الكاتبات العراقيات يحاربن على أكثر من جبهة

الكاتبات العراقيات يحاربن على أكثر من جبهة

منذ 7 سنوات

الكاتبات العراقيات يحاربن على أكثر من جبهة

"في البداية كنت قارئة، لكن في فترة الحصار لم أستطع الحصول على الكتب، فكان لا بد من إبداع شيء، كانت الكتابة منفذي الوحيد، فصرت أكتب وأقرأ، كي أتغلب على الحرب".\nهكذا تصف الكاتبة العراقية الشابة إيمان الشمّري تجربتها التي خاضتها مع الحرب والكتابة في ريف محافظة البصرة جنوب العراق. لم تكن الكتابة أمراً سهلاً بالنسبة لإيمان التي تنحدر من اسرة بدوية، عانت من ظروفٍ اجتماعية صعبة حيث كان المجتمع المحيط والرقابة التي يفرضها من أهم الصعوبات التي واجهتها ككاتبة.\nتقول إيمان لـ DW عربية "بدأتُ الكتابة في عمرٍ مبكر ضمن النشاطات المدرسية، لكني لم أكن استطيع من أن أخبر أهلي أني أكتب، خاصة في مرحلة المراهقة، كنت أخاف أن يرى أبي أو أخي ما أكتب، لكن بعد سقوط صدام حسين، أصبح النشر أسهل، وأصبحت أنشر باسم مستعار، وبعدها أصبح هناك تهديد حقيقي علي عندما طُلب منى الكشف عن هويتي، وكان الأمر غير ممكن، فبقيت عشر سنوات أنشر دون اسمي، لكني عملت جاهدة لأعلن عن نفسي وأنشر باسمي وأكسب احترام أهلي".\nثلاث كاتبات من العراق اجتمعن على منصة واحدة في مدينة كولونيا بألمانيا يسعين إلى تحدي مجتمع الجنوب العراقي، ويعلن للعالم أنهن كاتبات، جئن من بلد مزقته الحرب التي تنعكس على ما يكتبن، كما تؤكد الكاتبة منتهى عمران لـ DW  عربية. وتضيف: "نحن نتكلم عن مظلوميتنا لننال حقوقنا، فعندما رفعنا صوتنا وتلكمنا وصلنا إلى ألمانيا، لكن في مجتمعنا فالمرأة بحاجة للشجاعة لتنال حقوقها أكثر".\nمن جانبها ترى الكاتبة ميرفت الخزاعي أن الكاتبات في العراق تقع على عاتقهن اليوم مسؤولية تغيير نظرة المجتمع لهن قبل كل شيء، وتقول ميرفت لـ DW  عربية "لا نعيش تحديات تتعلق بواقع الكتابة فقط، إذ أننا مرفوضات كنساء بالدرجة الأولى، ويُنظر إلى أعمالنا  بنظرة خاصة من قبل القراء كوننا نساء، وعادة لا يؤمن بنا القراء كثيراً، كما ينظر لنا القراء خاصة الذكور منهم نظرة دونية عند طرح بعض المواضيع الجريئة، فنُقابل بردات فعل سلبية، ومن بين الصعوبات أننا نعمل على تغيير نظرة القارئ لنا وهذا يحتاج لوقت".\nوتضيف الخزاعي "للأسف سقطت السلطة السياسية في العراق مع سقوط نظام صدام حسين،  لكن سلطة المجتمع لم تسقط وهذا ما نعاني منه".\nالكاتبات العراقيات - إغناء للتجربة\nفي عام 2015 شاركت الكاتبات الثلاث مع عشرين كاتبة أخرى في ورشة أقيمت في مدينة البصرة بالعراق برعاية ألمانية لدعم النساء الكاتبات، وبهدف تحفيز النساء للتعبير عن أنفسهن. الورشة كانت بإشراف الكاتبة الألمانية أولا لينتر والكاتب العراقي المقيم في ألمانيا نجم والي، حيث تحدثت لينتر عن تجربتها مع السيدات العراقيات، معتبرةً أن هذه التجربة من أكثر الأمور التي أثرت في تجربتها، وتقول "الدولة الألمانية تحذر من السفر للبصرة لكني، مع ذلك، قررت السفر إلى