بالتفاصيل.. قصة تصفية الأشباح المصرية التى تحكم القاعدة من إدلب إلى القاهرة

بالتفاصيل.. قصة تصفية الأشباح المصرية التى تحكم القاعدة من إدلب إلى القاهرة

منذ 7 سنوات

بالتفاصيل.. قصة تصفية الأشباح المصرية التى تحكم القاعدة من إدلب إلى القاهرة

عمليات قتل أبو الخير وأبو هانى وأبو الأفغان جرت بالتوازى مع إعلان دولة القاعدة فى سوريا بأيدى مصرية\nرفاعى طه أول الضحايا.. وأبو الفرج المصرى أشهرها.. وغياب مريب للإسلامبولى وسيف العدل\nمخاوف من نقل تحالفات القاعدة الجديدة إلى مصر عبر تنظيمات هشام عشماوى ومختار بلمختار بليبيا وشمال إفريقيا\nهل فى الأمر صدفة؟.. لا يبدو منطقيا أن تدور عجلة الاغتيالات والاستهدافات لفئة بعينها من رؤوس المتشددين فى ميدان قتال مشتعل على نحو غير مرتب.. تصديق تلك الفرضية سذاجة مفرطة على الأرجح.\nفى أقل من 5 أشهر فقط، قُتل 4 جهاديين مصريين من كبار قادة القاعدة فى سوريا، بيد أن غالبيتهم قضوا نحبهم فى إدلب، شمالى بلد بشار الأسد الغارق فى اقتتال دام وصراع على السلطة وتحارب دولى وإقليمى على السيادة والنفوذ، منذ أكثر من ست سنوات.\n أكبر وآخر تلك الرؤوس الطائرة، كان أبو الخير المصرى (أحمد حسن أبو الخير)، وهو معروف أيضًا باسم عبد الله عبد الرحمن، ويشار إليه كنائب زعيم القاعدة الحالى، أيمن الظواهرى، حيث اصطادته طائرة أمريكية من دون طيار فى المحافظة السورية الشهيرة المطلة على تركيا والفضاء الواصل إلى أوروبا.\nووصل أبو الخير المصرى إلى سوريا قبل عامين، قادمًا من إيران حيث كان رهن الاحتجاز الإجبارى فيها بمعسكر شيراز، على مدار 13 عامًا، مثله مثل العشرات من قادة القاعدة ممن لجأوا إلى دولة الملالى، بعد ضرب واشنطن لمعاقل التنظيم فى أفغانستان فى العام 2011 وما بعدها.\nوهو فى الأصل قيادى مقرب من الظواهرى إبان كانا فى مصر تحت راية تنظيم الجهاد المحلى، وترافقا معًا فى محطات وسفريات عدة وصولًا إلى أفغانستان حيث العمل فى معية قاعدة أسامة بن لادن.\nبل إن بيت أبو الخير المصرى بكابول الأفغانية، كان شاهدًا على عرض خالد شيخ محمد، مخطط هجمات الحادى عشر من سبتمبر، على قادة القاعدة الكبار.\nورغم وجود أبو الخير المصرى فى سوريا على مدار عامين كاملين، فإن كثيرين لا يعلمون ظروف قدومه إليها، وعما إذا كان ذلك بدافع شخصى عقب إطلاق سراحه من قبل طهران، أو كونه وصل إلى مناطق المواجهة، على خلفية تحريره من قبضة الإيرانيين فى صفقة تبادل شملته وعددا من كبار قادة القاعدة ممن كانوا فى بلد الفقيه، وتم استبدالهم بدبلوماسى ينتمى للأخير، تم اختطافه فى اليمن من قِبل تلاميذ أسامة بن لادن.\nالظهور الأبرز لأبى الخير فى سوريا وهو مسؤول تنظيمى عن الدعم اللوجيستى والتدريب والتمويل المادى كان صوتيا، عندما بارك خطوة جبهة النصرة بالانفصال التنظيمى لا الروحى عن القاعدة وتحولها إلى جبهة فتح الشام محلية التوجه، سياسية لا عقائدية الأهداف.\n وينسب إليه معارضته تأسيس فرع علنى للقاعدة فى سوريا، وذلك ربما يدعم احتمالية عزله من نيابة الظواهرى قبل مقتله بفترة ليست طويلة.\nالطريقة ذاتها فى القنص الطائر بالتوجيه عن بعد التى خطفت روح أبى الخير، وكذا المكان نفسه التى كان شاهدًا على آخر أنفاسه، إدلب، حيث الكثافة السنية العربية فى ظل وجود محدود ولكن لافت للأكراد والأتراك، ارتبطا كذلك باغتيال ثلاثة قاعديين آخرين.