«الوفد» تقتحم عالم الدرجات العلمية المزيفة

«الوفد» تقتحم عالم الدرجات العلمية المزيفة

منذ 7 سنوات

«الوفد» تقتحم عالم الدرجات العلمية المزيفة

الوصول إلى النجاح والابتكار أمر ليس بالهين، فسنوات العمر تضيع ما بين الأبحاث والمناقشات حتى ينتج الباحث بحثًا علميًا جديرًا بالاهتمام والمناقشة، لينال درجة علمية متميزة\nوربما يحصل عليها بعد سن الـ60 عامًا.\n لكن المؤسف فى هذا الزمان إذا أردت الحصول على أرقى الشهادات العلمية فإنك تحصل عليها دون عناء أو مجهود، وما عليك سوى الدخول إلى صفحة «شهادات جامعية» عبر موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، وهى صفحة تتاجر بعقول الشباب والشابات وأحلامهم المستقبلية، وتسرق الأبحاث العلمية والاختراعات الابتكارية وحقوق الملكية الفكرية، مقابل مبالغ مالية كبيرة تصل إلى آلاف الدولارات، ويحصلون عليها من جامعات إنجليزية وأمريكية.\nوالأدهى من ذلك أن تلك الشهادات المزورة، مهما اختلفت مسمياتها، تجدها تحمل شعارات السفارات المصرية بالبلدين، ومصدق عليها، وأصبحت أسهل الطرق للثراء السريع، عبر النصب والخداع والغش، والمكاسب التى يحققونها دون وجه حق، والسبب فى ذلك تراجع دور جهات الرقابة الأمنية على برامج وصفحات الإنترنت، والنتيجة الحتمية هى ضياع مستقبل الأمة فى شبابها.\nولتلك المراكز فروع داخل مصر، فبعضها محلى ذو مقر ثابت، وتمارس العديد من الأنشطة التعليمية، وتقوم ببيع شهادات الماجستير والدكتوراه للراغبين فى الحصول على درجات علمية متميزة، وبعضها الآخر دولى ومكتبهم فى مصر عبارة عن فرع واحد من فروع عديدة منتشرة فى عدة دول عربية، تنتمى لشركة يقال إن مقرها فى الولايات المتحدة الأمريكية، هذه النتيجة توصلنا إليها من خلال بحث «الوفد» الذى استمر شهورًا فى متابعة هذه الصفحة التى تتلاعب بعقول وأحلام الشباب، ووجدت أن هناك العديد من المواقع الأمريكية التى تتيح لأى شخص فى أى مكان فى العالم تأسيس شركة داخل الولايات المتحدة، بشرط وجود عنوان محدد للمقر.\nونذكر هنا واقعة حدثت فى عام 2010، عندما بدأت تظهر تلك المراكز بقوة، ووقتها قام البرلمان ولم يقعد، حينما تمت مناقشة طلب أحد النواب بمساءلة جامعة عين شمس عن شهادتى الماجستير والدكتوراه فى إدارة الأعمال، التى تمنح بالتعاون مع جامعة ويست بروك الأمريكية – حسبما روج مركز خدمات «ايم ويست بروك».\nواكتشف بعد ذلك ان المركز غير معترف به، على خلاف ما هو معلن رسميًا من قبل الجامعة، إذ نفت جامعة «ويست بروك» وجود أى تعاقد بينها وبين جامعة عين شمس. بدأنا البحث عن المستخرجات المزورة عبر مواقع التواصل الإجتماعى «فيسبوك»، ولاحظنا وجود صفحة تسمى «شهادات جامعية» تعلن عن وجود شهادات جامعية «بكالوريوس، ودبلومات، وماجستير، ودكتوراه»، وتؤكد الصفحة أنها معتمدة من جميع الكليات والجامعات ومن المجلس الأعلى للجامعات المصرية وموثقة من وزارة الخارجية، ولا يقف الخداع والنصب على عقول الشباب من الجنسين عند هذا الحد، بل يعلن «الأدمن» عن وجود شهادات للثانوية العامة.