قصة القصر التاريخي بأسيوط.. "البلدوزر" ينتصر على التراث

قصة القصر التاريخي بأسيوط.. "البلدوزر" ينتصر على التراث

منذ 7 سنوات

قصة القصر التاريخي بأسيوط.. "البلدوزر" ينتصر على التراث

تتوافد دول العالم المختلفة على زيارة ومشاهدة آثار مصر القديمة والحديثة، حيث يهتم العالم بالآثار ويخلدها، ولكن تأتي الكارثة عندما تهُمل من قبل القائمين عليها.\n"وإن للدهر لتقلبات"مقولة تجسد الواقع المرير لما تشهده الآثار الآن، حيث تحول قصر ضخم وثقت حوائطه تاريخ مئات السنين بعد أن كان يسكنه البشوات و كبار رجال الدولة، ليقع أسير عاجز أمام "اللودرات" و"الونشات" تنهش فيه وتطمس معالمه. \nأنه قصر"بشارة باشا" بمحافظة أسيوط تلك التي تحتضن الكثير من القصور والمباني الأثرية والتي كان قصر بشارة أحد ضحايا الطمع والجشع والفساد، حيث قام أحد الورثة ببيع القصر  لأحد رجال الأعمال والذي بدأ هدمه ليبنى مكانه ابراج يكسب منها ضعف ما دفعه.\nبعد فوز رجل الأعمال في الحصول على ترخيص هدم وخروج المبنى من ضمن العقارات ذو المعالم التاريخية، نشرت الجريدة الرسمية، يوم 30 أكتوبر 2016، قرار الدكتور مصطفى مدبولي وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، رقم 597 لسنة 2016، بشأن حذف قصر بشارة الذي اتخذه الحزب الوطني مقر له في السابق.\nوجاء في المادة الأولى من القرار "يُحذف العقار رقم 4 شارع 26 يوليو "مبنى المقر السابق للحزب الوطني"حي غرب محافظة أسيوط من سجل المباني والمنشآت ذات الطراز المعماري المتميز.\nفيما تقدمت النائبة سيلفيا نبيل عضو مجلس النواب عن حزب "المصريين الأحرار" وعضو لجنة الخطة والموازنة، ببيان عاجل لمجلس النواب تناشد فيه حكومة المهندس شريف إسماعيل بوقف أعمال الهدم والتخريب التى حلت على القصر، وحمايته باعتباره أحد القصور التاريخية والأثرية والتي تم تسجيلها ضمن التراث بمحافظة أسيوط، موضحة أنه بعد ثورة يناير تعمد البعض تخريب القصر محاولين حرقه لإثبات أنه آيل للسقوط ويمكن هدمه ونجحوا في ذلك.\nقدم المحامي إبراهيم غنيم نيابًة عن ممدوح عزيز احد ورثة قصر بشارة الأثري، بلاغا لمكتب النائب العام بالقاهرة رقم 1254 عرايض لوقف هدم القصر بوسط أسيوط والذي يقع تقاطع شارعى 26 يوليو و شارع الجيش. فيما تقدم الورثة ببلاغ آخر للنائب العام بأسيوط محاولين بأقصى جهد وقف هدم المبنى وإنقاذه خاصة بعد أن تمكن المالك الجديد من هدم السقف والحائط الداخلي للدور الأرضي، بالجزء البحري من القصر.\nكتب مدحت إيميل حبيب أحد أقارب الورثة، على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، "القصر ده كان ملك جد والدتى كامل بشارة وأخوه ديمترى بشارة، باعه أحد الورثة من 4 سنين لواحد من رجال الأعمال بـ 24 مليون جنيه على الرغم من عدم موافقة عائلة والدتى".\nوأوضح إيميل خلال منشوره، أن رجل الأعمال بدأ بسرعة يهدم القصر كي يشيد مكانه عقارات، لافتا أن اخوات والدته سارعوا محاولين وقف الهدم ونجحوا في الحصول على قرار من وزارة الآثار لأنه من المبانى ذات الطراز المعمارى المتميز.\nكما أضاف أن محامى المالك الجديد استخدم ثغرات القانون و بعض الطرق الملتوية وحصل على قرار هدم من المحكمة و بالتالى من وزارة الإسكان وبدأ الهدم يوم السبت 28 يناير، قائلًا:"إحنا مش عايزين ناخد ولا مليم فى البيت، أحنا أساسا كنا من الرافضين للبيع".\nوأكد أن الورثة الرافضين للبيع رفعوا قضية بطلان عقد البيع وجلستها يوم 11 فبراير للحكم، بجانب أنهم ارسلوا إنذارات لوزير الآثار ورئيس الحي لمحافظ اسيوط الجديد خاصة وأن المحافظ السابق أصدر قرار بترميم القصر.