في عصر اليوتيوب.. ما فائدة منع السينما في السعودية؟ هيفاء المنصور تحاول الإجابة

في عصر اليوتيوب.. ما فائدة منع السينما في السعودية؟ هيفاء المنصور تحاول الإجابة

منذ 7 سنوات

في عصر اليوتيوب.. ما فائدة منع السينما في السعودية؟ هيفاء المنصور تحاول الإجابة

نشرت المخرجة السعودية هيفاء المنصور مقالاً مطولاً في "سي إن إن" الإنكليزية، تتحدث فيها عن السينما في السعودية، وعن مفتي البلاد الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، الذي قال مؤخراً إن السينما والحفلات الغنائية "ضرر وفساد"؛ لأنها "قد تعرض أفلاماً ماجنة وخليعة وفاسدة وإلحادية، فهي تعتمد على أفلام تُستورد من خارج البلاد لتغير من ثقافتنا". ودعا مفتي المملكة "أن يوفق الله القائمين على هيئة الترفيه.. وألا يفتحوا للشر أبواباً".\nلكن المنصور بمقالها المطول تعيد الجدل مجدداً\nمثَّل هذا الأسبوع نهاية فترة أخرى من الإثارة الممتدة حول احتمالية إعادة فتح دور السينما في المملكة العربية السعودية بعد منعها منذ الثمانينات.\nتحطمت آمالي بخصوص هذا الأمر مراتٍ أخرى لا تحصى، لكنَّ تفاؤلي عاد مرةً أخرى بعد أن أُنشِئَت الهيئة العامة للترفيه مؤخراً؛ لتكون جزءاً من برنامج "رؤية 2030" للمملكة العربية السعودية، والتي تَعِد بموجة من الإصلاحات الثقافية تهدف إلى تنويع اقتصاد المملكة المعتمد على النفط.\nولأنني مخرجةٌ سينمائية، فقد كنت في غاية الترقب. تذكرت هذا اليوم عام 2012 عندما حاولت الجمعية السعودية للثقافة والفنون استضافة عرض فيلم "وجدة"، الذي أخرجتُه، في مكانٍ صغير بالرياض؛ لمساعدة الفيلم على الترشح لجائزة الأوسكار.\nكان هذا الفيلم أول فيلم على الإطلاق يُصوَّر في المملكة، وكنت فخورة للغاية لمشاركته مع الجمهور السعودي.\nلكنني شاهدتُ، عاجزةً، مقاطع الفيديو التي انتشرت على الشبكات الاجتماعية لبعض الرجال وهم يغلقون المكان.\nعرضنا الفيلم في السفارتين الألمانية والأميركية، لكنَّ الأمر بدا حلماً مؤجلاً.\nولكن الشعور يبدو مختلفاً هذه المرة، كما لو كنا قد تقدمنا.\nألا يعتبر فتح دور السينما جزءاً طبيعياً من أية خطة لزيادة الخيارات الترفيهية الداخلية، في بلدٍ يقضي سكانه معظم أوقاتهم داخل البيوت؟ هل ثمة في العالم مَن يفرض على الشعب كل هذه القيود؟\nليس بإمكان هذا الأمر أن يكون صناعةً محلية هائلة فحسب، وإنما يمكن التحكم فيه بسهولة ليلائم ثقافتنا.\nفلماذا يمثل هذا الأمر مشكلة؟\nالتهديد "اللا أخلاقي" للقيم التقليدية\nانكسر قلبي مرةً أخرى، بعد أسابيع من الأمل، عندما أعلن المفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، أكبر مرجعية دينية مؤثرة في السعودية، أنَّ دور السينما (هي والمسارح) "غير أخلاقية"، وتشكل تهديداً للقيم التقليدية.\nأثبتت تعليقاته أنَّ دور السينما ما زالت واحدةً من "خطين حمراوين" في السعودية، قضيتان تتجاوزان الخطاب العقلاني.\nفقيادة المرأة للسيارة، إلى جانب فتح دور السينما، ما زالا موضوعين رمزييْن محورييْن لا يبدو أن بإمكاننا تجاوزهما.\nوعلى الرغم من الكثير من التغيرات الإيجابية التي تجتاح البلاد، والتي شهدتها بنفسي؛ ومنها، مثلاً، عمل النساء حالياً في كل مكان، من مراكز التسوق حتى مجلس الشورى، فإنّه يبدو أننا محكومٌ علينا بأن نُعرَف دولياً بأننا "البلد الذي ما زالت النساء فيه لا يستطعن قيادة السيارات، وما زالت دور السينما غير قانونية".