مصابو الثورة: «حلم التغيير أصبح كابوس»

مصابو الثورة: «حلم التغيير أصبح كابوس»

منذ 7 سنوات

مصابو الثورة: «حلم التغيير أصبح كابوس»

ربما لا يتفق مصابو “25 يناير” فيما بينهم في الكثير من التفاصيل، فلكل منهم حكايته وتجربته المختلفة، لكنهم يتفقون في الإحباط مما وصلت إليه الثورة في ذكراها السادسة التي أضحت في نظر بعضهم ذكرى حلم لم يكتب له التحقق.\nالتقت شبكة الإعلام العربية “محيط” ثلاثة من مصابي الثورة كانت جمعة الغضب 28 يناير يوما فاصلا في حياتهم، تعرض كل منهم لإصابة مختلفة، ورغم اختلاف اصابتهم إلا أنهم متفقين أن هذا اليوم كان فارقًا في حياتهم، كان لكل منهم حلمه وشغفه بما يعمل لكن الإصابة حالت دون استكمال الطريق فتحولت مساراتهم.\nتركت التمريض تعرضت راندا سامي للإصابة مرتين، الأولى كانت في ميدان التحرير في جمعة الغضب 28 يناير أمام “كنتاكي” أثناء تواجدها في المستشفى الميداني وعلاجها لأحد الشباب المصابين حاول أحد أفراد الشرطة القبض عليه لكنها رفضت ودافعت عن الشاب ووقعت مشادة كلامية بينها وبين فرد من الشرطة بعد أن اعتدى على شاب مصاب، لكنه اعتدى عليها ما أدى لإصابتها بتجمع دموي في الفقرات القطنية وانتقاله للغضاريف.\nوكانت الإصابة الثانية أو “الضربة القاضية” لها في 9 مارس أثناء الاعتصام الذي بدأ بمطلب إقالة أحمد شفيق رئيس الوزراء وقتها ولم ينته باستقالته، وبعد نزول قوات الجيش إلى ميدان التحرير لفض الاعتصام علقت راندا سامي بين مجموعة من العساكر شكلوا كاردون على المتواجدين وكانت هي إحداهم. أحد العساكر ضربها بذراع سلاحه على ظهرها أيضا فأصابها بكسر في أربعة فقرات عنقية، وبعد عدة أيام وتحديدا في 17 مارس دخلت إلى غرفة العمليات وخرجت منها مصابة بشلل رباعي، شهر آخر ومع يوم 20 إبريل بدأت رحلة العلاج الطبيعي طوال شهور في أحد مراكز العلاج الطبيعي بالعجوزة حتى استطاعت تحريك يدها وتحسنت حالتها تدريجيا في السنوات الثلاث التالية وبدأت باستخدام كرسي متحرك.\nوبعد عملية جراحية أخرى أجرتها، استطاعت أن تقف على قدميها والسير باستخدام عكاز، ورغم تقديمها لطلب للعلاج بالخارج في ألمانيا لكنها لم تلق الموافقة، وبقيت تستخدم العكاز للانتقال والحركة، لأن الجزء السفلي من جسمها لا تشعر بها، وفقًا لحديثها لشبكة الإعلام العربية “محيط”.\nتقول “راندا” التي كانت تعمل كرئيسة لقسم التمريض بمستشفى الغردقة وغيرت وظيفتها لمدخل بيانات في إحدى الشركات بالمقطم، بسبب إصابتها، إن مصابو الثورة وشهدائها لم يعد لهم وجود إلا داخل أوساطهم وأصدقائهم، وهي “العائلة هي التي بقيت لنا”.\nوترى أن تهميش المصابين ونسيانهم هو محو لثورة يناير التي لم يبق منها سوى الروح والعائلة التي وجدت في الميدان.\nوقالت: “الأرض لا تشرب الدماء وحقنا لن يهدر وسيأتي اليوم الذي نحصل فيه عليه، فالثورة موجودة ونحن باقون ولا نزال نتذكر يناير ولن يطمسها أحد والتضحيات لن تذهب هباء”.\nالحلم بتركيب شبكة كانت جمعة الغضب يومًا فارقًا في حياة الحاج صبري محمود اثناء تواجده بالميدان مليئا بالأمل والرغبة في التغيير، حركته إنسانيته لإنقاذ الفتيات من قلب المعمعة وإبعادهن عن طلقات النيران، وأثناء حمله لأحد المصابين أصيب هو بطلق ناري من البطن خرج من ظهره أدى إلى تهتك في أمعائه.\nيحكي الحاج صبري لشبكة الإعلام العربية “محيط” عن تلك اللحظة قائلًا: “لقيت نفسي في مستشفى البنك الأهلي وأمعائي خارج جسمي وعملت عملية ثانية حتى ترد مرة أخرى إلى داخلي وتحسنت”.