\nفيما استغاث مدحت بهيئة الآثار لتحافظ على المبنى التاريخي من السطو عليه والسرعة لوقف الهدم الذي بدأ منذ أيام مما يعرض المبنى كله لخطر الإزالة ومحوه من التاريخ، فضلًا عن تعيين شيفات من العمال ليلا ونهارا لسرعة الهدم. وطالب بترممه وتحويله لمتحف مفتوح أو فندق متميز، وذلك لروعة رسوماته بالسقف والحوائط سواء داخل القصر أو خارجه، قائلًا:"خسارة نهدم حاجة زى كده علشان نبنى مكانها أبراج أسمنتية مالهاش لا شكل ولا منظر، خسارة يا مصر".\nوأوضح إبراهيم غنيم، المحامي الموكل بالقاهرة من أحد ورثة ملاك قصر بشارة الرافضين للبيع، أن القصر كانت تعود ملكيته لـ"بهجة عشم الله" وبعد وفاتها انتقل القصر لأبنائها "ديذي كامل بشارة وأخيها"، وتوفيت ديذي الأبنة وورثها والداها ممدوح عزيز وعباس لوقا وهما الجانب من الورثة الرافض لبيع القصر ويحارب من أجل إبقائه، أما الأخ فهو من يرغب بالبيع .\nوقال المحامي الموكل من ورثة ديذي كامل بشارة، في تصريح خاص لـ"بوابة الوفد"، إنه تم قيد العقار بسجلات التراث المعماري لمحافظة اسيوط طبقا لقرار قرار رئيس مجلس الوزارء رقم 1117 لسنة 2012 والصادر بتاريخ 25 أكتوبر والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 45 في 8 نوفمبر 2012، باعتباره مبنى أثري غير قابل للهدم.\nوأكد غنيم، أنه رفع قضية اساسية لبطلان العقد المسجل الذي استخدمه أحد الورثة وتمكن من نقل ملكية القصر له بتوكيلات منتهية بوفاة اصحابها، والتي سوف تكون جلستها يوم 11 من الشهر الجاري.\nواعرب المحامي الموكل عن استيائه من الفساد المتواجد بالمحليات وقدرة شراء الفاسدون اصحاب النفوس الضعيفة والتي مكنته من تغير قيمة المبنى التاريخية واستغل ثغرات القانون ورفع قضية امام القضاء الإداري وحصل على حكم بعدم اعتباره من التراث فيما بدأ بأعمال الهدم بصورة سريعة قبل أن يقوم الورثة الرافضين من بطلان قرار الهدم.\nيعتبر قصر عائلة بشارة من ضمن القصور التاريخية الضخمة ويقع على مساحة 2303 مترا، يعود تاريخه لعهد الملك فاروق الذي طلب بإنشائه على الطراز الأوروبي، ونفذ تصميمه وتشيده مهندسين وفنانين إيطاليين، ليكون أول نادٍ بالصعيد بمحافظة أسيوط.\nويذكر أن القصر كان مقر الحزب الوطني وتم تأجيره مقابل 100 جنيه شهريا، ليرتفع لـ1000جنيه، حتى ثورة يناير، حيث يقال إنه تم محاولة البعض تشويه المبنى الفخم لمصالحهم الشخصية ليثبتوا أنه آيل للسقوط، بالرغم من وجود قرار من الإدارة الهندسية بحي غرب أسيوط، صدر في فبراير عام 2013، بضرورة عمل الترميمات والإصلاحات اللازمة للحوائط، والتي تعرضت للإهمال والتدمير، وضمان عدم الإهمال به، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بضمان عدم تكرار ذلك مرة أخرى.\nويتكون القصر من طابقين وبدروم تحيطه قطعة فناء كبيرة من الجهة الجنوبية، بجانب حديقة كبيرة بجوار القصر، كما يزين الأدوار العليا شرفات كبيرة، مفرغة بشكل زخرفي كلاسيكى جميل وفريد، وزين من الداخل بنقوشات وزخارف ملونة، خاصة فى الطابق الثانى الذى يضم حجرات نوم واسعة منها للمسافرين وحجرات اخرى للاستقبال.\nبجانب تصميمه على هيئة برجين يتصلان به ليكون شرفة، إحداهما مغطى بسقف دائري نصف كروي ومغطى بالقرميد وأعمدة كلاسيكية بعقود موتورة منحنية، والبرج الآخر مربع الشكل بأكتاف مربعة، ويتوسط كل ضلع عمودين كلاسيكي بعقود نصف دائرية وسقف بشكل مخروطي الانحناء يعلوه غطاء مربع الشكل مع كسوة قرميد احمر وسياج جميل للشرفات، وسلالم القصر عبارة عن تشريفه رخامي أبيض مما جعل المبنى ذو طراز معماري تاريخي فريد ومميز.

الخبر من المصدر