طفرة قانونية

طفرة قانونية

منذ 7 سنوات

طفرة قانونية

تتوقع سارة العوضي، المحامية الإماراتية الشابة بشركة «وايت آند كيس»، أن يشهد قطاع المحاماة بدولة الإمارات العربية المتحدة خلال السنوات القليلة القادمة طفرة في تخصصات مختلفة وجديدة وإقبالاً أكبر من مواطني الدولة الإناث والذكور معاً. السبب في ذلك، برأيها، يعود بالفعل إلى بدء انتشار إقبال المحامين والمحاميات على التخصص في القوانين التجارية والمالية وغيرها على عكس الإقبال السابق على القوانين الجنائية والأحوال الشخصية.\nتقول سارة: «أظن أن الناس سابقاً لم تكن تفهم كافة الجوانب المتعلقة بالقوانين المختلفة فيما عدا القانون الجنائي. كان لديهم فكرة فقط وليس إلماماً شاملاً بكافة القوانين. كما أنهم لم يعرفوا ماهية عمل المحامي بالضبط. الآن وبعد انتشار المهنة بين الكثيرين والتحدث عنها بشكل أكبر في أجهزة التلفزيون، صاروا يفهمونها، وكلما انخرط المتدربون الإماراتيون في مكاتب المحاماة بشكل أكبر، ازداد فهمهم لها. كما يتيح الالتقاء بالمحامين الآخرين للإماراتيين فرصة لإثراء معلوماتهم ولـ المهنة.»\nوتضيف:«طوال الوقت، يسألني الناس عن تفاصيل عملي اليومية، وتثير المهنة اهتمامهم بمجرد أن أشرح لهم عن تفاصيل عملي اليومي. أعتقد اليوم أن الإلمام بمهنة المحاماة ازداد بين الإماراتيين والكثيرات من النساء الإماراتيات يدركن أنه لا يتعين عليهن أن يصبحن محاسبات إذا كن يحببن القطاع المالي، وبإمكانهن أن يصبحن محاميات متخصصات في نفس القطاع. يمتاز الوسط القانوني بأنه يُقدر الموظفين ذوي الخلفيات المتنوعة فمثلاً إحدى زميلاتي كانت كيميائية قبل دراسة المحاماة ومهاراتها السابقة مفيدة للشركة والعملاء على حد سواء.»\nوتنصح سارة مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة الراغبين بالعمل في مجال القانون التجاري بالتركيز على عدة جوانب منه لأنه من «الأمور الرائعة في مجال القانون أنه لا يقتصر على قانون تجاري واحد عام يتخصص فيه المحامون، وبدلاً عن ذلك، هناك طيف واسع من القضايا ومجالات الخبرة في المعاملات التجارية التي يمكن للمحامي أن يقدم يد المساعدة فيها، مثل التركيز على الجانب المؤسسي للمعاملات أو الجانب المتعلق بتمويل المشروع.»\nوتقول:«هذا التنوع المتاح في المجالات التي يمكن للمحامين التخصص بها سيتيح للمحامين الإماراتيين الشباب الفرصة لاستكشاف قطاع العمل الذي يناسب اهتماماتهم، ويحقق طموحاتهم في العمل القانوني في نفس الوقت. فعلى سبيل المثال، يمكن لأولئك المهتمين بقطاع الطيران اختيار التركيز على المعاملات المالية المتعلقة بالطيران. وأود في هذا السياق بالتأكيد على تشجيع الشباب على اختيار العمل في مجال القانون. وتوفر مؤسستنا على مدار العام فرصاً تدريبية لطلاب المدارس الثانوية والجامعات الراغبين باكتساب الخبرة العملية في المجال القانوني.»\nولكن هل يعني حديث سارة أنها ترى إقبالاً من المرأة الإماراتية على الالتحاق بمهنة القانون وهل تظن أن الدولة ستشهد بروز جيل جديد من المحاميات المتخصصات في مجالات قانونية متنوعة بعيداً عن التخصص الجنائي والأحوال الشخصية؟  