ليبيا- حملات لإلغاء قرار يمنع سفر المرأة دون محرم

ليبيا- حملات لإلغاء قرار يمنع سفر المرأة دون محرم

منذ 7 سنوات

ليبيا- حملات لإلغاء قرار يمنع سفر المرأة دون محرم

ثلاثة أيامٍ مرت على قرار الحاكم العسكري لمنطقة شرق ليبيا (من درنة إلى بن جواد)، اللواء عبد الرازق الناظوري، حول منع النساء في ليبيا من السفر دون محرم. لكن القرار الذي حمل الرقم 6 للعام 2017 أثار زوبعةً من الاحتجاجات والانتقادات، التي بدأت في العالم الافتراضي وانتقلت إلى أرض الواقع للوقوف ضد تنفيذ ما أعتبره عديد من الليبيين والليبيات "العودة لعصر الجاهلية"، بحسب تعبيرهم.\nالقرار الذي برره الحاكم العسكري بأنه جاء حرصاً منه على الأمن القومي، وانطلاقاً من مبدأ الحفاظ على أمن المواطن والمواطنة، واجه انتقاداتٍ كثيرة من قبل عدد من النشطاء والناشطات والجمعيات المدنية والنسوية في ليبيا وخارجها، على اعتبار أنه يتناقض مع حقوق الإنسان، وحق حرية الحركة والتنقل، لتبدأ حملة توقيعات على موقع آفاز لمنع العمل به.\nالليبيون دعوا لوقفةٍ احتجاجية في بنغازي في ساحة الكيش عصر الحادي والعشرين من شباط/ فبراير للتعبير عن رفضهم لمنع السفر الموضوع على النساء، حيث تمت الدعوة لهذه الوقفة عبر مواقع التواصل الاجتماعي كافة، لكن تم إلغاؤها بحجة عدم وجود ترخيص، في الوقت الذي استخدم فيه الليبيون عبر العالم الافتراضي "وسمين" (هاشتاغين) منذ بداية الحملة هما: #لا_لمنع_سفر_المراة_دون_محرم والذي تجاوز الخمسمئة ألف تداول على موقع تويتر خلال يومين، ثم  #wonenTravelBan والذي تجاوز المليون ونصف تداول وتمت مشاركته من قبل منظمات وجمعيات عالمية ومحلية في ليبيا وخارجها.\nالصحفية والناشطة النسوية مبروكة المسماري\nتبريرات الحاكم العسكري للقرار لم تقنع الناشطات، بحسب ما أفادت الصحفية الليبية والناشطة النسوية مبروكة المسماري لـ DW عربية، حيث قالت المسماري إن "الحاكم برر قراره بأن بعض النساء يتم استغلالهن باسم المجتمع المدني للسفر لحضور مؤتمرات وورشات عمل قد تستخدم في أغراض التجسس على ليبيا." وتضيف مبروكة المسماري: "لكن هذا الكلام غير مقنع إذ يمكنهم في حال الشك بأهداف بعض النشاطات استدعاء النساء أو الرجال على حد سواء والتحقيق معهم، وليس منع النساء من السفر، كما أن الرجال يحضرون مثل هذه الورشات ولهم حرية السفر فأين المنطق في ذلك؟".\nالناشطة النسوية الليبية زهراء النقي كانت أبرز الذين حملوا لواء هذه الحملة في العالم الافتراضي حيث بدأت مع عدد من الجمعيات والمنظمات حملة التغريدات لتعريف الليبيات بحقوقهن ولماذا عليهن رفض القرار، وكتبت بدايةً "أيتها الليبية اعرفي حقك جيدا...قرار الحاكم العسكري بمنعك من السفر إذا كنتِ أقل من الستين عاما دون محرم باطل وجاري الطعن فيه، فدستور الاستقلال الليبي يحفظ حقك في حرية التنقل والسفر."\nوتؤكد الناشطة مبروكة المسماري لـ DW عربية أن "القرار باطل حكماً، فليس للحاكم العسكري الحق في التدخل بالشؤون المدنية لليبيا، وهذه المسألة هي من مهام لجنة الأمن القومي في البرلمان، والحاكم العسكري بقراره تجاوز الجميع، وتجاوز وزارة الخارجية، وقانونياً القرار ساقط."\nالحملة كانت تعبيراً عن حراك مدني في ليبيا بشكلٍ خالص، لم تقف وراءها منظمة أو جهة بعينها، بل كانت نتيجة تحرك شعبي رأى في القرار انتهاكاً لحرية المرأة وحقوقها. واللافت كان عدد المتحمسين ضد القرار من الرجال في ليبيا وخارجها وهم أكثر من النساء، بحسب ناشطاتٍ ليبيات.