عام رحل .. وأحلام عام يجىء

عام رحل .. وأحلام عام يجىء

منذ 7 سنوات

عام رحل .. وأحلام عام يجىء

ليس لى فى التشاؤم والمرايا السوداء والبكاء على اللبن المسكوب ولكننى أفضل دائما ان أشاهد ضوء النهار وهو يتسلل فى القلوب ويمنح الناس الأمان \nوالثقة فى ان القادم أجمل وأفضل.. ومع رحيل العام تنطلق الصيحات من يبكى رحيله ومن يقول انه عام ألم وبؤس وان علينا ان نطوى صفحاته بما فيها وما عليها ونحلم بعام جديد.. وفى رحلة العمر هناك إنسان يحب شروق الشمس وأخر يحب لحظات الغروب وفى الأيام أيضا من يحزن لرحيل الزمن ومن يحاول ان يخلق لنفسه زمنا بعيدا عن الإفراط فى التفاؤل أو الجرى وراء سحابات التشاؤم .. نحن أمام عام بقيت له ساعات بيننا ثم يجمع أوراقه وأحداثه وذكرياته واحزانه ويأخذ مكانه بين صفحات الماضى..\n> فى عام 2016 حققت مصر انجازات لا ينكرها إلا جاحد .. كنت أشاهد الآن الأطفال الصغار الذين انتقلوا من العشوائيات إلى عمارات جديدة فى المقطم واشعر انهم ولدوا من جديد .. كلما حملتنى السيارة طوال هذا العام إلى مكان خارج القاهرة وشاهدت الطرق الجديدة, شعرت بأن فى حياتنا شيئا تغير وأصبح أكثر أمانا وجمالا .. حين شاهدت المساحات الخضراء التى تمتد فى مشروع المليون ونصف مليون فدان قلت ان الطريق نحو الاكتفاء والرخاء يبدأ بخطوة.. وحين بدأت مشروعات الثروة السمكية كنت أقول لا يعقل ان فى مصر كل هذه المساحات الشاسعة من البحار والبحيرات ونحن نستورد الأسماك من الخارج.. وحين حلقت فى سمائنا طائرات رافال الفرنسية ووصلت إلى شواطئنا حاملة الطائرات ميسترال جمال عبد الناصر وميسترال أنور السادات ووصلت الغواصات الألمانية إلى مياهنا الإقليمية قلت هذا أمان مصر ومستقبل شعبها «واعدوا لهم ما استطعتم من قوة»..\nوكلما عبرت عشرات بل مئات السفن فى قناة السويس وأطلت على شواطئ المدن الجديدة فى بورسعيد والإسماعيلية والسويس وارتفعت منشآت وطرق العاصمة الجديدة أيقنت ان مصر المستقبل ستكون حلما جديداً..\nكان يؤرقنى دائما إلا نكون قادرين على إكمال مشوارنا مع الأحلام وحين اهتزت أركان البرلمان وهو يناقش مشروعات القوانين ويرفض ويناقش أدركت ان الحلم لم يعد مستحيلا وان هناك ميلاد أشياء جديدة فى حياتنا وان مصر تعود إلى جذورها وثوابتها وطنا للحرية والرخاء.. وحين شاهدت مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ أيقنت ان مصر عائدة لشبابها ثم كانت أفواج الخارجين من السجون تحمل زمنا جديدا غير أشباح القهر والسجون والانقسامات بين الوطن وشبابه.. ولاشك ان أهم انجازات هذا العام صورة المرأة المصرية وهى تصنع لنفسها كل يوم مكانة جديدة ودوراً يستحق الوفاء والعرفان.