تيران وصنافير قسمتا المصريين.. وخور عبد الله يقسم العراقيين

تيران وصنافير قسمتا المصريين.. وخور عبد الله يقسم العراقيين

منذ 7 سنوات

تيران وصنافير قسمتا المصريين.. وخور عبد الله يقسم العراقيين

هبت عاصفة سياسية وإعلامية ساخنة على العراقيين بسبب خور عبد الله في شمال الخليج، تماما كما فعلت بالمصريين عاصفة جزر تيران وصنافير، المتنازع عليهما بين مصر والسعودية في البحر الأحمر.\nعلى الرغم من أن نوري المالكي وبرلمان 2013 هما من أقرا اتفاقية خور عبد الله مع الكويت، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن 833 في 1993، فإن العبادي وحكومته هما من وجهت إليهم رياح العاصفة السياسية في توقيت سياسي حساس والعراق على أبواب تحرير الموصل والاستعداد لتسويات سياسية وانتخابات نيابية ومجالس محافظات.\nفقد اعترض نواب ووزراء عراقيون حاليون وسابقون بشدة على العبادي، واتهموه بالخيانة العظمى على الرغم من أن قرار حكومة العبادي، الذي صدر في الأسبوع الماضي، هو مجرد إجراء روتيني لإكمال مستلزمات الاتفاقية بين العراق والكويت لتنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله.\nولم يلق العبادي تجاوبا برلمانيا، فقد أكد رئيس مجلس النواب سليم الجبوري حرص المجلس على متابعة ما يثار بشأن قناة خور عبد الله؛ لافتاً إلى أن “المجلس سيتخذ توصية بعد الاطلاع على المعطيات الخاصة بالموضوع ومناقشته مع الجهة الحكومية”.\nوتصاعد الاعتراض السياسي، ليصل إلى حد التحريض على استقلال محافظة البصرة، على اعتبار أن الخور عراقي صرف ولا حق للكويت فيه. ووصل الأمر بالعاصفة إلى حد استخدام وسائل ضغط ضد الكويت لتعطيل العمل في ميناء مبارك الكبير. فأعلن عضو لجنة النفط والطاقة العراقية مازن المازني الاتفاق على تشكيل فريق لدراسة الاتفاقية، وإيجاد مخارج منها عبر استخدام “أوراق ضغط” لدى العراق.\nوطالب وزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار بـانتهاج واحد من ثلاثة حلول: الأول، عقد لقاء بين نواب البصرة والخبراء ورئيس الوزراء لإلغاء القرار، والطلب من الكويت تأجيل الاتفاقية. والثاني، توجيه كتاب إلى وزير النقل الكويتي للتريث بالربط السككي نظراً للظروف الاقتصادية. أما الثالث، فيتمثل بتشكيل فريق خبراء لتحديد زمن يمكن خلاله وضع حلول لتصحيح الخطأ، الذي ارتكبه البرلمان بتصويته للاتفاقية.\nوفي الوقت، الذي رأت فيه عضو البرلمان عن “جبهة الإصلاح” عالية نصيف أن قرار العبادي “خيانة” للعراق، وجهت النائبة عن “حركة إرادة” حنان الفتلاوي سؤالاً برلمانياً إلى العبادي يتضمن الاستفسار عن سبب منح الخور للكويت، وسألت عما إذا كان ذلك “خيانة عظمى وحنثاً باليمين”!\nوقد أيد النواب عن محافظة البصرة تهمة “الخيانة”، ووصفوا منح قناة خور عبد الله للكويت بأنه “ملحق استعماري لاتفاقية سايكس بيكو الجديدة”. ودعا الشيخ عبد السلام المالكي إلى إعلان البصرة دولة مستقلة في حال عدم تراجع الحكومة رسمياً عن قرارها بـمنح حدود العراق المائية إلى الكويت. كما أمهلت ما تسمى “تنسيقيات البصرة” الحكومة والبرلمان وحكومة البصرة المحلية حتى الثالث من فبراير/شباط المقبل للكشف عن مواقفها الحقيقية والرسمية.\nوالغريب في الأمر أن وزير النقل الحالي كاظم فنجان الحمامي، الذي أكد أنه “لا توجد تنازلات بشأن ممر الخور، بل ترسيم من دون التنازل عن أي حبة تراب عراقية”، كان قد صرح في 2012، وكان حينها خبيراً بحرياً في الشركة العامة للموانئ، بأن “يوم الاتفاقية التي صوت عليها البرلمان هو يوم أسود، وأن الفأس وقعت في الرأس”؛ مطالباً مجلس محافظة البصرة بعدم السكوت.\nومع أن الوثائق تثبت توقيع هادي العامري الاتفاقية، في 28/04/2013، فقد قال النائب عادل المنصوري عن “بدر” النيابية أيضاً إن “هادي العامري لم يوقع أي اتفاقية مع دولة الكويت لترسيم الحدود عندما كان وزيراً للنقل، وإن التصويت على قانون خور عبد الله تم في الدورة الثالثة لمجلس النواب وبأوامر من المالكي”.\nوعلى الرغم من أن المالكي التزم الصمت كونه من أبرم الاتفاقية، فإن كتلة “دولة القانون” قد برأت المالكي والعامري ورمت بسهمها هوشيار زيباري وانسلت. فقد صرح القيادي في ائتلاف دولة القانون سعد المطلبي بأن “المتهمين الرئيسين بقضية خور عبد الله هما صدام حسين ووزير الخارجية السابق هوشيار زيباري، وأن وزير النقل الأسبق هادي العامري نفذ ما أقرته وزارة الخارجية”.\nوفي ظل صمت “تحالف القوى” و “التحالف الكردستاني”، فإن اتفاقية خور عبد الله، التي قسمت الخور إلى قسمين – عراقي وكويتي، قد قسمت أركان التحالف الوطني إلى قسمين أيضاً، قسم مع العبادي وآخر مع المالكي. وربما أضافت بعداً وطنياً وقوميا قد يزيد من شقة الخلاف بين جمهور المحافظات الجنوبية وبين أحزابه الدينية. وأيدت ذلك النائبة عن “كتلة بدر” أمل عطية؛ قائلة إن “توقيت إثارة قضية خور عبد الله حالياً قد يكون له دوافع سياسية وانتخابية لغرض “التسقيط” السياسي”.\nوإذا كان سقوط الموصل وخور عبد الله قد جمع العبادي وزيباري معا ضد المالكي، فإن هذا الانقسام العمودي في الساحة العراقية يأتي متناغماً مع انشطار تحالفات العملية السياسية إلى شطرين، أحدهما مع السليمانية، والآخر مع أربيل، وهو على أبواب تحرير الموصل.\nوكما قسم خور عبد الله العراقيين إلى نصفين، فإن جزيرتي تيران وصنافير ربما قد قسمت المصرين أيضاً إلى نصفين هي الأخرى. وفي ظل صمت إيران عما يحصل، وما لم تحصل مفاجآت تفجر قنابل الخور والجزر الموقوتة، فإن توقيت أمور الخور والجزر يأتي في وقت بدا وكأن نزاع الحرب الباردة بين دول مجلس التعاون الخليجي من جهة، والعراق ومصر من جهة أخرى، قد حُسم أو يكاد لمصلحة دولِ الخليج حدوداً جغرافية ووجوداً جيوسياسياً في الشرق الأوسط الجديد.

الخبر من المصدر