عقب اغتيال السفير الروسي.. تركيا والمعارضة السورية «هل انقلب السحر على الساحر؟»

عقب اغتيال السفير الروسي.. تركيا والمعارضة السورية «هل انقلب السحر على الساحر؟»

منذ 7 سنوات

عقب اغتيال السفير الروسي.. تركيا والمعارضة السورية «هل انقلب السحر على الساحر؟»

أعلنت جبهة فتح الشام، إحدى أهم الفصائل السورية المسلحة والتابعة سابقًا لتنظيم القاعدة، أن بيان مسئوليتها عن اغتيال السفير الروسي في تركيا أندريه كارلوف، والذي وصف القاتل ميرت ألتنتطاش بأنه «شبل من أشبال جيش الفتح»، هو بيان مزور. وأوضح حسام الشافعي، المتحدث باسم الجبهة، أن الجبهة «سمعت كغيرها عن عملية الاغتيال»، نافيًا صلة الجبهة أو تحالف «جيش الفتح» الإسلامي بالعملية.\nوفي الوقت نفسه، أكد الشافعي أن اغتيال السفير «رد طبيعي من شعوب المنطقة لما يشاهدونه كل يوم، من مجازر وقصف للمدنيين في حلب وغيرها على أيدي الروس»، وأضاف أن «مشاهد الإجرام الروسي ومجازره ضد مسلمي الشام ستنهض بالشعوب المسلمة في المنطقة، وتدفعهم نحو الدفاع بالكلمة والفعل».\nوحتى الآن لم يعلن أي طرف مسئوليته عن توجيه ألتنتاش إلى اغتيال السفير، سوى هذا البيان الذي نشر قبل أيام وكذبته الجبهة، والذي تزامن مع وثيقة نشرتها صحيفة «زمان» التركية الناطقة بالعربية، والتابعة لحركة «الخدمة» بزعامة فتح الله جولن، والتي كشفت أن تركيا لا تدعم الفصائل المسلحة التي تصفها بالمعتدلة فحسب، بل تدعم أيضًا جبهة فتح الشام رغم إدراجها في القائمة التركية للجماعات الإرهابية.\nالوثيقة صدرت في 15 مارس 2013، ووفقًا لـ«زمان» فقد حملت توقيع وزير الداخلية السابق معمر جولار، والرئيس الحالي رجب طيب أردوغان وقت وجوده في منصب رئيس الوزراء، وخاطبا فيها بلدة هاتاي مع عبارة «يُرجى تقديم الدعم لمجاهدي النصرة – الاسم السابق للجبهة – في الإطار المحدد بالأسفل».\nوكشفت الوثيقة أن المخابرات التركية ترعى نقل مقاتلي الجبهة من وإلى عدة دول، ومرورهم عبر تركيا للوصول إلى الأراضي السورية، وأن جولار طالب بلدية هاتاي بضرورة تأمين المقاتلين وتقديم الدعم اللازم لهم، واستضافتهم في المؤسسات الاجتماعية التابعة للدولة وفي مقدمتها المساكن التابعة لرئاسة الشئون الدينية.\nوقال تورجوت كارامهميت، المدير الإقليمي لـ «زمان» في منطقة الشرق الأوسط، إن قاتل السفير ينتمي إلى ما يُعرف بـ «الجمعية العثمانية»، المتألفة من شباب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، والمعروفة في المجتمع التركي بأنها أشبه بجماعات المافيا، كما يتهمها حزب الشعب الجمهوري المعارض بالعمل لصالح تنظيم داعش الإرهابي.\nوأضاف في تصريح سابق لـ«اليوم الجديد» أن الحكومة التركية عمدت إلى اختيار نسبة كبيرة من طلاب كلية الشرطة من هذه الجمعية، بعد فصل ما يقرب من 35 ألفًا من عناصر الشرطة لاتهامهم بالتبعيى لحركة الخدمة، على خلفية محاولة الانقلاب على نظام أردوغان.