"واسطة عقدِ هذا الزمان" .. مستمرة بتصدير العشق!

"واسطة عقدِ هذا الزمان" .. مستمرة بتصدير العشق!

منذ 7 سنوات

"واسطة عقدِ هذا الزمان" .. مستمرة بتصدير العشق!

اقرأوا جيداً في التاريخ، أو توجّهوا إلى أقرب مكتبة لديكم واشتروا كتاب "تاريخ دمشق" لـ ابن عساكر، أو كتاب "زبدة حلب" لـ العقيلي أو كتاب "حمص عبر التاريخ" لـ الشيخاني.. لستُ من أساتذة التاريخ، لكن على العالم كلّه أن يعرف كم أمة دخلت إلى سوريا، كم جيشاً وملكاً وأميراً وامبراطوراً... وبقيت سوريا وبقي الحبُّ سوريّ الهوية.\nطُربتُ آهاً فكنتِ المجدَ في طربي\nتضيقُ بك الروح، تتأفّف، تتذمّر، تلعن الحرب، فتريدُ الخروج من منزلك المُثقل بالأحزان والهموم، فتخلع ملابسك المهترئة وتلبس أبهى ما عندك وتضعُ أزكى العطور، فتخرجُ من منزلك إلى المجهول، باللاشعور تأخذك قدماك إلى أقرب موقف لحافلات نقل الركاب، فتركب بتلك الحافلة إلى أحد أجمل وأعظم أحياءِ دمشق، حيث لا مكان للأشرار، حيثُ التعايش الديني السمح، حيثُ الحب والغناء والفرح، إنه حي "باب توما" وما يتفرع عنه من أحياء "القيمرية" و "باب شرقي".\nفعلتُ كلّ تلك الأشياء وعندما نزلتُ عند ساحة باب توما، انتابني شعورٌ غريب، ذاك الذي يحضُّك على المشي بتلك الأحياء، ويشعركَ بأنّك ضائعٌ تريدُ أن تجدَ نفسك وليس لديك خيارات سوى البحث عنها هناك. والى مقهىً يقالُ لهُ "ع البال"، ساعتان كاملتان وددتُ خلالهما أن أبني فيه كوخاً، غرفةً، سموّها ما شئتم!\nكل ذلك بسبب فيروز، وأنا أروي ظمئي بصوتها وهي تغني "ظمئ الشرق فيا شام اسكبي" و "أحبُ دمشق هوايا الأرقّا". خرجتُ ولم أرو ظمئي تماماً، حتى وجدتُ ضالّتي بعدما تنقلتُ في حارات تلك الأحياء المزينة بالعشق ورأيتُ ذاك العاشق الذي يهدي معشوقته حفنةً من الورود وذاك الشيخ الذي أتعبت صدره لفافات التبغ العربي، شعور ينسيك أنك تتجهز لاستقبال سنتك السادسة من الحرب، هذه دمشق وهؤلاء أهلها الذين صدّروا للعالمين الحب والعشق.\nشَهْباءُ، لَوْ كانَتِ الأَحْلامُ كَأْسَ طِلا‏‏‏ في راحَةِ الفَجْرِ كُنْتِ الزَّهْرَ والحبَبَا‏‏‏\nمن الجنوب إلى الشمال، إلى عروسته ودُرّته وتاجه وياقوته، إلى الشهباء حلب إلى ستالينغرادنا..\nيحدّثني صديقي قائلاً: خيّو اذا انتو عندكم قاسيون نحنا عنّا حي الإذاعة!! هناك حيثُ الكبير والصغير والعاشق والمعشوقة يشاهدون مدينتهم كاملةً عن تلك التلّة، يقفُ الحبُّ عليها ويبسط جانحيه على كلِّ حلب، الأمر نفسه عند الحمدانية والجميلية وشارع القلعة والمشارقة والخالدية، إنها من أكثر المدن تعرّضاً للحرب، رغم كل الأسى الذي أصابها يبقى الحبُّ عنواناً لها، وقدودها ستعود إلى قلعتها العتيقة في القريب العاجل.\nوالكثير الكثير من حقول الحُب السورية من اللاذقية وبانياس وطرطوس غرباً إلى جبال إدلب وبساتين الدير والرقة والحسكة شرقاً إلى سهول حمص والقنيطرة والجولان المحتل ودرعا والسويداء جنوباً.\nأرقامٌ قياسية سُجّلت بعدد عقد مجالس ومؤتمرات ولقاءات وجلسات طارئة... إلخ، لم تسمنُ ولم تغنِ من جوع، وزراء دولٍ مهمة تبدلوا ورؤساء حكوماتٍ تغيّروا ورؤساء أيضاً!!، ولم تُحلَّ هذه العقدة بعد.. وها نحنُ نستقبلُ سنتنا السادسة من الحرب بكل ما أوتينا من حب وعشق وأرواحٍ مُنهكة.. حقاً طوال نصف العقد المنصرم استحقّت سوريا لقب "واسـطة العقد".

الخبر من المصدر