حطام سفينة لاجئين قضوا غرقا كنصب تذكاري في عاصمة أوروبا

حطام سفينة لاجئين قضوا غرقا كنصب تذكاري في عاصمة أوروبا

منذ 7 سنوات

حطام سفينة لاجئين قضوا غرقا كنصب تذكاري في عاصمة أوروبا

في الـ 18 من أبريل 2015 استقل نحو 800 شخص سفينة خشبية مجهولة الهوية على الشواطئ الليبية، وقطعوا مسافات طويلة محفوفة بالمخاطر. اللاجئون ينحدرون من إثيوبيا وبنغلاديش وساحل العاج واريتريا وغامبيا وغينيا ومالي والسنغال والصومال والسودان، كانوا يتطلعون جميعهم لتجاوز البحر للعيش في أوروبا.\nالمهربون ومساعدوهم عملوا على تكديس الركاب الذين دفعوا مقابلا ماليا يتراوح بين 1.500 و 2000 دولار للشخص الواحد، تجمع بعضهم في قسم البضائع والمحرك، ولم يبق مجال للتنفس نظرا للضيق، وتم إغلاق أبواب السفينة. أما من وجد مكانا للجلوس على ظهر السفينة فقد كان في وضع أفضل.\nبعض ركاب السفينة كان يحمل معه أرقام هاتف وصور أقرباء، وكان أحدهم يحمل معه صورة يمجدها، والآخر قسطا من تراب وطنه، والآخر كان يحمل مصحفا. عدد النساء بين الركاب كان قليلا، وأكثر من ربع مجموع الركاب كانوا من الشباب بين 12 و 17 عاما، بينهم طفل يلبس سروالا يحمل اسم نادي كرة القدم الانجليزي "مانشيستر يونايتيد".\n28 فقط من بين الركاب نجحوا في النهاية في وصول الشواطئ الأوروبية. اثنان منهم، واحد تونسي والآخر سوري تم إحالتهما على محكمة كاتانيا الايطالية متهمين بالقتل المتعمد والتسبب في غرق سفينة والمساعدة على السفر غير القانوني. الناجون الآخرون اتهموهما كمهربين، التونسي كقبطان والسوري كمساعد له. فماذا حصل؟\nفي ليلة الـ 19 من أبريل 2015 كانت السفينة المحملة عن آخرها باللاجئين تبعد نحو 140 كيلومترا عن الساحل الليبي. شرطة خفر السواحل الايطالية تلقت نداء نجدة وأخبرت سفينة تجارية قريبة. سفينة بضائع برتغالية أسرعت لتقديم المساعدة، وحصل على ما يبدو تصادم نجم عنه ميل السفينة الخشبية.\nوعندما تكدس كافة الركاب في جهة واحدة بسبب الاصطدام انقلبت سفينة اللاجئين وبدأت تهوي. بعض الناجين قالوا لاحقا إنهم لن ينسوا أبدا صراخ الذعر للأشخاص المحاصرين في تحت السفينة. المئات من الأشخاص يهوون إلى قعر البحر داخل السفينة.\nالسلطات الإيطالية تكدس جثث الغرقى في أكياس بلاستيكية\nتشرلوتا سامي، المتحدثة باسم هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين لجنوب أوروبا وصفت لـ DW كيف وصل الناجون القلائل في اليوم التالي إلى صقلية. "كانت الثالثة صباحا. كانوا يرجفون، وكانوا منهكين وضعفاء. لقد عايشوا تجربة قاسية، وكانت أعينهم تنظر إلى الفراغ".\nرينزي: على العالم أن ينظر إلى ما حصل\nمباشرة بعد الحادثة انعقدت جلسة طارئة لوزراء خارجية وداخلية دول الاتحاد الأوروبي مع إصدار برنامج عمل مبهم مكون من عشر نقاط، وبعدها التأمت قمة أوروبية استثنائية، وفيها أكد الاتحاد الأوروبي أنه يعتزم محاربة المهربين وتوسيع عمليات الإغاثة في البحر التي تقلصت بعد انتهاء مهمة "ماري نوستروم" الإيطالية في خريف 2014. لكن طلب توزيع اللاجئين حسب نظام حصص بصفة عادلة في أوروبا قوبل بمقاومة قوية. رئيس الوزراء الإيطالي رينزي أعلن أنه أمر باستخراج حطام السفينة من قعر البحر:"أريد أن يرى العالم برمته ماذا حصل"، يقول رينزي لقناة التلفزة الإيطالية، مؤكدا أنه ليس من المقبول أن يتصرف البعض طبقا لمقولة: "بعيد عن العين، بعيد عن البال".\nوبعد عمليات بحث في قعر البحر وتحضيرات استمرت شهورا، تم انتشال حطام السفينة مع الموتى في نهاية يونيو 2016 من 370 مترا في عمق البحر. رئيس الحكومة الإيطالية رينزي كتب على فيسبوك:"هذه السفينة بها قصص ووجوه وأشخاص وليس فقط عدد من الجثث الهامدة". وقد أصدر رينزي التعليمات لانتشال الموتى لدفنهم، لأن الأمر يتعلق بالحق في التذكير وتحذير أوروبا.\nحطام السفينة البالغ طوله 23 مترا تم نقله إلى إيطاليا حيث عكف موظفو الإطفاء على استخراج بقايا الضحايا الذين ظلت أجسادهم أكثر من 14 شهرا تحت الماء من داخل السفينة المغلقة. العاملون في هذه المهمة لم يكن بوسعهم تصور المحنة التي عايشها الركاب في ذلك الضيق داخل السفينة. وعملت السلطات الإيطالية المختصة على توثيق كل ما يتصل بالموتى وما كانوا يحملونه من أمتعة ووثائق قبل دفنهم.