إحنا بتوع الأتوبيس

إحنا بتوع الأتوبيس

منذ 7 سنوات

إحنا بتوع الأتوبيس

الساعة تدق الثامنة صباحاً عشرات من سكان مناطق المهندسين وأرض اللواء وبولاق الدكرور يتوافدون على موقف هيئة النقل العام بشارع السودان.\nوبشكل عشوائى يتراصون انتظاراً لـ«أتوبيس الهيئة»، الذى يقلهم لوظائفهم وأماكن قضاء مصالحهم الشخصية.\nدقائق معدودة وسادت حالة من الفوضى فور وصول الأتوبيس، وسط سباق للصعود واللحاق بالكراسى المتهالكة.\n«التذكرة بـ2 ونصف الجنيه يا جماعة والكل يبعت من سكات»..\nبهذه الكلمات خاطب سائق الأتوبيس الراكبين قبل بدء تحركه، فى خط السير والذى يبدأ من بولاق الدكرور فى الجيزة وحتى أول مكرم عبيد بمدينة نصر فى القاهرة.\nمشاحنات بين الراكبين بسبب الزحام، وما إن استقر كل فرد منهم على مقعده وآخرون يتبادلون الوقوف فى طرقة الأتوبيس وعلى المقاعد.\nوانطلق السائق، وبدأ الراكبون فى الانشغال بأمورهم الشخصية، ما بين الحديث فى التليفونات المحمولة أو مع بعضهم البعض، يفضفضون عن أنفسهم ويكشفون ما يعايشونه من أزمات حياتية بشكل يومى، بين الحين والآخر تعلو أصواتهم لجمع التذاكر، فيما يحاول السائق استعجالهم فى الانتهاء من جمع الأجرة.\nقصص عديدة، وروايات للمواطنين عن أزمات الحياة، وارتفاع الأسعار، وغلاء المعيشة، وغيرها من المشكلات اليومية رصدتها «الوفد» من داخل الأتوبيس العام.\nالبداية مع زينب فتح الله، إحدى الراكبات، والتى قالت أثناء حديثها فى هاتفها المحمول مع إحدى صديقاتها إن سعر كيلو الدواجن البيضاء وصل لـ33جنيه والبلدية لـ42 جنيه. وبات شراء كيلو لحوم كل أسبوع أمراً صعباً مع غلاء الأسعار.\nوأضافت: «كنا بنشترى كل أسبوع فرختين وكيلو لحمة، دلوقتى مش بنشترى غير فرخة واحدة كل أسبوع وكيلو لحمة كل أسبوعين، وعندى خمس عيال فيه منهم 2 جالهم الأنيميا علشان قلة الأكل».\nوالتقت «الوفد» سيدة أخرى، قالت إن زوجها موظف حكومى، وراتبه لا يتعدى الـ1200 جنيه. ومع غلاء الأسعار بات الراتب لا يكفى حاجاتهم الأساسية.. وراح زوجها يبحث عن عمل إضافى فى فترات المساء حتى يستطيع سد احتياجات منزله.\nوأضافت: «دلوقتى جوزى بيتشغل 17 ساعة ومش بنشوفه غير على النوم، والعيال طلباتهم مش بتخلص أبداً سواء مصاريف خاصة ليهم أكل وشرب ولبس، وغيرها من مصاريف الدراسة والدروس الخصوصية».\nوقالت راكبة أخرى هى فاطمة نجاح: «الناس شاربين المر ومش عارفين يعيشوا، ده إحنا متعلقين فى رضا ربنا».\nوتشير صاحبة الأربعين عاماً إلى أنها من سكان أرض اللواء. ورغم كونها منطقة شعبية، إلا أن أسعار السلع والخضراوات مرتفعة بشكل كبير.\nوعن مستوى معيشة أسرتها فى هذه الفترة مقارنة بالأعوام الماضية، قالت إنها كانت تتجول فى السوق بشكل يومى، وتشترى مستلزمات المنزل بمبلغ لا يقل عن الـ100 جنيه يومياً.. ولكن بعد غلاء الأسعار بات التردد على الأسواق بشكل أسبوعى فقط.. أما عن اللحوم، فقالت: «لحوم إيه دلوقتى؟ بناكل اللحمة مرة كل أسبوع بدل ما كنا بناكلها مرتين، والفرخة مرة فى الأسبوع بدل ما كنا بناكلها 3 مرات».