\nتلك الإصابة كانت سببًا في ترك صبري محمود لمهنته كحداد وصاحب ورشة لأعمالها، يقول أنه حصل مثله مثل كل المصابين على مبلغ خمسة عشر ألف جنيه فتح بها محل صغير لبيع الحلوى للأطفال لكنها لم تعوضه عن عمله في الحدادة والذي كان يحتاج لمجهود شاق ساعده عليه بنيانه الجسماني لكن قواه بعد الإصابة لم تتحمل هذا الجهد.\nيقول “بعد الإصابة تركت عملي في الحدادة وكانت زوجتي هي التي تقف للبيع في المحل خلال فترة مرضي وعلاجي للإصابة التي لم تكن سهلة”، مضيفا “الطلق الناري خرج من ضهري على بعد 1 سم من العمود الفقري لولا ذلك لأصبت بعجز كلي فنحمد الله على كل حال”.\nويضيف: “تحسنت حالتي لكني الآن احتاج لتركيب شبكة بعد أن تحولت الإصابة إلى ما يشبه الفتق في البطن ويحتاج إلى شد هذا كل ما احتاجه الآن”.\nومن خلال الحديث معه اتضح أنه يحتاج لإجراء عملية لكي يستعيد عافيته، لكن الظروف المالية لا تساعده بعد التغيرات التي حدثت في حياته خلال السنوات الماضية.\nمطلع عام 2015 توظف الحاج صبري في وزارة الصحة يعمل في الفترة من 8 مساء حتى 8 صباحا، يتقاضى منها ألف جنيها.\nويقول: “أدفع نصفها كإيجار والبقية تكون في فواتير البيت وبعض مصاريفه وخلال النهار أعمل سائق أحيانا لمساعدة نفسي وتحسين الظروف”.\n”ربنا يعين الجميع لكن الحياة أصبحت أغلى من أيام حسني مبارك” يعرب عن ضيقه مما آل إليه الحال، مضيفا “وقتها كيلو اللحمة كان بخمسين جنيه لكنها اليوم وصلت لمائة وعشرين جنيه والسكر بـ15 جنيه والأرز بـ9 جنيه وكل السلع وأصبحنا نعيش على وجبات البطاطس المسلوقة، فنحن لم نتجه للأحسن بل للأسوأ لكن ماذا نفعل سنصبر وننتظر ماذا سيحدث”.\nفقد عينه اليسرى لم يكن خليل يوسف صاحب الـ26 عاما بحال أفضل منهم، فهو بعد أن فقد عينه اليسرى ينتابه الحزن مما وصلت إليه الثورة.\nوثول لـ”محيط”: “عملنا ثورة وناس اتغيرت لكننا محققناش اللي عاوزينه والناس دلوقتي نسيت، كان الجميع معا لكنهم الآن لا يذكرون شيئا من الثورة”.\nكانت إصابته بطلق ناري خرطوش أدى لفقدان العين اليسرى أجرى عدة عمليات في القصر العيني لاستخراج “البلي” المعدن احتفظ بعدد منها، لكن رغم هذه الجراحات والتي كان آخر على يد طبيب متبرع بإجراء عمليات مجانا لمصابي الثورة لكنها لم تنجح، والآن لا يرى بالعين اليسرى، وفقًا لحديثه.\nو يوضح خليل يوسف والذي وقعت إصابته في محافظة الفيوم يوم جمعة الغضب 28 يناير، أنه رفض وضع عدسة زجاج في عينه لشكلها “السيء”، مضيفا أنه حين وافقوا على سفره لإكمال علاجه بالخارج في إيطاليا كان القرار أن يسافر بمفرده دون مرافق هو ما جعله يرفض.\nكان يأمل أن تنجح قضية التعويض التي رفعها وأبلغه محاميه أنهم في انتظار الحكم ضد وزير داخلية مبارك حبيب العادلي ومساعديه والمتهمين من ضباط الشرطة؛ إلا أنه لم يعد هناك أمل في كسبه للقضية والحصول على التعويض بعد أن تقيدت ضد مجهول، ما جعله بعد أن فقده عينه ومهنته التي يحبها ييأس.\n”كانت عيني هي شغلي” يصف ابن محافظة الفيوم طبيعة عمله قبل الإصابة كمصور فوتوغرافيا، لكنه الآن لم يعد يستطيع التصوير ولا إيجاد عمل آخر، قائلا “من صاحب شغل سيقبل توظيفي وأنا مصاب بعجز 5% والبديل المتاح الآن كان العمل في قهوة بمبلغ أربعين جنيه في الليلة لم أكمل يوما فيها فكيف بعد أن كنت مصور”.

الخبر من المصدر