تجيب:«الأمر مثير للاهتمام خاصة أن الإمارات عمرها 45 سنة وتطورت سريعاً جداً. الفرص التي تتوفر لي الآن تختلف كثيراً عن الفرص التي توفرت لوالدتي في السابق مثلا».\nوتضيف:«نرى الإماراتيات المتخصصات في القانون على أرض الواقع الآن ومن الجيد أن تفكر الشركات العالمية حالياً بجذب المواهب المحلية. الشباب والشابات الإماراتيون يريدون مساعدة دولتهم، وأرى أنها مسألة وقت فقط. سنرى طفرة في التحاق الأجيال الإماراتية من الإناث والذكور بدراسة القانون. سعدت أيضاً عندما علمت أن الشركة  ناقشت مع الجامعات الإماراتية إمكانية تدريب الإماراتيين في مكاتبها لتشجيعهم على التدرب على القانون. هذا يتيح للإماراتيين فرصة مشاهدة عمل المكاتب القانونية على أرض الواقع لا  في جهاز التلفزيون فقط الذي ركز على القضايا الجنائية فقط. أعتقد أن هذه الفرصة توفر للفتيات في سن صغيرة رؤية ومتابعة الممارسات الدولية وهذا جيد خاصة إذا اخذنا بعين الاعتبار أن الإمارات والأسر الإماراتية الآن تشجع فتياتها على الدراسة بالخارج».\nكما تشعر سارة أن المحامي كالإسفنجة، عليه أن يمتص كافة المعلومات ويطور نفسه لكي يعرف كل شيء عن القانون والأمور التجارية». الكثير من النساء الإماراتيات اللواتي سألن عن تفاصيل عملي اليومية أصبحن متدربات في قطاعات متنوعة من مهنة المحاماة وليس الجنائي فقط. منهن من عملن كمتدربات في الإدارات القانونية بالمؤسسات الحكومية التي التحقن بها. ليس بالضرورة أن تتدرب النساء في مكاتب المحاماة بحد ذاتها، حيث يمكنهن ذلك في مؤسساتهن وأتصور أنه سيحدث تطور وتغير سريع في المهنة مستقبلاً. المهم أن نوجه مواهبنا المحلية الإماراتية نحو أهمية القطاع القانوني لأن الدولة بحاجة إلى مؤهلات محلية على درجة عالية من الكفاءة وتسهل لهم هذا الأمر».  \nوهنا تؤكد سارة على أهمية الاستفادة من الممارسات القانونية العالمية لصقل الخبرة والكفاءة. ومن هذا المنطلق، لا تفكر المحامية الشابة في تأسيس «بزنس» خاص بها في المرحلة الحالية بل تفضل التركيزعلى تدريب نفسها والتعرف على البيئات القانونية المتنوعة بشكل أكبر من خلال عملها في شركة عالمية، واستكشاف كيفية تطور السوق الذي قد يحتاج يوماً إلى تخصص قانوني جديد أو قد يشهد بروز مجال قانوني جديد على أرض الواقع.\nهنا أيضاً نطرح سؤالاً على سارة، أنتِ أول إماراتية شابة لا تفكر في تأسيس «بزنس» خاص بها بعد فترة قصيرة من العمل، لماذا؟ تجيب:«أستطيع أن أتفهم لماذا يريد الناس تأسيس أعمالهم الخاصة سريعاً،فلقد قال لي الكثيرون لماذا لا أؤسس شركات معهم، ولكنني أرى أن هذه مهمة كبيرة لا أقلل من شأنها ولكنني أستمتع حالياً بعملي في شركة عالمية أستطيع من خلالها التعرف على الكثير من الخبرات والعلاقات الدولية. تأسيس شركتي الخاصة أمر مبكر جدا،ً فأنا مازلت في الـ 27 من عمري ولا يزال أمامي الكثير لأعرفه ولا يمكنني أن أعرف كل شيء الآن بالتأكيد».\nوتضيف:«أنا استمتع بما أقوم به الآن ومن الصعب أن أتصور ما يمكن أن أفعله بعد 10 سنوات، بل أفضل أن أخطط لما سأفعله في السنوات القليلة القادمة خاصة أن الأمور تتغير بسرعة ولا يمكنك توقع أي شيء بسهولة. أؤمن أنني لو أحببت عملي وبذلت فيه مجهوداً كبيراً وتمكنت من الاستفادة من الفرص لتعلم كل شيء يقع تحت يدي، سأتمكن من الانتقال إلى تحدٍ جديد في المرحلة التالية من حياتي  سواء قررت أن أبقى في الشركة الحالية أم أصبحت شريكاً في شركة أو أي شيء آخر. أشعر براحة لأنني أتعلم وأستطيع أن أقوم بالكثير كوني امرأة و شابة».