قانون تجريم الاستعمار بالجزائر.. ترفضه الأغلبية البرلمانية وتطالب بالنديّة مع فرنسا

قانون تجريم الاستعمار بالجزائر.. ترفضه الأغلبية البرلمانية وتطالب بالنديّة مع فرنسا

منذ 7 سنوات

قانون تجريم الاستعمار بالجزائر.. ترفضه الأغلبية البرلمانية وتطالب بالنديّة مع فرنسا

مع قدوم أي مناسبة وطنية تحتفي بها الجزائر، تعود ملفات عدة إلى دائرة النقاش الوطني ويتجدد معها الجدل، كما هو الحال مع مقترح قانون تجريم الاستعمار، الذي تقدم به مجموعة من نواب المجلس الشعبي الوطني نهاية سنة 2009، ونال وقتها إجماع كل الأطياف السياسية (المؤيدة والمعارضة)، غير أن يدًا خفية عطلته ووضعته في أدراج البرلمان.\nووقّع على مقترح القانون، الذي بادر به النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني، موسى عبدي، وصاغ مسودته نائب عن حزب حركة النهضة المعارض، أمحمد حديبي، 154 نائبا برلمانيا من كل التيارات السياسية، في سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى البرلمان الجزائري منذ تأسيسه.\nويهدف المقترح، إلى تجريم ما اقترفه الاستعمار من أعمال شنيعة في حق الجزائريين، ومطالبة فرنسا بالاعتذار والتعويض المادي والمعنوي على جرائمها، ثم تأسيس محكمة جنائية خاصة بهذه الانتهاكات، بالإضافة إلى رهن مستقبل العلاقات الجزائرية الفرنسية بمدى اعترافها بجرائمها.\nغير أن المقترح لم يعرف طريقه القانوني وفقًا للإجراءات المعمول بها في البرلمان، وتوقف مساره عند طاولة اجتماع الحكومة التي كان يرأسها وقتذاك أحمد أويحي، وبخصوص هذا، يقول رئيس المجلس الشعبي الوطني آنذاك، عبد العزيز زياري، إنّ المقترح لم يجدول في قائمة القوانين أصلًا.\nواعترف زياري، أنه كان هناك "تنسيق بين إدارة المجلس والحكومة، ورأت الأخيرة أن الوقت غير مناسب لتمرير مقترح قانون تجريم الاستعمار"، مضيفًا أن "هذا الأمر متعلق بالسياسة الخارجية وهي من صميم صلاحيات رئيس الجمهورية"، داعيًا المطالبين بتفعيل المقترح بطرح مبادرة جديدة.\nأما أمحمد حديبي، الذي صاغ مسودة المقترح، فقد قال إنّ فرنسا كانت وراء توقيف المقترح، مستدلًا بذلك للزيارات المكوكية للساسة الفرنسيين من أعضاء الحكومة والأمانة العامة للرئاسة الفرنسية وزير الخارجية الفرنسية آنذاك، كوشنير، الذي قال إنّه تلقى تطمينات من الجزائر بأن هذا القانون لن يتم تمريره.\nوكشف حديبي عن فحوى رسالة سرية، بعث بها رئيس الحكومة أحمد أويحي إلى رئيس المجلس عبد العزيز زياري، يوضح فيها رفض الحكومة للمقترح، بحجة أنّ الأمر "يتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية وليس من صلاحيات النواب، وكذلك له علاقة باتفاقية ''إيفيان'' التي تنص على عدم الدعوة إلى تجريم الاستعمار، وأيضًا أن القانون لا يسمح برفع دعوى قضائية ضد الدول".\nوتنادي العديد من الفعاليات السياسية ونخبة من المثقفين الجزائريين بالمعاملة بالمثل والندية مع فرنسا، ردًّا على قانون تمجيد الاستعمار الذي أصدرته السلطات الفرنسية سنة 2005، وفي هذا الصدد، يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة سطيف بشير بودلال، أنه ينبغي تفعيل قانون تجريم الاستعمار في إطار إجماع وطني ليس فقط في إطار المعاملة بالمثل والندية وإنما في إطار أوسع وأعمق.\nوكان رئيس الحكومة الأسبق عبد العزيز بلخادم، قد دعا، إلى تفعيل هذا المقترح وأن "يعود إلى طاولة المجلس الشعبي الوطني، لأن العلاقات ينبغي أن تتم في إطار الندية، أي الدولة الجزائرية مع الدولة الفرنسية، مع الأخذ بعين الاعتبار المصلحة المشتركة للشعبين في كلا البلدين".\nوتابع بودلال، كلامه قائلًا: "ينبغي كذلك تدويل مسعى تجريم ومناهضة الفكر الاستعماري والتنسيق في ذلك مع دول وشعوب وجماعات عانت من فظاعة الاستعمار الفرنسي، ولما الوصول إلى قرار دولي ولو من الجمعية العامة للأمم المتحدة بإدانة الاستعمار".\nورغم تصاعد أصوات المنادين بتفعيل مقترح قانون تجريم الاستعمار، غير أن أحزاب الموالاة والتي تمتلك الأغلبية في البرلمان ترى أن هذه القضية أصبحت سجلًا تجاريًا في يد أطراف لم تسمها، وعن هذا، يقول المكلف بالإعلام داخل جبهة التحرير الوطني، حسين خلدون، إنّ "قضية تجريم الاستعمار يجب ألا تكون ورقة تتلاعب بها أطراف في المواسم الوطنية".\nأما القيادي في حزب التجمع الوطني الديمقراطي شيهاب صديق، فقد أكد أنّه "لا يمكن طرح مبادرة جديدة"، بمبرر أن الذاكرة العالمية والإنسانية جرّمت الاستعمار ولا يحتاج إلى قانون، وفضّل شيهاب، ترك الأمر لضمير الشعب الفرنسي، الذي لا يستطيع أن ينكر أن بلاده ارتكبت مجازر بشعة في حق الجزائريين.\nوأضاف خلدون، أن مجرد التفكير في وضع قانون لتجريم الاستعمار هو إدانة مباشرة للقيادات التاريخية للثورة والقيادات السياسية التي جاءت بعد الاستقلال إلى يوم وكذا لكل الرجال الذين تعاقبوا على البرلمان، متسائلًا في الوقت ذاته، "هل كان خافيًا عنهم وضع مثل هذا القانون؟ هل نحن أكثر وطنية منهم؟".\nويقترح خلدون بدل الخوض في موضوع تجريم الاستعمار، أنّه يجب التفكير في كيفية التعامل مع فرنسا بمبدأ الندية، وكيف نحمي عناصر هويتنا وسيادتنا وكيف نتعاطى معهم اقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا، وذلك بالموازاة مع مطالبة فرنسا بتعويض الأضرار عن الجرائم التي ارتكبتها والتي لازالت آثارها قائمة إلى اليوم.

الخبر من المصدر