\nوقبل ان يغلق العام ملفاته كان صدور قانون تنظيم الصحافة يضع نهاية لسنوات طالت من الارتباك والتسيب فى مسيرة الإعلام المصرى.. ولن ننسى فى هذا العام دماء شبابنا التى ارتوت بها ارض سيناء دفاعا عن الأمن والاستقرار والكرامة فى ملحمة فريدة من الحرب ضد الإرهاب.\n> هذه مجرد سطور عن انجازات عام رحل وان شهد بعض الأحداث المهمة والخطيرة التى تركت آثارها على حياة المصريين .. كان من اخطر هذه الأحداث سلسلة من المؤامرات التى أحاطت بمصر داخليا وخارجيا والتى تجسدت فى عمليات إرهابية رخيصة سقط فيها مئات الشهداء من رجال الجيش والشرطة والمدنيين من المسلمين والأقباط ورغم مرارتها إلا أنها كانت تؤكد دائما صلابة هذا الشعب وقدرته على تجاوز المحن.. كانت الانقسامات فى الشارع المصرى حول الكثير من القضايا التى بدأت بتجديد الخطاب الدينى وانتهاء بسقوط الإعلام المصرى فى دوامة من الصراعات والتناقضات والمعارك التى أدت إلى تشويه علاقات مصر الخارجية خاصة مع السعودية ودول الخليج وما أحاط بهذه العلاقات من ملابسات وفتور ليس هذا وقته الآن.. وفى نفس السياق من الأحداث كانت رحلة المصريين مع الإجراءات الاقتصادية الصادمة التى أصدرتها الحكومة ابتداء بالتراجع المخيف لسعر الجنيه أمام الدولار والذى انتهى بفاجعة مؤلمة هى تخفيض الجنيه المصرى وما ترتب على ذلك كله من ارتفاع مجنون فى أسعار كل شىء.\n> لقد شهد عام 2016 اكبر إجراءات اقتصادية وأخطرها فى حياة المصريين والتى أصابت محدودى الدخل بحالة من الدوار لم يخرجوا منها حتى الآن لأن ضربات الأسعار مازالت تتلاحق ابتداء بالكهرباء والغاز وانتهاء بالسكر والأرز مروراً بأسعار الأدوية .. لقد تحمل المصريون صاعقة الدولار الذى لم يتراجع حتى الآن واخذ معه سلسلة طويلة من السلع ثم كانت زيادة الجمارك والضرائب ومازال المصريون حائرين بين قرارات الحكومة وجشع التجار وصخب الدولار والله المستعان..\nفى ظل هذه القرارات الحكومية الصارمة ارتفع حجم الديون وزادت أعباء فوائدها وزاد حجم العجز فى الميزانية لتشهد مصر واحدة من اخطر الأزمات الاقتصادية فى تاريخها الحديث.. ومع كل هذه الأزمات كانت السياحة بمواردها تتراجع وتتقلص الصادرات ويرتفع حجم الواردات وبقى هناك سؤال سوف يرحل إلى عام جديد قادم: وماذا بعد ومتى يبدأ الخروج من عنق الزجاجة وهل الحكومة قادرة على ان تعيد التوازن بين ما نحتاج من الموارد وما هو متاح أمامنا وكيف يرتفع حجم هذا المتاح؟!..\n> مازالت الحكومة عاجزة حتى الآن عن اتخاذ قرارات تعيد لها ضرائبها من الأثرياء وتعيد للشعب مستحقاته فى سراديب الكسب غير المشروع وأموال الصناديق السرية الخاصة المجهولة وتخفيض الإنفاق الحكومى ولهذا فهى تفتش فقط فى جيوب الفقراء والمهمشين فهل يمكن لها ان تمتلك الشجاعة وتعيد للشعب أمواله فى الكسب غير المشروع وفى سجلات الضرائب والجمارك والخصخصة وبيع القطاع العام والضرائب المجهولة العنوان.