حين يتحول الفقه إلى شذوذ ودجل

حين يتحول الفقه إلى شذوذ ودجل

منذ 7 سنوات

حين يتحول الفقه إلى شذوذ ودجل

بقلم – هاني ضوَّه :\nالقاعدة تقول: "كن شاذًا .. تكن شهيرًا"، وقد أصبحنا في زمن انتشر فيه الشذوذ في كل شئ، حتى أن الكثير من وسائل الإعلام تخلت عن دورها في التثقيف والتوعية لتصبح منصة لكل ما هو شاذ.\nقد يتغاضى البعض عن بعض الشذوذ، لكن أن يصل الشذوذ إلى من يتصدرون لتعليم الناس أحكام دينهم فهو أمر لا يمكن السكوت عنه، فكما أن هناك تطرف فقهي يؤدي للإرهاب، فهناك شذوذ فقهي يؤدي إلى التسيب والإنحلال، فيصبح حينها الفقيه شاذًا وتصبح أراءه دجلًا يزين للناس أهوائهم فيضلوا عن الحق بعد أنا كانوا يطلبوه.\nخلال اليومين الماضيين تصدرت وسائل التواصل الاجتماعي أخبارًا وفيديوهات لأحد أساتذة جامعة الأزهر الذي استضافه أحد الإعلاميين في برنامجه اليومي يتحدث فيها عن أن المرأة من حقها أن تفسر الآيات المتعلقة بالحجاب حسب ما تراه هي، وأن ترتدي ثيابها أو تخلع حجابها وزينتها حسب ما يرضيها ويناسبها، "وإن لم يرض عنها أوصياء الدين" -حسب تعبيره- ولا المجتمع فلا يليق أن يفسر لها أحد آيات القرآن ويضيق عليها هي حرة -على حسب قوله-.\nحاول هذا "الدكتور" خلال الحلقة تمييع النصوص الدينية التي تتحدث عن فريضة الحجاب، بل وحتى تمييع آراء الفقهاء واختيار الشاذ منها أو المقيد بحالات وأوضاع معينة والتدجيل على الناس بأنها آراء مشهورة معمول بها، كرأي الإمام أبو حنيفة المتعلقة بجواز صلاة المرأة دون تغطية قدمها- القدم وليست الساق- فقد حملها الدكتور على أنه يجوز للمرأة كشفها خارج الصلاة، والأمر مختلف فالمرأة في غالب الوقت تصلي في بيتها وحتى إن خرجت للصلاة في المسجد فإنها ترتدي حذاءً أو نعلًا، فالأمر متعلق بالصلاة أكثر.\nواحتج أستاذ الفقه بجامعة الأزهر بحديث رواه الإمامان البخاري ومسلم للتدليل على وجهة نظره الغريبة، وهو حديث سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما استأذن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعنده بعض النساء يسألنه، فلما استأذن عمر قمن يبتدرن الحجاب، إلى آخر الحديث، ويفسر يبتدرن الحجاب بأنهن لم يكن محجبات !!! وهذا على عكس شرح أئمة الحديث لمعنى يبتدرن الحجاب، حيث يقول الإمام القاري في "المرقاة": "ابتدرن الحجاب" أي بالانتقال من مكانهن، وإخفاء حالهن وشأنهن. \nويؤكده كذلك ما ورد في رواية للإمام أحمد في مسنده: "وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرن، رافعات أصواتهن، فلما سمعن صوت عمر انقمعن وسكتن". والانقماع هو الدخول، والتغيب في الشيء.\nوقال أبو عبيد القاسم بن سلام في "غريب الحديث": قولها: "انقمعن" تعني دخلن البيت وتغيبن.\nوهذا لأن سيدنا عمر كان شديدًا، بل إن بعض شراح الحديث مثل ابن حجر قد ذكروا أنه قد يكون ضمن هؤلاء النساء من زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهن مأمورات بالاحتجاب.\nكل هذه المحاولات من أجل لي عنق النصوص وتطويعها لفهم شذ عن إجماع علماء الأئمة بمختلف مذاهبهم وعلى مدار العصور، فلم يقل عالمًا أو فقيه على مدار التاريخ الإسلامي بأن الحجاب ليس بفرض.\nوإلا فليقل لي ماذا يفعل مع الحديث الذي رواه الأئمة الخمسة إلا النسائي، ويقول فيه النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةَ حَائِضٍ -من بلغت سن المحيض- إِلَّا بِخِمَارٍ».\nفإذا كان الله سبحانه وتعالى لا يقبل صلاة المرأة البالغة إلا بخمار وهو الذي غطي الرأس والرقبة والصدر، فكيف يقول قائل بأن الحجاب ليس فرضًا؟!!!\nوما دامت يا دكتور تقول لنا إنك ستعرض علينا آراء الفقهاء ونحن نختار منها، فمن بربك من فقهاء وعلماء الإسلام على مر الزمان قال بأن الحجاب ليس فرضًا ؟!!! وإن لم يكن هناك رأي فقهي فماذا تريد منا بفهمك أنت المعوج للنصوص؟!!!\nإن ما تحاول فعله هو نشر منهجية شاذة عن منهجية علماء الأئمة، وهي منهجية التشهي بأن يتبع كل واحد ما أراد مما ذُكر في الكتب أو مما فهمه عقله دون منهجية الفهم السليم للنصوص والإلمام بالعلوم الشرعية واللغة، مع أن حتى الاختيارات الفقهية يجب أن تكون من شأن العلماء المجتهدين وفق حال الشخص مع مراعاة تغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، ودون المساس بإجماع الأمة والمعلوم من الدين بالضرورة.\nبل أنت بذلك تخرق إجماع العلماء المجتهدين وورائهم أمة المسلمين على مر العصور، وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه إذا رأينا خلافًا فعلينا بالسواد الأعظم، ومن شذ شذ في النار.

الخبر من المصدر