من الكفتة إلى لبن البقرة.. رحلة علاج فيرس سي في مصر

من الكفتة إلى لبن البقرة.. رحلة علاج فيرس سي في مصر

منذ 7 سنوات

من الكفتة إلى لبن البقرة.. رحلة علاج فيرس سي في مصر

"باخد الإيدز من المريض، بغذي المريض على إيدز بدهوله صباع كفتة يتغذى عليه".. جملة شهرية قالها اللواء عبد العاطي في تقديمه لعلاجه الجديد الشافي لمرض الإيدز وفيروس الكبد الوبائي C في فبراير الماضي والتي قوبلت بالسخرية والتهكم.\nوقتها أعلن اللواء عبد العاطي أن جهاز علاج فيرس C سيكون متداولًا في المستشفيات بنهاية شهر يونيو من العام ذاته، وتلاها تأجيلات عديدة أكدت الأحاديث المتداولة عن فكرة الحلول الغير علمية لأمراض خطيرة تعاني منها مصر.\nوبعد مرور 7 أشهر، ظهرت قصة جديدة في المنيا، وتحديدًا بقرية بني أحمد، بطلها مواطن يُدعى خالد جمعة، والذي أعلن في برنامج العاشرة مساءًا على فضائية دريم 2 مع الإعلامي وائل الإبراشي، امتلاكه لبقرة مقدسة يشفي لبنها مرضى فيرس C بالمجان، 3 جرعات يومية لمدة 15 يوم تكفي لمعالجة مرضي فيرس C، فالتحاليل التي أُجريت على اللبن تُثبت قدرتها العلاجية الفائقة كما يدعي خالد جمعة ومواطنون جربوا لبن هذه البقرة.\nوعودة لتكرار الأحاديث عن علاج وهمي لمرض خطير في مصر، يُقبل عليه البسطاء والفقراء سعيًا للشفاء، منهم من يجد العلاج ومنهم من ينتظر. ليأتي السؤال متى يتدخل العلم للقضاء على فيرس C بدلًا من الدجل والشعوذة؟\nتعاني مصر من تفشي مرض فيرس C بين مواطنيها حيث وصلت نسبة المرض حوالي 14.7% بين المصريين لتتصدر مصر ترتيب قمة ترتيب الدول المصابة بالمرض وفقًا لأبحاث بكلية طب جامعة "وايل كورنيل" بقطر، والتي تعود أسباب انتشاره – بحسب الدراسة – إلى الحقن العلاجية المضادة للبلهارسيا في ستينات وسبعينات القرن الماضي.\nإلا أن الدراسة اعتبرت أن 10% من المصابين حاليًا ليسوا من الذين حصلوا على مضادات البلهارسيا في الماضي، معززة استمرار ازدياد عدد المرضى بسبب البيئة الصحية السيئة في مصر.\nكما أكد الدكتور محمد عز العرب، استشاري الكبد والجهاز الهضمي ورئيس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد، في تصريح سابق لــ "مصر العربية" أن نسبة المصابين بالفيرس في مصر تصل إلى 22%، بما يعادل 15 مليون مواطنًا، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة تبذل جهودًا موسعة لتصل نسبة المرض إلى 12%.\nوبسبب انتشار المرض في جميع أنحاء مصر، أصبحت الضرورة ملحة لإيجاد علاج شافي يقضي على الفيرس بأسرع وقت، مما دفع أغلب المصريين للبحث عن علاج وهمي.\nفكما يقول دكتور سعيد خليفة، استشاري أمراض الباطنة بمستشفى القصر العيني، أن هناك في الطب ما يعرف باسم "العلاج الوهمي" أو "Placebo" والذي يلجأ إليه المريض عندما يفشل في إيجاد علاج حقيقي لحمايته، مشيرًا إلى أن العلاج الوهمي له تأثير على صحة المواطن لفترة مؤقتة، فهو يشعر – نفسيًا – بتحسن في بداية الحصول على هذا العلاج وقد يظهر هذا التحسن في التحليلات أيضًا، ولكن مع الوقت يختفي هذا الشعور.\nوهذا ما أكده أيضًا دكتور شهاب التهامي، طبيب أمراض باطنة بمستشفى سيد جلال، أن انتشار الدجل والشعوذة في العلاج من الأمراض الخطيرة جريمة كبرى يجب التصدي لها بكل الطرق، فمع الوقت يكفر المريض بالعلاج الحقيقي ويؤمن أكثر بالخرافات والدجل وهو ما يسبب في زيادة عدد المرضى، موضحًا أن طرق العلاج الخاطئة في ظل غياب الرقابة والإشراف من وزارة الصحة تؤدي إلى تفاقم وانتشار الأمراض، فمصر أكثر الدولة معاناة من مرض التهاب الكبد الوبائي، فيرس C، بسبب انعدام الوعي في منع نقل العدوى من المريض إلى الآخرين.\nفيما اعتبر دكتور هشام النبرواي، استشاري باطنة بمستشفى الشروق التخصصي، أن المشكلة الرئيسية في انعدام الأمل لأغلب مرضى فيرس C، فالفيرس في بداياته يكون غير نشط، وربما يستمر على هذا الحال 10 سنوات كاملة دون أن يشعر المريض، وقد يستخدم أبناء المريض أو أصدقائه الأدوات الخاصة به مما ينقل لهم المرض بالتبعية، مشيرًا إلى أن الجهل سبب وجود المرض من البداية وبالتالي فلجوء المرضى لأسباب غير علمية طبيعية في ظل عدم الإحساس بجدوى العلاج العلمي أو خطورة المرض.\nوقالت دكتور شيماء البكري، استشاري باطنة، أنه اللوم لا يلقى على المواطن البسيط الذي يحتاج العلاج بكل الطرق، بل على الجهات التي توفر علاجًا وهميًا وتتاجر بألآم المرضى لتمنحهم أملًا زائفًا، فحديث اللواء عبد العاطي عن تحويل الفيرس لبروتين يُغذي المريض جاء عن طريق المؤسسة العسكرية مما منحه مصداقية لدى المرضى، واهتمام الإعلام بمدعٍ يعالج بلبن البقرة هو ما ينشر القصة ويضيف لها مصداقية.

الخبر من المصدر