مرثية مريم توفيق.. | المصري اليوم

مرثية مريم توفيق.. | المصري اليوم

منذ 7 سنوات

مرثية مريم توفيق.. | المصري اليوم

فى عيد القيامة المجيد، تلقيت هذه الكلمات الحزينة من الشاعرة مريم توفيق..\nماذا أقول يا رفاقى الآن فالأغصان شاحبة وأنا لم أقرأ الغيب، آمنت بحسن الظن، وتركت الأيام تمضى بين مد وجزر، تعب القلب يشكو العناء من عنف وإصرار أن يأتى العيد وأنا مكبلة بأغلال، سئمت ما أبصرت عينى من سيل الدماء، من جنّد هؤلاء المشغولين بالجنة والنار فحولوا حياتى إلى سجن؟.\nقاتل وقتيل، تتساقط الأعمدة والجدران، تتراقص النيران على أشلاء رأفة الإنسان بأخيه الإنسان، لماذا نودع الأطفال فى أحد الشعانين؟ لماذا تلون سعف النخيل بالأحمر القانى؟ تفجيران من وهج الشرر رسما على وجوه المصريين تعابير الكدر والضجر.\nكل شيطان تصور أنه بطل، من هؤلاء الذين تمادوا يصوبون خناجرهم فى قلب مصر؟ والمستوطنون فى فلسطين يرتعون فى ساحة الأقصى، لا يسترون وجوههم من الخجل، أين أنت يا طارق من الدم المسفوح؟ أين أنت يا صلاح الدين من الذين يشهرون السلاح فى قلب الجنين؟\nلماذا القلب تصحر؟ الخريف بات طول العام حياً فى غابة سوداء، والآفاق برق ورعد، تقطعت بى السبل فى الليل وأنا عن دارى أرحل، يا وطنى تملكنى اليأس فكم سامحت، عجبا لهم كم اتخذت منهم صديقا، حسبته أخا برا شقيقا، فى الضلوع مسكنه، سقيته من الحب رحيقا، كسرة الخبز اقتسمناها، وكتبنا بالدماء عهدا وثيقا، سيفنا ودرعنا جيشنا، أنا وأنت يدا بيد إلى القدس طريقا، لكنك فى الدجى خنت الرفيقا، صوبت سهمك فوق هامتى لأختبئ، ومازلت ترجمنى بحجر.\nالمخالب المسمومة تنهش روحى، تحط فوق مقلتى، فقدت البصر، خبرنى بالله ماذا جنيت؟ من الصبار أنت أم من الورد؟ قلبك من لحم ودم أم من حجر أصم؟ لست أنا العدو تذبحنى، تفزعنى، تسقطنى فيضمنى الأخدود، لماذا تتناسى أننا كنا معا فى حومة النضال على مر العصور، اسأل التاريخ كم من الشهداء زفوا فى عرس السماء؟ اسأل سيناء الحبيبة عن الحب دون رياء، العبور العظيم.\nكيف تأوى إلى فراشك قرير العين تنام والأم استيقظت فودعت ابنها والابنة لثمت أباها؟ القلوب انشقت من العويل والبكاء، كل الأشياء تحتضر، وأنت تبغى ألا يتوقف أحد عندى فيلقى علىّ السلام، فأنشده رائعات القصيد، عن معنى الحب، لكن بئس الحب يا وطنى إذا هتفوا بالأمجاد والجرح واللهب خلف أصفادى.\nلماذا يسكبون سترا من الخرافات فأظل رهينة هذا الضجيج، أشكو القلب الخؤون، لأرحل عن الوطن، فالولد أيضا يرتجى الرحيل، شابت لياليه بعدما أقيم العزاء فى مأتم الزهور، أحلامه زيت على نار وغول، ضج منى وكل لحظة أقول: الصبر يا ولدى جميل، لا ظل ظليل، لا خليل يسر الخاطر، لا ماء سلسبيل، طعامنا كآبة وذهول.\nيا نيل، أين صدق الكلمات عندما وقفنا على الشطوط نرتجى نصر السماء؟! غامت الألوان، لم يعد هناك فجر ولا سحر اللقاء، على كفى منديل بحرفين طرزا بالحزن الآن، وهم كان الشوق بعدما نما بيننا ظل جدار وشقاء، أراقب البوم والعناكب الدميمة تنسج خيوطها فوق قلبى، أنا من كتبت عن عودة الطيور وانتصار الحروف قصائد الجهاد ضد الغزاة الطامعين فى أرضى، أنا من سطرت الهتافات النبيلة للقدس الشريف، يا أخى، ماذا دهاك ألا تهتز من أنين الثكالى؟ أما استفاق ضمير فى الجوانح من هول ما اقترفت فى حق المصريين؟ لكن الشهــداء جبل من الإيمان، فى جنان الخلــد أحيــاء وفى ذاكــرة التــاريخ نور.

الخبر من المصدر