب.. «سيدنا رمضان» له مائدة خاصة

يُعد رمضان في المغرب ضيفا عزيزا يحرص المغاربة على استقباله أحسن استقبال وإعداد أبهى حلة له، إذ يتغيّر خلال الشهر الفضيل نمط حياة الناس اليومية كليا، وهو ما ينسحب على عاداتهم الغذائية وقوائم طعامهم.\nواستعدادا لرمضان، الذي بدأ اليوم السبت، تستنفر الأسر كل جهودها لإعداد مأكولات وشراء احتياجات من مواد غذائية تعتبر أساسية على مائدة الإفطار.\nوتشهد الأسواق انتعاشا كبيرا، تمهيدا لاستقبال "سيدنا رمضان"، كما يطلق عليه في المغرب، فزيادة العادات الاستهلاكية أحد طقوس الشهر، التي يتوارثها المغاربة.\nفي السوق الشعبي "الخبازات" بمدينة القنيطرة (شمال)، يبدو جليا من الوهلة الأولى أن السوق تخلى عن رتابة الأجواء التي تسوده عادة، ليلبس لباس المحتفي بحلول الشهر الفضيل، حيث تختفي سلع كثيرة من المحلات التجارية، لتفسح المجال أمام مواد يقبل عليها المغاربة في رمضان.\nكما يكثر عرض أهم ما تحتاجه النساء لإعداد الحلويات الرمضانية من "لوز" و"زنجلان" (سمسم) و"نافع"، وغيره، ويزداد التنافس بين الباعة في ترتيب البضاعة وبيان مزاياها لإقناع المشترين الذين يحجون إلى السوق أكثر في شهر الصيام.\nويلاحظ في السوق تغيّر واجهات عدد من المحلات، حيث أصبحت تعرض موادا غذائية، وينتعش عدد من أصحاب المهن الموسمية من الشباب العاطلين عن العمل، وخاصة باعة الفطائر والحلويات والتمور.\nأثناء تسوقها في "الخبازات"، قالت فاطمة غياط (45 سنة)، للأناضول، "هذه هي المرة الثالثة التي أتردد فيها على السوق، وفي كل مرة اكتشف أنني لم أشتر كل ما هو مطلوب".\nوفي العاصمة الرباط لا يختلف المشهد في السوق المركزي بالمدينة العتيقة عن نظيره في القنيطرة؛ فالسوق يعرف حركة دؤوب وإقبال ورواج كبيرين في تجارة المواد الغذائية، التي تزين مائدة الإفطار، والألبسة التقليدية التي يحرص المغاربة على ارتدائها خلال تبادل الزيارات العائلية، وحين الذهاب إلى المساجد لأداء صلاة التراويح.\nلا تخلو موائد إفطار المغاربة، على اختلاف مستواهم المعيشي، من "الحريرة"، (حساء مغربي من أصل أندلسي)، التي تتربع على عرش المائدة بلا منازع، لكنها لا تحلو إلا بوجود "الشباكية"، وهي حلوى عسلية، مشبكة بعناية، مزينة بالسمسم، ومعطرة بالينسون وماء الزهر والشمر، ولا يمكن أن تمر من حي أو زقاق دون أن تشتم رائحتها من كثرة المحلات التي تختص ببيعها، رغم أن عددا من الأسر ما زالت تفضل إعدادها في المنازل.\nويختلف ثمن هذه الحلوى حسب جودة مكوناتها. وبحسب محمد عدنان (60 سنة)، بائع حلوى، في حديث مع الأناضول، فإن "ثمن الشباكية يتراوح بين 20 درهما (دولارين أمريكيين) إلى 120 درهما (12 دولارا) إذا كانت العجينة من اللوز".\nكما لا يمكن أن تكتمل المائدة الرمضانية في غياب التمر والحليب، الذي يعتاد المغاربة على الافتتاح به عند الإفطار، فضلا عن "سلو"، ويسمى "السفوف" أيضا، ويبدو كعجين رقيق، مكون أساسا من مزيج من الطحين المحمص واللوز والسمسم والسكر والزبدة.