الكولتان.. خام طبيعي هام لصناعة الأجهزة الحديثة

الكولتان.. خام طبيعي هام لصناعة الأجهزة الحديثة

منذ 7 سنوات

الكولتان.. خام طبيعي هام لصناعة الأجهزة الحديثة

"النيوبيوم" و"التانتالوم" عنصران فلزان توأمان يوجدان في الغالب في نفس الخامات الطبيعية، وهما ينتميان إلى مجموعة العناصر الانتقالية في المجموعة الخامسة من الجدول الدوري.\nويتميزان بكثافتهما العالية ودرجة انصهارهما الحرارية المرتفعة التي تبلغ 2468 درجة مئوية للنيوبيوم (Nb) ذي اللون الرمادي، و2996 درجة مئوية للتانتالوم (Ta) ذي اللون الأزرق الرمادي.\nكما يتميزان بالقابلية للطرق والسحب والصلادة العالية والتي تشبه صلادة الألماس، ويقاومان الحوامض وعوامل التآكل.\nهذه المميزات الهامة للعنصرين شجعت الكثير من الشركات العالمية والدول على البحث عن خاماتهما في القشرة الأرضية، حيث تبين وجودهما في الصخور النارية الناتجة من الصهير الغرانيتي، وهذه الخامات موجودة -في الواقع- في عدد قليل من الدول، من أهمها الكونغو ورواندا وأستراليا -المنتج الرئيس للتانتالوم حاليا- وكندا والبرازيل والصين وتايلند وماليزيا، كما اكتشفت بعض الخامات في إثيوبيا ونيجيريا وموزمبيق وجنوب أفريقيا ومصر.\nيذكر أن عملية استخلاص كل من العنصرين من خاماتهما الطبيعية وفصلهما عن بعضهما، يتطلب استخدام طرق متعددة من المعالجات الكيميائية، تبدأ بصهر الخام المعدني مع "كبريتات البوتاسيوم" ثم إجراء معالجة للناتج بحامض "الهيدروفلوريك" و"فلوريد البوتاسيوم" ثم إجراء عملية الاستخلاص عن طريق استخدام بعض المذيبات أو التحليل الكهربائي.\nنظرا للخصائص المتميزة لعنصري النيوبيوم والتانتالوم، صنفا من المعادن الإستراتيجية عالية الأهمية، حيث يستخدمان في كثير من الصناعات المدنية والعسكرية.\nفعند خلط 0.05% من النيوبيوم مع الفولاذ، تنتج سبائك معدنية مقاومة للتآكل وتتحمل درجات حرارة عالية، وهذه السبائك تستخدم في صناعة عوادم الطائرات ومراوح المحركات النفاثة وبعض أجزاء الصواريخ والأسلحة الحديثة، كما تستعمل سبائك النيوبيوم والتانتالوم في صناعة المركبات الفضائية والأقمار الصناعية ومحركات الدفع النفاثة ومحركات الاحتراق عالية الأداء.\nلصلادتهما الفائقة يستخدم النيوبيوم والتانتالوم بصناعة المركبات الفضائية (الأوروبية)\nأما "كربيد النيوبيوم" و"كربيد التانتالوم" فهما من أكثر المواد صلادة، وهما يشبهان الألماس في ذلك، ويستخدمان في معدات قطع المعادن وآلات الحفر في أعماق الأرض للتنقيب عن النفط والغاز الطبيعي والمياه الجوفية، كما يستعملان في صناعة بعض أجزاء المفاعلات النووية والمسارعات الذرية.\nومن الاستعمالات الهامة للنيوبيوم والتانتالوم أيضا استخدامهما في صناعة المكثفات الكهربائية وأجهزة التكنولوجيا المتقدمة، كالهواتف المحمولة والذكية وألعاب البلايستيشن والأجهزة اللوحية والحواسيب المحمولة ومشغلات الأقراص المدمجة وأجهزة الاتصال بواسطة الأقمار الصناعية وأجهزة تحديد المواقع وغيرها الكثير من الأجهزة الحديثة التي غزت أسواق العالم، مما أدى إلى زيادة الطلب على "التانتالوم" وبالتالي ارتفاع سعره بشكل كبير، كما يستخدم "النيوبيوم" في صناعة المواد والمغانط فائقة التوصيل والمستخدمة في أجهزة الرنين المغناطيسي والماسحات الضوئية.\nكذلك تستخدم مركبات هذين العنصرين في المجالات الطبية، وذلك نظرا لعدم تأثرها بالأوساط الحيوية في الجسم والسوائل المختلفة ومقاومتهما للتآكل، إذ تستخدم في صناعة أجزاء الجسم التعويضية، كالركبة والمفاصل وصمامات القلب، كما تستعمل في صناعة مسامير وقضبان تجبير العظام والمعدات الطبية الجراحية وأجهزة تنظيم دقات القلب والأنسولين وغيرها.\nمنذ العام 2000 وحتى الآن، تزايد الطلب العالمي على عنصري النيوبيوم والتانتالوم، مما أدى إلى ازدهار التجارة غير الشرعية لهما، وقد طالب مركز دراسات التانتالوم والنيوبيوم الدولي في بلجيكا بضرورة أن تتحرى الدول المستوردة لخامات هذين العنصرين عن مصادرهما وشرعية الاتجار بهما وتجنب خام الكولتان الذي يتم الحصول عليه من مناطق الصراعات، حيث تهرب كميات هائلة بشكل غير مشروع.\n* كاتب علمي متخصص في هندسة تكنولوجيا الصناعات الكيميائية

الخبر من المصدر