\nويبدو جلياً من حديث سارة أن اهتمامها الشديد بصقل خبرة جيدة في مهنة المحاماة بدأ في مرحلة مبكرة من حياتها عندما قررت ترك دراسة الطب في كندا لتبدأ من الصفر في ويلز بالمملكة المتحدة من أجل دراسة تخصص صعب لا يقل في صعوبته عن المجال العلمي.\n«درست الطب لأنني حينها لم أستوعب كيف يمكنني دراسة القانون في بريطانيا وممارسته هنا في الإمارات. قررت أن أدرس الطب ظناً مني أنني سأستمتع به ولكن بعد سنة أدركت أنه يتعين علي أن أدرس القانون الدولي. قلت لنفسي لأجرب القانون، وفي أسوأ الحالات سأحصل على إجازة جامعية. الرئيس الأمريكي باراك أوباما لديه هذه الإجازة وأصبح رئيساً-أي أنه لم يعمل في مجاله».\nومع هذا الشغف بالقانون وبعد تخرجها من بريطانيا، قررت سارة البقاء للعمل هناك، فوفقاً للقوانين المعمول بها في المملكة المتحدة، يلتحق المحامي المؤهل بإجازة في القانون من بريطانيا بشركة قانونية ليتم تدريبه لمدة عامين في المكتب الذي يريده. من هذا المنطلق تدربت سارة في بريطانيا لمدة عام قبل الانتقال إلى المنطقة لأنها أرادت استخدام مهاراتها العربية ومعرفتها بالمنطقة للعمل في بيئة ديناميكية ومتطورة مثل الإمارات. هذا الأمر كان جذاباً جداً لمحامية مبتدئة، إلا أنها أيضاً استفادت من خلال تدربها في مجال تمويل الطيران في مكتب «دينتونز» للمحاماة ببريطانيا لمدة عام قبل الالتحاق بشركة «وايت آند كيس».\nتقول: «أثار مجال القانون اهتمامي الدائم سواء في مجال الحقوق الشخصية أو الشركات أو الدول. هذه المهنة بها العديد  من التحديات ولكنها تتيح لكِ فرصة الانخراط في أي قطاع تريدينه لأن كل قطاع له جانب قانوني. كنت دائماً مهتمة بقطاع الطيران فأتاح لي القانون دراسة تمويل الطيران، ومع ديناميكية القطاع المالي في الإمارات رغبت في الانخراط به  عبر شركة «وايت آند كيس». هذه كانت الخطوة الطبيعية لي لأن الشركة تملك أكبر إدارة للقطاع المالي ضمن الشركات القانونية في المنطقة والعالم».\nوتضيف:«بشكل عام، تدربت في إدارة قوانين البيئة ثم تمويل الطيران ثم النزاعات بقطاع الإنشاءات في دبي ثم تمويل المشاريع، ولكن بعد الانتهاء من التدريب أثار اهتمامي الجانب القانوني في تمويل المشاريع إلى جانب إعجابي بالقوانين التجارية الدولية».\nوبفضل هذه التنقلات، أصبح لسارة خبرة في  الجوانب القانونية المتعلقة بالطاقة، والبنية التحتية، وتمويل المشاريع، وتمويل الأصول والمعاملات المصرفية (بما في ذلك التمويل الإسلامي)، إلى جانب إتقانها للعربية والإنجليزية والألمانية.\nومع إتقانها عدة لغات، هل ترى سارة، مثلما يرى العديد من المحامين الآخرين، نقصاً في المواهب العربية القانونية التي تتقن أكثر من لغة، ما يشكل صعوبة في التعامل مع محاكم تركز أيضاً على  لغات أجنبية مثل محكمة مركز دبي المالي العالمي، الأمر الذي دفع جامعة «ميدلسكس» في دبي إلى الاتفاق مع أحد مكاتب المحاماة على إطلاق إجازة في القانون باللغة الإنجليزية؟