عماد الأطير يكتب: الرشوة وثقافة الفساد فى مصر  | ساسة بوست

عماد الأطير يكتب: الرشوة وثقافة الفساد فى مصر  | ساسة بوست

منذ 7 سنوات

عماد الأطير يكتب: الرشوة وثقافة الفساد فى مصر  | ساسة بوست

منذ 1 دقيقة، 8 فبراير,2017\nهل أصبحت الرشوة هى لغة التخاطب الرسمية في المصالح الحكومية؟ في الحقيقة نعم، فلقد انتشرت الرشوة في مصر في الآونة الأخيرة بصورة مبالغ فيها، وبدأت تأخذ أشكالًا مختلفة ومتعددة، وقد ساعدت ظروف البلد هؤلاء الموظفين في انتشارها؛ لأننا نعيش فى بلد لا ينتمى إلى أسس أو معايير أو قوانين مطبقة فعلًا، فالقانون يطبق فقط، على من لا دهر له، والعمل أصبح لفئة معينة، والوظائف العالية لأصحاب النفوذ، وخصوصًا ممن يمتلكون العلاقات والمال.\nمن يقرأ تاريخ النهب والسرقة وتهريب مليارات الدولارات فى مصر الى الخارج يعلم إنه لم يتم محاكمة أحد لانهم بكل سهولة قاموا بتهريب أموالهم ثم هربوا بواسطة شركائهم فى البلد اللذين أستخرجوا لهم جوازات السفر والتأشيرات اللازمة للخروج بصورة طبيعية من المطارات والموانىء والكل يفهم جيدًا ما أقوله.\nومن هنا ينعدم دور الرقابة، فمن يراقب من؟ فالمسئول الذى من المفروض أن يراقب الفاسدين، يعلم في قرارة نفسه، إنه جاء إلى وظيفته بطريقة غير مشروعة، نظير مبلغ من المال، فكيف يراقب الفاسد فاسدًا مثله، فمن هنا لا نجد جهازًا رقابيًا محترمًا، يستطيع أن يتصدى للرشاوى، وكافة أنواع الفساد في المجتمع المصري.\nومن هنا لم يعد هناك جهاز رقابي محترم يضمن للفقير حقه، وعدم استغلاله، ولكن هيهات أن يحدث هذا في بلد باع نفسه لرجال المال ورجال الأعمال، ومجموعة من الوزراء المرتشين، أمثال عاطف عبيد، والمغربي، ومرورًا بالوزراء الجدد في حكومات الثورات، فأي ثورات هذه التي انتشر فيها الفساد.\nفنحن كل يوم نسمع عن سقوط مرتش جديد، وفاسد جديد في حوزته العديد من الأموال، ولكن أين حيتان الفساد من رجال الدولة، ورجال الأعمال، فهؤلاء الذين تم الإعلان عنهم الآن ما هم، إلا أدوات صغيرة فى يد الحيتان الكبيرة، فهم مثل العرائس الورقية يحركونهم كما يشاءون، وعندما ينتهي دورهم يسلمونهم، ويقضون عليهم.\nفأين الحيتان الكبيرة من الرشاوى والفساد؟ التي تعيش على مص دماء المصريين، وأين حق الشعب المصري من هؤلاء؟ فكيف نطالب الشعب بالصبر، وهو يرى شخصًا، مثل أحمد عز، وحسين سالم، ومحمد أبو العينين، ومبارك، وأولاده، وغيرهم من نجوم المجتمع والقنوات الفضائية، ويراهم يتحكمون في قوت يومهم، والشعب يأكل الطوب والحجارة، ويسمع شعارات رنانة لا تغنى ولا تثمن من جوع.\nإن سبب الفساد الذي يحدث الآن في مصر، يرجع إلى عدم وجود الشفافية والوضوح في كل شيء، والفساد يظهر بوضوح في المؤسسات التي تتسم بالأنفاق المبالغ فيه، وليس هناك قيود أو متابعة ومراجعة لنوع الأنفاق، وليس هناك حق لأي جهة أن تتدخل في ذلك، وبالتالي نجد جزء كبير من موازنة الدولة غامض لا نعلم عنه شيئًا، فعادة ما يقال إن هذا الجزء ذهب للتنمية الاقتصادية أو التنمية الاجتماعية.