الفيروسات وأسعار الأعلاف تضرب صناعة الدواجن

الفيروسات وأسعار الأعلاف تضرب صناعة الدواجن

منذ 7 سنوات

الفيروسات وأسعار الأعلاف تضرب صناعة الدواجن

شعبة الدواجن: خاطبنا الجهات التنفيذية من عام 2006 ولم يستجب أحد\nالمنتجون يتجهون لتغيير نشاطهم لمواجهة الإفلاس\nمشاكل متعددة تواجه صناعة الدواجن فى مصر تهددها بالانهيار، بدءا من ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة، مرورًا بتسرب أدوية فاسدة لعلاج الدواجن فى الأسواق المحلية، ونهاية بديون تحاصر المربين الذين يواجهون شبح الإفلاس والتشرد، فى حين تكتفى الحكومة بموقف المشاهد لهذه الأزمات فى ضوء ما تتعرض له تلك الصناعة.\nخسائر بالآلاف تكبدها مئات من أصحاب مزارع الدواجن بالمحافظات، فمنهم من قرر تغير النشاط بعد أن بات مهددا بالسجن لتكاثر الديون وآخرون أصيبوا بالأمراض المزمنة بفعل طبيعة النشاط واختلاطهم بالدواجن المصابة بالفيروسات.\nتعود بداية الأزمة عندما أصدر المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، قرارًا بإلغاء الضرائب الجمركية على الدواجن المستوردة المجمدة، منذ 10 نوفمبر من العام الماضى، والذى جاء بمثابة إعدام لأنشطة أصحاب المزارع وتعرض العشرات منهم للإفلاس.\nوأشار العديد من أصحاب المزارع إلى أنه بموجب هذا القرار نفرت الكثير من الاستثمارات العربية والمصرية فى قطاع الدواجن، فضلًا عن ضياع عشرات المليارات من الجنيهات التى تم استثمارها فى المجازر وإنشاء الشركات الجديدة.\nفى المقابل تخرج الحكومة لتؤكد مرارًا أن القرار جاء لصالح المستهلك من محدودى الدخل.\nوقال عدد كبير من المواطنين إن قرار إلغاء الرسوم الجمركية على الدواجن جاء على كاهلهم، حيث باتوا عاجزين عن شراء الدواجن كبديل بروتينى للحوم، وأشاروا إلى أن أصحاب محال بيع الدواجن يستغلون غياب الرقابة ورفعوا سعر كيلو الدواجن البيضاء لـ 20 جنيهًا.\n«الوفد» أجرت جولة ميدانية على عدد من مزارع الدواجن فى مركز أشمون بمحافظة المنوفية، والذى يعد الأشهر فى ترويج الدواجن، ورصدت حال أصحاب المزارع الذين تعرض بعضهم للديون والإفلاس بعد ارتفاع أسعار الدولار، مما أثر على أسعار الأعلاف، فى حين قرر البعض الآخر من أصحاب المزارع «المجازفة»، وأشاروا إلى أنهم مهددين بالإفلاس حال استمرار الوضع على ما هو عليه الآن من حالة غليان الأسواق المحلية للدواجن.\n«الدولار السبب، وكلنا أصبحنا على وشك الإفلاس».. فى حالة من الغضب الشديد يعبر محمد الطباخ، صاحب شركة استيراد وتصدير أعلاف، عن اعتراضه على أوضاع الأسواق المحلية للدواجن.\nوقال «الطباخ» إن العلف يمثل 80% من سعر الدواجن فى الأسواق، مشيرًا إلى أن الزيادة فى أسعاره تجاوزت 100%، فضلًا استيراده، وتأثره بشكل كبير بارتفاع سعر الدولار، وعجز مصر عن توزيعه فى الأسواق لعدم قدرتها على زرع «الذرة الصفراء».\nوانتشار الفيروسات كان أحد أسباب القضاء على الدواجن فى مزارع مصر.. هذا ما أكده «الطباخ» خلال حديثه، مشيرًا إلى أن جميع معامل البحوث فى مصر تعانى من جهل مواجهة هذه الفيروسات، فضلًا عن عدم جدوى المصل الخاص الذى يصرفونه لأصحاب المزارع لمواجهة فيروسات «H1N1» و«IB».