دراسة الوقود الحيوي أسوأ على المناخ من البنزين

دراسة الوقود الحيوي أسوأ على المناخ من البنزين

منذ 7 سنوات

دراسة الوقود الحيوي أسوأ على المناخ من البنزين

لقد تم التشكيك بشكلٍ واضحٍ في معالجة وتحليل البيانات التي تم إجراؤها على مر سنواتٍ لإثبات الفوائد المناخية للوقود الحيوي الأمريكي، وذلك في مجلةٍ علميةٍ صدرت يوم الخميس الموافق 25 آب/أغسطس، بواسطة فريقٍ من العلماء استخدموا نهجًا جديدًا، مستنتجين فيه أنَّ المناخ سيكون أفضل حالًا بدون الوقود الحيوي.\nحيث قدّر علماءٌ من معهد الطاقة في جامعة ميشيغان، مستنديين -إلى حدٍّ كبير- إلى مقارنة تلوث العوادم ونمو المحاصيل المرتبطة بالوقود الحيوي، أن تشغيل محرك مركبة أميركية بالإيثانول المستخلص من الذرة، سيسبب تلوث كربوني أكثر من استخدام البنزين خلال السنوات الـ 8 التي شملتها الدراسة.\nفي الواقع إنَّ معظم البنزين الذي يباع في الولايات المتحدة يحتوي على نسبةٍ من الإيثانول، لقد كانت النتائج التي نُشرت في مجلة التغير المناخي Climatic Change مثيرةً للجدل، فقد رفض العلماء القائمون على الدراسة الجديدة، سنواتٍ من العمل لعلماء آخرين اعتمدوا نهجًا أكثر تقليديةً للحكم على التأثيرات المناخية للطاقة الحيوية، نهجاً سُمي بتحليل دورة الحياة.\nإنَّ الآثار المترتبة على استخدام الوقود الحيوي المسببة للضرر أكثر من النفع للمناخ ستكون شاملة، خاصةً بعد تعرضنا لأكثر الشهور حرارةً على الإطلاق عالميًا، وارتفاع درجات الحرارة بما يقارب درجتين فهرنهايت وزيادة ارتفاع المد إلى أكثر من نصف قدم مما كان عليه في القرن التاسع عشر.\nوقد موَّل المعهد الأمريكي للبترول American Petroleum Institute هذا البحث، المعهد الذي يمثل شركات صناعة الوقود الأحفوري، والذي قد رفع دعوى ضد الحكومة الفدرالية بسبب قوانينها المتعلقة بالوقود الحيوي.\nقال البروفيسور جون ديتشيغو John DeCicco، الذي قاد العمل: "لقد أخبرت مجتمع تحليل دورة الحياة بشكلٍ صريح أن طريقتهم غير مناسبة"، وأضاف: "قمت بتقدير المدى الذي زدنا فيه معدل إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي". \nيفترض تحليل دورة الحياة، أن كل التلوث الكربوني من الوقود الحيوي تمتصه المحاصيل الزراعية خلال نموها في نهاية المطاف. وجد ديتشيغو في تحليله أن زراعة محاصيل الطاقة أدت إلى نمو نبات إضافي امتص 37% فقط من تلوث الوقود الحيوي، وذلك في الأعوام من 2005-2013، مما يترك معظمه في الغلاف الجوي حيث يقوم بحبس الحرارة.\nويقول ديتشيغو: "كيف يمكن مقارنة تأثير انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن الإيثانول المستخرج من الذرة مع البنزين؟ هذا سؤالٌ ليس له إجابة علمية"، وأضاف: "يمكنني القول بشكلٍ قاطع، بغض النظر عن حجم تأثير الانبعاثات، إنَّه بلا شك أسوأ من البنزين البترولي".\nوواجهت هذه النتائج الانتقادات من قبل العلماء كونها تعرض عملهم للتشكيك المباشر. حيث أن مايكل وانغ Michael Wang، عالم في مختبر أرجون الوطني Argonne National Laboratory، الذي قاد تحليلات دورة الحياة التي خلصت إلى أنَّ لأنواع الوقود الحيوي المختلفة فوائد مناخية، أطلق على هذا البحث مسمى "مشكوك فيه إلى حدٍّ كبير" وذلك لعدة أسباب تقنية، تشمل تركيزه على نمو المحاصيل الأمريكية بدلًا من الشبكة العالمية للمزارع.\nارتفع استخدام الإيثانول والديزل الحيوي والمنتجات المماثلة أكثر من ثلاثة أضعافٍ على الصعيد الوطني للولايات المتحدة خلال سنوات الدراسة، وذلك بسبب السياسات الفدرالية وسياسات كاليفورنيا التي تعزز استخدام الوقود الحيوي لإبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري، مما وفّر 6% من الوقود الأمريكي عام 2013.  