\nأولهم، أبو هانى المصرى، الذى قتل مطلع فبراير الماضى، وتعرفه سجلات البنتاجون أنه «أشرف على إنشاء وتشغيل العديد من المعسكرات التدريبية للقاعدة فى أفغانستان فى الثمانينيات والتسعينيات، كما جند وأدلج ودرب وجهز آلاف الإرهابيين الذين انتشروا لاحقًا فى المنطقة».\nوقبلها، وتحديدًا، فى نوفمبر الماضى، قتل القيادى الثانى، أبو الأفغان المصرى، بالطريقة ذاتها وفى المكان نفسه، وهو مسؤول قاعدى مؤثر أيضًا.\nوفى أكتوبر الماضى، كان أحمد سلامة مبروك، أحد الأسماء الجهادية المصرية الشهيرة، هو الضحية والقيادى الثالث فى هذا الصدد.\nمبروك الملقب بأبى الفرج المصرى، سبق اتهامه فى اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، ثم إدانته فى قضية الجهاد الكبرى بداية ثمانينيات القرن الماضى، قبل أن يسافر لقتال السوفيت فى أفغانستان، وهناك تعرف على أيمن الظواهرى، ليساهم بفاعلية فى تأسيس تنظيم القاعدة، بعدها بسنوات سقط فى يد الأمريكان وتم ترحيله إلى القاهرة ليقبع بالسجن حتى حرر قيوده الرئيس الإخوانى المعزول، محمد مرسى.\nيقال إن مبروك كان من الضالعين فى تأسيس تنظيم أنصار بيت المقدس الإرهابى بسيناء، ثم ما لبث أن ترك موقعه، ليختفى عن الأنظار بعد سقوط دولة المرشد فى 3 يوليو 2013، ويظهر فى سوريا مع بداية العام الجارى، بينما لم ينس النبش فى الشأن المصرى بالدعوة للخروج على حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى وإعلان الحرب على نظامه، وعلى كل من ساند 30 يونيو.\nحسب تعريفاته الرسمية التى كانت متداولة فى سوريا قبل اغتياله، أنه كان «يعد الرجل الثانى فى جبهة فتح الشام (النصرة سابقًا، فرع القاعدة بسوريا)، بعد أبو محمد الجولانى، وأحد أبرز قضاة التنظيم الشرعيين، وقد ظهر فى إصدارات أخرى لجبهة النصرة قبل فك ارتباطها مع تنظيم القاعدة مثل (ورثة المجد 2)، ثم ظهر إلى جانب الجولانى خلال إعلانه تأسيس جبهة فتح الشام (قبل أشهر قليلة).\nغير أن أول الرؤوس المقطوعة بطائرة أمريكية من دون طيار من بين الجهاديين المصريين الكبار فى إدلب، كان رأس رفاعى طه، وكان ذلك قبل عام تقريبًا، وهو بالمناسبة أيضًا كان من مؤسسى تنظيم القاعدة مع بن لادن والظواهرى.\nأى إنه فى 12 شهرًا فقط قتلت 5 قيادات مصرية نافذة ونشطة بسوريا دفعة واحدة.\nوكان طه وهو رئيس سابق للجناح العسكرى للتنظيم، بصحبة محمد شوقى الإسلامبولى، شقيق خالد الإسلامبولى قاتل السادات، وأحمد سلامة مبروك، فى مهمة تقريب ودعوة للاتحاد فى كيان جهادى واحد بين الفصائل السنية المقاتلة فى سوريا، سواء كانت توجه سلاحها صوب رأس نظام بسار الأسد، أو حتى كان بينها وبين تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش تناحر وتقاتل متبادل، وهو ربما انتهى إلى تأسيس جبهة فتح الشام كوريثة شرعية للنصرة القاعدية.\nثم ما لبثت الأخيرة أن دخلت فى تحالف تكتيكى ربما يجعلها فرعًا مهمًا للقاعدة، وهو الفرع السورى، والذى يبدو أنه فى طور الاستقواء من جديد، ولو تحلل من بيعة التنظيم ظاهريا.\nالتحالف الجديد، بات يعرف باسم هيئة تحرير الشام، حيث تأسس بنجاح «جبهة فتح الشام»، النصرة سابقاً، فى ضم 4 تنظيمات مسلحة أخرى فى سوريا، هى حركة نور الدين الزنكى، وجيش السنة، وجبهة أنصار الدين، ولواء الحق، إضافة إلى الجناح المتشدد من جبهة «أحرار الشام» الذى كان انشق عنها، رغبة منه فى عدم رفع شعارات سياسية، لتصبح الهيئة، أو فرع القاعدة ودولته فى سوريا تحت قيادة كل من أبوجابر هاشم الشيخ قائدًا عامًا، وأبو محمد الجولانى مسؤولًا عسكريا.