\nالعالم الافتراضي أصبح ساحةً لنشر الصور والتعريف بالحقوق والتنبؤ بالمستقبل حيث غردت إحدى السيدات تؤكد على ضرورة التحرك لوقف القرار قائلة "اليوم طيارتك وبكرا سيارتك" في إشارة للسعودية التي تمنع فيها المرأة من قيادة السيارة أو السفر دون محرم.\nكما تم تداول صور لنساء ليبيات عبر التاريخ كان لهن دورٌ رائد للتذكير بحقوق المرأة ومكانتها.\nفيما أنتج شاب ليبي أغنية للتهكم على القرار، على غرار لحن الأغنية الشهيرة "Hero" للمغني انريكيه اغليسيس بعنوان. وجعل هذا الشاب الليبي أغنيته بعنوان:  "I can be your Muhram bebe"، أي "يمكنني أن أكون محرمك يا حبيبتي"\n"لا يمكن تطبيق القرار، فالعديد من الليبيات يعملن بالخارج أو يسافرن للدراسة أو العمل، وبعضهن لا يملك محرماً أساساً إذ فقدنا العديد من الرجال منذ انطلاقة الثورة الليبية عام 2011"، تقول مبروكة المسماري لـ DW عربية. وتعتقد الناشطة النسوية اللليبية أن القرار "جاء بضغط من دائرة الأوقاف في ليبيا بتأثير شيوخ السعودية، لكن الأزهر لم يقل ذلك، وقراره كان واضحاً بأنه يمكن للمرأة السفر إلى دولة آمنة دون الحاجة لمحرم."\nبيد أنه ليس كل الليبيين ضد القرار، إذ كانت هناك بعض التغريدات، التي تؤيد منع السفر دون محرم، معتبرين أن ذلك تطبيقاً للدين والشرع.\nفي حين سلك البعض أسلوب التهكم حيث غرد أحد الليبين قائلاً "للأخوات الراغبات في السفر ولا يملكن محارم، لدينا محارم من جميع الأشكال والأحجام والأسعار.. شركة الناظوري للمحارم"\nعلى القانون أن يأخذ مجراه\nالحملة المستمرة على مواقع التواصل الاجتماعي يرافقها تحركات مدنية وقانونية أيضاً بحسب ما تقول مبروكة المسماري إذ "سيعقد اجتماع للجنة الأمن القومي في البرلمان مع عدد من الناشطات النسويات في ليبيا يوم 22 شباط/ فبراير للبحث بالقرار ومناقشة العدول عنه".\nوتضيف المسماري "لقد حُرمت من دخول ليبيا بسبب داعش سابقاً وعندما تم دحرهم في منطقتي لم يعد بإمكاني العودة إلى وطني لأني أعمل خارجه معظم الوقت، لقد انتهينا من داعش لتخلق داعش بشكلٍ آخر".\nفي مدخل هذا النفق ألقى ثوار في 20 من اكتوبر 2011 القبض على القذافي وهاجمه نفر من الغاضبين وأردوه قتيلا. بعد خمس سنوات من الحادثة التي شكلت منعرجا في تاريخ ليبيا، يختزل هذا المكان وبألوانه المتداخلة وشعاراته المتضاربة، المشهد الليبي الغارق في الفوضى.\nبعد نحو 42 عاما من حكم معمر القذافي اندلعت في ليبيا في 17 فبراير/ شباط 2011 ثورة ضده أدت إلى سقوط نظامه بمساعدة من حلف الناتو، ومنذ ذلك الحين تبحث ليبيا عن مخرج من الاضطرابات السياسية والعنف الذي يجتاحها.\nفي بنغازي بشرق ليبيا تأسس المجلس الوطني الانتقالي برئاسة مصطفى عبدالجليل، كوجه للمرحلة الإنتقالية بعد الثورة الليبية. ولم يكد ينته الشهر الذي قتل فيه القذافي حتى انتخب المجلس في طرابلس عبد الرحيم الكيب رئيساً للحكومة الانتقالية. وفور انتخابه صرح الكيب أنه يريد "بناء دولة تحترم حقوق الإنسان".\nفي سنة 2012 قرر المؤتمر الوطني إجراء انتخابات مباشرة من قبل الليبيين لاختيار جمعية تأسيسية لصياغة دستور البلاد. كما صدر في نفس العام قانون تعديلي لتنظيم المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية في البلاد).