لغز التناقضات القطرية

لغز التناقضات القطرية

منذ 7 سنوات

لغز التناقضات القطرية

إذا صحت التصريحات المنسوبة لأمير قطر تميم بن حمد آل ثان ليلة الثلاثاء الماضى، فالمؤكد أن خريطة التفاعلات العربية والخليجية مقدمة على أيام صعبة ومفاجآت قد تكون صادمة.\nالعالم العربى استيقظ على تصريحات خطيرة نشرتها وكالة الأنباء القطرية «قنا» لأمير بلادها يطلق فيه تصريحات صادمة جدا أخطرها أن قطر تستضيف قاعدة العديد العسكرية الأمريكية فى بلادها لتحميها من بعض «جيرانها» فى إشارة إلى السعودية، وأنها مع إقامة علاقات جيدة مع إيران باعتبارها ضامنة لاستقرار المنطقة، وأن حزب الله حركة مقاومة وليس تنظيما إرهابيا. تصريحات الأمير تضمنت أيضا أن بلاده تقيم اتصالات مع إسرائيل، وتعتبر حركة حماس الممثل الشرعى للشعب الفلسطينى وليس منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية، إضافة بالطبع إلى انتقادات تقليدية لمصر والإمارات فيما يتعلق بتصنيفها لجماعة الإخوان إرهابية.\nظلت هذه التصريحات موجودة لساعتين على الوكالة الرسمية القطرية، وبعدها تم الإعلان أن موقع الوكالة تعرض للقرصنة، وأن التصريحات غير صحيحة بالمرة وأنه سيتم إجراء تحقيق فى الأمر!!!.\nفى نفس توقيت وضع هذه التصريحات التى قالها أمير قطر خلال حفل تخريج دفعة عسكرية، نشرت نفس الوكالة تصريحا لوزير الخارجية القطرى محمد بن عبدالرحمن يقول فيه إن بلاده ستسحب سفراءها من مصر والسعودية والإمارات والبحرين والكويت وستطلب من سفراء هذه البلدان مغادرة الدوحة خلال ٢٤ ساعة. والغريب أيضا إعلان الوكالة لاحقا أن تصريح وزير الخارجية، تم تحريفه لكنها هى أو غيرها لم تذكر ما هو التصريح الأصلى الذى تعرض للتحريف!.\nعلى ذمة وسائل إعلام سعودية منها صحيفة عكاظ وفضائية العربية، فإنه يصعب تماما تصور أن موقع وكالة «قنا» قد تم قرصنته، والدليل أن النفى جاء بعد ساعتين كاملتين من بث التصريحات، وتم توزيعه على مواقع الوكالة على الفيس بوك وانستجرام وتويتر بالعربية والإنجليزية، وكذلك فقرات متعددة منه على شريط الأخبار «النيوزبار» بالتليفزيون الرسمى. حتى هذه اللحظة التى أكتب فيها هذه الكلمات عصر الأربعاء ــ ليس واضحا ما الذى حدث وما الذى يدفع أمير قطر لإطلاق هذه التصريحات، إذا صح أنه قالها ــ ولماذا تم السكوت ساعتين كاملتين قبل أن يتم النفى ولماذا فى هذا التوقيت بعد ٤٨ ساعة فقط من وجوده فى الرياض لحضور قمة ترامب مع القادة العرب والمسلمين؟!!.\nوإلى أن تتوافر إجابات هذه الأسئلة رسميا، نلفت النظر إلى وجود عدة مقالات فى الصحافة الأمريكية والغربية أخيرا، تنتقد السياسة القطرية ودورها فى دعم بعض التيارات الإسلامية المتطرفة.\nنفى قطر للتصريحات وأنها عملية قرصنة، لم تجد تصديقا خليجيا خصوصا فى السعودية وقطر، وكان واضحا أن وسائل الإعلام فى البلدين شنت طوال يوم الأربعاء انتقادات حادة وغير مسبوقة ضد «التناقضات القطرية فى كل الملفات والمواقف والانقلاب على الثوابت الخليجية».\nورأينا منعا وحظرا من السعودية والإمارات لمواقع وسائل الإعلام القطرية خصوصا «الجزيرة» وتصريحات لإعلاميين خليجيين، «تفتش فى القديم والجديد» لقطر ومواقفها ضد ما أسموه «الثوابت الخليجية».\nهل تعرض موقع «ق ن ا» للقرصنة فعلا، أم أن التصريحات صحيحة لكنها لم تكن للنشر، ونشرت بطريق الخطأ، أم أنها رسالة لمن يهمه الأمر، وأن قطر قررت أن تسفر بوضوح عن مواقفها؟!.\nلمن يتابع السياسة القطرية منذ عام ١٩٩٦ سيجد أن التصريحات المنسوبة للأمير، هى جوهر السياسات القطرية منذ انقلاب الأمير الوالد حمد بن خليفة على والده عام ١٩٩٦.\nقطر استضافت قاعدة العديد الأمريكية، وأقامت علاقات مع إسرائيل ومع إيران ودعمت المنظمات الإرهابية فى سوريا واستضافت مقرا لطالبان فى الدوحة، وغازلت حزب الله المصنف خليجيا باعتباره إرهابيا، وهى الداعم الأكبر لجماعة الإخوان وتستضيف قادتها وكوادرها منذ خلعها من حكم مصر فى ٣٠ يونيو ٢٠١٣.\nمن دون أى افتراءات يصعب التوفيق بين كل هذا الكم من التناقضات القطرية.\nوكثيرون حائرون فى الإجابة عن السؤال الصعب وهو: كيف يمكن لدولة أن تجمع بين حب وصداقة وغرام أمريكا وإسرائيل وإيران وطالبان والإخوان وحزب الله وحماس فى سلة واحدة ووقت واحد.. هل من إجابة لهذا اللغز؟!

الخبر من المصدر