وأظهرت البيانات الفدرالية أن البنزين المباع في الولايات المتحدة في العام الماضي، يحتوي على حوالي 10% من الإيثانول المستخرج من الذرة.\nكانت ورقة يوم الخميس بمثابة وقود جديد، أشعل نقاشًا محتدمًا بين مجموعاتٍ من العلماء المختلفين حول تأثيرات الطاقة الحيوية على المناخ، كان بعضهم متأكدًا من دورها في مكافحة التغير المناخي، وآخرون مقتنعون أنها تمثل تهديدًا.\nقال دانيال شراغ Daniel Schrag أستاذ الجيولوجيا في جامعة هارفارد، والذي قدّم المشورة لوكالة حماية البيئة EPA بشأن تأثيرات الطاقة الحيوية على المناخ: "على المدى الطويل، ليس هناك شك في أن حلول الوقود الحيوي مكان البترول أمر ينطوي على فائدة"، ويعارضه في رأيه هذا ديتشيغو ومؤيديه. وأضاف شراغ قائلًا: "إنها مجرد مسألة وقت، إلى متى يجب علينا الانتظار؟".\nورفض شراغ نتائج يوم الخميس، مشيرًا إلى عدم وجود سبب يستدعي وضع نهج جديد لقياس تأثير الوقود الحيوي، منوّهًا إلى فشل النهج الجديد المقترح نتيجة عدم أخذه في الحسبان أننا نحتاج لسنواتٍ لنلحظ استفادة المناخ من الطاقة الحيوية.\nوخلصت تحليلات العلماء - الذين درسوا تأثيرات دورة الحياة لزراعة الذرة وغيرها من المحاصيل لإنتاج الإيثانول بشكلٍ عام- إلى أن التلوث بثاني أكسيد الكريون أقل بنسبةٍ تتراوح بين 10% و 50% نتيجة استخدام الوقود الحيوي مقارنةً بالبنزين.\nواستندت هذه التقديرات إلى فكرة أن الفوائد المترتبة على الطاقة الحيوية تتحقق مع مرور الوقت، فعلى الرغم من أنها تسبب تلوث أولي بثاني أكسيد الكربون، إلَّا أنه عند نمو المحاصيل والأشجار والعشب يتم امتصاص غاز ثاني أكسيد الكربون، الذي بذلك يعود إلى الجذور والأزهار والأوراق.\nإن مثل هذه الفوائد قد تكون تصوريةً أكثر من كونها علمية، مما يحوّل المناقشات العلمية في وكالة حماية البيئة وغيرها بشأن كيفية حسابها إلى مآزق سياسة تبدو مستعصية. وتساءل شراغ: "ما النطاق الزمني الذي ينبغي أن ننظر إليه؟"، وأضاف قائلاً: "إن بعض الأسئلة الأساسية حول النطاق الزمني ليست بالأسئلة العلمية، إنها أسئلة مجتمعية".\nواستغنى علماء جامعة ميشيغان عن النهج القائم على النطاق الزمني تماماً، مما يلغي الحاجة إلى قرارات سياسية حول أي النطاقات الزمنية ينبغي استخدامها.  عوضاً عن ذلك، تقدم أبحاثهم لمحةً عامةً عن التأثيرات المناخية الشاملة خلال 8 سنوات لقطاع الوقود الحيوي، بتكلفة تقدر بمليارات الدولارات الأمريكية.\nورحب تيموثي سيرشينغر Timothy Searchinger باحث في جامعة برينستون Princeton بنتائج النهج الجديد، فهو من أبرز الأصوات المنتقدة للطاقة الحيوية. فقد تحدث سيرشينغر علناً لسنواتٍ حول أوجه قصور الأساليب التقليدية المستخدمة لقياس التأثيرات المناخية للطاقة الحيوية.\nوأشار سيرشينغر إلى أن النهج المطوّر في ميشيغان يوفر "حساب إضافي" للمساعدة في التغلب على الافتراض الخاطئ المتمثل في أننا نتخلص من التلوث المناخي عندما يصبح أمر احتراق الطاقة الحيوية غير مهم.\nوعلى الرغم من تحذير المسؤولين الأوروبيين من أوجه قصور استخدام تحليلات دورة الحياة في تقييم تأثيرات التغير المناخي بسبب الطاقة الحيوية، إلا أن وكالة حماية البيئة استمرت لأكثر من خمس سنواتٍ في محاولاتها لإيجاد إطار تنظيمي جديد من شأنه الاستمرار في تبني هذا النهج.\nوأضاف سيرشينغر قائلاً: "لم تقترب الولايات المتحدة من موازنة الكربون الصادر عن حرق الوقود الحيوي من خلال نمو المحاصيل الإضافية".

الخبر من المصدر