هناك، وكانت تجربة مؤثرة، شاركت بتجربتي مع النساء في بيت قديم، في المدينة القديمة، كن يعشن ظروفاً صعبة، لكن كل شيء كان له سحر خاص". \nوتضيف لينتر "خلال الورشة كان هناك تواصل مع النساء بشكل مباشر، وأصبح بيننا أحاديث مشتركة، هناك الكثير من التشابه حتى ولو كنا من عوالم مختلفة، قد تكون الحياة  في ألمانيا أسهل، لكن بالكتابة يمكن التوصّل لقواسم مشتركة، وبنفس الوقت أصبحت أخجل عندما كانت النساء يشكرنني لأني قدمت إليهن، لأن لديهن شعور بأنهن منسيات من طرف الناس وكل الدنيا".\nبدوره عبر الكاتب نجم والي عن إعجابه بهذه التجربة واعتبر أن لها بعداً ديناميكياً، فمن خلال التواصل مع السيدات حصل على تصور عن البصرة القديمة، كذلك شاركنه تفاصيل حياتهن في البصرة الآن، فساهم كل منهن بإغناء تجربة الآخر.\nويقول والي "بسبب الحروب التي عاشتها العراق، أصبح البلد غنياً بالقصص، وربما يمكن إذا ضربت حجر قد تخرج قصة، ولقد أعجبت بحماس السيدات للكتابة، الهدف الرئيسي من هذه الورشة هو أن تستمر النساء في الكتابة، وفيما لو استمرت 10 نساء من 20 بالكتابة فهذا شيء مهم".\nعشرات الرجال جاؤوا إلى المسرح ليستمعن لأدب تم إنتاجه من قبل نساء، كانوا لا يعترفون بوجودهن من قبل، كما تقول منتهى عمران "عندما كان الألمان يسألون عن كاتبات للمشاركة في الورشة كانوا يقولون ليس لدينا، لكنهم تفاجؤوا بنا، الرجال تفاجؤوا بنا، كنت جريئة ولمتهم لعدم دعوتي، ولمتهم لأنهم لم يعرفوا عني بأني كاتبة، ولم يشعروا بأهمية حضورنا".\nفي حين تقول إيمان "الورشة أعطتني دعماً معنوياً، أصبحت أقوى، وبدأت أكتب باسمي، حتى أهلي بدأوا يحترمون ما أفعل، وعلموا أن الكتابة ليست شيئاً يمس كرامتهم كرجال، خاصة بعد تكريمي ونيل جائزة، أدركت أنه لا يمكنني أن أكون كاتبة في هذا المجتمع إلا إذا كنت كاتبة قوية، فللأسف لا زلت أعيش تحت سطوة البداوة المتخلفة".\nأما تجربة ميرفت مع الورشة فجاءت من منظور مختلف، إذ سمحت التجربة لها بالاختلاط بكاتبات من أماكن مختلفة من العراق. كانت تجهل وجودهن أحياناً، كما كانت تحمل بعض التصورات النمطية عنهن، والتعامل معهن ساهم في كسر هذه الحواجز، وتقول "في البداية كان لدي تردد وتخوّف من مشاركة نساء أخريات ينتمين لتوجهات مختلفة وطوائف مختلفة، لكن عندما بدأنا العمل مع بعضنا وتعرفنا على بعضنا أكثر، ساهم ذلك في تقريب وجهات النظر، وربما كنات هذه الفرص في العمل الجماعي فرصة لكسر الصورة النمطية، وهذا ينعكس على العراق بالمستقبل".\nمن جانبه يقول الكاتب نجم والي "في الورشة لم نعط نصائح فقط، بل ساعدنا النساء على الإستماع لبعضهن البعض، وإتقان فن الإصغاء، في البداية لم يكن هناك تجاوب، لكن بعد ذلك أثبتت هذه الطريقة نجاحها".