\nوأوضح صاحب شركة استيراد وتصدير الأعلاف، أن الزيادة فى أسعار أدوية الدواجن تجاوزت 100% رغم عدم جدواها فى علاج الفيروسات المنتشرة والتى قضت على 70% من دواجن مصر، وأدت إلى غلق المئات من مزارع الدواجن فى أرياف قرى المحافظات، والتى تعد مصدر إنتاج الدواجن فى الأسواق المحلية.\nوأضاف: «الحكومة لازم تشوف حل للأزمة دى علشان فعلًا نشاط بيع الدواجن فى مصر يعانى من خطر الاندثار».\nوأيده الرأى أشرف عبدالمنعم، صاحب مزرعة دواجن تم غلقها بعد تعرضه للخسائر الفادحة وقال: «أنا دفعت ثمنًا كبيرًا لانتشار الفيروسات فى المزارع، والحكومة فعلًا قضت علينا بسبب تصرفاتها الفاشلة»، يشير صاحب الثلاثين عامًا إلى أن ارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة من أمريكا والأرجنتين أثر بشكل كبير على أسعار الدواجن فى الأسواق، وذلك لما نتعرض له من تكاليف باهظة لرعاية الدواجن فى المزارع.\nوأضاف: «سعر الكتكوت تراجع إلى 2. 5 جنيه، بعد ما كان يباع بـ5 جنيهات، لا وكمان ممكن بنبيعه دلوقتى بجنيه ونص»، مشيرًا إلى تراجع حركة البيع والشراء للدواجن منذ أن شهد الدولار ارتفاعا ملحوظا فى الأسواق المحلية، فضلًا عن وصول سعر طن العلف إلى 6600 جنيه، وبعد أن يصل لأصحاب المزارع فى الصعيد يقفز سعره لـ7 آلاف جنيه.\nويصمت بائع الدواجن للحظات، ويعود دامعًا وقال: «يا بيه أنا بيتى اتخرب ومش عارف أعمل إيه وعندى عيال وعليا ديون بآلاف، ودلوقتى أنا شغال على عربية علشان أعرف أسدد الفلوس اللى عليا».\nويشير البائع ناحية مرزعته المغلقة، وبعين الحسرة ينظر إليها ويقول: «كان عندى 8 آلاف دجاجة، ومرة واحدة لقيت نصهم ماتوا بفيروسات، والباقون بعتهم بالخسارة علشان أعرف أتصرف فيهم قبل ما يموتوا».\nإشكاليات أصحاب المزارع ليست فقط فى حركة البيع والشراء، أو خسائرهم الفادحة إثر غلق مزارعهم، بل وصلت لحد إصابة البعض بفيروسات إنفلونزا الطيور.\nوقال أحد أصحاب المزارع الذى تعرض لخسائر فادحة بعد غلق مزرعته ورفض نشر اسمه: «أنا أصيبت منذ فترة بحمى وسخونة شديدة وعندما وقع الأطباء الكشف الطبى حجزونى فى المستشفى، وقالوا لى إنى مصاب بإنفلونزا الطيور، بس الحمد الله أتعافيت».\nوقال عبدالعزيز السيد، رئيس شعبة الدواجن بالغرف التجارية، إن السبب الأساسى فى تفاقم أزمة الدواجن فى الأسواق المحلية تحرير سعر صرف الدولار، إذ وصل سعر طن الأعلاف لـ 7000 جنيه، وهذا نجم عنه ارتفاع أسعار الدواجن.\nوأضاف السيد لـ«الوفد»، أن من ضمن الأسباب أيضًا انتشار الفيروسات بشكل كبير خاصة «IB»، مشيرًا إلى أن عدم بعد المسافات بين المزارع كان أحد أسباب انتشار الفيروسات بشكل سريع، ولهذا تحتاج منظومة الدواجن لتطوير حقيقى، وتطبيق ما يسمى بـ«النظام المغلق» وغير المطبق فى مصر وهو يحمى الدواجن بشكل كافٍ من التعرض للفيروسات.\nكما شدد «السيد» على ضرورة عدم السماح بإنشاء مزارع دواجن إلا من خلال الحصول على ترخيص رسمى، مؤكدًا أن غالبية المزارع فى مصر غير مرخصة.\nوعن دور الشعبة فى هذه الأزمة أوضح أنها تقتصر على ثلاثة أشياء، هى: التوعية والإرشاد لأصحاب المزارع بأهمية وخطورة الأزمة الحالية، وترتيب المشكلات الحالية وترتيب أولوياتها، وتقديم حلول لهذه المشكلات، مؤكدًا أن الشعبة خاطبت وزارة الزراعة ومجلس الوزراء بخطورة الأزمة منذ عام 2006 ولم يستجب لهم أحد.