\nتجيب سارة:«من وجهة نظري الشخصية، ومثلما سمعت من الشركات الأخرى، هناك صعوبة في إيجاد مواهب عربية قانونية بتلك المواصفات بالمنطقة. في شركتنا، نهتم بالمواهب ونشجعها ونطورها\nوهذه ميزة جيدة جداً تستطيع أية شركة عالمية تقديمها لعملائها».  \nوتستطرد:«بالتأكيد في مهنتي ومن منظوري الشخصي التقيت بأشخاص  يتقنون العربية وليس الانجليزية ولكنني أيضاً التقيت بفئة تجيد اللغتين، فلا أستطيع أن أجزم حجم النقص أو الفائض، ولكنني أظن أنها مبادرة هامة. وفي ما يتعلق بتعيين المواهب الإماراتية، لدى الشركة مبادرة لتعيين الإماراتيين الشباب في المرحلة الثانوية والجامعات الإماراتية وخاصة تلك الناطقة بالعربية من أجل التدريب لدينا، بهدف تشجعيهم على ممارسة القانون أو دراسته في الجامعة والالتحاق بالمهنة فيما بعد».\nولكن بشكل عام، هل تشعرين أن الأسواق الإقليمية وخاصة الأوساط القانونية تفتقر إلى إدارات قانونية محددة مثل البيئة أو الطيران؟.\nتجيب سارة:«لا أستطيع أن أقول أن السوق يفتقر إلى إدارتي البيئة والطيران مثلاً لأن أغلبية مكاتب المحاماة لديها عدة إدارات والبعض لديه ممارسات أقوى من الآخرين في قطاعات معينة. مثلاً  في «وايت آند كيس»  لدينا إدارة مالية قوية جداً وتمويل الطيران جزء مما تقوم به فرق الإدارة المالية إقليمياً وعالمياً، وليس من الضروري أن يتم القيام بها من دبي أو أبوظبي لأن هذا النوع من الصفقات يتم عبر القارات».\nو توضح:«لكن في ما يتعلق بتمويل البيئة، نجد أن كل مشروع طاقة أو بنية تحتية يضم جزءاً خاصاً بالبيئة وكل محام عملت معه أو لم أعمل معه، مر عليه بشكل أو بآخر أمر بيئي. علينا أن نهتم بالبيئة لأن الصفقات الدولية تحتوي على ممارسات دولية وتنظيمية تنظر إليها . علينا أن نتأكد من أن المحامين على دراية بهذا الجانب لأن معظم المشاريع تعين مستشارين متخصصين في البيئة وتتوقع  أن يكون لدى المحامين فهم جيد لقوانين البيئة لكي يوجهونهم نحو النقاط المفقودة في عقود تمويل تلك المشاريع».\nهنا ترى سارة ميزة فريدة للمحامي المبتدئ حيث يمكنه اختيار القطاع المحدد الذي يريده، «وبما أنني مهتمة بتمويل المشاريع احتجت أن أعمل في شركة ذات خبرة سابقة بهذا القطاع. هذه هي المعرفة التي ستفيدني. في الكثير من مشاريع الطاقة التي أعمل عليها، يعرف المحامون ذوي الخبرة الكبيرة تلك النقاط المتعلقة بالبيئة لأنها مرت عليهم قبل ذلك. العملاء يقدرون هذا».\nوتشير سارة إلى أن «وايت آند كيس» عملت بشكل فعال على مدى 6 عقود في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وطوال هذه الفترة قدمت الاستشارات لعدد من أكبر المشاريع بما فيها مشاريع البنية التحتية. فعلى سبيل المثال، شارك فريقها الإقليمي في جميع المشاريع العشرة المستقلة لإنتاج الماء والكهرباء (IWPP) ومشاريع الإنتاج المستقل للكهرباء (IPP) التي تم تنفيذها في أبوظبي، ومشروع ليوا للبلاستيك في عمان والبالغة قيمته 6.4 مليار دولار أمريكي، ومجمع الغاز الصناعي في مدينة جازان البالغة قيمته 2.15 مليار دولار أمريكي، بالمملكة العربية السعودية.

الخبر من المصدر