\nقامت «الوفد» بمراسلة الصفحة لـ 3 أشهر، ولم يجب «الأدمن» على أى أسئلة، بل كانت كل إجاباته «أرجو التواصل على الخاص»، حتى لا يكشف عن أى معلومات أمام المشتركين، لكننا لم نيأس بل أرسلنا لـ«أدمن» الصفحة طلبًا بالحصول على دبلومة فى القانون العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة، ووجه «الأدمن» الصفحة وقتها إلى شخص يدعى «تامر أنور»، وأرسل رقم هاتفه.\nوحينما قمنا بالاتصال، أخبرنا أنه لن يتحدث فى الهاتف كثيرًا، وإنما يمكنه التواصل عن طريق أحد برامج الشات على الموبايل، وإرسال رسالة بالطلب.\nوأخبرنا وقتها أن سعر الشهادة 45 ألف جنيه.. و«الشهادة أصلية ومختومة من أرشيف الجامعة» والمطلوب هو «شهادة الميلاد، وصورة شخصية، وتفاصيل الدبلومة، والسنة، والتقدير».\nوعندما سألناه عن إمكانية الاستعلام عن الشهادة الجامعية قبل الدفع.. أجاب قائلًا: «مفيش جامعة بيحصل فيها أن الطالب بيروح يستعلم عن نفسه.. حضرتك بالشكل ده بتفضح نفسك.. وبتثير الشكوك حواليك.. وبتضر الموظف بتاعنا فى الجامعة.. بس أقدر أسلم حضرتك استمارة بدل فاقد للدبلومة تستخرج فى فترة حوالى 50 يومًا وتروح وتستلمها بنفسك».\nتأكدت وقتها من الخدعة الكبرى التى من السهل ان يقتنع بها كثيرون ويقعوا فريسة سهلة لمعدومى الضمير من المتلاعبين بعقول الشباب والشابات الراغبين فى الفوز بشهادات علمية متميزة.\nوعندئذ طلبنا منه التأكد من الاستمارة، وكان الرد المتوقع والمضحك أن «الاستمارة ملهاش تأكيد لأنها مكتوبة بخط يد الموظف المختص.. وقال إنه يتقاضى 15 ألف جنيه مقدما والباقى عند الاستلام».\nسألناه عن سعر الماجستير والدكتوراه، وأخبرنى أن سعر الماجستير 55 ألف جنيه بالرسالة و60 ألفا للدكتوراه بالرسالة أيضًا.\nأخبرناه أننا سنقوم بتجهيز الأوراق الشخصية والدفعة الأولى فى غضون 4 أيام، وطلبنا منه إرسال عنوان مقر المكتب، حتى يمكن التعامل مباشرة معه. لكنه اخبرنى انه ليس هناك أى مقر حاليا، ولكن يمكننى التأكد من سمعته الطيبة عن طريق السؤال عنه عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي أو يمكننى الذهاب إلى مدينة الإسكندرية والجلوس معه بأحد الأماكن العامة والاتفاق مباشرة معه على كل شىء.. واخبرنى انه يقوم بعمل 30 شهادة فى الأسبوع الواحد.\nالتجربة الثانية كانت مع مركز (يو اى جى) أو المجموعة العالمية المتحدة..فى الحقيقة لم استطع الذهاب إلى مقر الفرع لتلك الشركة، لكننى أرسلت لهم أننى معى شهادة الثانوية العامة وأريد أن أحصل على شهادتى البكالوريوس والماجستير فى آن واحد، لتأتينى الإجابة الكترونيا بالموافقة طالما كانت سنوات خبرتى توازى مجموع الخبرات المطلوبة للشهادتين.\nثم عدلت طلبى مرة أخرى فى محاولة لتعقيد الأمر لأسألهم حول إمكانية منحى الشهادة بتاريخ سابق ليأتينى الرد مرة أخرى بالإيجاب، حيث يمكننى الحصول على شهادة بتاريخ سابق بحد أقصى 10 سنوات ماضية، بشرط ما نجحت فيه هو اننى أغضب متلقى أسئلتى وذلك لانتقادى مستوى الجامعات التى يتعاملون معها ورغبتى فى أن تكون شهادتى صادرة من جامعات عريقة مثل «هارفرد» و«أكسفورد» أو «السربون».