ظاهر صالح يكتب: فلسطينيو سورية.. إلى أين؟ (3) | ساسة بوست

ظاهر صالح يكتب: فلسطينيو سورية.. إلى أين؟ (3) | ساسة بوست

منذ 7 سنوات

ظاهر صالح يكتب: فلسطينيو سورية.. إلى أين؟ (3) | ساسة بوست

منذ 1 دقيقة، 2 ديسمبر,2016\nلطالما خلّفت الصراعات آثارها المدمرة على الشعوب، وأدّت إلى تغيير حياتهم، وزادت في معاناتهم وبؤسهم، وحملت في صدورهم وذاكرتهم قصصًا وحكايات وآلامًا في كل محطة من محطات نزوحهم ولجوئهم لتصبح صور المعاناة جزءًا من عيشهم كالطعام والشراب والهواء.\nوهل يا ترى لا يطال الدمار إلا الممتلكات والعمران، وينجو من كُتب له النجاة في بدنه؟\nلا شك أن الجراح الناتجة عن الأحداث ستكون أشد وطأةً وفتكًا على الإنسان من أي سلاح، لأنك لن تستطيع حصر النتائج في فرد أو أسرة واحدة أو بقعة جغرافية واحدة، فالآثار السلبية تطال الفرد والأسرة صغيرًا كان أو كبيرًا، داخل المخيمات أو خارجها، نازحا داخل البلد أومهاجرًا.\nوقد بانت نتائج ذلك وباتت حقيقة واضحة، فيها من الخطورة ما يكفي على كافة الأصعدة وخاصة النفسية والوجدانية للاجئين نتيجة تكرار مآسيهم التي ولّدت اضطرابات عدة من قلق وضجر وحزن وخوف من المستقبل.\nربما تستطيع إعمار ما دمرته الحرب بفترة وجيزة، لكن كيف ستبني إنسانًا دُمرت نفسيته وأصبح يشعر أنه وحيد وغريب بين أهله وناسه؟\nإن الوقوف أمام ما يتعرض له اللاجئ الفلسطيني من استهدافٍ لقيمته وبنحوٍ متسارع، لا يمكن الصمت عنه وخاصة أن المآسي اليومية التي يتعرض لها لم تعد خافية على أحد ويشاهدها القاصي والداني.\nهذه الحقيقة المرّة التي لا بدّ من الإشارة إليها وإمكانية الشعور بها ومشاهدتها والإطلاع عليها من الأخبار والتقارير اليومية، التي تصدر متناولة الوضع العام للاجئين الفلسطينيين في مخيمات سورية وخارجها وفي أماكن تواجدهم وشتاتهم.\nلم يكن اختلال القيمة الاجتماعية بعد مضي أكثر من 5 سنوات من الأحداث أمرًا طبيعيًا، بل هناك تجاهل وصمت غريب لملف فلسطينيي سورية من قبل المرجعية الوطنية الفلسطينية وصُنّاع القرار، هذا ما أدى إلى فقدان الثقة بالقيادة الفلسطينية.\nوخاصة الجميع يعلم أن السلطة الفلسطينية ومعها كافة القوى والفصائل يملكون من القدرات والإمكانيات ما يؤهلهم من تجاوز المحن والصعوبات لو اجتمعت على تغليب المصلحة العامة والعليا للشعب الفلسطيني.\nلكن عندما وجد اللاجئ الفلسطيني قيادته منسلخة عنه ولا تعبر عن مصالحه ذهب إلى سلوك كافة السبل، ومنها الهجرة إلى أي مكان بحثًا عن الأمان، لأن من يمثله فشل في ضمان الحد الأدنى من أمنه وسلامته، وتركه يعيش ظروفًا عصيبة وأزمات نفسية ومشاكل اجتماعية متعددة الأوجه، منها ما أدى إلى الانفصال والطلاق وتشتت الأبناء والعزلة، وصعوبة العودة إلى ممارسة الحياة الطبيعية والتكيف مع الظروف الجديدة، والتعلق بآمال مفقودة. كل ذلك وغيره ترك آثاره المؤلمة في نفوس العامة صغارًا وكبارًا، وذلك بعكس الآثار الاقتصادية التي يمكن تداركها ببضع سنوات.\nلهذا فالشعوب لا تنتهي بالدمار الذي تسببه الصراعات، وإنما تنهار عندما تفقد مجتمعاتها أركان وعناصر ضبطها الاجتماعي والوطني والذي هو بمثابة منظومة متكاملة الأركان، تتوارثها الأجيال جيلًا بعد جيل والمبنية على أسس وأهداف واحدة وماضٍ وحاضر واحد.\nيتجاهل البعض خطورة أن يتحول اللاجئون الفلسطينيون إلى مجتمع ضعيف وهش تنحل فيه البنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وتصل الظروف بهم إلى تدمير ما تبقى من إمكانات عندهم، وتصل بالتالي إلى تمزيق هويتهم الوطنية والتي هي بداية الانهيار والضياع.\nفهل تعي القيادة الفلسطينية هذه الأمور وتتصالح مع نفسها وشعبها؟\nومتى ستباشر العمل الجاد على إنقاذ ما يمكن إنقاذه؟ وتسعى إلى ترميم العلاقة مع شعبها، ومن ثم تعيد الثقة المفقودة بينها وبين المجتمع الفلسطيني.\nهذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن ساسة بوست

الخبر من المصدر