\nوقال الدكتور عادل عامر، الخبير الاقتصادى، إن السياسات الحكومية لدعم استيراد الدواجن من الخارج تهدد الصناعة المحلية للدواجن، وتقلل من الثقة فى الصناعة المحلية، كما تقود إلى تهديد الاستثمارات المتوقعة لتطوير صناعة الدواجن، وانعكاسها سلبيًا على البعد الاجتماعى فى مصر، مشيرًا إلى أن الاستيراد دون جمارك يعنى دعم الصناعة الأجنبية أمام الصناعة المحلية، ويؤدى إلى غياب المنافسة بين الإنتاجين المحلى والمستورد.\nوأضاف «عامر» لـ«الوفد»: «استثماراتنا فى صناعة الدواجن تصل لـ65 مليار جنيه، وانهيارها يكلف الدولة 250 مليار جنيه».\nوأضاف: «الواقع المؤلم الذى تواجهه هذه الصناعة الوطنية المهمة يكشف أن تصريحات المسئولين حول تشجيع الاستثمارات ودعم المستثمرين مجرد شعارات وكلمات للاستهلاك المحلى»، مشيرًا إلى أن هناك العديد من المشاكل والأزمات التى تواجهها تلك الصناعة فى الوقت الحالى، من بينها استمرار عمليات الاستيراد من الخارج والتى تعد كارثة بكل المقاييس على الصناعة والعاملين فيها.\nوأشار الخبير الاقتصادى إلى إشكالية أخرى أصابت سوق الدواجن خلال الفترة الماضية وهى تواجد من يسمون بـ«السماسرة» أو الوسطاء ما بين المنتج والمستهلك، فالواقع يؤكد أن المستهلك المصرى يحصل على كافة السلع سواء الضرورية أو الترفيهية بأسعار مبالغ فيها وتفوق بكثير الأسعار التى يحصل بها الوسيط على السلع من المصنع، وهنا تصبح المشكلة معقدة فالصانع والمستهلك يقعان فريسة لأطماع وجشع الوسطاء.\nوأضاف: «مشكلة الحلقات الوسيطة تزداد حدتها يوما بعد يوم لأن هؤلاء الوسطاء لا يستثمرون مبالغ مالية كبيرة تكون داعمة للاقتصاد وليست لديهم أعداد كثيفة من العمالة ولا يقومون بدفع أى نوع من أنواع الضرائب للخزانة العامة للدولة, ومع ذلك يحصلون على أرباح خيالية فى ساعات أو أيام قليلة».\nوحول مدى فعالية وزارة الزراعة لمواجهة الأزمة أكد «عامر» أن الوزارة لا تقوم بدورها المطلوب فى حماية وتشجيع صناعة الدواجن، مبررًا أن هذه الصناعة لها اتحاد معنى بإدارة شئونها وهو الاتحاد العام لمنتجى الدواجن والذى أنشئ بموجب القانون رقم 96 لسنة 1998 والذى منحه القانون العمل على حل المشاكل ومواجهة معوقات صناعة الدواجن والتنسيق الكامل فى ذلك مع كافة الأجهزة المعنية بالدولة.\nإشكاليات أخرى أشار إليها الخبير الاقتصادى ومنها الحالة الوبائية التى نتجت عن مرض إنفلوانزا الطيور التى ظهرت فى مصر عام 2006 ولا تزال نتائجها مستمرة حتى الآن، وهى الأزمة التى تعرضت فيها مصر لعملية نصب منظمة من جانب بعض الشركات الكبرى العالمية التى باعت كميات كبيرة من الأدوية والتحصينات وتخصص عمولات ليست بالقليلة وهدايا قيمة وسفريات خاصة للأطباء البيطريين الذين يقنعون أصحاب المزارع باستخدام تلك الأدوية والتحصينات, وتقوم تلك الشركات عن طريق هؤلاء الأطباء بعمليات تخويف للمنتجين وإقناعهم باستخدام التحصينات بحجة أنها كفيلة للقضاء على المرض, وهى كلمات حق يراد بها باطل.\nوأضاف: «لأن معظم الدول التى نجحت فى محاصرة المرض منعت استخدام التحصينات, فإن الحل الأمثل هو إعدام الدواجن المصابة فى محيط كيلو متر فى المنطقة الموبوءة ومنع دخول أو خروج الدواجن لمسافة 3 كيلو متر من المنطقة الموبوءة وبعدها يتم حصر الخسائر وتعويض المتضررين من المنتجين».

الخبر من المصدر