\nمنْع النساء من القيادة قضية في منتهى الوضوح.\nومع أنّ هذه القضية أقل إلحاحاً من الولاية على المرأة (إذ تتطلب الكثير من الأمور القانونية موافقة الأوصياء الذكور للمرأة)، فإنَّ هذه القضية أسهل قضية مفهومة عالمياً؛ باعتبارها تقييداً تتعرض له النساء السعوديات.\nينظر المحافظون لهذا الأمر باعتباره حائط الصد الأخير ضد تمكين النساء، ذلك أنَّ التحكم في تحركاتنا هو الأساس لكل الأشكال الأخرى من قهر النساء.\nلكن، ما فائدة منع السينما؟ أليس السعوديون مسموحاً لهم بمشاهدة واستماع ما يحلو لهم في منازلهم، باعتبارها واحداً من أكثر المجتمعات اتصالاً بالإنترنت في العالم؟ إنَّ محتوى العالم بأكمله، بلا رقابة، وأكثره بالمجان، متاح على مواقع مثل "يوتيوب" تحت إمرتنا.\nوالمسارح يمكن فصل الجنسين فيها بالطريقة نفسها التي يُفصَل بها في الأماكن العامة.\nلكن، ليست هذه هي المشكلة.\nتكمن المشكلة في السؤال الأعمق حول دور الفنون في الحياة العامة بالمملكة العربية السعودية.\nحالياً، تُعَامل كل صور الفن باعتبارها تهديداً للهوية الثقافية.\nنتيجة ذلك، أننا عندما نرى أنفسنا على الشاشة، فنحن لا نرى الصورة سوى رؤية من جانب واحد، التصوير الأجنبي للسعوديين باعتبارهم إرهابيين، ومتطرفين، أو متخلفين ثقافياً غريبي الأطوار، وغير مؤهلين للانضمام إلى العالم الحديث.\nهذه ليست بلدنا، وتلك ليست قصتنا.\nفعندنا ثقافة غنية، ونحن لاذعون في سخريتنا، وشديدو الذكاء، وممتلئون بالحب والأمل، وتدفعنا روح وقَّادة لا يمكن هزيمتها من خلال الروايات الكاذبة أو تقديمها بصورة خاطئة.\nنحن لسنا ضحايا، ولا متطرفين، ولا سُذَّجاً.\nالمملكة غنية بأناسٍ لا حصر لهم، وكلنا لدينا قصص مهمة، وأفكار، ووجهات نظر. وهناك إيقاع مميز في موسيقانا ونثرنا، ونسيج من الألوان والتركيبات نتميز به عمن هم سوانا.\nهذه هي السعودية التي أريد أن أعرضها للعالم من خلال الأفلام.\nلكننا لن يكون بإمكاننا أبداً أن نعرض قصصنا حقاً دون فخر، أو أن نبني جمهوراً مهتماً بالسينما السعودية، حتى نبدأ في الاستثمار في البنية التحتية المادية والفكرية الضرورية.\nولحسن الحظ، هناك عددٌ قليل من الأصوات القوية المدافعة التي تنادي بتطوير الفيلم السعودي.\nفالأمير الوليد بن طلال هو المستثمر السعودي الوحيد الراغب في خوض التجربة ودعم فيلمي. وما زال الأمير مستمراً في تطوير الصناعة المحلية، لكننا سوف نحتاج المزيد من الناس للانضمام إلينا في هذه الرحلة لو أردنا لمنتجاتنا أن تزدهر حقاً.\nدون دور سينما، لن تزدهر الاستثمارات في مجال السينما السعودية أبداً.\nودون فيلم سعودي، لن نتمكن من رواية جانبنا من القصة أبداً.\nهيفاء المنصور مخرجة أفلام سعودية، أول أفلامها بعنوان "وجدة"، كان أول فيلم يتم تصويره في السعودية، وأول فيلم من إخراج امرأة. قدمت السعودية الفيلم في تصنيف "أفضل أفلام أجنبية" في حفل جوائز الأوسكار الـ86.\n- هذا الموضوع مترجم عن شبكة CNN الأميركية. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

الخبر من المصدر