\n> هل يمكن ان يحلم المواطن المصرى مع عام جديد بأن تشهد مصر انتفاضة حكومية لتعديل مسار الأسعار من خلال المتابعة والرقابة والحرص على أصحاب الدخول البسيطة من المهمشين والفقراء..\n> هل يمكن ان يشهد العام الجديد مرحلة جديدة من التفاهم والحرص بين رجال الأعمال والدولة, خاصة ان مواقفهم من النظام حتى الآن مازالت مجهولة الملامح فهل تمتد أيديهم للمساهمة فى إخراج الاقتصاد المصرى من أزمته..\n> هل يمكن ان يشهد العام القادم سلسلة من الإفراج عن شبابنا القابع خلف جدران السجون وان تبدأ مرحلة أكثر احتواء من الدولة بكل مؤسساتها لأجيال الشباب فى ظل اقتناع كامل بأن المستقبل من حق هؤلاء الشباب وألا يوجد فى السجون مظلوم واحد منهم..\n> هل يمكن ان تراعى مواكب التجار الذين يلهثون وراء الربح حلالا أم حراما ظروف الإنسان المصرى فلا يبالغون فى ذبح الضحية وهم يكدسون الأموال ويخفون السلع ويعذبون الناس بحثا وراء كيلو سكر أو أرز أو دواء..\n> هل يمكن ان تتفتح عقولنا وتصحو ضمائرنا فى الحديث عن قضية تجديد الفكر الدينى وتنتهى حلقات المصارعة بين المسرفين فى التشدد باسم الدين والمغامرين فى التنوير باسم الحداثة لكى نصل إلى نقطة التقاء حول هدف واحد هو امن هذا الوطن واستقراره..\n> هل يمكن ان نجد يوما سلسلة من السلع والمنتجات تتصدر قوائم الصادرات المصرية إلى العالم الخارجى وتحقق للدولة موارد من العملات الصعبة تكسر جبروت الدولار وهيمنته أمام الجنيه المصرى.. وهل يمكن ان نرى مصر الدولة الصناعية فى مشروعات قناة السويس والإنتاج الصناعى والزراعى المتقدم .. وهل يمكن ان تعود السياحة كما كانت يوما واحدة من أهم مصادر الدخل فى مصر..\n> هل يمكن ان نجد أموال البنوك المصرية بعيداً عن خزائنها بحيث تتحول إلى مصادر إنتاج وعمل وتصدير وحماية بحيث نطوى صفحات المصانع المغلقة أو المعرضة للإفلاس ويتقدم شبابنا فى مواكب للإنتاج والصناعة..\n> هل يمكن ان تفتح اكتشافات الغاز والبترول للمصريين مستقبلا جديدا من الرخاء خاصة ان غاز المتوسط سوف يبدأ استخراجه فى الفترة القادمة..\n> هل يمكن ان تعود المياه إلى مجاريها بين مصر والدول العربية الشقيقة خاصة دول الخليج وفى مقدمتها السعودية فلا أمان لكل هذه الأطراف إلا فى توحيد كلمتها والحرص على مصالحها وسط مؤامرات واضحة مكشوفة تسعى إلى تقسيم هذا الجزء من العالم وتحويله إلى جزر منسية..\n> هل يمكن ان ندرك دور مصر الثقافى وأهميته فى بناء إنسان أفضل وان دورنا الثقافى هو التاج الحقيقى وان مصر حين فرطت فى ثقافتها فقدت الكثير من التأثير والهيبة والدور.. وهل يمكن ان نعيش حتى نرى تعليما عصريا متقدما يحفظ ثوابت الوطن وتراثه وينطلق نحو آفاق مستقبل حضارى وإنسانى وفكرى بروح العصر وأدواته.\n> هل يمكن ان نرى فى ظل قانون الإعلام الجديد إعلاما أكثر تقديرا للمسئولية وحرصا على مصالح الوطن وبناء الإنسان الذى نحلم به..