في الصومال.. الإسهال "يُصفي" أجساداً أنهكتها المجاعة

في الصومال.. الإسهال "يُصفي" أجساداً أنهكتها المجاعة

منذ 7 سنوات

في الصومال.. الإسهال "يُصفي" أجساداً أنهكتها المجاعة

المصائب لا تأتي فرادى .. ففي الوقت الذي يواجه فيه الصومال أزمة جفاف ومجاعة طاحنة، بدأت أمراض قاتلة في الانتشار بين الكبار والصغار، وبينها "الإسهال الحاد".\nفي مستشفى "بنادر للأمومة والطفولة" بالعاصمة الصومالية مقديشو، يقف الأطباء والممرضون في حالة تأهب قصوى لاستقبال حالات إسهال حادة تصيب الأطفال والكبار.\nأطفال يصارعون من أجل البقاء على قيد الحياة وآباء يحملون فلدات أكبادهم بين أيديهم، وآخرون يرقدون أياماً مع أطفالهم الذين يستعيدون أنفاسهم من مرض محدق كاد يخفط أرواحهم البرئية.\nويواجه الصومال ثالث أزمة مجاعة منذ 25 عاماً، وتقول بعض المصادر الرسمية إنها قد تكون الأسوأ من نوعها منذ استقلال البلاد عام 1960، بسبب ندرة المياه مع تأخر موسم هطول الأمطار لعامين، جنوبي البلاد.\nوقدرت الأمم المتحدة أعداد الصوماليين المهددين بالمجاعة والجفاف نحو 6 ملايين شخص أي أكثر من 40% من السكان، فيما بلغ أعداد الأطفال الذين يتهددهم خطر أزمة سوء التغذية نحو 300 ألف.\nالأم "جوني أبوكر" تلازم طفلتها بالمستشفى، بعد أن أسقط الإسهال الحاد جسدها النحيف قبل يومين، لكن اليوم تبدو الأم مسرورة وتشكر كل من يقترب منها، تلك هي بسمة أمل أعادها لها الأطباء، فحياة ابنتها كانت قاب قوسين من شفير الموت.\nتقول "جوني" للأناضول إن حالة ابنتها فاجأتها في دجى الليل، "كان الإسهال شديداً، لم يكن بمقدورنا إسعافها، ولم يكن بالقرب منا صيدليات أو مستشفى، ففي الصباح أحضرتها إلى هذا المستشفى، وبعد ذلك أسعفها هؤلاء الأطباء".\nوبينما تواصل الأم حديثها، يهرع فجأة أفراد الطاقم الطبي لإسعاف حالة جديدة، أب يحمل ابنته وهي في حالة يرثي لها، فبعد وصول حالة خطرة، لا مداومة مع المرضى القدامى، والكل يضع اهتمامه في إنقاذ الجدد من خطر الموت.\nيقول الأب "علي أدم" إن ابنته أصابها إسهال، "ولم نكن على علم بحالتها، ففي ظلمة الليل سمعنا أنينها، أعطيناها بعض الأقراص لتهدئة حالتها، لكنها ساءت".\n"لم نتمكن من الوصول إلى المستشفى ليلاً، لقلة الحيلة وضعف الإمكانيات، أتيت بها إلى المستشفى في الصباح"، يتابع الأب، وبعد برهة من الزمن تستفيق البنت التي تناهز تسعة أعوام، من غيبوتها بعد أن تلقت العلاج، ووالدها يتنفس الصعداء بعد ساعات كاد هو الآخر أن يفقد وعيه.\nويبين الأطباء أن الجفاف وشرب المياه غير النظيفة، إلى جانب ارتفاع درجات الحرارة الشهر الحالي، عوامل تجمعت لترفع أعداد الإصابات، محذرين من انتشار المرض على نطاق أوسع مع تفاقم المجاعة والجفاف.\nيقول الطبيب "عيسى آدم"، المشرف بقسم الطورائ بمستشفى "بنادر"، إنهم يستقبلون يومياً نحو عشرين حالة جديدة من المصابين بالإسهال الحاد، بالإضافة إلى بعض الأمراض المعدية الأخرى.\nويشير إلى أن الطاقم الطبي يوفر كل ما لديه من طاقات ويسعى لتوفير خدماته بالمجان للمتضررين من كارثة الجفاف بالصومال.\nورغم الجهود الجبارة التي يبذلها الأطباء والممرضون في مستشفى "بنادر للأمومة والطفولة"، إلا أن نقص المعدات الطبية وغياب العدد الكافي من الكادر الطبي، كلها مشاكل تمثل تحدياً كبيراً أمام خدمات المستشفى، الذي لا تتواجد فيه الهيئات الطبية الخيرية.\nويضيف الطبيب الصومالي أنه رغم قلة الإمكانات الطبية في المستشفى، لكن الأطباء والممرضين يبذلون ما لديهم من جهد في حدود الإمكانات والطاقة المتاحة لإعانة هؤلاء المرضى.\nويعد مستشفى "بنادر" أحد المستشفيات التابعة لوزارة الصحة الصومالية، وعمل على مدى سنوات طويلة لتوفير الخدمات الطبية للأمهات والأطفال، ويعاني من قلة الإمكانات ونقص في الكوادر الطبية المؤهلة.\nويُعتبر الإسهال من أكثر الأمراض شيوعاً بين الأطفال ويؤثر فيهم من مختلف المراحل العمرية، ويكون أشد خطرا على الصغار ممن هم دون سن الخامسة بسبب ارتفاع نسبة الماء في الجسم.\nوتتسبب نوبات الإسهال المتكرر وما ينتج عنها من سوء التغذية بإنهاك الطفل وإضعاف مقاومته ويعجز عن تعويض ما فقده الجسم من مواد غذائية ضرورية، سوائل وأملاح، وقد ينتهي به الأمر إلى الوفاة.\nولا توجد أرقام رسمية حول أعدد الوفيات جراء "الإسهال الحاد"، خلال الأيام الماضية، بالصومال، غير أن مصادر طبية تقدرهم بالعشرات، أغلبهم من الأطفال والمسنين.\nوأعلن الرئيس الصومالي، محمد عبد الله فرماجو، في وقت سابق من مارس الجاري، أن البلاد تعاني من كارثة وطنية، داعياً المجتمع الدولي إلى بذل جهوده لإنقاذ حياة الملايين من كارثة المجاعة.\nكما كشف رئيس الوزراء الصومالي حسن علي خيري، أن نحو 110 أشخاص لقوا حتفهم خلال يومين، جنوبي البلاد، بسبب المجاعة والجفاف، الأمر الذي أثار صدمة في نفوس الكثير من المواطنين، وسط دعوات بآداء صلاة الاستسقاء والصيام.

الخبر من المصدر