\nالمتحدثة باسم هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين كانت في عين المكان، وتحدثت عن ظروف التعرف على الغرقى داخل السفينة الخشبية. ففي حالات سقوط الطائرات يكون عاديا البحث عن الجثث والبقايا، لكن في هذه الحال كان كل شيء مختلفا. عالمة الأدلة الجنائية، كاتانيو أشارت إلى أهمية أن يحصل أقرباء الضحايا على صورة واضحة عن مصير المفقودين لأسباب عاطفية، ولاسيما أيضا لتبيان قضايا قانونية، وهي تعمل مع مكتب الأشخاص المفقودين والصليب الأحمر.\nإيطاليا استثمرت 9.5 مليون يورو لانتشال الضحايا والتعرف عليهم. ورئيس الحكومة ماتيو رينزي لم يكتف بذلك، وأعلن أنه سيرسل الحطام إلى بروكسيل لتثبيته هناك كنصب تذكاري في مركز الاتحاد الأوروبي. وقالت تشارلوتا سامي لـ DW  إنها فكرة عظيمة تدعمها هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين. تشارلوتا شاهدت بنفسها حطام السفينة في صقلية وكانت متأثرة، وقالت:"كنت أشعر بأنفاس هؤلاء الناس. كنا نشعر بأن مئات من الأشخاص كانوا يأملون ويتألمون داخل هذه السفينة"، معتبرة أن الأمر لا يتعلق ببعث رسائل سياسية، وإنما بإيقاظ مشاعر التعاطف، وهي تأمل بعد استقالة ماتيو رينزي في أن تواصل الحكومة الجديدة خطة رينزي، والمهم، كما قالت تشارلوتا سامي ليس المكان الذي سيوضع فيه حطام السفينة، بل هو أن يراه الرأي العالم.\nفاجعة اللاجئين في أبريل 2015 ليس حالة واحدة، تحذر المتحدثة باسم هيئة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين، موضحة أن الوضع لم يتحسن. فالآلاف مازالوا يستقلون في مصر أو ليبيا سفنا متهالكة لا تصلح للإبحار. وفي هذه السنة لقي أكثر من 4.700 شخص حتفهم في البحر المتوسط، وهو عدد يفوق عدد عام 2015 بألف فرد.\nتعد سفينة "فرانكفورت"، أكبر سفينة تابعة للبحرية الألمانية. وتشارك السفينة في مهمة "صوفيا" تحت إشراف الاتحاد الأوروبي لوقف الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وإنقاذ اللاجئين من الغرق.\nيراقب طاقم السفينة عرض البحر على مدار الساعة باستخدام الرادار، وذلك للتمييز بين قوارب المهربين والسفن التجارية والسياحية. ويأمل الجيش الألماني من خلال المقابلات التي يجريها مع اللاجئين على متن السفينة، في معرفة المزيد عن شبكات التهريب.\nالأمواج المرتفعة ليست الوقت المناسب للاجئين لعبور المتوسط على زوارقهم الصغيرة. وفي انتظار ظهور قارب محتمل يجري طبيب الفريق الألماني فحصاً للسمع لطاقم السفينة. وعند الحاجة يمكن إجراء عمليات جراحية على متن السفينة أيضا.\nيشرف القائد شميكل (يمين الصورة) على طاقم السفينة الذي يضم مائتي شخص. وبالإضافة إلى البحارة وأعضاء الفريق الطبي هناك أيضا طباخون، وخبازون وقساوسة. ويقضي الفريق شهورا عدة في عرض البحر.\nيثبت الضابط يان.س مصباحا كهربائيا في هذا المكان الذي يعد المحطة الأولى للمهاجرين على متن السفينة. بجانبه صورتين تشيران إلى أن "الأسلحة محظورة".\nإذا لم تظهر قوارب التهريب يخصص طاقم السفينة الوقت للتدريبات على مدفع رشاش، ومحاكاة عملية إخماد الحرائق، تحسبا لأي طارئ.\nإضافة إلى الحراسة والتدريب يقوم طاقم السفينة أيضا بعملية التنظيف والخدمة داخل المطبخ. ويتم تنظيف السفينة يوميا ًعلى الرابعة بعد الزوال لمدة ساعة. طاقم السفينة يعمل باستمرار، ووقت الفراغ شبه غائب.\nفي إطار مهمة "صوفيا" تقوم سفن البلدان المشاركة في العملية بتدريبات مشتركة كما هو الحال هنا بالنسبة للفرقاطة الألمانية "كارلسروه"، وحاملة الطائرات الإيطالية "كافور"، إلى جانب سفينة "فرانكفورت".\nتقوم سفينة "فرانكفورت" بتزويد السفن الصغيرة بالوقود أو المياه. ويمكن علاج المصابين على متنها. وتركز السفينة الآن عملها على خدمة اللاجئين، حيث تقوم بحملهم إلى أقرب ميناء أو تنقلهم إلى سفينة أخرى.\nطاقم السفينة يعيش في عزلة عن العالم الخارجي بسبب غياب خدمة الإنترنت. وينتظر أعضاء الفريق لحظة رسو السفينة من حين لآخر في أحد المواني للاستراحة وتصفح بريدهم الالكتروني.\nالكاتب: دانييل بيلس/ عبد الرحمان عمار

الخبر من المصدر