\nأرجو ألا أكون قد أسرفت فى أحلامى مع عام جديد وأنا اودع معكم عاما رحل.. كل سنة ومصر وشعب مصر وقيادة مصر وترابها المقدس فى خير وامن ورخاء.\n> « قصيدة عودُوا إلى مصْر سنة 1997»\nعودُوا إلى مصْر ماءُ النـِّيل يكفينـَا\nمنذ ارتحلتمْ وحزنُ النهْر يُدْمينــــا\nأيْن النخيلُ التى كانتْ تظللـَنــــــــا\nويرْتمى غصْنـُها شوقـًا ويسقينـَا ؟\nأين الطيورٌ التى كانتْ تعانقـُنــــــا\nأين الرُّبوعُ التى ضمَّتْ مواجعَنـَـا\nوأرقتْ عيْنها سُهْدًا لتحْمينـــَــــا ؟\nأين المياهُ التى كانتْ تسامرُنــــَــا\nكالخمْر تسْرى فتـُشْجينا أغانينـَا ؟\nأينَ المواويلُ ؟..كم كانتْ تشاطرُنـَا\nحُزنَ الليالـى وفى دفْءٍ تواسينـَـــا\nأين الزمـــــــانُ الذى عشْناه أغنية\nفعانــقَ الدهـْــرُ فى ودٍّ أمانينـــَـــــا\nهلْ هانتِ الأرضُ أم هانتْ عزائمنـَا\nأم أصبـحَ الحلمُ أكفانـًا تغطـِّينــــــــَا\nجئنا لليلـــــــى .. وقلنا إنَّ فى يدهَا\nسرَّ الحيَاة فدسَّتْ سمَّهــــــــا فينـــَا\nفى حضْن ليلى رأينا المْوت يسكنـُنـَا\nما أتعسَ العُمْرَ .. كيف الموتُ يُحْيينا\nكلُّ الجراح التى أدمتْ جوانحَنـــــَــا\nعودوا إلى مصْر فالطوفانُ يتبعكـُــمْ\nوَصرخة ُ الغدْر نارٌ فى مآقينـــــــَــا\nمنذ اتجهْنا إلى الدُّولار نعبــــُــــــدُهُ\nضاقتْ بنا الأرضُ واســودتْ ليالينــَا\nلن ينبتَ النفط ُ أشجارًا تظللنـــــــَـا\nولن تصيرَ حقولُ القار .. ياسْمينــَا\nعودوا إلى مصْرَ فالدولارُ ضيَّعنــَا\nإن شاء يُضحكـُنا .. إن شــاءَ يبكينـَـا\nفى رحلةِ العمْر بعضُ النـَّار يحْرقنا\nوبعضُهَا فى ظلام العُمْر يهْدينـــــــَا\nيومًا بنيتمْ من الأمجَـــــــاد مُعجزة ً\nفى موْكبِ المجْد ماضينا يطاردنـــَا\nمهْما نجافيهِ يأبى أن يجَافينــــــــــَـا\nركبُ الليالى مَضَى منـــــــا بلا عَدَدِ\nلم يبق منه سوى وهم يمنينـــــــــَا\nعارٌ علينا إذا كانتْ سواعدُنـــــــــَا\nقد مسَّها اليأسُ فلنقطـعْ أيادينــــــَا\nيا عاشقَ الأرْض كيفَ النيل تهجُرهُ ؟\nلا شىءَ والله غيرُ النيل يغنينـــَـا..\nأعطاكَ عُمْرا جميلا ًعشتَ تذكـــرهُ\nحتى أتى النفط بالدُّولار يغـْرينـــــَا\nعودوا إلى مصْرَ..غوصُوا فى شواطئهَا\nفالنيلُ أولى بنا نـُعطيه .. يُعْطينــَـا\nفكسْرة ُ الخـُــبْـز بالإخلاص تشبعُنـا\nوَقطـْرة ُ الماءِ بالإيمَــــان ترْوينـَـا\nعُودُوا إلى النـِّيل عُودُوا كىْ نطهِّـرَهُ\nإنْ نقتسِمْ خـُبزهُ بالعدْل .. يكـْفيــنـَا\nعُودوا إلى مِصْرَ صَدْرُ الأمِّ يعــرفـُنــــــا\nمَهْمَا هَجَرناهٌ.. فى شوْق ٍ يلاقينــَــا \nمقالات مختارة تُنشر بالتزامن مع عدد الصحف العربية والأجنبية.\nجميع الحقوق محفوظة لشركة المجال للإعلام © 2016

الخبر من المصدر