\nوتطرق ركاب آخرون إلى ارتفاع أسعار إيجار الشقق، قال إسماعيل حافظ، موظف: «أنا ساكن فى بولاق ليا 10 سنوات، والإيجار كان بـ400 جنيه دلوقتى أصبح بـ700 جنيه فى الشهر.. ومع غلاء الأسعار بات كل أولياء الأمور فى مشاكل يومية، سواء مع الزوجة علشان المصاريف، أو الأولاد علشان مش عارف يجيب ليهم مطالبهم اليومية.\nوسأل أحد الشباب عن سعر إيجار الشقق المفروشة فقال إسماعيل إن الأسعار تتراوح ما بين الـ100 إلى 1500 حسب فرش الشقة وقيمتها، ليرد الشاب قائلاً: «هوه راتبى كام علشان أدفع المبلغ».\nويشير الشاب إلى أنه يعمل فى إحدى الشركات الخاصة، وجاء للجيزة قادماً من الصعيد بحثاً عن الرزق.\nوأضاف: «العيشة هنا غالية، أنا ما بقاش ليا شهرين بس حاسس إن ليا سنين، الحياة فى الصعيد أسهل وأرخص من هنا.. الجو الأسرى ما زال موجوداً.. فممكن الواحد ياخد حاجة من جاره محتاجها، أما فى القاهرة فكل واحد فى حاله، والخطوة بقرش».\nوقال مجدى هوارى، موظف من سكان منطقة المهندسين، إن أسعار السلع شهدت ارتفاعاً غير مسبوق عن الأعوام الماضية، واصفاً انخفاض الدولار مؤخراً بـ11 شىء وهمى، وسيعود للارتفاع مرة أخرى، فى وقت عجزت الحكومة فيه عن تحليل أسباب انخفاضه بشكل علمى - حسب قوله.\nوتحدث على إسماعيل، موظف من سكان شارع السودان بالدقى، مشيراً إلى مشكلات النقل العام، وقال إن هناك العشرات من أتوبيسات هيئة النقل العام تعانى من تهميش الحكومة للهيئة.\nفبين الحين والآخر تتعرض هذه الأتوبيسات لأعطال مستمرة، وهو ما يؤخر مصالح الموظفين والمواطنين.\nوأضاف: «كتير بتعرض للمواقف دى وبتأخر على الشغل، السواق ما يبقاش ليه أى ذنب دى أعطال فنية، يعجز عن حلها على الطريق».\nالأمر نفسه أكده جمال سلامة، موظف، قائلاً: إن عشرات من أتوبيسات النقل العام تحتاج إلى صيانة مستمرة، وإهمالها يقع دوماً على كاهل البسطاء الذين لا يملكون أموالاً لاستقلال التاكسى أو السيارات الملاكى، فضلاً عن أزمة زحام الطرق فى بعض المناطق بالقاهرة والجيزة خصوصاً على الطريق الدائرى.\nومن الحديث عن إهمال الحكومة لأتوبيسات النقل العام، إلى الإهمال التعليمى فى المدارس. وقال جلال عارف، طالب جامعى، إن ظاهرة هروب الطلاب فى المدارس باتت علنية، معرباً عن أمنيته فى عملية الإصلاح التعليمى على يد الوزير الجديد، وتابع: «قصة هروب الطلاب من المدارس دى من زمان مش دلوقت ده بس، وطبعا علشان يلحقوا ياخدوا الدروس الخصوصية اللى غليت أسعارها أضعاف، قبل ما الوقت يتأخر عليهم علشان يلحقوا يذاكروا لما يروحوا».\nومن مشاكل الدراسة وهروب الطلاب من المدارس، إلى أزمة الصحة والمستشفيات الحكومية، وقال رجل خمسينى يدعى صلاح إنه مريض بالقلب، ونظراً لعجزه المادى لجأ للمستشفيات الحكومية، مؤكداً أنها لا تقدم الخدمات الكافية للمرضى فضلاً عن عدم توافر الإمكانيات بها مثل أجهزة الأشعة والتى تتعطل فى أوقات كثيرة، بجانب غياب الأطباء.

الخبر من المصدر