\n فكانت الاجابة نصًا: «هذه الشهادة دون دراسة وتكلف أقل من 5000 دولار دون التزام دراسى، أما الجامعات العريقة فالدراسة بها تتكلف أكثر من 100 ألف دولار مع الالتزام الدراسى، وأن شهادتنا تهدف إلى تحسين المستوى الاجتماعى والمساهمة فى توفير فرص عمل خصوصا فى الدول العربية مثل مصر التى تقيم الشركات فيها موظفيها على أساس الشهادات وليس الأداء، مع التأكيد على أن سفارات مصر ستصدق على الشهادة.\nشواهد كثيرة ماثلة فى الاذهان تؤكد زيادة عمليات الغش الفكرى وسرقة حقوق المتفوقين والمبتكرين حدثت خلال الفترات السابقة ومنها ما حدث مع فؤاد حلمى، طبيب أسنان، الذى تعرض لعملية نصب كبيرة هو وزملائه، بعد أن قرروا الحصول على شهادة من الخارج مقابل مبلغ مالى كبير.\nلكنها هذه المرة كانت مع شركة «spc» الموجودة بـ9 شارع عباس العقاد، حيث استغلت غياب جهات الاعتماد، وروجت لدبلومات علمية، لكنها فى حقيقة الأمر «وهمية» وليست معتمدة، سواء الموجودة داخل مصر او خارجها، واستخدمت اسم المجلس العربى للدراسات العليا والبحث العلمى للتسويق إليها، علما بأن هذا المجلس أوقف التعامل معها، بسبب واقعة نصب شهيرة تحت مسمى «royal swedish phoenix academy» رويال سويدج، حيث اكتشف انها ليست جامعة، ولم يكن لها مقر بالسويد أو انجلترا، لكن مقر الجامعة الاجنبية يقع فى مدينة نصر وهو المكان المخصص لطبع الشهادات، بينما ادعت الشركة تعاونها مع جامعة كامبريدج.. ولا يوجد بها مجال تعليم خاص بالأسنان.. وليست معتمدة من التعليم العالى بإنجلترا.\nوأكد «حلمى» أن عملية النصب أثرت بشكل كبير على سمعة كثير من الاطباء، ومضيفًا أن احد الاطباء منع من دخول إحدى الدول العربية لمدة عامين، بسبب اكتشاف شهادته المزورة.\nوفى منتصف شهر يوليو الماضى نشرت وزارة التعليم العالى بيانا رسميا يضم أسماء الكيانات العلمية الوهمية لتحذير طلاب الثانوية العامة من الالتحاق بها، والتى تم الكشف عنها بعد قيام وزارة التعليم العالى بـ 27 ضبطية قضائية.\nونرصد أسماء الجامعات والمعاهد الخاصة التى تدور حولها علامات الاستفهام خلال الفترة الماضية وعلى رأسها الاكاديمية الدولية للنظم التعليمية بمنطقة الشيراتون بمصر الجديدة، والجامعة السويسرية بمدينة نصر، والاكاديمية الحديثة للعلوم المتطورة بالمهندسين، والاكاديمية الكندية الاوروبية، والشركة الأوروبية لتكنولوجيا المعلومات والدراسات المتطورة، والمعهد الحديث لتكنولوجيا الحاسبات واللغات بالبدرشين، جامعة «بورتو سموث» بمركز الشرق الأوسط، جامعة كاليفورنيا ميرمار، المعهد العالى للدراسات التعاونية بالمنيرة، والاكاديمية البحرية التجارية المصرية بمدينة الإسكندرية، واكاديمية النصر بالعاشر من رمضان، واكاديمية المعرفة للتدريب والاستشارات، اكاديمية الشرق بالزقازيق، الاكاديمية الحديثة للعلوم المتطورة.

الخبر من المصدر