\nوتبقى أطعمة أخرى بمثابة "نوافل"، تحضر وتغيب حسب الإمكانيات، منها "البريوات" المعروفة في الشرق الأوسط باسم "السمبوسة"، و"المسمن" (رغايف)، وهو أحد أشهر الفطائر المغربية، و"البغرير"، وهو مثل "القطايف" لكن حجمه أكبر ولا يتم حشوه، إذ يكتفي المغاربة بصب قليل من الزبدة المذابة في العسل عليه.\nوحتى تظهر المائدة المغربية في أبهى حلة لها، "تحرص الأسر باختلاف مستوياتها المعيشية على اقتناء أجمل أنواع الأواني، خاصة الفخارية والنحاسية، حتى أن تغيير الأواني المنزلية، أو على الأقل تبييض الفضية منها، أصبح عادة تسبق شهر رمضان عند معظم النساء"، وفق محمد الطرمبي (55 سنة)، وهو بائع أوان منزلية في مدينة القنيطرة.\n"الطرمبي" أوضح، أن "الإقبال على اقتناء الأواني المنزلية يرتفع مع حلول شهر رمضان والأسابيع التي تسبقه أكثر من غيره من الشهور".\nومن أهم الأواني المنزلية التي يحرص المغاربة على حضورها على مائدة الإفطار "الزلافة الفخارية" و"المغرفة الخشبة" لتناول "الحريرة"، مما يعكس تشبث المرأة المغربية بعاداتها وتقاليدها الأصيلة مهما غيرت وجددت.\nوتقتني النساء أيضا في هذا الشهر الطواجن المصنوعة من الطين الأحمر، لإعداد أشهى الوجبات في العشاء والسحور، إضافة إلى صحون لتقديم الحلويات، خاصة "الشباكية" والتمور في الإفطار، و"سلو" مع الشاي بعد التراويح.\nوتشهد بعض المناطق إقبالا على اقتناء مصابيح تقليدية زاهية تصنع من الزجاج الرفيع والنحاس الخالص، وتستعمل إضاءتها الجميلة للزينة في البيوت والشوارع ومحلات ليالي السهر الرمضاني.\nويحرص معظم المغاربة على شراء المواد الغذائية لرمضان غير آبهين بما قد تخلفه من إرهاق لجيبوهم.\nصلاح الدين العلمي (37 عاما)، وهو موظف، قال للأناضول: "أضطر في كل مرة إلى الاقتراض من أصحابي لإتمام شهر رمضان، فأنا حريص على اقتناء كل ما تشتهيه عيني أو تطلبه زوجتي، ولا يشكل ذلك بالنسبة إلي أي ضغط نفسي".\nووفق قول محمد سعيد (54 سنة)، بائع حلوى، للأناضول، فإن "تزامنُ رمضان مع فصل الصيف وارتفاع درجة الحرارة (ما يهدد بإفساد الأغذية) جعل أسعار بعض الأغذية ترتفع مقارنة مع باقي فصول السنة، لكن ذلك لم يمنع المواطنين من الإقبال على اقتناء ما يحتاجونه من مواد".\nوإذا كان المغاربة يحرصون على تزيين مائدة الإفطار، رغم ما تكلفه من مصاريف، فإن التجار يستفيدون من كثرة الإقبال على سلعهم.\nأحد هؤلاء التجار، وهو محمد الفرواتي (61 عاما)، بائع توابل وفواكه جافة، قال للأناضول: "ما أتحصل عليه من مداخيل بمناسبة رمضان يفوق ما أجنيه خلال باقي أشهر السنة".\nوبحسب "المندوبية السامية للتخطيط" (الهيئة الرسمية المكلفة بالإحصاء)، فإن نفقات المغاربة، خلال رمضان، ترتفع بنسبة 16.3% في المستوط، ويزيد إنفاق الأسر على الغذاء بنسبة 37%، موضحة أن الإنفاق يتطور تدريجيا حسب مستوى معيشة الأسرة، إذ ينتقل من 22.5% كأدنى نسبة، إلى 40%.

الخبر من المصدر