\nوفيما يبدو السؤال عن مصير الرفيق الثالث للقياديين المقتولين، شوقى الإسلامبولى، بديهيا فى تلك اللحظة، فإن التساؤل الأكثر أهمية هو سر استهداف الأمريكان للقادة المصريين على وجه التحديد؟\nالبعض يرى أن واشنطن اخترقت أوساط الجهاديين القاعديين، ولها جواسيس كثر بينهم، حيث إن توجيه طائراتها التى لا تقاد بملاحين بشريين، يتطلب حصولها على معلومات طازجة عن أماكن وجودهم، أو طرق سيرهم، حتى تصبح الضربة فى مقتل، بما يعنى أن عيونًا لصيقة الصلة بالمستهدفين هم من يوشون بهم للأمريكان.\nوتسعى واشنطن بتلك الإعدامات القادمة من السماء، إلى إجهاض التسويقات التركية لجبهة النصرة فى ثوبها وتحالفها الجديدين على يد المصريين: جبهة فتح الشام، ثم هيئة تحرير الشام، بعدما كانتا الطبعتين لجبهة الجولانى أكدتا محليتهما واستعدادهما للاتساق مع المستقبل السورى السياسى بعد نهاية الحرب.\nيبدو أن أنقرة تريد تجهيز بدائل ولائية يمكن استخدامها فى سوريا، تحديدًا فى بوابتها الشمالية، محافظة إدلب، بدلًا من الأكراد الذين تراهن عليهم واشنطن رغمًا عن رجب طيب أردوغان وسياساته.\nربما كذلك يريد الأمريكان إجهاض عملية إعادة القيادات المصرية الجهادية إلى الواجهة لما فى ذلك من خطورة، نظرًا لما يتمتع به هؤلاء من تأثير روحى كبير على مختلف الفصائل المسلحة الجديدة.\nومن غير المستبعد أن يكون للقاهرة أصابع شبحية، أو قوات خاصة تتبع هؤلاء، بغية قنصهم قبل ارتدادهم المحتمل إلى مصر بعد هدوء المستنقع السورى، ومن ثم تصدير موجات إرهابية جديدة لبلاد النيل.\nفسلامة مبروك مثلًا، قتل بعد فترة وجيزة من ظهوره كتفًا بكتف الجولانى، بينما تصاعدت تلميحات عدة أن رفاعى طه كان قد ارتقى فى الفترة السابقة على اغتياله كرسى القيادة فى أحرار الشام، خلفًا لقائده السابق حسان عبود، الملقب بأبى عبد الله الحموى، أو مهند المصرى، الذى قتل وسط جمع من أقرب معاونيه فى سبتمبر من العام 2014، وفى الأخير مات أبو الخير المصرى بينما بصماته تؤتى ثمارها بتحالفات قاعدية جديدة مزعجة.\nوفق تلك الشواهد، فإن ذلك يعنى أن حركة الجهاد الإقليمى كانت فى طريقها مجددا إلى القيادة المصرية بعد سنوات من تراجع رموز الأخيرة عن الصعود إلى أعلى سلم تنظيمى فى تلك الكيانات، بينما كان مبروك وطه، إضافة إلى أبى الخير وأبى هانى وأبى الأفغان، وغيرهم ممن يحملون لقب المصرى، كلمة السر فى ذلك، قبل أن يتم وضع كلمة النهاية لهم جميعًا فى قصف أمريكى جوى تكرر بالكربون 5 مرات فى عام واحد.\nالخطورة أن بعض تلك القيادات المصرية سواء التى قتلت، أو غيرها الكثير ممن يكتنف مكان وجودها ونشاطها فى سوريا الغموض والشبحية، مثل سيف العدل القادم أيضًا من إيران ورجل القاعدة الحديدى، كانوا على تواصل وتنسيق لوجيستى مع تنظيمات قاعدية الهوى نشطة فى مناطق ملتهبة، كغزة واليمن، أو حتى ليبيا الممتدة بطول الحدود الغربية لمصر.\nمن تلك التنظيمات «المرابطون» بقيادة المصرى هشام عشماوى و«أنصار الشريعة» فى ليبيا، وتنظيم مختار بلمختار فى منطقة الشمال والساحل الإفريقى، مما ينذر بإمكانية إحياء التواجد القاعدى عل ضفاف النيل، ومن ثم فالحذر مطلوب.

الخبر من المصدر