لا يصح إلَّا الصحيح "3"

لا يصح إلَّا الصحيح "3"

منذ 7 سنوات

لا يصح إلَّا الصحيح "3"

في هذه الزاوية، نقبض على خطأ لغوي مشهور سوّل له إهمالنا أو جهلنا أن يظهر على اللافتات أو المنتجات أو في وسائل الإعلام. هذا، لننبّه وننوّه ونصحّح، لا لنفضح. وفي النهاية، لا يصح إلا الصحيح.\nمن الأمور المحيرة في اللغة العربية تذكير الأعداد أو تأنيثها. ومن الخطأ أن نفترض أن العدد يتبع جنس المعدود دوماً؛ بل هناك حالات يخالفه فيها، وهذه من الأمور المثيرة للعجب والارتباك في آن واحد في لغة دقيقة مثل العربية.\nفالأعداد من 3 إلى 10 تخالف المعدود دائماً؛ أي إذا كان المعدود مؤنثاً كما في حالتنا هذه (ماسة)، نستخدم عدداً مذكراً ونقول: ماسات ثلاث وليس ثلاثة!\nومن الأمور الطريفة هي قول بعضهم: "الشرع حلل أربعة"! فهذا يعني حتماً أن الشرع حلل أربعة رجال! والصحيح قولهم: "الشرع حلَّل أربعاً".\nهنا عليّ التنبيه إلى العدد 10، فحين يكون هذا العدد مفرداً، فإنه يخالف المعدود، فنقول: عشر نساء، وعشرة رجال، أما إذا كان مركباً كما في قولنا 15، فإنه يوافق المعدود، فنقول خمسة عشر صبياً، وخمس عشرة فتاة.\nومن الأشياء اللافتة في العدد 10 هو أن تشكيله يتغير وفق حالته من الإفراد أو التركيب، فنقول عَشَرة رجال (بفتح الشين)، وعَشْر نساء (بتسكين السين)، ونلاحظ هنا أن العدد مفرد (أي أنه غير مركب مع عدد آخر)، لكننا في حال كان العدد مركباً، نقول خمسة عَشَر رجلاً (بفتح الشين)، وخمس عَشْرة امرأة (بتسكين الشين).\nيبدو أن الرياضيات حينما تختلط بالنحو تفقد الكثير من يقينياتها وقطعياتها!\nعرض خاص: هديتكم "ساري" جميل!\nالخطأ: العرض ساري حتى نفاذ الكمية.\nالصواب: العرض سارٍ حتى نفاد الكمية.\nالجملة بصيغتها الحالية تعني أن العرض الترويجي هو عبارة عن "ساري" (وهو رداء هندي جميل)!\nهذه ليست مزحة! هذا فعلاً ما يتبادر إلى ذهني حين أقرأ هذه الإعلانات! أما إذا كان قصدهم أن العرض مستمر سريانه، فكان عليهم أن يكتبوا "العرض سارٍ"، فـ"سارٍ" من الأسماء المنقوصة، والاسم المنقوص هو أي اسم ختم بياء غير مشددة ما قبلها مكسور. (عليّ مثلا ليس اسماً منقوصاً؛ لأن ياءه مشددة، وظبْي ليست اسماً منقوصاً؛ لأن ما قبل الياء ليس مكسوراً).\nوالأسماء المنقوصة (مثل سارٍ، قاضٍ، محامٍ) -انقص الله أعداءكم- تحذف ياؤها إلا في حالة النصب (رأيت قاضياً)، أو في حالة التحلية بأل التعريف أو الإضافة (المحامي، محامي الشركة). وفيما عدا ذلك، تحذف الياء ويعوض عنها بتنوين كسر يُذكِّر بها.\nالعمل جارٍ (وليس جاري ولا جارتي!).\nالمكان خالٍ (وليس خالي وليس خالتي!).\nأنا محامٍ (وليس أنا محامي).\nتحول فلان من جانٍ (وليس جاني) إلى مجنيّ عليه.\nمهلا! هذا ليس الخطأ الوحيد في هذين الإعلانين، فكتابة "نفاذ" بالذال غير صحيح أبداً. يقال الحكم نافذ، أي: واجب تنفيذه، ويقال: فلان نافذ، أي له نفوذ، وكل هذه المعاني لا تستقيم مع المقصود من الإعلان.\nالصحيح أن يقال "نفاد" بالدال وليس الذال، وخطأ أن نقول: "عذراً، نفذت جميع نسخ الكتاب الفلاني"؛ بل الصحيح هو "نفدت". هل ما زلتم غير قادرين على استساغة الكلمة بالدال؟ هل ما زال في النفس شك؟ إليكم إذاً القول الفصل:\n"إن هذا لرزقنا ما له من نَفَاد" (سورة ص، الآية 54)، "قل لو كان البحر مداد لكلمات ربي لَنَفِدَ البحر قبل أن تَنْفَدَ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً" (سورة الكهف، الآية 109).\nولاحظوا أيضاً أن مَن كتب الإعلان الثاني أخطأ حتى في كتابة كلمة "ساري"؛ إذ كُتبت بألف مقصورة بدلاً من الياء. عجباً.. كل هذه الجنايات اللغوية في عبارة صغيرة ومتكررة!\nالتدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

الخبر من المصدر