\nاستمر المجلس الوطني الانتقالي في السلطة نحو عشرة أشهر. وفي يوليو/ تموز 2012 جرى انتخاب المؤتمر الوطني العام، الذي شكل الحكومة برئاسة على زيدان في أكتوبر/ تشرين الأول، لكن المجلس سيحجب الثقة عن حكومة زيدان وإسقاطها في شهر مارس 2014.\nورغم وجود حكومة غرقت ليبيا في فوضى الجماعات والميلشيات المسلحة، وظهرت مخاطر تحولها إلى "دولة فاشلة" تأوي إليها العناصر الإرهابية والمتشددة من دول الجوار. وفي شهر فبراير/ شباط 2014 ظهر اللواء المتقاعد خليفة حفتر عبر شريط فيديو معلنا سيطرته على عدد من مؤسسات الدولة في شرق البلاد، وفي شهر مايو أعلن حفتر بدء "عملية الكرامة" لتطهير ليبيا من العناصر الإرهابية والمتشددة.\nوتمت كتابة دستور بعد تعطل كبير لتجرى الانتخابات التشريعية بالنظام الفردي في 25 يونيو/ حزيران 2014. وفاز مرشحو التيار المدني الليبرالي بأغلبية مقاعد البرلمان، متقدمين على مرشحي التيار الوطني الإسلامي. ليحل البرلمان (مجلس النواب) وحكومته محل المؤتمر الوطني. ومقر مجلس النواب هو بنغازي، لكن أغلبية الأعضاء اختاروا طبرق لعقد جلساتهم.\nاعترف المجتمع الدولي بالبرلمان في طبرق، والذي كلف عبدالله الثني بتشكيل حكومة، لكن ائتلاف "فجر ليبيا" في غرب البلاد، والذي تعد جماعة الإخوان المسلمين أقوى طرف فيه شكل برلمانا موازيا في طرابلس وحكومة برئاسة عمر الحاسي. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2014 ألغت المحكمة العليا في طرابلس نتائج الانتخابات بحجة عدم دستورية قانون الانتخابات.\nشهدت ليبيا مزيدا من الفوضى وتحولت إلى ملجئ للعناصر المسلحة من مشارب مختلفة وخصوصا من التيارات المتشددة، ومنها "أنصار الشريعة"، و"جيش تحكيم الدين" و"مجلس شورى الشباب" المواليين لتنظيم القاعدة، وتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) وغيرها من الجماعات المسلحة التي تتراوح العلاقات فيما بينها بين التحالفات والتناحر.\nانحازت قوى إقليمية ودولية إلى طرفي الصراع. وفي حين تدعم مصر والإمارات وروسيا برلمان طبرق واللواء حفتر، تدعم تركيا وقطر برلمان طرابلس. وقامت مساع دولية من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية، ولهذا أوفدت الأمم المتحدة في أغسطس آب 2014 مبعوثا خاصا إلى ليبيا هو برنادينو ليون، الذي أطلق مسلسل مفاوضات في الصخيرات بالمغرب.\nاستقال المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون بعد مفاوضات طويلة وعسيرة بين الأطراف الليبية في منتجع الصخيرات القريب من العاصمة المغربية الرباط. لينجح خلفه الديبلوماسي الألماني مارتين كوبلر في التوصل مع الأطراف الليبية في الصخيرات إلى اتفاق سلام يهدف لإنهاء الصراع السياسي والعسكري بينها في الخميس (17 كانون الأول/ ديسمبر 2015).\nوبناء على اتفاق الصخيرات تشكل المجلس الرئاسي الليبي، الذي شكل بدوره حكومة وفاق وطني برئاسة فائز السراج، ونالت الحكومة ثقة برلمان طبرق بالأغلبية قرب نهاية فبراير/ شباط 2016. ووصل السراج الأربعاء (30 آذار/ مارس 2016) إلى طرابلس، لكن خليفة الغويل، رئيس ما يسمى بـ "حكومة الإنقاذ الوطني" طلب منه مغادرة البلاد هو ومن معه.\nوبمرور الوقت أعلن الغويل دعمه لحكومة الوفاق الوطني لكنه تراجع عنه بعد ذلك. لتبقى في ليبيا حتى الآن ثلاث حكومات تتنازعها. حكومتان في طرابلس: "الوفاق الوطني" بقيادة السراج، و"الانقاذ" بقيادة الغويل وحكومة طبرق المؤقتة برئاسة عبدالله الثني، إضافة إلى العشرات من الميليشيات المسلحة والمتناحرة.

الخبر من المصدر