\nوفى الحقيقة فنحن لا نعلم سبل تلك التنمية، ولا يحق لنا أن نسأل عنها، فهي حق مشروع لتلك المؤسسات، ومٌحرم على الشعب أن يتناقش أو حتى يسأل في هذا؛ لأننا عشنا عصورًا طويلة ليس هناك حساب، أو تقديم كشف حساب من أية جهة للشعب.\nكما نجد قيام الدولة بدفع أموال طائلة في أسلحة مخزنة في مخازن الدولة، ولم يعد لها قيمة لآن السلاح يتجدد ويتغير ولا يخزن لفترات طويلة، والبعض استغل هذا في إظهار السمسرة والعمولات، وهذا طبيعي في كل الدول، ولا أحد يستطيع أن ينكر ذلك، فهو العالم الخفي لسمسرة وعمولات السلاح.\nلذلك قام بعض الموظفين في مصر في ابتكار ثقافة جديدة، وهي ثقافة الرشاوى، فالبعض يطلق عليها مجاملات، والبعض الآخر هدايا، وحق مشروع نتيجة تأدية الخدمة التي يطلبها الشخص، فهم يعتبرونها نوعًا من المجاملات، وإعانة لهم مقابل أدائهم خدمات ومنافع حكومية، فهذه الثقافة من وجهة نظر هؤلاء الفاسدين، إنها توفر الوقت وتظل الصعاب أمام أصحاب المنفعة، وانتشرت تلك الثقافة بسرعة البرق بين صغار وكبار الموظفين.\nإن حجم الرشوة يتوقف على حجم المنفعة، ومن هنا نشأ سوق الرشوة والعمولات، وانتشار الغش والفساد تحت مسمع ومرئى من الحكومات المتوالية على الشعب المصري، فكل حكومة تأتي ومعها موظفوها الذين تربوا على ثقافة الرشوة، وكانت حكومة شريف إسماعيل خير شاهد على ذلك، وظهرت فضائح رجال في مجالس الدولة، وفي الوزارات، وهم يأخذون رشاوى تتعدى الملايين، ومازال كل يومًا يظهر علينا مرتشيًا جديدًا.\nففى الحقيقة، إن رجال الأعمال الذين يظهرون علينا بمظهر الوطنية حاليًا، فهم أشخاص تضخمت ثرواتهم من دم فقراء الشعب المصري، وذلك من خلال الأراضي التي تم أخذها من الدولة بحجة إقامة مشاريع إستثمارية ، وهم يأخذونها ويسقعونها، ثم يبيعونها بمئات الأضعاف.\nومنهم من استولى على القطاع العام، مثل أحمد عز وحديد الدخيلة، وغيره ممن نهبوا وسرقوا خيرات هذا البلد الذي يعاني الآن شعبه الظلم والذل والهوان، وارتفاع الأسعار في ظل حكومة لم تستطع أن تقف أمام هؤلاء، وتعاملت بعشوائية وقلة حيلة، وبفكر عفا عليه الزمن لم يعد يواكب العصر.\nإن مصر تسير في اتجاه مظلم، ما دامت الحكومة قد قررت أن تعتمد على القروض من البنك الدولي الذي يفرض شروط من شأنها إلغاء الدعم ودور الرعاية الاجتماعية؛ مما ىسوف يساعد على انتشار الفقر بصورة أكثر، وظهور الفساد بصورة أبشع، وانتشار الجرائم والسرقات والقتل.\nفنحن يا سادة نسير إلى حافة الهاوية نتيجة العشوائية فى القرار، وعدم التفكير الصحيح في النهوض بالدولة، فنحن نساعد المرتشين، وندعم الفاسدين ونحارب الشرفاء، ونقضى على آمال الفقراء في حياة كريمة، وعدالة اجتماعية في مجتمع أذاقه حكامه المرارة والعذاب على مر العصور.\nنحن في حاجة إلى الشفافية والوضوح حتى نتمكن من القضاء على الفاسدين والمرتشين، ويجب وضع قوانين من شأنها التصدي لهؤلاء، وأن يكون هناك عقاب رادع، وأن يكون هناك دور للشباب فنحن لا نرى إلا وجوها قديمة كانت من أنظمة سابقة.\nهذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

الخبر من المصدر