\nوربما يبدو مشهد التعاون الواضح بين تركيا والفصائل المسلحة الأكثر تطرفًا، متناقضًا مع اللعنات التي تصبها الفصائل السورية ومؤيدوها على النظام التركي، واتهامه بتسليم مدينة حلب للنظام السوري وروسيا مقابل الحصول على مدينتي الباب ومنبج السوريتين على الحدود التركية، بعدما تراجع الدعم التركي للمسلحين بشكل نسبي بعد تدخلها المباشر بالتعاون مع الجيش الحر للسيطرة على المدن السورية الواقعة على حدودها.\nومن مظاهر هذا التراجع في العلاقات بين الطرفين، إغلاق معبر «الباب» الحدودي التركي أمام المسلحين في سوريا، بعد مظاهرات من أهالي إدلب للمطالبة بتوحد الفصائل قرب المعبر، وهو ما أغلق أحد أبواب الدعم التركي إلى مسلحي سوريا.\nكرم سعيد، الباحث بالشأن التركي في المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، أكد أن تورط تركيا في اغتيال السفير الروسي بشكل مباشر هو أمر غير وارد، نظرًا لحاجة أنقرة إلى موسكو في ظل تجميد العضوية التركية في الاتحاد الأوروبي، وكذلك منع تركيا من التدخل في معارك الموصل ضد تنظيم داعش الإرهابي والتصدي للحضور الكردي فيها، فضلًا عن أن 60% من الواردات التركية من الغاز الطبيعي تأتي من روسيا.\nوتابع لـ «اليوم الجديد»: «تواردت أنباء حول إطلاق تركيا عملية «درع الفرات» لتحرير المناطق السورية على حدودها بالتنسيق مع الجانب الروسي، كما تواردت أنباء أخرى حول مساعدة رويا لتركيا ضد جماعة الخدمة، من خلال مراقبة أشاص تابعين للجماعة. ومن الواضح أن تركيا تراجعت عن اتجاهها إلى دعم المعارضة الإسلامية في سوريا، مالت مؤخرًا إلى محور موسكو وطهران، حيث لم تعد تطمع في امتيازات سياسية وجغرافية، وتقتصر رغبتها على تأمين حدودها وعرقلة إقامو كيان كردي في سوريا».\nوأضاف سعيد أن الفترة الخيرة شهدت عددًا من الدلائل على تراجع العلاقات التركية مع الجماعات الإسلامية، منها تصريحات المتحدث الإعلامي باسم داعش التي حرض فيها على استهداف منشآت حيوية داخل تركيا، وضرب مصالحها في كل مكان، وأيضًا اجتماع وزير الخارجية التركي مولود أوغلو مع نظيريه الروسي والإيراني عقب اغتيال السفير، وبيان الخارجية التركية بهذا الشأن.\nورأى الباحث بالشأن التركي أن تركيا تُبقي فقط على علاقتها مع الجيش الحر، باعتباره أداة لتأمين حدودها من الإرهاب، وضمان بقائها في المشهد السوري، مشيرًا إلى أن وثيقة العلاقة مع جبهة فتح الشام تأتي في سياق العلاقة الوظيفية بين تركيا والجبهة في بدايات الصراع السوري، ولا تعبر بالضرورة عن الموقف الحالي.\nأما عن اختراق الفكر الإرهابي للمؤسسة الأمنية التركية، بنية مباشرة أو غير مباشرة من إدارة أردوغان، فقد رأى أنه يأتي في إطار الدعاوى والربط غير الدقيق للأحداث الذي أفرزته عملية الاغتيال. وأوضح: «الجهاز الأمني التركي شهد ضعفًا ورخاوة بعد تسريح أعداد كبيرة من الضباط، ولكن هذا لا يعني تسرب جهاديين إلى داخل المؤسسة الأمنية من خلال تلك الفجوة، حيث يتم فحص تاريخ الطلاب المتقدمين للكليات العسكرية كسائر الدول. ولو حدث اختراق لهذه الكليات من قبل جهاديين سوريين، فإن ذلك يعني أنهم لا يزالون طلابًا في هذه الكليات ولم يخرجوا بعد إلى المجال العام».

الخبر من المصدر