\nرجال يتعرفون على كاتبات من العراق\nكان للكاتبات الثلاث تجربة مباشرة مع الجمهور أيضا، حيث صرحن عاليا "نحن هنا"، ككاتبات عراقيات، لنا مكانتنا على الارضية الثقافية في العراق. المثير للإستغراب هو أن الرجال شكل غالبية الحاضرين، كما تلاحظ الكاتبة أولا لنتر. \nمن جهتها تقول منتهى عمران إن "بعض العائلات لا تسمح بمشاركة بناتها أو الزوجة في ورشات مختلطة، لذلك تكون هذه الورشات للنساء فقط، كي لا تحرم النساء من فرصة الإبداع، لكن الفرصة الحقيقية تكون أثناء تقديم إنتاجهن أمام الرجال".\nأما ميرفت الخزاعي فهي تعتبر أن "هذه المحاولات هي خطوة على الطريق الصحيح، إذ لا تعاني الكاتبات العراقيات في العراق من كونهن نساء فقط، بل يعانين في كثير من الأحيان من مشاكل النشر والتوزيع في العراق وفي العالم العربي، وعندما يقمن بنشر أعمالهن، فإنهن يحاربن على أكثر من جبهة".\nنادي بغداد كومكس الذي أنشأه ويديره الناشط رياض احمد، يعرض مجلات الكومكس التي يعود بعضها إلى ستينات القرن الماضي. رياض احمد يسافر بانتظام إلى بيروت والقاهرة وأحيانا لعواصم أخرى لشراء المجلات التي لها عشاقها في العراق.\nمع مجلات الكومكس، يعرض النادي كتبا وإصدارات عريقة تعود للسلسلة الخضراء، وأولادنا ومكتبة الكيلاني وهي إصدارات في ظهرت منتصف القرن العشرين وصنعت ثقافة الأطفال واليافعين في العالم العربي وترجمت واعدت لهم أشهر كتب العالم ولاسيما الروايات ومنها، باردليان، الزنبقة السوداء، روبن هود، كابتن بلود، ايفنهو، الناصر صلاح الدين وغيرها.\nبعض إصدارات الكومكس التي يعرضها النادي نادرة جدا، ولم يصدر منها سوى بضعة أعداد، ومنها الباخرة، المغامر، ولاكي لوك وغيرها، وهذه الإصدارات النادرة في العادة تتضاعف أقيامها لسبب ندرتها.\nإلى جانب مجلات كومكس والكتب النادرة يعرض نادي Baghdad Comics مجسمات تمثل أبطالا وشخصيات مستوحاة من أبطال الكومكس والكتب القديمة، ومنها فيغرز سوبرمان وباتمان والرجل البرق، ويقول رياض احمد إن وصول هذه المجسمات إلى بغداد صعب، فيتلف أغلبها في الطريق، أما ما يصل منها سالما فيباع بأسعار خيالية .\nبين الإصدارات التي يعرضها النادي، إصدارات حديثة لمجلات كومكس باللغة الألمانية وإصدارات أمريكية وفرنسية وانكليزية. ولكل لغة جمهورها والطلب عليها يتزايد. ويشير رياض احمد إلى أنّ هواة الكومكس في الغالب ليسوا من اليافعين كما هو شائع في الغرب، بل ممن تجاوزت أعمارهم خمسين عاما.\nيقضي رياض احمد أوقاته في بغداد كومكس، وكشف لـ DW أنه يدفع مبالغ باهضة لتأمين سفراته الرامية إلى جمع الكومكس من مختلف أنحاء العالم العربي، مؤكدا أنّ أعدادها تتناقص، وكاشفا أن بعض المجلات من إصدارات الستينات التي ما زالت في حالة جيدة تباع بنحو 100 دولارا للعدد الواحد. الصورة سيلفي له في صومعة بغداد كومكس.\nالكومكس الصادرة بلغات غير عربية لها سوقها في بغداد كومكس، ويؤكد رياض احمد صاحب المشروع، أنّ كثير من زوار النادي يطلبون منه بالاسم إصدارات معينة بلغتها الأم (الانكليزية غالبا) ويبدون استعدادهم لدفع أقيامها مقدما .كما أن صفحة فيسبوك التي اسمها Baghdad Comics تشهد مزيدا من المعجبين والمتابعين، ومن خلالها يطلب البعض إصدارات معينة من صاحب المشروع.

الخبر من المصدر