اللغة غذائنا الثاني الذي نموت بدونه

اللغة غذائنا الثاني الذي نموت بدونه

منذ 7 سنوات

اللغة غذائنا الثاني الذي نموت بدونه

في بدايات القرن الثالث عشر الميلادي قام الملك فريدريك الثاني بعمل تجربة عجيبة ليكتشف أصل اللغات، حيث أحضر مجموعة من الأطفال الرضع حديثي الولادة وعزلهم تماماً إلا عن حارس أبكم يغذيهم يومياً، ليرى ما هي اللغة التي سينطقون بها وحدهم من دون تدخل المجتمع والبيئة المحيطة. المدهش أن الأطفال ماتوا جميعاً رغم الرعاية الغذائية والطبية ولم ينطقوا كلمة واحدة وكأن اللغة والكلام غذاء ثاني من دونه قد لا يحيا الإنسان.\nلكن ماذا لو كان هذا الطعام مسمماً؟!\nنعم عزيزي القارئ؛ نحن نتناول طعاماً مسمماً كل يوم، مع كل غيبة ونميمة وسخرية من شكل ولون وحجم أي شخص أو عاداته وثقافته. اختفت من حياتنا الكلمات التي تعبر عن الشكر والامتنان، عن الذوق والجمال، عن الحمد والنعمة والرضا، صرنا نشتم فناناً أو لاعب كرة أحببناه إعجاباً به، احتلت لغاتنا العامية على امتداد الوطن العربي كلمات قبيحة تعبر عما وصل إليه طعام كلامنا الرديء.\nانتشرت مواقع على شاكلة: “الصورة التي أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي”، لتهبط أيضاً باللغة الصحفية إلى الحضيض، كنا صغاراً نشكو قارئ الجريدة ونطالبه بقراءة الكتب حتى لا يستمد ثقافته من جورنال، صارت لدينا الآن عشرات الآلاف من المواقع التي تتداول شائعات ومغالطات مقصودة يستمد منها الملايين سماً جديداً كل يوم، حتى المواقع الكبيرة صارت تنشر أخباراً مبتذلة من أجل “الترافيك” والضحية المزيد من انحطاط الذوق العان.\nالحروف التي نأكلها لماذا صارت مُرّة؟\nلأن كل مظاهر الجمال تختفي يوماً بعد يوم من مجتمعاتنا ويحل بدلاً منها قبح لا يمكن مواجهته، حتى إننا نتمنى أحياناً لو فقدنا النطق ربما يتوقف القبح.\nلغتنا الجميلة التي يزيد اغترابها يوماً بعد يوم، والتي يراها بعضهم لا تليق بمستواه الاجتماعي كتابة وقراءة ونطقاً فيدفع بأطفاله دفعاً إلى تعلم اللغات الأجنبية والنطق بها وإجادتها دون إجادة العربية، لنفقد هويتنا يوماً بعد يوم.\nمن يستورد غذاءه لا يملك كلمته، ومن تنحط كلمته أيضاً لن يملك أبداً غذاءه.\nYour email address will not be published. Required fields are marked *

الخبر من المصدر